أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي الحسني - هامش المناورة عند الإسلاميين















المزيد.....

هامش المناورة عند الإسلاميين


مهدي الحسني

الحوار المتمدن-العدد: 1021 - 2004 / 11 / 18 - 10:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل نمتلك نحن الشرقيون أو الشرق أوسطيين هامشاً للمناورة ؟
يتميز الشرقيون عن الغربيين بأنهم أحاديي العلاقة والتوجه، فهم يمتلكون علاقة ذات بعد واحد، لايقبلون ولا يريدون أن يجربوا غيرها، فلا يستطيع أكثر الشرق أوسطيين من إقامة علاقات أو أفكار ذات أوجه كثيرة أو الوان متنوعة فيما بينهم أو مع غيرهم. ويعتبر الكثير منهم أن الانفتاح بالعلاقة يمثل نوعاً من النفاق الاجتماعي أو السياسي أو الديني. وقد ألفوا هذا النوع من العيش، معتمدين على ظنهم الموهوم بأن الثبات على موقف واحد يمثل الإلتزام الشرعي.
وهذا يعود الى سببين: الأول يعود الى تلقيهم القسري لنوع واحد من التربية والثقافة، فالذي أخذناه من موروثنا الثقافي هو الأسود والأبيض، الليل والنهار، السماء والارض، ثم الدنيا والآخرة.. والسبب الثاني: هو افتقادهم للقدوة السياسية والدينية المناوِرة أو المحاوِرة، فهؤلاء سدوا منافذ التعلم بوجه الأجيال بسلوكهم ومن ثَمّ بقراراتهم، السلطة السياسية لا تدع شعبها يقرأ ما يريد بل عليه أن يقرأ ما تريد. والسلطة الدينية كذالك قننت لاتباعها ما ( يجب) عليهم أن يقرؤوه. لذا طُبع سلوكنا بطابع الانفعال والتحول الفجائي لأنه يفتقر الى التدُّرج والإنسيابية، فلا يصدر منا إلا الموافقة الكاملة أو الإصطدام. وفي نهاية المطاف أصبحنا كالقطار لا يحسن السير الا على سِكَّتِه، وشتان ما بين القطار الذي تمنِّ عليه السكة فهي عينيه وأذنيه ورجليه بل ويديه، وبين الطائر الذي يحلق شادياً لا يعرف الحدود ولا السدود ولا القيود ولا الجنسية ولا الهوية، فلا يعرف غير مصلحته ومتعته وواجباته.
هذا النسق الواحد واللون الواحد في التعاطي مع الأمور والأحداث أراه وبدرجة شاملة تقريباً يغلب على سلوك الإسلاميين ومن يعيش معهم من أبناء المجتمع الإسلامي من الليبراليين والعلمانيين بل أراه يغطي جميع الدرجات العلمية والمذهبية، ولا يشذ من هذا التعميم حتى المسيحيين واليهود والصابئة وبقية المكونات الاجتماعية التي تعيش معنا في الشرق الأوسط والمنطقة العربية إلا القليل منهم ومنا .. ولا عيب في ذلك إذ أن المعايشة تصهرنا جميعا رضينا بها أم لم نرض.
ولهذا نجد أنفسنا عندما نقلب آثارهم في كتاباتهم وتحليلاتهم وسلوكهم وجميع فعالياتهم نجد أنفسنا نسير بإتجاه محور السينات أو الصادات مختزلين جميع الخيارات الأخرى. فلا زوايا حادة ولا منفرجة ولا غيرها، فلا نرى إلا زوايا قائمة أو منبطحة بالكامل.
ففي جانب العقيدة يكون الفرد في نظرهم إما مسلماً او كافراً، وفي العمل إما وديعاً أو منافقاً، وفي الجنس إما قديساً أو إباحياً، والسياسي إما عميلاً وإما وطنياً وقس على هذا باقي الامور. كأننا أمة كتب علينا التطرف فاتخذناه قدراً لنا:
وإنا لـقوم لا توسط عندنا لنا الصدر دون العالمين أو القبر
إما أن نعيش في التفريط او الافراط، تارة نفدي الرئيس بأرواحنا ودمائنا وأخرى نسحله بالشوارع والطرقات، وكأن التوسط بيئة لا تصلح للنمو والحياة لأمثالنا ربما بسبب أن الأوكسجين فيها من نوع آخر لا ندري فالله العالم.
فما هي شروط التنظير السديد؟
إن التنظير الذي نمارسه في حياتنا الفكرية والسلوكية يكاد ان يخلو من او لا يختزن بدرجة أو أخرى:
1- تجارب القرون السابقة، 2- الواقع المعاش، و 3- إستشراف المستقبل.
فكما أن الذي يكتب بالعربية لايستطيع الكتابة بدون معرفة الأبجدية العربية كذلك لا يستطيع المفكر أن يكتب ولا المنظر أن يُنََظر إلا أن يستحضرهذه الشروط الأساسية لضمان سداد تنظيره. ومن يدير ظهره لهذه الشروط يضمن لنظريته مكاناً في سلة المهملات. تأسيساً على هذا، فأنا لا أعتقد أن الخلل - الذي يتراءى لأكثر المفكرين - يكمن في كفاءة أو لياقة النصوص الإسلامية المقدسة، ويحملونها مسؤولية هذا الخلل البين في جميع أحوالنا، إنما يكمن الخلل في تقديسنا لتفسير تلك النصوص، وجمودنا عليه، متناسين أن في الإسلام مساحة رحبة عرضها السماوات والارضين تركت لاجتهادات المجتهدين، ولآراء المجربين ولتعدد وجهات النظر ومكامن الحكمة، ولكن ما ذنب الإسلام إذا خنقه علماؤه بالتشدد لأنهم فارقوا الإجتهاد واتكلوا على التقليد، وخنقه اتباعة ومعتنقيه بالتساهل؟ لأن ما يقدم لهم ما هو إلا بضاعة بائرة. إنهم اكتفوا باجتهاد (السلف الصالح!!!) ونسوا أو تناسوا قاعدة (لكل زمان رجاله). نحن لا نريد إلغاء ما نرثه كلياُ ولكن علينا أن نفهم ما نرثه، علينا أن تجتهد ونختار ما يناسب ظروفنا، أن نناقشه لأن كثيراً مما ورثناه قد تتداخل فيه الخرافة مع الحقيقة، والمسند مع المرسل، من أين جاءت لنا كل الخرافات التي حدقت بالأديان؟
أن حقوق الانسان، وحقوق المرأة، وحقوق البحث العلمي، والحرية الفكرية، والشخصية، والدينية، والسياسية مكفولة في الإسلام، وأكثر من ذلك أُمرنا بالتعقل، والتفكر، والنظر، وطلب العلم، والعدالة، والميزان، والحوار، والجدال بالتي هي أحسن، وذم التسليم والركون إلى ما وجدنا عليه آبائنا والتعصب، لأن التعصب يغلق العقل ويسلبه المناورة. ولكن ما ذنب النظرية الإسلامية إذا تحول القائمون عليها الى شرطة يذودون عن فكر السلف، وصاروا قضاة بدل ان يكونوا دعاة؟ كذلك ما ذنب الفكر القومي وغيره من الأفكار إذا ترك دعاته وظيفتهم وتحول حملته الى شرطة؟. بهذه الموضوعية في تناول الأفكار والنظريات السابقة (القديمة) وتقييم نتائجها نستطيع أن نكتشف بوضوح مستقبل نظريات الإباحية (الجديدة) مثلما إكتشفنا نتيجة الإنغلاق الجنسي، ونكتشف مستقبل العلمانية مثلما كُشفت لنا نتيجة تحكم الفكر الشمولي حزبياً كان أو دينياً. ولنا أن نتساءل من يضمن لنا من دعاة الإباحية الجنسية مثلاً ألا نبتلى بأمراض وكوارث أهونها الإيدز والسارز؟ ومن يضمن لنا من دعاة العلمانية أن لا ننزلق لحالة الفوضى العارمة والإنفلات القيادي في الكرة الارضية؟ ومن يضمن لنا من دعاة الإسلام أن لا تعود دولة الأمويين والعباسيين والصفويين والذي ذبحوا خلق الله بسكاكين الله. فمستقبل النظريات الحديثة لا يقل خطرأ أو غبشاً في الرؤية عن سابقاتها.
أنا اقدر وأثمن تلك القلوب البريئة، والأقلام النظيفة، والهمم التواقة، والنفوس المضحية، التي تتبنى فكرا مغايراً للإسلام، أو تقدم لنا إجتهاداً جديداً متبنياً للإباحية الجنسية، أو العلمانية، بدوافع إنسانية وحسن نية. ولكن أقول لهم إن لاجتهاداتهم اجتهادات مناهضة تأتيهم بغتة وتهاجمهم بالمجان ومن دون إنذار. هذه سُنّة قاهرة يكتشفها أي مفكر يعتمد إستنطاق الماضي وإستحضار الواقع المعاصر وإستشراف المستقبل. ومن خصائص هذه السُنّة أنها تلعب دوراً أمفوتيرياً (حامضياً في الوسط القاعدي، وقاعدياً في الوسط الحامضي)، فهي تُُخرج المصلحة من رحم المفسدة، وتُخرج المفسدة من رحم المصلحة ولا تتوقف ولا تنثني أبداً. هذه السُّنة قد داهمت أفكار ومتبنيات الأنبياء والطواغيت على السواء وفي آن واحد، ولم تترك أحداً منهم ينام قرير العين في قبره أبداً. لأن جوهر هذه السُنّة هو الأنانية ومطيتها هو الجهل والسطحية والاستعجال وهو شأننا السائد حالياً، كما أن شفيعنا منها هو العلم بمنتهاه (الماضي والحاضر والمستقبل) الذي سنرتقي من خلاله إلى خيار تغليب المصلحة العامة. وكيف لنا أن نصل إلى منتهى العلم وفي كل يوم جديد من أيام العلم نكتشف أن أمسه كان ظلمات. فكل عالم أو مفكر أو حاكم ممن سبقونا جاءنا بنظرية تختزن خير الوجود ولم نكسب منها حتى السلامة، {أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا}. {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ}.
د. مهدي الحسني
17112004



#مهدي_الحسني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهميشاً على (اشكالية رجال الدين والسياسة) للكاتبة بلقيس حميد ...


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي الحسني - هامش المناورة عند الإسلاميين