|
فلسطين .. العراق وعالم الغاب
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 3428 - 2011 / 7 / 16 - 19:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فلسطين .. العراق وعالم الغاب أوباما واقطاب إدارته يذوبون شوقا لحرية سوريا وحرية ليبيا وجنوب السودان وكردستان وحتى جنوب العراق إن لزم الأمر ، لكنهم يرفعون الضوء الأحمر بوجه حرية فلسطين. ويبدو أنهم لم يعودوا يطيقون سماع كلمة فلسطين. كل ذلك كرمال عيون ائتلاف نتنياهو ومشروعه الصهيوني.
لا تحيد إدارة اوباما شعرة عن التماهي التام مع مخطط اليمين الإسرائيلي وتمارس الضغوط لحمل الجانب الفلسطيني على العودة إلى التفاوض بينما نتنياهو مصر على رفض وقف الاستيطان، وإنهاء الاحتلال، والتحول عن التمييز العنصري. وهو لا يرى بديلا لمبدأ "السلام مقابل السلام" . مقابل الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني بموجب الاتفاقات والقوانين الدولية ينتحل نتنياهو عالما طوباويا بدعم من إدارة اوباما ينطوي على حقوق إسرائيلية تتناقض مع القوانين الدولية، حقوق مجتمع الغاب، ويرفض مجرد إخضاع هذه الحقوق المنتحلة للتفاوض؛ لم ينص قرار التقسيم على ما تسوغ به إسرائيل حول إقامة دولة يهودية ذات غالبية سكانية يهودية عبر التطهير العرقي؛ بل لم يسمح لها أيضاً بالادعاء أنّها دولة يهودية، بمعنى أن تمنح تلك الدولة امتيازات للمواطنين اليهود، تحرم منها المواطنين من غير اليهود قانونياً ومؤسساتياً. يتجاهل نتنياهو ذلك ويؤيده اوباما، ويردد مزاعمه بأن رفض الفلسطينيين أو أيّ طرف آخر للحقوق الإسرائيلية (المدعاة) إنما هو تعبير عن تصميمهم على إبادة الشعب اليهودي جسدياً وثقافياً؛ وكل ما تقوم به إسرائيل مقابل هذا الخطر الوجودي الموهوم هو "الدفاع" عن نفسها كما يجب وينبغي عليها أن تفعل، أي الاستعداد للحرب والمبادرة بالحرب الوقائية. حاولت الولايات المتحدة فرض الحل الإسرائيلي على اجتماع الرباعية الأخير كخيار أوحد أو الفشل التام... فض الاجتماع بدون بيان ؛ وتمارس الولايات المتحدة جميع الضغوط الممكنة لمنع توجه السلطة إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة. شن بنيامين نتنياهو حملة ضد توحيد العمل الفلسطيني ، وأعلن في 4 أيار أن ما أعلن في القاهرة بصدد مصالحة فتح وحماس بأنها " وجهت ضربة قاصمة للسلام وانتصار للإرهاب" ، وبسرعة أثنى أوباما على موقف نتنياهو فاعتبر التفاهم الفلسطيني يعمل ضد مصلحة السلام". هنا لا نجد توافقا في المفاهيم مع العالم المتحضر؛ فتتخذ المفاهيم معان مقلوبة رأسا على عقب. وأصدر مجلس النواب الأميركي قرارا بأغلبية 406 أصوات مقابل ستة " يحذر الفلسطينيين أنهم يخاطرون بوقف المعونات المالية إذا ما واصلوا خيار التوجه إلى الأمم المتحدة طلبا للاعتراف الدولي . وتجاوب مجلس الشيوخ أيضا مع هذا القرار . تستخدم إدارة اوباما حق النقض لتقويض الحقوق الفلسطينية؛ ومن خلال رفض جميع قرارات مجلس الأمن التي تدعو إسرائيل لأن تكون مسئولة أمام القانون الدولي، فإنها تشل بذلك فاعلية القانون الدولي تجاه الحقوق الفلسطينية. وكانت آخر مرة استخدمت فيها الولايات المتحدة حق النقض في 11 شباط/ فبراير 2011 عندما اعترضت المندوبة الأميركية على قرار مجلس الأمن الذي دعا إسرائيل إلى وقف الاستيطان في الضفة الغربية وأراضي القدس الشرقية، وصوّت لمصلحته الأعضاء الـ 14 الآخرون . فلسطين تفرض عليها العزلة عن القانون الإنسلني الدولي، وتسجن داخل حصار منيع يخضعها لقانون الغاب. وإذ يملآ الأميركيون الدنيا ضجيجا بصدد حقوق الإنسان ومناهضة الإرهاب ، فإنهم يغضون النظر عن القوانين الفاشية التي تصدر تباعا عن الكنيست الحالي . ولعله لم يكن مصادفة أن يطلق كارلو سترينجر ، الصحفي بجريدة هآريس في مقال نشر في 14/7/ 2011 صفة "الائتلاف المكارثي في إسرائيل" على تكتل اليمين المساند لحكومة نتنياهو. والمكارثية حركة فاشية ظهرت داخل الكونغرس الأميركي في عقد الخمسينات، مارس رئيسها السيناتور مكارثي حملة تحقيق واضطهاد قاسية ومهينة للمثقفين المعارضين. وجاء في المقال " القوانين التي أقرها الكنيست الحالي، واستهلت بقانون النكبة الذي يحظر طقوس الحداد في ذكرى طرد ثلآثة أرباع مليون فلسطيني من ديارهم خلال حرب 1948، تشكل واحدا من أكثر الفصول ظلامية في تاريخ إسرائيل. وقد واصل المندوبون مناقشة قانون معارضة الاستيطان رغم أن المستشار القانوني للمجلس رأى فيه انتهاكا لحرية الكلام. واعتبره عضو الكنيست عن حزب ميريتس "مخزيا" . على جدول أعمال السياسة الأميركية ، كما يبدو، مشروع مشترك لتحالف أميركي ـ إسرائيلي يشمل الشرق الوسط، يتحدى الشرعية الدولية. والتماثل بين فاشية أميركية انتهجت في عقد الخمسينات وفاشية إسرائيلية تمارس حاليا مؤشر على قابلية نظامي البلدين لتعهد جراثيم العنصرية والفاشية. وهذه القابلية تحقن بسمومها شرايين الحياة الاجتماعية والسياسية في كلا البلدين، وتوحد مساريهما في مجرى مشترك. لنتساءل: هل من فرق بين إدارة أميركية رفضت قرار محكمة العدل الدولية وموقف آخر من قرار مجلس الأمن في 11 شباط الماضي أو تقرير غولدستون بصدد جرائم الحرب أثناء العدوان على غزة ؟ الجواب يبرهن أن السياسة التي اختطها الأصوليون المسيحيون لحث حكومات إسرائيل على البقاء في الضفة والقدس الشرقية ومواصلة التوسع الاستيطاني والتهويد والتمييز العنصري ما زالت ماثلة وتلتزم بها إدارة أوباما . أكثر من ذلك سقطت مقولة أن سياسات إسرائيل تجلب المخاطر على الجنود الأميركيين في المنطقة ، واستبدلت بمقولة المسيحيين الأصوليين حول وجوب الإلغاء التام من القاموس السياسي مقولة الخطر الإسرائيلي. إدارة اوباما الديمقراطية التي حملت شعار التغيير طبقت نهج إدارة بوش الجمهورية التي تكشفت جرائمها في تعذيب السجناء العراقيين والتجسس على الأمريكيين والمدانة بجرائم الحرب . فما إن أطل الرئيس الأميركي أوباما على مداخل السياسة ودهاليزها حتى سارع إلى التراجع بشكل مبتذل وحاد عن تعهداته التي قطعها في بداية فترته الرئاسية بصدد تناول المشكل الفلسطيني. وحتى في الشهور الأخيرة تراجع اوباما عن الدعوة لإجراء مفاوضات على أساس حدود 1967. ويؤيد اوباما ، حامل شهادة الدكتوراة في القانون الدولي يهودية دولة إسرائيل ، علما أن قرار تقسيم فلسطين أقر كمسلمة وجود العرب داخل الدولة الإسرائيلية. فهو ينصّ بوضوح على أنّه "لا يجوز إجراء أي تمييز من أي نوع بين السكان على أساس العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس" (الفصل 2 من المادة 2)، وأنّه "لا تجوز مصادرة الأراضي المملوكة للعرب في الدولة اليهودية (ولا المملوكة لليهود في الدولة العربية)... إلا للمصلحة العامة. وفي جميع حالات المصادرة، ينبغي على المحكمة العليا أن تحدد مقدار التعويض الكامل قبل نزع الملكية" (الفصل 2 من المادة 8). يكرر البعض الأسطوانة المشروخة، ويعزون الأمر إلى موسم الانتخابات الأميركية ودور اللوبي الإسرائيلي. وهذا يصب في محاولات فصم الموقف من سياسات إسرائيل عن الاستراتيجية العامة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط . قدمت تجارب العقود السبعة المنصرمة على قيام دولة إسرائيل تأكيدات بأن العدوانية الإسرائيلية جزء عضوي مكمل للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط،وأن ما يشغل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط هو النفط وإسرائيل والموقع الاستراتيجي. شراسة الفاشية الإسرائيلية فرع من توحش الرأسمالية في مرحلة العولمة. إسرائيل تغلق درب السلام في المنطقة وتحرص على إبقاء التوترات حادة ومنذرة بإشعال لهيب الحرب. وفي هذا السبيل يطرح نتنياهو شروطه التعجيزية . الاعتبارات الانتخابية ليست وحدها المقرر للمواقف السياسية للأحزاب والإدارات الأميركية ودليل ذلك أن استطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة تشير إلى تفضيل الأميركيين وضع حد للتخفيضات الضريبية على الأثرياء وخفض الموازنة العسكرية على تخفيض نفقات الخدمة الاجتماعية. هذا بينما يتنافس الحزبان الرئيسان على دعم التخفيضات الضريبية عن الأثرياء( ويشكلون نسبة الخمسة بالمائة من الجمهور الأميركي). علاوة على ذلك يقْدم الرئيس اوباما بصورة طوعية على "انتحار سياسي" حسب توصيف الدكتور أنطونيو دي ماغيو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية إلينويس ، إذ يتحاشى خيار خفض النفقات العسكرية، وهو الخيار الأكثر شعبية لدى استطلاعات الرأي في أميركا وصولا لخفض العجز والمديونية. تنفق الولايات المتحدة حاليا قرابة 1،2 تريليون ( ألف مليار) دولار سنويا على العسكريتاريا. وإذا خفضت الموازنة العسكرية إلى 800 مليار دولار تبقى أزيد بمائة مليار دولار عما كانت عليه أيام إدارة كلينتون في تسعينات القرن الماضي. وفي نفس الوقت فإنها توفر مبلغ أربعة تريليونات دولار خلال السنوات العشر القادمة . بالمقابل ترمي خطة اوباما إلى اقتطاع ثلاثة تريليونات دولار خلال عشر سنوات قادمة ضمن إجراءات خفض عجز الموازنة والمديونية. والقسم الأكبر من الوفر سيقتطع من برامج الرعاية الاجتماعية. ارتفاع العجز شبه المزمن في الموازنة والمديونية الحكومية نجم عن الارتفاع المتواصل للنفقات العسكرية بحيث بلغت نصف النفقات العسكرية في العالم كله استجابة لضرورات الهيمنة الكونية ، ثم تخفيض الضرائب على الأثرياء بحجة زيادة القدرة على التنمية والتفوق في المنافسة الاقتصادية الدولية، وتنامي تكاليف الخدمات الاجتماعية ـ الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي. والبندان الأول والثاني يستجيبان لرغبات الاحتكارات عابرة الدول، والتي تتلاعب بالحملات الانتخابية ، وتعمق بذلك ظاهرة الفساد السياسي في الولايات المتحدة والعالم كله. يقول البروفيسور الأميركي "أن الديمقراطيين، لو اتخذوا موقفا صلبا ضد الجمهوريين في هذا المجال، فسوف يحققون نصرا باهرا في الانتخابات القادمة ، وبذلك يستأصلون الحاجة للدخول في مساومات مع الجمهوريين بصدد ضمانات البطالة. لكن من المحزن أن البدائل التقدمية المعروضة أعلاه ليست محددات سياسات إدارة اوباما. يتساءل اليساريون في أميركا لماذا نعني النفس بانتخاب رئيس لا يظهر أدنى اهتمام بالدفاع عن مصالح الجماهير". حقا ليس بإمكان الانتخابات أن توصل إلى البيت الأبيض رجلا محايدا بالنسبة للاحتكارات ونصير سلام وخفض التسلح. لماذا يحجم أوباما عن خفض التسلح إلى ما كان عليه زمن كلينتون ، أو أزيد بمائة مليار دولار؟ آنذاك كانت الموازنة العسكرية كافية، كما يقول البروفيسور دي ماغيو، لم تكن تحمل عبء مهمة احتلال الشرق الأوسط ، حجر الأساس في سياسة أميركا الخارجية الراهنة. الموازنة الحالية بالطبع موازنة التحضير لحرو ب مديدة في الشرق الأوسط لمصلحة إسرائيل والهيمنة الأميركية. يبدو قيام تنسيق عسكري واستخباري ولوجيستي بين إسرائيل والولايات المتحدة في الحملة العسكرية القادمة. الولايات المتحدة تستشرف استراتيجية إقامة تحالف أميركي ـ إسرائيلي ـ عربي ضد إيران، وهي تبذل المساعي لإقناع حكومات منطقة الخليج بتفوق الخطر الإيراني على خطر إسرائيل ؛ بل غض النظر كلية عن خطر إسرائيل ، خاصة وأن إسرائيل تقدم خدمات أمنية بشرية ولوجستية لعدد من دول الخليج. وصرح مسئولون بحرينيون مرارا بالدعوة للتفاهم مع إسرائيل ضد الخطر الوافد من إيران . لم تتغير السياسة الأميركية في عهد اوباما عما كانت عليه أيام بوش الابن ؛ وأوباما حامل جائزة نوبل للسلام ورئيس التغيير يمضي على نفس خطوات بوش الذي أجمع العالم على التنديد بسياساته الخرقاء. شن بوش العدوان الهمجي ضد أفغانستان والعراق؛ فورط بلاده في حروب بالغة التكاليف ضاعفت الموازنة العسكرية عدة مرات خلال عقد من الزمن. ومن جانبها لا تألو إدارة اوباما جهدا في مواصلة الحربين ، و النفخ في كور العداء لإيران والتمهيد لشن عدوان عسكري ضدها . يرسم البروفيسور لورنس دافيدسون أستاذ التاريخ بجامعة ويست تشيستر في ويست تشيستر، صورة كاريكاتيرية للسياسة الأميركية، حيث تورد أسلحة بمليارات الدولارات ، تضعها بأيدي أتباعها في الشرق الأوسط ، بينما تدمغ بالإرهاب إيران إذ تعمل مثلها ، لكن ضمن نطاق أضيق بكثير. يتساءل البروفيسور الأميركي "... ورغم ان الاحتلال( الأميركي للعراق) تم بناء على حجج كاذبة ، فالقوات الأميركية تدافع عن العراق ، ضد من ؟ ضد الشيعة المتطرفين . هدد بانيتا بتتبع أولئك الذين يشكلون خطرا على القوات الأميركية . فهل تهاجم الولايات المتحدة الملاذات التي يحتمي بها المتطرفون أو تهاجم قواعد تدريباتهم او طرق إمداداتهم داخل إيران؟ إنهم لا يهددون الولايات المتحدة ، بل الولايات المتحدة هي التي تهددهم في عقر دارهم. او تدافع الولايات المتحدة عن العراق من الخطر الإيراني! فالقوات الأميركية تحاصر إيران ولا تكف الإدارة الأميركية عن الدعوة للإطاحة بالحكومة الإيرانية . فمن يهدد من؟" صرح روبرت غيتس ، وزير الدفاع الأميركي المستقيل ، أنه يفضل تمديد بقاء القوات الأميركية في العراق ، مدعيا أن القوات المسلحة العراقية تظل بحاجة إلى مساندة لوجيستية واستخبارية ودفاع جوي ، وإبقاء القوة الأميركية سوف يبعث رسالة بأننا لن نترك مواقعنا في العراق. أما وزير الدافع الذي حل محله ، ليون بانيتا ، فقد وضع النقاط على الحروف ، وفي أول زيارة إلى العراق " عقد اجتماعات وراء الأبواب المقفلة مع مسئولين عراقيين ومارس الضغوط عليهم لاتخاذ قرار السماح ببقاء القوات الأميركية في العراق" . وبرر الأدميرال مايك مولين ، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية ، إبقاء العساكر الأميركيين في العراق بالخطر الوافد من إيران نظرا لأن" أيران تقدم الدعم المباشر لمتطرفي الشيعة الذين يقتلون الجنود الأميركيين ، وكل اتفاق لتمديد بقاء القوات الأميركية في العراق سوف يستجيب لضرورة معالجة المشكلة". الولايات المتحدة غزت العراق ودمرت بنيته التحتية وقتلت سكانه واحتلت أرضه مدة ثماني سنوات وبددت خلال احتلالها ثروته النفطية ونشرت الجوع والبطالة في ربوعه، وتحرض على النعرات الطائفية والعرقية بين أبنائه، ثم تدعي ان مهمتها هي الدفاع عن العراق ، و تصر على اعتبار كل من يطالب بسحب القوات الأميركية من البلاد متطرفا. ولو سحبت قواتها المسلحة من العراق لما قتلهم المتطرفون الشيعة ، ولانتهت الاحتكاكات. بين إسرائيل والولايات المتحدة تماثل في العديد من منطلقات السياسات الداخلية والخارجية: البلدان يتبعان نهجا مغامرا عدوانيا في السياسة الخارجية، ولدى الطرفين تعمل بنشاط جينات هلوسة سياسية، جينات استثنائية الدولة الأعظم . من مظاهر الهلوسة السياسية ادعاء السياسيين والعسكريين في البلدين بانتهاج سياسة دفاعية محضة!! ويعتبرون كل فشل يواجه سياساتهم ضمن المناخ السائد محض أخطاء تكتيكية ، وليس خللا في الاستراتيجيا.. والهزيمة عارض غير طبيعي ، وربما يناقض المشيئة المقدسة.. والبلدان ـ انطلاقا من هلوسة الاستثنائية يرسم البروفيسور لورنس دافيدسون أستاذ التاريخ بجامعة ويست تشيستر في ويست تشيستر، صورة كاريكاتيرية للسياسة الأميركية، حيث تورد أسلحة بمليارات الدولارات ، تضعها بأيدي أتباعها في الشرق الأوسط ، بينما تدمغ بالإرهاب إيران إذ تعمل مثلها ، لكن ضمن نطاق أضيق بكثير ، يتساءل البروفيسور الأميركي "... ورغم ان الاحتلال تم بناء على حجج كاذبة ، فالقوات الأميركية تدافع عن العراق ، ضد من ؟ ضد الشيعة المتطرفين . هدد بانيتا بتتبع أولئك الذين يشكلون خطرا على القوات الأميركية . فهل تهاجم الولايات المتحدة الملاذات التي يحتمي بها المتطرفون أو تهاجم قواعد تدريباتهم او طرق إمداداتهم داخل إيران؟ إنهم لا يهددون الولايات المتحدة ، بل الولايات المتحدة هي التي تهددهم في عقر دارهم. او تدافع عن العراق من الخطر الإيراني ؟ فالقوات الأميركية تحاصر إيران ولا تكف الإدارة الأميركية عن الدعوة للإطاحة بالحكومة الإيرانية . فمن يهدد من؟" ـ يبيحان لنفسيهما انتهاك القوانين والقرارات الدولية . والبلدان نجحا في تسميم الوعي الاجتماعي وتطويعه للسياسة الرسمية. وبذا فهما محصنان ضد الاحتجاجات الشعبية : تظهر استطلاعات الرأي العام أن الجمهور في إسرائيل متشائم حيال احتمالات السلام ومعاد للعرب، وان الجيل الفتي يعتقد ان القيم الديمقراطية قد شوهت. والبلدان يدسان أنفيهما في شئون الآخرين بينما يحافظان على عزلة شعبيهما عن مجريات الحياة الدولية: الجمهور الإسرائيلي والجمهور الأميركي توجههما ذهنية الحصار ويجهلان تماما اتجاهات الرأي العام العالمي ، ولم يلحظا التحول إلى مبدأ احترام حقوق الإنسان باعتباره محور لغة التخاطب على الساحة الدولية. وهم لا يفتحون الأعين على حقيقة نفور العالم أجمع سياسيا وأخلاقيا من سياسة إسرائيل الاستيطانية، التي لم تعد مقبولة سياسيا وأخلاقيا من قبل العالم اجمع. الكونغرس الأميركي يتخذ قرارات بصدد الضفة الغربية !! ترفض عودة إسرائيل إلى حدود 1967، والكنيست الإسرائيلي يسعى لإسكات المنظمات المدنية بدعوى أنها تزود المجتمع الدولي بالدعاية المناهضة لدولة إسرائيل. والخطوة التالية الموجهة لإسكات الانتقادات الداخلية تتجه لإقرار قانون جديد يمنح الكنيست صلاحية الاعتراض على اختيار قاضي المحكمة العليا ، فتكسر بذلك أحد أعمدة الفصل بين السلطات وتقويض قدرة المحكمة العليا على أداء دورها في إحداث التوازن لسلطة الكنيست. والبلدان يبقيان على أوضاع التوتر في المنطقة، ويضغطان بوسائل مختلفة للإبقاء على الاحتلال العسكري للعراق ، وذلك ضمن الجهود المشتركة لشن عدوان عسكري على إيران، ينطلق من الأراضي العراقية . ومن خلال ذلك تفرض إسرائيل دولة إقليمية كبرى في المنطقة.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لصراع تغذيه المصالح ويتفيأ بظلال الدين
-
وفي إسرائيل تنشط فرق البلطجة
-
وقائع التاريخ وأزمة إسرائيل الوجودية
-
خلف دخان التفاوض إسرائيل وحلفاؤها يجسدون الحلم الصهيوني
-
استنهاض الحركة الشعبية (3من3)
-
استنهاض الحركة الشعبية(2من3)
-
استنهاض الحركة الشعبية (1من3)
-
الامبراطور أوباما عاريا
-
رضاعة النازية مراجعة نقدية لمسيرة بائسة (2من2)
-
رضاعة النازية .. مراجعة نقدية لمسيرة بائسة
-
أمية الدين أداة هدم وتدمير بيد الثورة المضادة
-
تحفات القاضي المصري والبحث التاريخي
-
مع رواية - قمر في الظهيرة- لبشرى أبو شرار:بشرى تستشرف ثورة ا
...
-
من سيقرر مصائر الثورات العربية
-
مع كتاب إيلان بابه التطهير العرقي في فلسطين 2
-
التطهير العرقي في فلسطين / إيلان بابه (الحلقة الأولى)
-
لموطن الأصلي للتوراة 3
-
ردة غولدستون
-
الموطن الأصلي للتوراة(2من)3
-
الموطن الأصلي للتوراة
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|