|
ايران و مسعود البرزاني .... كي لا يعيد التاريخ نفسه
ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)
الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 19:47
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
بينما تستمر الاعتداءآت الايرانية على اراض عراقية وسط صمت حكومي ، اتهمت ايران رئيس اقليم كردستان العراق السيد مسعود البرزاني بـ (خيانة) الشعبين العراقي والايراني لأنه خصص كما قالت مساحة من الارض لحزب بجاك الكردي ... ونحتاج هنا الى وقفة تاريخية سريعة حول علاقة الحركة القومية الكردية بدول الجوار لأستقراء ما وراء الاتهام الايراني للسيد البارزاني والذي يفتقر الى الحد الادنى من اللياقة السياسية ولا يعتمد على أية حقائق على الارض. في مؤتمر ناوبردان الشهير الذي عقده الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1970 حاولت شخصيات عراقية من الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين اقناع الزعيم الكردي الراحل مصطفى البرزاني لبناء تحالف عريض يقف في وجه محاولات البعث للاستئثار بالسلطة وبناء دكتاتورية في العراق وكان النظام البعثي في اولى سنوات حكمه ولكن الملا مصطفى رحمه الله قال لهم ما معناه بأن القضية الكردية عنده اولاً ، ثم خضع فيما بعد للتجاذبات الاقليمية ظناً منه انها تملك الحلول للقضية الكردية خارج اطار الوطن العراقي وهو ماأثبتت الايام خطأه. ومنذ ذلك الحين خضعت القضية الكردية لظروف تراوحت بين حروب متتالية تخللتها فترات سلام قصيرة لتشهد مرحلة ما بعد اعلان الحكم الذاتي عام 1970 فترة من الهدوء والاستقرار و لو قدر لملف الحكم الذاتي ان يبقى بيد السياسيين من البعثيين ممن عملوا على انجازه وفي مقدمتهم عبدالخالق السامرائي و مرتضى الحديثي و غانم عبدالجليل و شكري الحديثي والآخرين لما عاد الصراع الى كردستان العراق من جديد ، ولكن نقل الملف الى يد اجهزة المخابرات والأمن ادى الى ذلك التاريخ الدموي المعروف وكان السيد مسعود البرزاني صادقاً ودقيقاً حين قال للصحفي غسان شربل «لو التزم صدام حسين اتفاق الحكم الذاتي الذي أُعلن في عام 1970 لوفرنا على العراقيين نهراً من الدماء والدموع» (1). المهم ان الحزب الديمقراطي الكردستاني وعموم الحركة الكردية وقعوا في نفس الاخطاء بعد احتلال العراق وكرروا مواقف البارزاني في مؤتمر ناوبردان فقد تخلوا عمليا عن الشعار التاريخي الذي كانوا يتقاسمونه مع الحركة الديمقراطية العراقية (الديمقراطية للعراق) حين اغفلوا امكانيات بناء جبهة ديمقراطية حقيقية وتحالفوا مع احزاب الاسلام السياسي التي لم تعرف الديمقراطية لا في حياتها الداخلية و لا في ممارساتها مع القوى الآخرى ابان حركة المعارضة لنظام صدام حسين ومؤتمر دمشق الذي ابعد عنه الحزب الشيوعي العراقي شاهد على ذلك ، فهذه الاحزاب تربت في احضان النظام السياسي الشمولي في ايران وهو نظام لا يؤمن بأي شكلٍ من اشكال الديمقراطية في تعامله مع خصومه السياسيين ومسيرة حكمه تؤكد هذا. كان موقف الاحزاب الكردية يهدف بالاساس الى ترضية الشارع الكردي الذي عانى ما عاناه على يد نظام البعث في العراق وفي الوقت نفسه تحقيق مكاسب آنية سريعة فتخلى عن الحركة الديمقراطية العراقية الضعيفة اساساً بسبب سنوات القمع والاضطهاد البعثية التي طالت الحياة المدنية والسياسية في العراق على مدى ثلاثة عقود، واعتبر الكرد الاسلام السياسي حليفاً لهم ، و لا اريد ان اشير هنا بالتفصيل لموقف الاتحاد الوطني الكردستاني لأن هذا الحزب ظل اسير تحالفات واسلوب تفكير مؤسسه وزعيمه جلال الطلباني وهذا ما ادى الى انفصال قادة تاريخيين وقواعد واسعة من الحزب عنه في السنوات الاخيرة ، ايضاً يجب ان لاننسى بأن القوى القومية العربية في عراق ما بعد الاحتلال اتخذت مواقف سلبية من الكرد واحزابهم املتها عليهم حالة الفوضى التي اعقبت الاحتلال والدور السلبي للمسلحين الاكراد في المحافظات المحاذية للمحافظات الكردية وهذا ليس موقفا سليما من الطرفين فالاوطان لاتبنى بالثارات والانتقام . الموقف الايراني الاخير كان متوقعاً ولكن الايرانيين استعجلوا بتوقيته قليلاً لاسباب عديدة فالنظام الحاكم في ايران لا يؤمن بأي حقٍ للاقليات القومية والدينية في بلاده ، والدليل تاريخه في التعامل مع الكرد والعرب والبلوش منذ قفز المعممون الى السلطة وصادروا ثورة الشعوب الايرانية تحت خيمة اسلامية ادعت انها ستكون للجميع ولكنها صادرت حتى بعض الحقوق القومية التي كانت متاحة ابان حكم الشاه وهو مايؤكده مناضلون احوازيون بين حين وآخر. ان ايران الآن هي القوة الاقليمية الاولى اللاعبة في العراق و ما زالت احزاب الاسلام السياسي تدور في فلكها بنسبٍ مختلفة ولكنها جميعا وبعيدا عن (التقية السياسية التي تمارسها ) تهدف أقامة حكم اسلامي يكون تابعا او قريبا من النظام الايراني في احسن الاحوال ، كما ان النظام الايراني وكما يبدو حافظ على رموز من تنظيم (انصار الاسلام) لاستخدامها عند الحاجة وتشير بعض الاخبار اليوم الى مشاركة هؤلاء في الهجوم على الاراضي العراقية . أن تحالفات الاحزاب الاسلامية العراقية في مرحلة ما بعد الاحتلال تحالفات آنية للتمكن من امتلاك السلطة والثروة وتقوية نفوذ الحليف الأقوى في شارعٍ مزقته الطائفية والفساد ولهذا سكتت تماماً عن التعديات الايرانية على اراض كردية عراقية، الذي عجل بفتح ايران النار على السيد البرزاني سبب داخلي عراقي ايضا وهو ان البارزاني بحسه السياسي بدأ يدرك ان انفراد هذه الاحزاب في السلطة سيعني بشكل أو بآخر اجهاض ما حققته الحركة الكردية العراقية من مكاسب فعمد الى طرح مبادرات وحلول للازمة العراقية الداخلية لا تتوافق مع السياسة الايرانية. رغم ان الوقت اصبح متأخراً الآ انني ارى ان امام السيد مسعود البرزاني فرصة تاريخية اذا ما أدرك خطورة اللعبة الايرانية واول ما يتوجب عليه عمله : - اصلاح حقيقي في منطقة كردستان العراق بضرب مراكز الفساد والنهوض بواقع الطبقات الفقيرة و المسحوقة في المنطقة - مصارحة الشارع الكردستاني بالواقع السياسي الذي يتطلب حنكة سياسية بعيداً عن الشعارات التي تغازل الآمال القومية المحقة للكرد لأن أية قفزة في الهواء ستجعل التاريخ يعيد نفسه وقد يعود هذه المرة الى مرحلة ابعد من مما حصل في مؤتمر ناوبردان فأيران اليوم دولة قوية والامريكان يتعاملون معها على هذا الاساس وهي اذا ما احكمت سيطرنها على العراق لن تسمح للاكراد العراقيين حتى بالدور الذي يلعبونه اليوم في ظل النظام الحالي للعراق، والامريكان ويعرف الاكراد هذا جيدا لاحليفأ دائما لهم وهم يركضون وراء مصالحهم اولا وآخرا . - العمل على تشكيل جبهة عراقية عريضة تضم القوى اليسارية والتقدمية المؤمنة بالديمقراطية وعلى اساس وطني عراقي بعيدا عن الطائفية والعرقية ، والدفع باتجاه اجراء انتخابات مبكرة لان احزاب الاسلام السياسي انكشفت تماما امام جماهيرها . اعتقد شخصيا ان البارزاني مؤهل لهذا الدور وعلى الحركات العروبية ان تدرك هي الاخرى ضرورة الحوار مع الاكراد على ارضية جديدة تضمن الحقوق القومية للجميع في عراق ديمقراطي تعددي لايتاثر باي جوار
(1) النص المنشور في جريدة الحياة اللندنية مسعود بارزاني : لو التزم صدام حسين اتفاق الحكم الذاتي الذي أُعلن في عام 1970 لوفرنا على العراقيين نهراً من الدماء والدموع». أكد الصحفي غسان شربل في إفتتاحية صحيفة الحياة اليوم الاثنين على أنه قبل عام ذهب لزيارة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني مضيفا: استوقفني على مدخل مقره ارتفاع علم الاقليم على مقربة من علم العراق. سألت الرجل عن شؤون الاقليم وشجون العراق. واستوقفني قوله في لحظة تأمل: «لو التزم صدام حسين اتفاق الحكم الذاتي الذي أُعلن في عام 1970 لوفرنا على العراقيين نهراً من الدماء والدموع». وتابع شربل: لكن صدام وبعقلية من يعتبر الاتفاقات حبراً على ورق ارسل بعد عام واحد وفداً انفجر بالملا مصطفى بارزاني انسجاماً مع عقلية الشطب والإلغاء وهي ليست عقلية صدام وحده. وزاد: في بداية عملنا الصحافي وقبل ان تتاح لنا زيارة مسارح الأحداث، كنا نميل الى تصديق مصانع الشعارات التي أنجبت سيلاً من الكوارث. كنا نعتقد مثلاً ان اصابع الغرب والموساد تقف وراء تحركات الاكراد في كردستان العراق وأن الامر مؤامرة على الخريطة العراقية والخريطة العربية. وأشار إلى أن يسمع الصحافي الذي يجول في عواصم المنطقة تحذيرات من ان العرب يتعرضون اليوم لمؤامرة تهدف الى تفتيت الكيانات القائمة. وتقول التجارب ان الخرائط لا تتمزق تحت وطأة الضغط الخارجي. يبدأ المرض من الداخل. من الإصرار على عدم الاعتراف بالآخر. وحقه في الاختلاف تحت علم البلاد. ومن رفض ثقافته ولونه وأغانيه وعاداته وحقه في ان يعبّر عن تطلعاته. وحقه في ان يقرأ في كتاب آخر. وأن يشرب من نبع آخر.
#ليث_الحمداني (هاشتاغ)
Laith_AL_Hamdani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتفاضات العظيمة في تونس ومصر والنخب العربية المرتبطة بالا
...
-
رسالة الى السيد رئيس وزراء العراق
-
حين يطمئن نائب في البرلمان العراقي زملائه بأن العراق لن يشهد
...
-
نصيحة السيدة هيلاري لمعالجة الفساد
-
الصناعة العراقية مشروع أسست له الدولة الوطنية ودمره الاحتلال
-
كلفوا مسيحيا بوزارة الداخلية وصابئيا بوزارة الدفاع ويزيديا ب
...
-
جائزة مؤسسة ابن رشد نتاج لجهود ونقلات نوعية حققها ( الحوار ا
...
-
نواب الوطن ونواب الطوائف والاعراق
-
يوم بكيت على العراق مقالة ليست لي وانما للكاتب الكبير خالد ا
...
-
14 تموز.... نوري السعيد .....حكايات سمعتها من اصحابها !!
-
سيناريو ما بعد الانتخابات العراقية ....اتمنى ان اكون متشائما
...
-
مستشار رئيس الوزراء و(التنظير) حول فشل الصناعة العراقية!!
-
مابين تصريحات ( الشابندر) و (العزاوي)
-
يافقراء العراق .... انتخبوا
-
احتلال بئر ( الفكة ) واحدة من علامات ( الصفقة ) !!
-
اتحاد الصناعات العراقي حافظ على استقلاليته في كل العهود
-
حول قرار إعفاء رئيس تحرير جريدة (الصباح)
-
السيد رئيس الوزراء وماذا عن هذه المنظمات العريقة التي تم تهم
...
-
محنة مهندس عراقي كفوء وشريف اسمه قاسم العريبي
-
(الولاء) الذي يحكم حياتنا ... من فلسطين إلى العراق إلى السود
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|