أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع















المزيد.....

نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 1021 - 2004 / 11 / 18 - 12:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بداية لا بد من توجيه الشكر لمنظمي هذا اللقاء الوطني الذي يجمع نخبة من حكماء العقل السياسي، والفكري السوري، حول طاولة واحدة، لتداول الرأي، حول المخاطر التي تتهدد سورية، ومهام القوى الوطنية في مواجهتها. إن اجتماع أطياف المعارضة في سورية، مع ممثلي حزب السلطة، حتى بالصفة الشخصية، هو بحد ذاته حدث مهم جدا، نأمل أن يكون مؤشرا إلى سياقات جديدة للعمل السياسي في سورية، لا رجعة عنها.
لا يختلف اثنان، وهذا بدا جليا في مداخلات السادة الذين تحدثوا قبلي، أن سورية تهددها مخاطر كثيرة، داخلية وخارجية. غير أن هذه المخاطر ما كان لها أن تكون بهذا الوضوح والجدية،والخطورة، لو كان البناء السياسي والاقتصادي لسورية سليما معافى. ليس من باب المغالاة أبدا القول بأن الكيان السياسي السوري أصبح مهددا في وجوده، وبذلك اتفق مع ما تفضل به الدكتور طيب تيزيني، وليس في وضعه ودوره الجيوسياسي فقط، كما أشار إلى ذلك بعض السادة المتدخلين. وإن البحث العلمي الجاد في الأسباب التي قادت سورية إلى هذه الوضعية، سوف يقود مباشرة إلى طبيعة النظام السياسي الاجتماعي القائم في سورية على الاستبداد والشمولية، في رعاية دولة أمنية قاهرة.في مداخلتي المكتوبة سوف أحاول مقاربة المخارج الممكنة من هذه الوضعية، متقيدا، قدر الإمكان، بالمحاور التي طرحتها ورقة العمل تحت عنوان >.
وإذا كان لا بد من تحديد مفهوم للوحدة الوطنية، كمدخل للنظر في واقعها الراهن، فإني أرى أن مفهوم الوحدة الوطنية يتحدد من خلال وحدة السوريين في الموقف، في السلوك، في العمل، تجاه القضايا التي تواجه البلد، أو المخاطر التي تهدده. وهي وحدة تتحقق كقاسم مشترك أعظمي، كمحصلة لجميع القوى المجتمعية وتعبيراتها السياسية، أو المدنية ، أو الأهلية. هذا المفهوم للوحدة الوطنية يضمر في ذاته ضرورة التنوع في أشكال الوجود الاجتماعي، وفي تعبيراتها الفوقية، السياسية، والثقافية، والأيديولوجية..الخ. كما أنه يفترض إمكانية الاختلاف في وجهات النظر، تجاه طبيعة القضايا والمخاطر التي تواجه البلد، وفي كيفية التصدي لها. بكلام أخر خطاب الوحدة هو خطاب موجه نحو بنى، وقوى مجتمعية مختلفة بالضرورة، لا بد من خلق الظروف المناسبة كي تعبر عن وجودها، ومصالحها بحرية على قدم المساواة، في إطار القانون، ورعاية المؤسسات.
هذا المفهوم للوحدة الوطنية يختلف عن المفهوم الذي عرضه بعض ممثلي السلطة. بالنسبة لهؤلاء يتحدد مفهوم الوحدة الوطنية سلبا بانتفاء الحرب الأهلية، أو الصراعات الداخلية العنيفة. وبالتالي، حسب زعمهم، في ظروف سورية، ليس هناك من مبرر لطرح هذا المفهوم في الظروف الراهنة، لأنه بلا موضوع. ينسى هؤلاء السادة، أو يتناسوا أن سورية، حتى من هذه الزاوية للنظر في الوحدة الوطنية، قد عاشت أكثر من مرة في مناخات الصراعات الداخلية الحادة، حدث ذلك في أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات من القرن الماضي، وحدث ذلك أيضاً في منتصف العام الحالي.
إن واقع الوحدة الوطنية في سورية في الظروف الراهنة يتحدد سلباً، يتجلى ذلك من خلال السلبية المفرطة التي يبديها المواطنون سواء تجاه المخاطر التي تواجه بلدهم، أو في حياتهم الاجتماعية أو السياسية، أو في مجال العمل. يحضرني في هذه المناسبة قول مأثور للإمام علي، يفيد كثيراً في توصيف الحالة التي نمر فيها. يقول الإمام علي:<< الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن>>، فكيف إذا كان الفقر الذي يعاني منه السوريون فقراً مركباً: فقراً مادياً وروحياً، فقراً في أسباب العيش، وفقراً في الحرية، وفقراً في الحياة العامة، وفقراً حتى في الكرامة الشخصية والوطنية. نعم يشعر الكثير من السوريين بالغربة في وطنهم، وهم موحدون في ذلك، موحدون أيضاً في الخوف، موحدون أيضا تحت مظلة القمع الطاغي، والمعمم، الذي يتعرضون له منذ اكثر من أربعة عقود من السنين.
لقد نجح الاستبداد إلى حد كبير في القضاء على روح المواطنة، والوطنية، لدى جماهير الشعب، منذ أن قضى على روحهم السياسية، والمواطن لا يكون كذلك إلا بروحه السياسية. ما لدينا مجرد رعايا يكرسون وقتهم للبحث عن أسباب وجودهم البيولوجية، ولا يجدونها إلا بشق النفس. لقد ذكر الدكتور الياس نجمة أن العاملين بأجر، كانوا يشكلون في الستينات من القرن الماضي نحو 30% من مجموع قوة العمل، وكانوا يحصلون على 45% من الناتج المحلي الصافي، في حين أصبحوا في العام 2004 يشكلون نحو 60% من قوة العمل، لكنهم لا يحصلون إلا على نحو 20% فقط من الناتج المحلي الصافي.
لقد نجح الاستبداد أيضا في تهديم منظومة القيم الوطنية، من خلال سياسة الفساد والإفساد التي انتهجها منذ عام 1970.يخطئ من يظن أن الفساد المنتشر في سورية هو مجرد ظاهرة يمكن أن يوجد مثيل لها في أي بلد، حتى في بعض الدول المتقدمة، بل هو سياسة رسمية. إنه نهج وأسلوب في الإدارة،له منظومته الخلقية والمفاهيمية، وأدواته، وأساليبه. لقد حاول السيد صابر فلحوط توصيفه بصورة جيدة، عندما تحدث عن واقع القضاء في سورية.لقد كان شعار هذه السياسة غير المعلن: إن من يتم إفساده تسهل السيطرة عليه.ويجب الاعتراف بأن السلطة قد حققت نجاحات باهرة على هذا الصعيد.
باختصار عندما نبحث عن عناصر القوة والضعف في الوحدة الوطنية، للأسف الشديد، لا نجد سوى عناصر الضعف غالبة ومهيمنة. فنحن موحدون في السلبية واللامبالاة، وموحدون في الغربة عن الوطن، وموحدون في الخوف، وموحدون في الفقر المادي والروحي، وموحدون في الفساد والإفساد..الخ. من منا لم يسمع قادة العدو الصهيوني يتبجحون قائلين: أن سورية من الضعف بحيث لا تستحق أي تنازل ... ثم من منا، نحن المشتغلين في الحقل العام، لم يعتصره الألم وهو ويرى سلطته تقدم التنازل تلوى التنازل للإدارة الأمريكية بحجة سد الذرائع...
مع ذلك لم نعدم بعد إرادة النهوض والخروج من المأزق الذي أوصلنا إليه الاستبداد، والمخارج لا تزال ممكنة، وإن لقاءنا اليوم يمكن إدراجه في هذا السياق.
كم كنت أتمنى أن تكون السلطة هي الجهة الداعية إلى هذا اللقاء ، وان تكون الدعوة موجهة إلى جميع القوى، والأحزاب، والشخصيات الوطنية الفاعلة، سواء في المعارضة، أوفي جبهة السلطة، بصفتها الرسمية، و أن يأخذ لقاؤنا عندئذ صيغة مؤتمر وطني للمصالحة، يتم التداول فيه في المأزق الذي أوصلنا إليه الاستبداد، والخروج ببرنامج وطني إنقاذي شامل. هكذا دعوة، وهكذا مؤتمر كانا سيوجهان رسالة قوية جدا لجميع القوى التي تريد الشر لبلدنا سواء أكانت هذه القوى في الداخل، أم في الخارج، هذا من جهة. ومن جهة أخرى كانا سيشكلان رافعة استنهاض قوية جدا لجماهير الشعب، تخرجها من سلبيتها، وغربتها، إلى حقل العمل العام النشيط والفعال.
في هذا المجال تقدم لنا اليمن نموذجا رائعا. نتذكر جميعا ظروف الحرب الأهلية التي عاشتها اليمن، وكادت تقضي على الكيان السياسي اليمني الموحد، مع ذلك لم تلغ السلطة اليمنية الحياة السياسية في البلد، بل لم تجرم الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان طرفا في الحرب، ولم تمنعه من مزاولة نشاطه السياسي. وأكثر من ذلك عفت السلطات اليمنية عن قادت هذا الحزب بعد أن حكمت عليهم بالإعدام، وذهب رئيس اليمن بنفسه إليهم لاقناعهم بالعودة إلى البلد والمساهمة في بنائه. لقد سبقتنا اليمن كثيرا على طريق البناء الديمقراطي...
إن إصدار عفو شامل عن جميع سجناء الرأي، وإغلاق ملف السجن السياسي نهائيا وإلى الأبد، ورد المظالم إلى أهلها، إجراء ضروري من ناحيتين: من جهة يعيد الحقوق إلى أهلها، ومن جهة ثانية يكسب السلطة بعضا من المصداقية في نظر الشعب.
وفي خطوة موازية تالية، لا بد من إلغاء جميع القوانين الاستثنائية المخالفة للدستور، أو تعديلها لتتوافق معه، ومنها إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وما بني عليها من إجراءات وأحكام ومحاكم.
وفي خطوة موازية ثالثة، لا بد من شرعنة الحياة المدنية، والأهلية، والسياسية في البلد، وتنظيمها بقوانين عصرية للأحزاب، وللنقابات، وللجمعيات الأهلية وغير الحكومية.
وفي خطوة موازية رابعة لا بد من تحرير الإعلام، وتعديل قانون المطبوعات، والنظر في إلغاء وزارة الإعلام والاستعاضة عنها بمجلس وطني للإعلام، وميثاق شرف إعلامي.
وفي خطوة خامسة موازية البدء بتحول تدريجي، آمن، من نظام الدولة الأمنية الشمولية إلى النظام الديمقراطي، بدءا بتعديل الدستور والشروع بتعميم الحياة الديمقراطية في النقابات، والأحزاب، والمنظمات الأهلية، وفي غيرها من أشكال الوجود الاجتماعي، بحيث يمكن الوصول في مدى زمني من خمس سنوات إلى إمكانية تبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع.
وفي خطوة سادسة موازية لا بد من إصلاح الاقتصاد، وتحويله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد ربحي، ويكون ذلك من خلال خلق بيئة ملائمة للاستثمار، وإصلاح القطاع العام في ضوء معايير السوق، واقتصاره على المجالات الاستراتيجية، أو البنية التحتية، أو تلك التي تطلب استثمارات كبيرة، ليس بمقدور القطاع الخاص تأمينها.
وفي خطوات أخرى موازية كثيرة لا بد من إصلاح الإدارة، والقضاء، والتعليم بمختلف مستوياته، وتحسين الواقع المعاشي للناس..الخ. باختصار لا بد من برنامج وطني شامل للإصلاح، تشارك في إعداده، وتنفيذه جميع القوى الوطنية والديمقراطية في البلد. بغير ذلك نسير حثيثا نحو مزيد من التأزم.
<<الزمن كالسيف إن لم تقطعه قطعك>>، فكيف إذا كان هذا الزمن العالمي، وكذلك هذا الزمن في منطقتنا يتغيران بوتائر سريعة جداً. بمعنى آخر إن لم نسارع لملاقاة التغيرات العالمية، وحجز موقع لنا في العالم المعاصر، في ضوء مصالحنا الوطنية والقومية، فسوف نرغم على ذلك. غير أن الثمن عندئذ قد يكون باهظا،ندفعه من وجودنا، ومن دورنا، ومن مصالحنا الوطنية والقومية.
لقد حاولت في مداخلتي التركيز على ما هو مطلوب القيام به في العمق، مع إدراكي أن ما تم إنجازه خلال السنوات الأربع الماضية من عمر العهد الجديد،على السطح مهم أيضاً، رغم عدم كفايته،وعدم اتساقه أيضاً، وقد فصل القول فيه بعض المتدخلين من البعثيين.في الختام أثمن المقترح القاضي بتحويل هذه الندوة إلى ندوة دورية للحوار الوطني، وأن تشكل لجنة وطنية للدعوة إليها وتنظيمها.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو رؤية وطنية ديمقراطية للإصلاح
- لجان إحياء المجتمع المدني في سورية والمسؤولية التاريخية
- سياسة كسب الأعداء
- المياه العربية: الأزمة، المشكلات، والحلول
- أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها
- نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
- أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
- أنا سوري ما نيالي
- (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) د-منطق التاريخ والبديل الديمقراط ...
- د(بمثابة موضوعات لحزب سياسي) منطق التاريخ والحياة السياسية ف ...
- د (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلوبة ...
- د - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلو ...
- ج- بمثابة موضوعات لحزب سياسي- الوضع العربي والمهام المطلوبة
- ب - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) طبيعة العصر والمهام المطلوبة ...
- أ - بمثابة موضوعات لحزب سياسي
- كيف ينظر بعض السوريين لما حدث في مساء 27/4 في دمشق
- حول - الإرهاب يدخل إلى سورية -
- تنمية الموارد المائية ف سورية وترشيد استعمالاتها
- الدولة والسلطة في سورية
- منظمة التجارة العالمية-الفلسفة والأهداف


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع