|
رحيل المثقف و الإنسان .. شاكر الشيخ
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 3429 - 2011 / 7 / 17 - 23:25
المحور:
سيرة ذاتية
اثر أزمة قلبية مفاجئة لم تمهله، فقد المشهد الثقافي والإعلامي في المنطقة الشرقية وعموم المملكة ، الكاتب والشاعر والفنان الصديق شاكر الشيخ ( أبو بدر ) عن عمر ناهز الثالثة والستين . وكان لغيابه المفاجئ وقع الصاعقة على عائلته و أصدقائه وزملائه في الوسط الثقافي والإبداعي والصحفي الذين عرفوه عن قرب ، أو زاملوه واحتكوا معه عبر تجاربه وإسهاماته المتعددة في حقول الصحافة و الثقافة والشعر، ومن خلال محطات حياته الحافلة والغنية على صعيد الحراك الثقافي والفني في المنطقة الشرقية ، و التي تبوأ فيه مناصب حساسة ومؤثرة ، ومثل على مدى عقود من الزمن جزءا فاعلا ومؤثرا بل وقياديا ضمن نسيجها الثقافي والإبداعي والاجتماعي ، وذلك منذ قدومه وهو في ريعان الشباب من مكة المكرمة حيث ولد وعاش سنواته الأولى فيها . تسلم فقيدنا الراحل إدارة التحرير ومسؤولية رئاسة القسم الثقافي في جريدة اليوم كما كان مشرفا على إصدار ملحقها الأسبوعي ، كما عمل لفترة قصيرة رئيسا لتحرير مجلة الشروق الصادرة في الدمام ، والتي كانت بحق تعيش عصرها الذهبي تحت إدارته. بصماته وتوجهاته الثقافية والفكرية الجادة المحتفية بالإبداع والفكر والفن والثقافة الوطنية والإنسانية كانت واضحة إبان رئاسته لجمعية الثقافة والفنون في الأحساء ثم جمعية الثقافة والفنون في الدمام ، حيث أسس اللبنات الأولى للفرق الموسيقية والمسرحية في المنطقة الشرقية ، وذلك وسط مناخ و بيئة اجتماعية محافظة تعتبر الفن و الموسيقى بدعة و رجس من عمل الشيطان . كان شاكر الشيخ ضمن ثلة طليعية منحدرة من مختلف أرجاء الوطن ، شماله ، وجنوبه ، وسطه، ، شرقه وغربه ، ممن تمازجت أرواحهم ، عواطفهم ، ثقافتهم ، أفكارهم ، همومهم ، وأمالهم وتطلعاتهم الوطنية والإنسانية ،على الرغم من تباين منحدراتهم المناطقية والقبلية والمذهبية ، وجسدوا ذلك في حراكهم الوطني العام وتحملوا في سبيل ذلك ما تحملوا من جهد وتضحية ، كما تمثلوها في نتاجاتهم الثقافية والفكرية والإبداعية التي تمازجت بقيم الخير والحرية والعدل والجمال ، والعمل على تخليق قيم وطنية / ثقافية عابرة للهويات التقليدية الفرعية . وقد أسعدني الحظ أني ارتبطت بهذه المجموعة ، وامتزجت وتفاعلت معها على مدى عقود من الزمن ، والمفرح إنها ظلت كالقابض على الجمر وفية لخياراتها المبدئية حتى وقتنا الحاضر . تلك الثلة القليلة والصغيرة في عددها ، و الكثيرة و الكبيرة في أمالها وتطلعاتها سواء في المنطقة الشرقية أو في عموم ربوع الوطن التي ظلت صامدة على الرغم من الرياح الصفراء السموم ، وما شهدته منطقتنا العربية من تكالب للفكر الظلامي ولقوى ومجاميع التطرف والإرهاب والتكفير والإقصاء ، ناهيك عن تصدر العصبيات والأحقاد القبلية والمناطقية والمذهبية من كل حدب وصوب ، والتي جرفت معها الكثير من الناس والعقول ومن بينهم كثرة من المثقفين إلى أتونها المدمر . و حتى وقت قريب وقبل بزوغ ربيع الثورات العربية التي هزت أنظمة حكم الاستبداد والقهر والفساد كان ينظر إلى تلك المجموعة بإشفاق تارة ، أو بتشف تارة أخرى ، بأن القطار قد فاتهم ، وبأن ما يدافعون عنه من قيم الحرية والعدل والمواطنة المتساوية هو لعب في الوقت الضائع وهو بمثابة صيحة في برية . فقيدنا الراحل لم يخف أبدا انحيازه للوطن وللإنسان البسيط ، و للفكر التقدمي والإنساني و قد جسده في خياراته الوطنية ، ونذكر على هذا الصعيد ارتباطه بالحركة التنويرية والتقدمية منذ الثمانينات ، كما أنه أحد المؤسسين للجنة الأهلية لحقوق الإنسان في السعودية ( تحت التأسيس ) وقد مثلها في بعض المحافل الحقوقية . في جميع نتاجه الإبداعي والشعري عبر الشيخ عن روحه الملتزمة بقضايا الوطن والإنسان ، وعن شاعرية جمالية تتغزل وتتغنى بالمرأة ككيان إنساني، وكمعشوقة تشكل توأمه الروحي والوجداني والعاطفي . التزامه كان شفيفا وهادئا ولم يمنعه مطلقا عن الانفتاح على الأخر المختلف ، وكان بعيدا كل البعد طيلة حياته وعمله ومسؤولياته المتعددة عن سياسة الإقصاء والحجر على الأفكار أو الاتجاهات الأخر . لقد جمعتني وعائلتي مع الفقيد الراحل وزوجته وعائلته على قلة لقاءاتنا وزياراتنا المتبادلة وخصوصا في السنوات الأخيرة صداقة متينة واحترام وحب متبادل ، كما شارك الفقيد الراحل من خلال ديوانية الملتقى الثقافي التي أتشرف باستضافتها في عدة فعاليات فنية وشعرية ومن بينها الاحتفاء بمرور خمس سنوات على رحيل الشخصية الوطنية البارزة سيد علي العوامي ، ومرور الذكرى العاشرة على رحيل الأديب الكبير عبد العزيز مشري . تعازي القلبية لزوجته وأولاده وبناته، ولشقيقاته فاطمة و عائشة وبسمة وسميرة ، ولشقيقه الأستاذ خالد الشيخ وبقية أفراد عائلته الكريمة . العزاء الصادق والحار لكل أصدقاءه ومحبيه، وعلى وجه الخصوص لرفاق دربه ومسيرته الكاتب والشاعر الأستاذ محمد العلي والشاعر والناقد الأستاذ على الدميني وزوجته الأستاذة فوزية العيوني ، والشاعر محمد الدميني زوج شقيقته . عزاءنا أن شاكر الشيخ قد رحل وهو يشهد ملامح انبلاج عالم عربي جديد كان أحد الحالمين به والعاملين من أجله .
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور البطالة والفقر في إشعال الثورات العربية
-
تساؤلات حول الفقر المدقع والفقر المطلق
-
المثقف العربي وربيع الثورات والانتفاضات العربية ؟
-
أوباما ونتنياهو .. اختلاف في الشكل وتطابق في الجوهر
-
هل تدشن ذكرى النكبة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟
-
أبعاد ودلالات المصالحة الفلسطينية
-
رحيل خلدون النقيب
-
سؤال الهوية في زمن التغيير؟
-
جريمة بشعة مجللة بالعار!
-
استعادة الوعي .. ووهم الخصوصية
-
المسار المتعرج للتغيير في العالم العربي 2-2
-
المسار المتعرج للتغير في العالم العربي
-
المخاض الليبي العسير!
-
حقوق المرأة في يومها العالمي
-
المخلص المنتظر؟
-
نجيب الخنيزي في حوار استثنائي مفتوح حول: الحراك الاجتماعي وا
...
-
الجيش والسلطة في البلدان العربية
-
بقاء الحال من المحال !
-
العالم العربي .. إصلاح أم ثورة؟
-
ياسيد البيد .. كم نفتقدك حين تغيب وسط الضباب!
المزيد.....
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|