محمد السيد محسن
الحوار المتمدن-العدد: 3431 - 2011 / 7 / 19 - 08:12
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في خطابه امام البرلمان الاوربي حذر اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي من نتوءات للدكتاتورية بدأت تظهر في العراق ومحاولات الاستفراد بالقرار السياسي العراقي من قبل حزب الدعوة والمالكي وان لم يسمهم بالاسم ولكن ايحاءات النجيفي بدت واضحة
المالكي من جانبه لم يخف رده عبر القناة الرسمية حين اتهم من يتهمه بالاستفراد والدكتاتورية بانه هو الذي يريد ان يصبح دكتاتورا على نوري المالكي مبرءا نفسه وحزبه من التفرد او البحث عن الدكتاتورية وتاسيسها في المرحلة العراقية التي مازالت عقيمة فلا هي خدمت المواطن ولا ادت ديمقراطية يثق بها السياسيون او ابناء الشعب
مما لاشك فيه ان سياسيي العراق الجديد لم يخرجوا بعد من جلباب الدكتاتورية التي حاربوه سواء كانوا اسلاميين او غيرهم وسواء كانوا في بغداد او في بقية المحافظات فقد انجبت العملية السياسية مجموعة من الدكتاتوريات المناطقية والطائفية والحزبية لكنها اي العملية السياسية عجزت عن ان تنجب للعراقيين قائدا عراقيا يستطيع العراقيون ان يجمعوا عليه رايا من مختلف اطيافهم ونسيجهم ولايهم ان يكون هنالك اختلاف على قائد ولكن العراقيين مازالوا يبحثون عن رجل يتفق عليه جزء من السنة والشيعة والاكراد والشيوعييين والقوميين والاسلاميين , للاسف ما يتم تقييمه عن العراق هو التقييم السلبي في هذا الاتجاه وان استحصلت اسماء معينة من قبيل اياد علاوي او عادل عبد المهدي لكنها لم تعط الفرصة لتتسنم منصبا قياديا يتمتع بقرار مؤثر في العملية السياسية التي استحوذ عليها حزب الدعوة منذ ثمان سنوات بدعم من الصدريين الذين بقوا تابعين للدعاة وان كانوا احيانا تابعين مشاكسين الا انهم لم يؤثروا في القرار العراقي الذي من الممكن ان يؤدي الى انعطافة في المدار السياسي العراقي المرحلي
المالكي زعيم حزب الدعوة ما زال يدافع عن نفسه وحزبه على انه يدعم كافة الاصوات التي تريد خدمة الوطن وليس لديه فكرة الاستحواذ على القرار لكن قراءة بسيطة لمؤسسات الدولة منذ عامين ولحد الان تشير ان حزب الدعوة سيطر على مفاصل الدولة دون ان ينتبه المشاركون ولا المعارضون وربما اخر ما حصل عليه حزب الدعوة هو هيئة المساءلة والعدالة والوزارات الامنية التي تدار الان من قبل زعيم حزب الدعوة وكأن نوري المالكي حرص على قراءة تاريخ صدام حسين وطريقة تسلقه للوصول الى السلطة ولا ارى شكا ان نوري المالكي قد قرأ كتاب حازم جواد " سفر البعث وتاريخ المنفى" ومن قبله كتاب حسن العلوي "دولة المنظمة السرية" وهذان الكتابان يعتنيان كثيرا بطريقة صدام حسين للوصول الى الاستحواذ على مؤسسات الدولة والتدرج في الوصول الى السلطة الاولى وطرق الحفاظ عليها حتى ان حازم جواد ركز كثيرا على محاولات صدام حسين للاستحواذ على المكتب العسكري لحزب البعث للسيطرة على السلاح وعلى هيئة الاعمار للسيطرة على المال , وذات الامرين ركز عليهما حسن العلوي في كتابه " دولة المنظمة السرية " حيث رأى ان صدام حسين سيطر على سلطتي المال والسلاح وبدأ يرعب معارضيه ويشتري ذمم كارهييه ويحولهم الى ابواق له , الامر لايبتعد كثيرا على طريقة نوري المالكي الذي لم يخرج من جلباب الدكتاتور بعد وبدا حسب مقولة العرب مقلدا " الحذة بالحذة " لاسلوب صدام حسين في تصفية خصومه وتفتيت اصواتهم وتبرير محاولاته للسيطرة من خلال الفكر وان كان السابق قوميا واللاحق اسلاميا الا ان الوسيلة هي ذاتها التي تؤدي الى غاية واحدة وهي السلطة والتفرد بقرارها وتعبئة الاخرين لغرض دفع المعارضين وليس ادل هنا ما تعامل به المالكي مع المجلس الاعلى حيث دفع الصدريين لمواجهتهم وحصد هو النتائج فلا الصدريون قادرون على منافسته ولا المجلسيون اصبحوا بقوة الوقوف بوجهه, والامر سيان مع اياد علاوي وان كان لم ينجح بعد حيث طرح المالكي شراء ذمم الكثير من المحيطين بعلاوي والاغراء تمثل بجزء مبهم من السلطة والاستحواذ من خلال المنصب السلطوي على المال
جلباب الدكتاتورية حسب امام عبد الفتاح امام في كتابه " الطاغية " يلبسه كل الطغاة, وسيرة الطغاة هي منهج لمن بعدهم في ابتكار الطرق والاستفادة من الاخطاء وهوس السلطة الذي يحيق بصاحبها يبرر له كل طرق الحفاظ عليها وان كانت هذه الطرق تنتهج التسقيط السياسي او القتل احيانا الا ان ما يثير الانتباه في الحالة العراقية ان الحالة الدكتاتورية يمكن ان تولد على مستويات عدة ,اي على مستوى الطائفة او على مستوى المدينة او على مستوى الحزب , اما اذا اجتمعت هذه العوامل في شخصية واحدة فان النتوءات التي اشار اليها اسامة النجيفي في خطابه امام البرلمان الاوربي ستكون حقائق على ارض السياسة العراقية لابد ان نشير اليها والى اخطاء من ساروا في هذه المرحلة
واذا ما تأسست الدكتاتورية في العراق من جديد فان المسؤول عن تاسيسها ليس هو الدكتاتور وحده وانما كل المتراخين والانتهازيين من المرافقين والعارضين لذاك الدكتاتور, كلهم مسؤولون وقت لايحن مناص. وربما يبدر تساؤل عن سبل معالجة هذه النتوءات نرى ان المعالجة لاتكون في محاول القضاء على الدكتاتور عبر مواجهته وهو الذي حصن نفسه وحزبه, بل في التعامل مع الاجنحة التي يطير بها هذا الدكتاتور على ارض العراق ومن خلالها يسيطر على سدة القرار ومن اهم هذه الاجنحة هو التيار الصدري حيث يجب ان يعطى هذا التيار ثقة اكبر بنفسه من قبل من سبقوه بالعمل السياسي كي يخرج من جلباب حزب الدعوة ومن مناوراتهم, يجب ان يحتضن هذا التيار من قبل شخصيات مهمة مثل اياد علاوي او عادل عبد المهدي او من قبل بعض السنة في العراق او من قبل الاكراد كي يستطيع التيار ان يخرج من شرنقة حزب الدعوة الذي استطاع ان يسخر الصدريين لصالحه عبر اربع دورات هي الانتخابات المحلية وثلاث جولات للوصول الى رئاسة الوزراء سبقت وقد استطاع الدعاة ان يجعلو من الصدريين سلاحهم في تصفية خصومهم ومنافسيهم
الامر الاخر هو الوقوف بحزم ازاء الحالات الدستورية المؤقتة والتي استطاع المالكي من خلالها ان يجعل رجال حزب الدعوة على رأس الهيئات المؤثرة ويسعى اخيرا للسيطرة على المفوضية المستقلة للانتخابات حيث اشار رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي بهاء الاعرجي تعليقا على طرد احمد الجلبي من هيئة المساءلة والعدالة " ان كل الدرجات الخاصة ورؤساء الهيئات المستقلة لم تتم المصادقة عليهم بشكل رسمي بسبب وجود تراخي قانوني بين البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية " الامر الذي استغله نوري المالكي وعلى مدى دورتين من حكمه وحول من خلاله اكثر قادة الجيش والشرطة من الموالين لحزب الدعوة وكذلك اكثر رؤساء الهيئات المستقلة بما في ذلك سلطة القضاء وسلطة المحكمة الستورية وهما السلطتان التابعتان لرئيس الوزراء منذ سنوات ولحد الان, ولابد ان يتم الالتفات الى اهمية سقوط المحكمة الدستورية في احضان نتوء الدكتاتورية في العراق لان هذه المحكمة غيرت دورة الديمقراطية في العراق وحولتها الى مجموعة من المثلثات الفيثاغورية والتي تتناقض مع بعضهاالبعض بسبب التفسيرات التي يحب ان تنحى منحى خدمة رجل السلطة دون غيره
ان الالتفات الى هذه المناحي هي التي تحد من الدكتاتورية وليس المواجهة في وقت بات حزب الدعوة يسيطر على السلطة والمال والسلاح وينفذ اجندات الفساد بطريقة ممنهجة وبطريقة شرعية عند بعض ابناء الطائفة الامر الذي يدفع الاخرين من الطائفة الاخرى او من القوميات الاخرى ان ينهجوا نهج الحزب القائد في النزول الى مستوى السرقة والفساد تحت شعار" ان لم اسرق سيسرق الاخرون" الامر الذي اسس التحاصص وتقاسم النفوذ بين الجميع , ما جعل الجميع من الداخلين في العملية السياسية اليوم مسؤلون عن ضياع ثروات العراق وانفلات الاوضاع وسيطرة الفساد على مناحي حياة الدولة وبعد ذلك هم المسؤولون عن ذل المواطن بغض النظر عن انتمائه وطائفته وضياع سيادة العراق وهيبته والانجرار الى تدويل العراق من خلال الاستقواء بالخارج
#محمد_السيد_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟