|
غلطة الشاطر مردوخ!
جمال الخرسان
الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 21:38
المحور:
الصحافة والاعلام
غلطة الشاطر مردوخ!
سواء أخرج روبرت مردوخ واقفا على قدميه مما لحق بامبراطوريته الاعلامية من سلسلة فضائح تنصت ورشاوى وغير ذلك في سبيل الحصول على المعلومة وتحقيق سبق صحفي بأي ثمن في بلدان اكثر ما يميزها ان قوانينها فوق الجميع، سواء اخرج مردوخ بسلام من تلك الازمة والفضيحة الكبيرة او خرج مهزوما فانه ومن خلال الفضائح التي طالت مجموعته الاعلامية الهائلة والعابرة للقارات وجّه ضربة قاضية لمصداقية وسائل الاعلام وهيبة صاحبة الجلالة ( السلطة الرابعة ). كيف لا والرجل يمد نفوذه الاعلامي من اقصى الكرة الارضية الى اقصاها عبر مؤسسة ( News Corp ) والتي تصل وارداتها سنويا الى اكثر من 32 مليار دولار!
الاسترالي مردوخ ورث مهنة الصحافة من ابيه الصحفي المتواضع.. لكن الابن فضل ان يتاجر في الاعلام فبدأ بشراء الصحف في بلده الام استراليا ثم مد اذرعه في جميع انحاء العالم حتى اصبحت امبراطوريته تضم 800 مؤسّسة اعلامية بين قنوات فضائية، صحف ومجلات، وكالات انباء، شركات انتاج، مواقع انترنت واسعة الانتشار في اكثر من 50 بلدا حول العالم. ناهيك عن ان بعض مؤسساته الاعلامية لاتعترف اطلاقا بقيود الحدود الجغرافية ولاتستهدف الجمهور المحلي فحسب، على سبيل المثال: قنوات سكاي، باقة فوكس، قناة phoenix الصينية. صحف على غرار "التايمز" التي قال عنها ونستون تشرشل: (اننا مستعدون ان نتخلى عن مستعمراتنا في البحار ولسنا مستعدين للتخلي عن صحيفة التايمز)، "الصنداي تايمز"، "الصن" و"نيوز أوف ذي ورلد" في بريطانيا، كذلك "نيويورك بوست"، "وول ستريت جورنال" في امريكا وغيرها من الصحف والقنوات ومواقع الانترنت، وكلما بلغ الرجل من العمر عتيّا فان لسان حاله يقول: هل من مزيد؟! ذلك الجيش من الاعلاميين المسخّر له كمّا هائلا من الاموال والتسهيلات وكلما لزم.. لم يكتف بما توفر له من امكانيات فنية ومالية من اجل ممارسة الفعل الصحفي، بل تعدى اكثر من ذلك وسخر المال والخبرة للتنصت على هواتف الضحايا او الساسة والمشاهير ورجال الاعمال، ولم تقف مواثيق الشرف الاعلامي حائلا دون تلك التصرفات الملتوية والتجاوزات القانونية حتى وصلت الامور لاعطاء الرشاوي في سبيل شراء المعلومة ! ان امبراطورية مردوخ التي لاتغيب عنها شمس ولايفارقها قمر كان بامكانها ان تصل الى ما تريد لو تعاملت باسلوب وطرق اخرى تتيح لها التعاون فيما بين اركانها وتحافظ على شعرة بين الانتهازية واستغلال العلاقات الايجابية مع السياسيين لصالح الراي العام .. لكنها فضلت الاصطياد بالمياه العكرة فطفح الكيل وانقلبت الطاولة على رؤوس الجميع. استقالات بالجملة من المؤسسات الاعلامية التابعة لمردوخ ثم اغلاق لصحيفة بريطانية يمتد عمرها لاكثر 168 عاما وفضيحة تكلم عنها السياسيون واصبحت مادة دسمة ليست في اروقة القضاء بل تحت قبة مجلس العموم البريطاني وفي وسائل الاعلام الاخرى القليلة التي لم تطلها ايادي مردوخ. فضيحة مردوخ تعني فضيحة لمجمل وسائل الاعلام الدولية العابرة للقارات والتي كانت مضرب مثل في مثابرتها وجديتها وما تقدم من مادة اعلامية متنوعة وهادفة. الاعلام عادة ما يوجه اصابع الاتهام وبشكل فاضح للطبقة السياسية لان الاخيرة تتخلى بداية وقبل كل شيء عن المباديء والاخلاقيات الانسانية العامة التي توصلها للسلطة، لكن الاعلام نفسه ليس بعيدا عن ذلك المرض العضال! كان مردوخ يرفع عصاه الاعلامية بوجه كل من تسول له نفسه التمرد على اصول اللعبة التي ارساها بصحبة فريقه المتمكن والقادر على الوصول الى ما يريد.. ذلك واضح في الولايات المتحدة الامريكية، المملكة المتحدة، استراليا والعديد من البلدان الاوربية. اما الان فربما حان الوقت للسياسيين ان يتحرروا ولو قليلا من ارتهانهم في معتقل الاعلام المردوخي الذي يسيطر على اكثر من 40 % من الاعلام في بريطانيا وحدها. ويتنفسوا الصعداء لبعض الوقت، ذلك واضح من خلال تصريحات الساسة البريطانيين عن تلك الازمة ودعواتهم للالتفاف على الصفقة التي كان من المقرر ان يستحوذ فيها مردوخ بشكل كامل على شبكة ( بي سكاي بي ) التلفزيونية. السياسيون يتحدثون لاول مرة عن مردوخ بطريقة غير معسولة وكانهم كسبوا الجولة في تلك المعركة في هذه المرحلة على الاقل. التي ينشغل فيها مالك ( نيوز كروب ) بترتيب اوراقه من جديد بعد ان توالت الضربات له في امريكا وبريطانيا وربما في بلدان اخرى. يبدو ان فصول الفضيحة طويلة جدا وما ظهر للسطح جزء بسيط من ازمة كبيرة ربما اذاقت الشاطر مردوخ للمرة الاولى مرارة المثل القائل بأن: المصائب لا تأتي فرادى! جمال الخرسان [email protected]
#جمال_الخرسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة الفنلندية الجديدة
-
خرج للعلاج ولم يعد!
-
ساحة مجلس الشيوخ في فنلندا.. نصب يحكي قصة تسامح الشعوب المحت
...
-
عرب الاهوار والمادة 140 من الدستور
-
اقطاع النواب في زمن الفيسبوك!
-
الارهاب .. والتراب!
-
في حضرة مظفر النواب
-
رسائل سياسية في ميناء !
-
غيوم ايسلندية مفخخة !
-
عن خطاب اوباما المتوازن
-
مجلس التعاون الملكي!
-
صحة الدكتاتور مثيرة في جميع الاحوال!
-
الجزيرة بلا رأي آخر!
-
لقد قطع رأس الافعى !
-
كاتلونيا ليست جزءا من اسبانيا!
-
حديث في السياسة عن خليج النفط!
-
زنكه والعلوج نهاية واحدة
-
اعصار اليمين يضرب فنلندا!
-
حب وزهور في متنزّه الزوراء
-
قمة بغداد او محور دولي ثالث!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|