المؤسسات الاهلية والعمل الديمقراطي

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

الحوار المتمدن-العدد: 1022 - 2004 / 11 / 19 - 11:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

المؤسسات الأهلية هي مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملا المجال بين الأسرة والدولة – أهدافها العمل من اجل تحقيق مصالح أفرادها وهي تلتزم بقيم ومعايير سامية مثل الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السليمة للتنوع والخلاف .. وتتنوع هذه المؤسسات تبعا لأهدافها وفئاتها المستهدفة ومصادر تمويلها – وهناك تباين واضح في مدى انطباق مقومات المجتمع المدني عليها – وكذلك في مدى التزامها بالقوانين والأنظمة – وتتباين اكثر في مدى ممارستها للديمقراطية في حياتها الداخلية ، وفي عكسها للنهج الديمقراطي على جمهورها وفئاتها المستهدفة – ولذلك نجد أن هناك مؤسسات ناجحة وأخرى فاشلة – مؤسسات ديمقراطية قادرة على عكس الديمقراطية والتأثير في المحيط … وأخرى متقوقعة تسيء للعمل الأهلي .
كما أن هناك بالضرورة رسالة ورؤيا لكل مؤسسة من مؤسسات العمل الأهلي يجب أن تميزها عن باقي المؤسسات … وهذه الرسالة هي بمثابة تعريف بالمؤسسة وبها يتم تحديد هويتها وأهدافها واليات عملها وفئاتها المستهدفة … وفي كل الأحوال فان الجميع يتفق على أن جزءا أساسيا من أهداف مؤسسات العمل الأهلي الأساسية هو ( بناء ..أو المساهمة في بناء .. وتعزيز .. المجتمع المدني الديمقراطي )….. وهناك بعض المؤسسات تتميز عن غيرها بارتفاع سقف تطلعاتها وهذا يظهر من خلال إدراجها هدف بناء قاعدة اجتماعية للتغيير المجتمعي – وبناء حركة مجتمعية هادفة للتغيير - في رسالتها وفي عملها المنظم لتحقيق هذا الرسالة .
ولكن .. كيف تحقق هذه المؤسسات رسالتها ..؟؟

1. عن طريق بنائها لنموذج ناجح للمؤسسة الملتزمة بالقيم والمعايير – لتكون مؤسسة تراكم التجارب – وناجحة في إقامة علاقات متميزة مع جمهورها الخاص والجماهير بشكل عام مبنية على الثقة والاحترام – تكسب مصداقية لدى الجمهور الوطني ولدى المؤسسات الممولة - تتواصل مع الجماهير وتشارك الجماهير بأشكال مختلفة في مجمل نشاطها ( في تقدير الاحتياجات ، في التخطيط ، في التقرير ، في التنفيذ ، في المتابعة والتقييم والمساءلة ) - وتمتلك خصائص الشفافية - والبعد عن التعصب والفئوية .
2. عندما تقدم إسهاما ملموسا في تحقيق هدف تعزيز العمل الجماعي .. عبر تشجيعها ومساعدتها بناء تنظيمات خاصة للفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات المتنوعة – وعندما تشترط على جمهور المستفيدين من أنشطتها تشكيل أجسام تنظيمية .
3. وعندما تقوم برعاية ومتابعة هذه التنظيمات الجماهيرية وتسهر على تدريب كوادرها وتأهيلهم وإكسابهم المهارات المطلوبة لمتابعة العمل وتعزيز شخصيتهم الاعتبارية وشرعيتهم الاجتماعية والقانونية .
4. عندما تقوم بتعزيز قيم العمل التطوعي ( العونة ) والعمل الجماعي وتعزيز روح الفريق لدى العاملين ولدى اللجان الشعبية واحلال ذلك بدل العمل المجتمعي المأجور وروح الاتكالية والأنانية والفردية .
5. عندما تتبنى برامج التثقيف المجتمعي .. وتسهم عبر الورش واللقاءات المفتوحة والدورات والمؤتمرات .. بنشر ثقافة المجتمع المدني الديمقراطي .
6. عندما تتبنى قضايا المجتمع المدني كعناوين نضالية مثل موضوعات الجندر وحقوق النساء – وقضايا الديمقراطية والانتخابات – والإصلاح ومكافحة الفساد - واستقلالية القضاء وسيادة القانون – وتسهم بما لديها من إمكانيات مادية وكفاءات بشرية لخدمة هذه القضايا .
7. عندما تسهم وتبادر إلى بناء أطر وهياكل تنسيقية لمؤسسات المجتمع المدني ( تساعد وتقوي بعضها البعض وتصوب الأداء وتعمل على تبادل الخبرات ) لتشكل هذه الأطر والشبكات فيما بعد قوة حقيقية للتأثير في صناع القرار .. وتعزز ثقة المؤسسات المؤتلفة بقدرتها على القيام بحملات واسعة لخدمة قضايا جوهرية ذات بعد وطني عام -- مثل قضية الجدار العازل .
8. عندما تعكس صورة واضحة للنزاهة في عملها وتعاملها مع جمهور المستفيدين – أي ابتعادها عن التعامل الفئوي عند تقديمها للخدمات – والتزامها بمعايير ( واضحة ومعلنة وموحدة ) تطبقها أثناء قيامها وقيام اللجان الخاصة بالبرامج والمشاريع باختيار المستفيدين .
9. عندما تقوم بتعبئة وتحريض وتوجيه الفئات الاجتماعية المختلفة وتوجهها بل واحيانا تقودها في نضالها من اجل حقوقها… وعندما تساعدها على اكتساب مهارات القيادة والاتصال والتشبيك والضغط والمناصرة .
01. عندما تخطط وتنفذ سياسات تنموية مستدامة ذات بعد وطني – وعندما تقدم إسهاما واضحا وتحقق إنجازات ملموسة في عملية تقدم المجتمع على كافة المستويات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
11. إلى جانب إسهامها في تنمية موارد الإنسان المادية هي تهتم ببناء الإنسان ذاته ليكون قادرا متمكنا يعرف كامل حقوقه ويدافع عنها ويقوم بواجباته تجاه وطنه ومجتمعه ( الإنسان الواعي القادر على الوصول إلى المصادر – المادية والبشرية ) .
21. عندما تحفظ كرامة الإنسان وتحقق له الاحترام عن طريق إشراكه في نقاش وتقرير كل السياسات والبرامج التي تستهدفه وتؤثر به – عندما تعزز قيم العمل وتحارب روح الاتكالية وعقلية الشحدة .
31. عندما تقوم بتعزيز قيم الشفافية في المجتمع وتبدأ أولا بتعزيزها داخل المؤسسة نفسها بإصدارها لتقاريرها السنوية والفصلية ( المالية والإدارية والفنية) وعندما تنشر هذه التقارير أمام الرأي العام -- وعندما تشترط على كافة التنظيمات الجماهيرية المتعاونة معها القيام بنفس الشيء .
41. عندما تحترم قواعد حقوق الإنسان .. وتقوم بتطبيق ذلك أولا على العاملين فيها ومن ثما على كل المتعاملين معها – وعندما تسهم في نشر هذه الحقوق وتقوم بتثقيف الجمهور العام بها وتسهم في تربيته وتوعيته للتمسك بها والدفاع عنها .
خالد منصور
مدير الإغاثة الزراعية الفلسطينية
في محافظة نابلس
18/11/2004

#خالد_منصور (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات