نهار حسب الله
الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 11:43
المحور:
الادب والفن
1. الطبيب
وجه مدير التشريح في كبرى مستشفيات العاصمة أحد أطباءه بتشريح جثة شاب توفي في ظروف غامضة.
دخل الطبيب الاختصاص المكلف بالمهمة الى ردهة التشريح بمعالم وجهه التي شتتها نظارته الطبية بعدستيها الكبيرتين والكمامة البيضاء، يتبعه الطبيب المساعد.
تساءل المساعد بطريقة فضولية، فيما كان الطبيب مركزاً نظراته نحو الجثة وهو على بعد متر واحد منها:
- الجثة معقمة جيداً، لمَ لا تقترب منها اكثر، فماذا احكمت رباط كمامتك حتى باتت تحز وتشكل خطوطاً زرقاء تشوه وجهك؟
ظل الطبيب ساكناً لا يجيد اخفاء حيرته؛ إلى ان همس في اذن مساعده:
- اخشى ان يتعرف عليّ القتيل..!
2. تستر
تمشي متمهلة الخطى، تتبعها بشغف عيون المعجبين.
تسير بألق جمالها كطائر النورس؛ بجديلتها الليلية السوداء التي تتناثر خلفها فيماعيناها الغجريتان وجسدها الفاتن المكتنز.. يبوح بكلمات كوكب تاه في سماء متسعة.
كانت ملامح وجهها قد غابت تحت كمامة بيضاء تعمدت ارتداءها بشكل دائم، مما زاد فضول المعجبين ملاحقاتها بعيون مستكشفة.
تجرأ أحدهم.. وفاجأها بسؤال وسط جمهور من الشباب:
- ما سر هذا الخفاء.. هل هو استجابة لنظرات الناس التائهة وهم يفتشون عن ملامح وجهك؟
أجابت بعيون تحمل الجمال والحزن معاً ونطقت بصوت شوهته الحسرات:
- اخفي قسمات وجهي التي كانت توصف بضياء الشمس على الرغم مني، بعد ان هشمته شظايا الحرب.
3. ثرثرة
كانت العواصف الترابية تملأ المكان، وتخترق صفاء السماء.. مما جعل بيع الكمامات في أغلب شوارع العاصمة منتشراً.
تغيرت الاحوال، وحل الربيع بكامل بهائه وحنانه الدافئ، إلا ان أحد باعة الكمامات احب التجربة واعتمد توزيعها مجاناً وبشكل دائمي.
وذات صباح.. مَرّ به شاب شده حب التساؤل عن اسباب امتهانه هذه المهنة المجانية؟
رد البائع بكل هدوء:
- اوزع كمامات بيضاء لكل من أدمن الثرثرة والنفاق؛ لكل من لا يجيد إلا النطق بالترهات والعبارات النابية.. على أمل انقاذ المجتمع وإسكات بذاءة تلك الالسنة الانتهازية والساذجة..
#نهار_حسب_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟