سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 12:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يُصرّ ساستنا، عن عمد، على دفعنا إلى حالة اليأس والقنوط، حتى إذا استبشرنا بضوء شحيح هشّت إليه نفوسنا حلماً طالما مرّ كخاطر رطب لذيذ، اصطدمنا بجدار عالٍ لا سبيل إلى ارتقائه، وأن ما توهمناه نافذةً ليس أكثر من حائط أصمّ.. يُصرّ ساستنا على إحالة أية أمنية ومطلب وحق، دفعنا في سبيله دماً غزيراً وأرواحاً عزيزةً، إلى شعارات يتمنطقون ويحاربون بعضهم بها، يحيلونها إلى كلمات بلا روح أو معنى ككأس فارغة يُصرّون على إيهامنا ـ دوماً ـ أن نصفها مليء!!
ذهبنا إلى صناديق الاقتراع حالمين بالعدالة والمساواة والحرية، فكان العدل أن يتوزّع الموت علينا حصصاً عادلة. والمساواة أن يقتسم الحاكمون أرصدةً مصرفيةً وسعفاتٍ من نخلة دبي. والحرية أن يتفرهد الوطن وقفاً برسم الحوسمة!! شكونا من ترهّل الحكومة وكثرة وزاراتها، فابتدعوا لها رشاقةً لم تكن أكثر من صورة عولجت بـ(الفوتوشوب) لبدين يُظهرونه أمامنا بهيئة رياضي نشيط، في حين أنه عاجز عن ردع شهوته وشراهته على الابتلاع.. تمنينا لو أن وزيراً او مسؤولاً كبيراً استقال من منصبه مُفرّطاً بامتيازاته، لأنه ليس قادراً على العطاء في جو سياسي مأزوم أبداً، لا لأنه أُجبر على الاستقالة بعد أن فاحت رائحة فساده ولم تعد تنفع (ركعة) صغيرة أمام فتق كبير!! تمنينا لو أُقيل مسؤول لانعدام الكفاءة أو الفساد ـ وما أكثر العاطلين عن أية كفاءة وما أكثر الفاسدين ـ لا لخلاف سياسي أو لإعادة ترتيب أوراق المتحاصصين!!
موحشةٌ أيامنا، وليالينا متوحشة نُزجّيها بانتظار آتٍ يبدو أنه لا يجيء أبداً.. نستذكر ذلك الأعرابي الذي ـ من فرط وحشته في صحراء مجدبة قاحلة ـ طرب لعواء الذئب واستأنس به:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوّت إنسان فكدت أطيــــــــــــــــــر
تُوصوننا بالصبر على البلوى، وتصفوننا بالحَوَل، إذ لا نرى إلا نصف الكأس الفارغة.. ننصت في قاحل أيامنا وليالينا لعلنا نسمع ـ ليس لعلة الرصاص ودويّ الانفجارات وعواء الذئاب ـ صوت إنسان.. نُمعن النظر لعلنا نرى الكأس!!
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟