أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خليل غريب - كتاب الماركسيـة بين الأمـة والأمميـة - الفصل الأول: مقدمات ماركسية فكرية حول المسألة القومية















المزيد.....



كتاب الماركسيـة بين الأمـة والأمميـة - الفصل الأول: مقدمات ماركسية فكرية حول المسألة القومية


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 1020 - 2004 / 11 / 17 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


محتويـات الكتــاب
مقدمات البحث:……………………………………
11
الفصل الأول:
مقدمات ماركسية فكرية حول المسألة القومية
 
 
I - المسألة القومية في فكر ماركس وإنجلز
19
II - المسألة القومية في الفكر الماركسي - اللينيني
26
أولاً- منذ العام 1903م وحتى العام 1913م، حق تقرير المصير هو حق مشروع لبروليتاريا كل قومية وليس للقوميات والأمم.
ثانيـاً- المرحلة التي رافقت الحرب العالمية الأولى، وقبل تأسيس الدولة الاشتراكية في روسيا: حرب لينين ضد المغالاة في الاتجاهات القومية وضد المغالاة في الاتجاهات الأممية:
1: حول ردود لينين على المغالين من القوميين:
أ- الاستقلال الذاتي القومي الثقافي.
ب-سياسة الاضطهاد القومي.
2: حول ردود لينين على المغالـين من الأمميـين.
ثالثـاً- بناء الدولة الاشتراكية واعتبارها مركز الدائرة في الثورة الأممية (منذ أواخر العام 1917 - حتى وفاة لينين).
29
III - المسألة القوميـة في المرحلـة الستالينيـة.
1- التباين في رؤى لينين وستالين حول المسألـة القوميـة.
2- تأثيرات رؤيـة ستالين وإجراءاته التنظيمية الداخلية في الحزب الشيوعي السوفياتي على مجمل مواقف الأحزاب الشيوعية العربية.
 
44
IV  -الماركسية والحركة الصهيونية: ثبات في العقائد وتحولات في المواقف السياسيـة
1- مقدمات حول موقف الماركسية من الصهيونية.
2- المواقف المبدئية للأممية الشيوعية من الحركة الصهيونية.
3- المواقف السياسية العملية للأممية الشيوعية من الصهيونية.
52
V- المسألة القومية بعد وفاة ستالين (1954م - 2000م).
 
***
59
الفصل الثاني:
 مواقـف الأحـزاب الشيوعيــة العربيـة من المسألـة القوميـة
 
 
I - بدايات شيوعية إيجابية من المسألة القومية العربية، في الثلاثينات من القرن ال20، لكنها لم تكتمل.
1- حول وثيقة الحزبين الشيوعيين السوري والفلسطيني.
2-حول وثيقـة الحزب الشيوعي المصري للعام 1931م.
3- الحزب الشيوعي الفلسطيني.
69
II - إتجاهات الأحزاب الشيوعيـة العربيـة، التي تأسست في المرحلة الستالينية، من المسألـة القوميـة:
الحزب الشيوعي التونسي - الحزب الشيوعي الفلسطيني - الحزب الشيوعي المصري - الحزب الشيوعي السوري - اللبناني الحزب الشيوعي العراقي.
 
78
III - إتجاهات الأحزاب الشيوعية العربية، التي تأسست في أواخر المرحلة الستالينية، من القومية العربية.
1- مواقفها من القومية والوحدة العربية: الحزب الشيوعي المغربي - الحزب الشيوعي السوداني.
2-مواقفها من الصهيونية والقضية الفلسطينية: الحزب الشيوعي الأردني - الحزب الشيوعي السوداني - الحزب الشيوعي اللبناني.
 
***
94
الفصل الثالث:
محطات نقدية حول الفكر الماركسي وموقفه من المسألة القومية وقضايا الأمة العربية
 
I - أسباب معاداة الشيوعية من وجهات نظر الأحزاب الشيوعية:
1-الثورة الاشتراكية الأممية في الاتحاد السوفيتي مثال للحل المنشود.
2-الطبقة العاملة العربية هي رائدة الحل لقضية العرب القومية.
3- معاداة الاستعمار الرأسمالي للنظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي.
4-دور الصهيونية في معاداة الشيوعية.
5-معاداة الرجعية والإقطاعية والبورجوازية الكبيرة العربية للشيوعية.
6-معاداة الرجعية الدينية الإسلامية للشيوعية.
7-معاداة بعض المنتسبين إيديولوجياً للماركسية.
8-معادة القومية الشوفينية للشيوعية.
9-معاداة الشيوعية بسبب إهمالها شعارات الاستقلال الوطني.
10-إستنتاجــات.
 
107
II- التيارات القومية والقومية - الماركسية تنتقد الأحزاب الشيوعيـة العربيـة:
1-محطات نقدية من تيارات ماركسية من خارج نادي الأحزاب الشيوعية العربية:
أ-بعض المفكرين المهتمين بالفكر الماركسي.
ب-حزب العمل الاشتراكي العربي.
ج-منظمـة العمل الشيوعي في لبنـان.
         د-التنظيمات الماركسيـة - التروتسكيـة   تنقد الأحزاب الشيوعيـة العربيـة.
2-محطـات نقديـة من الأحزاب القوميـة: (أنموذج حزب البعث العربي الاشتراكي).
3-بعض الأحزاب الشيوعية العربية المنتمية إلى نادي الأحزاب المرتبطة بالاتحاد السوفياتي تمارس النقد الذاتي:
أ- موقف الحزب الشيوعي اللبناني من القضية القومية العربية.
ب- موقف الحزب الشيوعي اللبناني من القضية الفلسطينية.
4-مواقف الأحزاب الشيوعيـة العربيـة:
أ-من المسألة القومية.
ب-من القضية الفلسطينية.
III - إستنتاجــات
119
***
 
الفصل الرابع:
الماركسيـة بـين خياريـن مركزييـن: الحلـم الأممي أم الواقع القومي؟
 
 
 
I  - لا يُضير النظريـة الماركسيـة شيئـاً أن تتحمَّل وزر بعض الأخطـاء.
171
III - نحو طاولة حوار بين الماركسيين والقوميين.
1- كيف يرى حزب البعث العربي الاشتراكي إلى القضايا القومية الأساسية؟
2-التيار القومي - الماركسي - اللينيني: أنموذج حزب العمل الاشتراكي العربي:
3- نحو طاولة حوار بين فصائل حركة التحرر العربية.
4-نحو دراسة مقارنة بين الاتجاهات الفكرية والسياسية عند فصائل حركة الثورة العربية:
أ- الرابطة القومية ثابت إنساني.
ب- القومية العربية إنسانية وليست شوفينية.
ج- تلازم النضال الوطني / القومي مع النضال الطبقي.
د- القومية العربية في الخندق المعادي للاستعمار والصهيونية والطبقات الرجعية والإقطاعية.
 
 
- المصــادر والمراجــع
211
*****
 






 


 

 
 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

 

 
 


 دار الطليعــــة - بـــــــــــيروت
 


 
 
صدر للمؤلـف
 
1-في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام: دار الطليعة: بيروت: ط 1 في / 1999م. و ط 2 في / 2000م.
2-الردة في الإسـلام: دار الكنوز الأدبية: بيروت: ط 1 في / 1999م. وط 2 في / 2000م.
3-نحو طاولة حوار بين المشروعين القومي والإسلامي: دار الطليعة: بيروت: ط 1 في / 2000م. وط 2: في -/ 2/ 2002م.
4-نحو تاريخ فكري - سياسي لشيعة لبنان (الجزء الأول): دار الكنوز الأدبية: بيروت: ط 1 في / 2000.
5-نحو تاريخ فكري - سياسي لشيعة لبنان (الجزء الثاني): دار الكنوز الأدبية: بيروت: ط 1 في / 2001.
---------------------
 
جميع الحقوق محفوظـة للمؤلـف
 
-إسم الكتاب: الماركسيـة بين الأمـة والأمميـة.
-الطبعـة الأولى: أيار / مايو 2002م
 


 
مقدمات البحث:
يعيش العديد من التيارات الفكرية والسياسية العربية، في ظلال العصر العربي الراهن، وما سبقه منذ العام 1920م، في صراع مع الفكر الإمبريالي وسياساته المعادية للوحدوية القومية العربية، وكانت أولى مظاهره مؤامرة اتفاقية سايكس - بيكو، التي أخرجتها يد الإمبريالية الأوروبية الماهرة والماكرة.
لكن تلك التيارات ليست موحَّدة الرؤى الفكرية أو السياسية فحسب، بل هي تتصارع حول تعريف للقومية العربية وحول أهمية وحدتها السياسية أيضاً. وإذا لم تحسم تلك التيارات مواقفها، وتسعى إلى توحيدها، ستبقى ضعيفة في مواجهة المخططات الخارجية.
لهذا السبب نرى انه إذا تهدَّم السقف القومي العربي، في النظرية أولاً وفي التطبيق ثانياً، سوف ينهار على رؤوس كل من يسكن هذه البقعة من الأرض.  ولن ينجو في مثل ذلك التطور أي اتجاه فكري أو سياسي بل سوف يصبح الجميع مرتهنين لإرادة السيد الغربي.
ففي مواجهة هذا الاحتمال، وهو مخطط استراتيجي إمبريالي،
وفي ظل غياب وحدوية فكرية نظرية وتطبيقاتها السياسية الموحَّدَة، والموحِّدَة،
لن يستطيع المعنيون بالأمر من المتصارعين حول توحيد رؤاهم الفكرية والسياسية أن يقفوا في مواجهة استراتيجية معادية خطَّط أصحابها لها بعناية ووضعوا آليات تطبيقها بدقة مدروسة.
كان لا بُدَّ، والأمر الواقع على هذا المنوال،  من أن تقف كل التيارات الفكرية والسياسية والحزبية وقفة جدية ومسؤولة ، يكون شعارها: نعم للتعددية في الفكر والسياسة، على قاعدة الحوار الهادئ والموضوعي. وأن يحكم هذا الحوار دراسات أكاديمية هادفة تنكبُّ على دراسة التاريخ الفكري والسياسي والاجتماعي للمجتمع العربي بعيداً عن روحية التعصب الحزبي التي أحكمت أسوارها، في فترات طويلة من تاريخنا العربي الحديث، من حول جميع الأحزاب العربية.
يأتي بحثنا هذا، محاولاً أن يكون الطبيب الذي يداوي نفسه قبل أن يداوي غيره. وإذا حصل وخرج عن هذه المبادئ فلن يضيق الصدر على الإطلاق أن يتم التصحيح من خلال أية ملاحظات نقدية تقصد التصويب للعودة إلى منهج البحث الموضوعي. ونحن على استعداد، لأن نيتنا التقريب وليس التبعيد، أن نقيم طاولة من الحوار، بل طاولات، لنعمل معاً -ناقدين ومنقودين- من أجل تصويب ما اقترفناه من أخطاء في الماضي كان يحكمها روح الاجتهاد حول طريق الدخول إلى ما يحقق مصلحة الأمة جمعاء.
استناداً إلى هذه الروحية نرى أن الفلسفة الماركسية، كأحد أهم فلسفات العصر التي لعبت دوراً مؤثراً على المستوى العالمي كما على المستوى العربي، ليست حكراً على هذا التيار الحزبي أو ذاك، بل هي تراث إنساني له علاقة وثيقة بأكثر من حركة فكرية أو سياسية أو حزبية تصدّت، على أساسها، لمعالجة أكثر مشكلاتنا المعاصرة حدّةً. ولأن تطبيقات هذه الفلسفة قد أصابت هنا وأخطأت هناك، فهي لم تُثبت فشلها كما يحلو للبعض أن يصفوها، لأن حكمهم متأثرٌ -بلا شك- بأغراض حزبية أو أيديولوجية ضيقة. وهي، أيضاً، لم تكن تعبِّر تماماً عن النظام السياسي الاجتماعي الاقتصادي الروحي، كما أضفى عليها كثير ممن اعتنقوها منهجاً كاملاً للحياة. وقد نشأ عن تلك الادعاءات أصوليات ماركسية حاولت أن تحمل تهمة القصور في عدد من جوانبها للماركسيين وليس للماركسية.
ولأننا معنيون بمثل هذا الفكر، بجوانبه المتعددة، فإننا نقوم بالحوار معه من منطلقاته المؤثرة في جزءٍ كبير من حياتنا العربية السابقة والراهنة والمستقبلية. وعلى الرغم من أن البعض سوف يقوم بتصنيفنا إلى هذا الجانب الحزبي أو ذاك، فإننا نؤمن بأن محاورة أي فكر »علمياً وعمليا، ليست، ولا يجب أن تكون، مسألة فئوية أو حزبية خاصة، بل مسألة قومية تهم جميع قوى التغيير والنهضة الاجتماعية العربية بأسرها« ([1]).
تستند قناعتنا، وبالتالي ثقتنا، بالمنهج الموضوعي الذي نسلكه في بحثنا هذا إلى أن معظم التيارات الحزبية العربية، ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي، ترى إلى الماركسية والأحزاب الشيوعية العربية من منظار الشريك، الفكري والسياسي والنضالي، وليس من منظار المنافس على قيادة الحركة العربية الثورية، بل من منظار أن تتكامل النضالات الفكرية والسياسية في مواجهة القوى المتضررة من وجود وحدة قومية عربية ذات اتجاهات إنسانية. وهناك بعض الدعوات، التي نقوم بنقل بعض نصوصها،  من تراث القوميين العرب والتي تعزز ما نقول. ومنها، على سبيل المثال لا الحصر:
كان ميشيل عفلق(*) حريصاً كل الحرص على أن تكون التعدديات الفكرية عامل صحة وتكامل وليست عامل تفريق وتفتيت. ولهذا يعبِّر في العام 1976م، عن ذلك قائلاً: »كيف نكون ثوريين اشتراكيين مجددين، وفي الوقت نفسه نرى في الشيوعية خصماً فكرياً بدلاً من أن نرى فيها صديقاً وحليفاً؟«. يتابع عفلق: أما الذي كان سبباً في تلك الفجوة بين البعث والشيوعيين فكانت الصيغة الستالينية([2]).
لقد أصبح واضحاً »أن الرجعية وجميع أعداء الاشتراكية في معسكر، وأن الاشتراكيين الحقيقيين في معسكر آخر. لذلك لم يعد هناك مبرر لاستمرار ذيول المعارك الجانبية التي أملتها في السابق ردود فعل انفعالية شغلت الحركة الثورية العربية عن أعدائها الحقيقيين… وعلى الحركات اليسارية العربية أن تتعاضد وأن تتضامن مع الحركات الاشتراكية والأحزاب التقدمية في العالم… وعلى القوى التقدمية في الوطن العربي أولاً أن تنهي أزمة الثقة بينها… وتتكاتف لإنهاء أنواع الاستغلال الطبقي والاستعماري… وأن تُضعِف اختلافاتها وتعتبرها ثانوية أمام تناقضاتها مع القوى الاستعمارية والرجعية«([3]).
سيبقى الفكر العربي الثوري، يقول الياس فرح (*)، »متخلفاً عن امتلاك صورة العالم الراهن، وعن المشاركة في تطوير هذا العالم، إذا بقي بعيداً عن التفاعل مع الفكر الثوري العالمي، وإذا تجمد على ردود الفعل التي شهدتها المرحلة الأولى من تطوره، وبقي أسيراً (لعُقَد) تلك المرحلة«([4]). وكان لا بُدَّ من أن تنقضي مرحلة طويلة، »شهدت أنواعاً من التضليل والتشويه والتزوير، حتى تستطيع الماركسية والفكر العربي الثوري، أن يتخلّصا من التباسات وضعتهما دون مبرر في موضع الشك المتبادل والخلاف المصطنع«([5]).
لذا »تحتل دراسة الفكر الماركسي أهمية كبرى بالنسبة للتجربة العربية، وللمناضلين العرب، وخاصة في المرحلة الراهنة من تطور النضال العربي، إذ ليس في عالمنا مكان لأفكار معزولة، ولا لتجارب مستقلة استقلالاً مطلقاً، مهما سمت الأفكار والأهداف التي تقود التجارب النضالية الناشئة في العالم«([6]).
ويدلو بعض الأحزاب الشيوعية العربية بدلوهم حول أهمية الحوار والتعاون بين أطراف حركة التحرر العربية. وننقل، هنا، بعض ما قاله الحزب الشيوعي اللبناني: لقد بلغت حركة التحرر العربية مستوى من النضج في »تشابك مهام التحرر الوطني بمهام التحول الاجتماعي«، السبب الذي يدفع فصائلها إلى الخروج بقضية التعاون من إطارها المحدود إلى »مزيد من التقارب والتلاحم«؛ وأرقى أشكاله »لا تحده الرغبة الذاتية عند هذه الفئة الثورية أو تلك… وإنما تمليه العوامل والظروف الموضوعية، والاتفاقات القائمة على الأسس الديموقراطية بين مختلف الأطراف«([7]).
وتنبري، أيضاً، مجموعات شيوعية من داخل الحزب الشيوعي اللبناني إلى تثمين الجهد النظري والسياسي الذي بذله الحزب في مؤتمره الثاني والذي »بلور من خلاله مفهومه للمسألة القومية… منطلقاً من الترابط العضوي بين المستويين… الوطني والقومي، ومن تلازم الثورة التحررية والثورة الاجتماعية«، على الرغم من هذا لجهد -تتابع المجموعة- لم تؤسس قيادة الحزب لدور جديد على الصعيد العربي، ولم تبذل أي »جهد حقيقي على صعيد وضع أهداف عربية للحزب… ولا حاول التأسيس لعلاقة مع قوى التغيير المحتملة«([8]).
بعد أن أخذنا عدداً من نماذج الدعوة إلى الحوار والتكامل بين أطراف حركة التحرر العربية، نرى أنه من الخطأ أن يمارس الليبراليون معارك الإلغاء ضد بعضهم البعض. ويكفيهم خصماً واحداً يمتلك أكثر منهم عدة وعدداً، يعمل على إلغائهم جميعاً. أوَ ليس هناك خصم راديكالي يلبس تارة لباس المنهج المعرفي الديني السلفي، وأحياناً أخرى لباس المنهج المعرفي البورجوازي الاقتصادي والعلمي؟
تلك الرسائل المتَبادَلة بين تيارين حزبيْين رئيسيْن على الساحة العربية: التيار القومي والتيار الشيوعي، لم تكن مستندة إلى فراغ، بل هناك علائق تاريخية إيجابية بينهما، تعود إلى أواسط الثلاثينات من القرن 20 م.
تعود وحدة الحركة العربية، بجذورها التاريخية، إلى ما قبل العام 1934م. في حينها كانت طلائعها المثقفة تشترك معاً في تأسيس الصحف والمجلات، وكتبوا معاً؛ ولكن الحركة انقسمت إلى شعبتين متنافستين: الشيوعيين والقوميين. وكان سبب الانقسام يدور حول المبدأ الذي قامت عليه الثورة العربية. كان من المتفق عليه في صفوفها أن الأمة العربية قديمة في تكوينها، وهي جامع للذين انفصلوا عن الأتراك، إلى أن انفصل بعض الشيوعيين بحديث جديد عن الأمة، أي إن الأمم -كما أخذوا يروِّجون- تكوَّنت في العصر الرأسمالي الحديث، فالأمة العربية، قياساً إلى ذلك، ناقصة التكوين.
من نتائج هذا الشرخ تمزقت الحركة العربية، وحلَّ الصدام بين أطرافها، عوضاً عن المعركة الأساسية ضد التيار السلفي الذي يرى في الدين وحده لاحماً وعاقداً للعلاقات الاجتماعية. فكان انفراد بعض الشيوعيين، من الجيل الثاني الذين تحولوا إلى مسيطرين على الحركة الشيوعية، في قضيتين حساستين: الموقف من الأمة والاستعمار، قد حرم الحركة العربية من وحدة جناحيها الأساسيْين([9]).
ليس من المهم تبادل الاتهامات، بل إن الحركة الوطنية العربية، بجناحيها الشيوعي والقومي، مهدَّدة معاً على أكثر من صعيد. وإن الحلم -مشروع الثورة العربية- ما زال قائماً؛ وإذا سقط المشروع / الحلم، فالنتيجة هي عودة السلفية اجتماعياً وفكرياً. والنتيجة الأخرى، هي استمرار الخضوع للمشروع الإمبريالي، إقتصادياً وسياسياً([10]).
استناداً إلى كل ذلك، لا بُدَّ من أن نسجِّل بعض الأمنيات، ومن أهمها:
-    دعوة كل التيارات الحزبية والسياسية والفكرية، وبشكل خاص التيارين القومي والماركسي -موضوع بحثنا- إلى المبادرة، بشكل أو بآخر، إلى فتح صفحات واسعة من الحوار الهادئ والهادف إلى توحيد الرؤى حول مختلف القضايا الأساسية للقومية العربية.
-    إذا كنا قد وقعنا في التقصير، بهذا الجانب أو ذاك من المسائل التي يهتم بها بحثنا، فلنا الأمل الكبير من المهتمين بالحوار أن ينقدوا ما كتبنا، ويقوم بتصويب اتجاهات البحث ومضامينه.
-    من إحدى أهداف هذا البحث الرئيسة هي فتح أبواب للحوار حول مسائل حسبنا أنها أساسية، لكن آفاق البحث مفتوحة أمام جميع الذين يجدون في أنفسهم أهلية واندفاعاً ليروا إلى المسائل من زوايا أخرى، أو أن يثيروا مسائل لم يتطرق إليها بحثنا.
آملين أن يكون بحثنا خطوة مكمِّلَة لما قام به آخرون في أزمان وظروف سابقة، كما أننا نأمل أن يكون حافزاً لكل من يرى فيه مدخلاً صالحاً للبدء بالحوار.
صيــدا في أيار / مايو 2000م
                          حسن خليل غريب
***
 
([1]) لينين: النصوص الكاملة حول الاستقلال الذاتي السياسي: دار الكاتب: بيروت: 1981: ط1: ترجمة جورج حداد، ومراجعة ناديا الحاج: ص 14.
* ميشيل عفلق (1912 - 1989م): مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي في العام 1947م.
([2]) ميشيل عفلق: الكتابات الكاملة (ج 3): دار الحرية للطباعة: العراق: 1987: مقابلة مع مجلة آفاق عربية في 1/ 4/ 1976م: ص 61.
([3]) ميشيل عفلق: الكتابات الكاملة (ج 4): دار الحرية للطباعة: العراق: 1987: حديث له بتاريخ 12/1/1965م: صص 87 - 88.
* عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي - مسؤول مكتب الثقافة القومي.
([4]) فرح، الياس: تطور الفكر الماركسي: دار الطليعة: بيروت: 1979: ط 5: ص 8 من مقدمة المؤلف.  وصدرت طبعته الأولى في العام 1968م.
([5]) م. ن: ص 10 من مقدمة المؤلف.
([6]) م. ن: ص 11 من مقدمة المؤلف.
([7]) الحزب الشيوعي اللبناني: الوثائق الكاملة للمؤتمر الوطني الثاني: ص 158.
([8]) الحزب الشيوعي اللبناني (قوى الإصلاح والديموقراطية): مشروع وثيقة إنقاذية للنقاش في قواعد الحزب: منشور في بيروت: آب / أغسطس 2000م: صص 7 - 8.
([9]) الخطيب، محمد كامل: »الانقسام الكبير« (111 - 120): مجلة الطريق: العدد الرابع، آب / أغسطس 1989: بيروت: صص 113 - 114. راجع، أيضاً، شهادة كل من كلوفيس مقصود، وأرتين مادويان: صص 114 - 116.
([10]) م. ن: ص 116.


الفصل الأول
مقدمات فكرية حول المسألة القومية
 
I - المسألة القومية في فكر ماركس وإنجلز(*)
رأت الماركسية أن البورجوازية لعبت «في التاريخ دوراً ثورياً إلى درجة بعيدة»، لأنها وضعت حداً للعلاقات الإقطاعية؛ وفي المقابل أحلَّت مكانها «حرية التجارة»، التي «لا تعرف معنى الرحمة أو الشفقة»، وجعلت من سائر المشتغلين في المهن والأعمال «شغّيلة مأجورين لها». وبدافع من حاجتها الدائمة إلى أسواق جديدة، في سبيل الاستثمار، اصطبغت بصبغة عالمية، لأنها ركضت وراء التفتيش عن مستهلكين للسلع التي تنتجها، في سائر أرجاء الكرة الأرضية([1]). وفي الوقت نفسه، أوجدت الرجال الذين سوف يقتلونها «إنهم العمال العصريون أو البروليتاريون»([2])، الذين سوف يزداد عددهم مع تطور الصناعة ويتمركزون في جماهير أوسع وأعظم فتنمو قوَّتهم ويحسون بتلك «القوة بصورة أفضل»([3]).
فمن عالمية البورجوازية، كقوة اقتصادية تعمل لاستغلال جهد البرولياريا على مستوى العالم، توصَّل ماركس وإنجلز إلى أنه لا يمكن للثورة العمالية إلاَّ أن تكون أممية أيضاً.
من هذه النقطة بالذات يعمل ماركس وإنجلز على توضيح موقفهما من المسألة القومية، أي أين تخدم نضالات البروليتاريا. وسنرى ماذا يريدان من القومية وكيف يعملان على تعريفها.
في البدء، يتَّخذ نضال البروليتاريا ضد البورجوازية «لا في جوهره، بل في شكله، صورة نضال قومي»، لأنه «ينبغي على بروليتاريا كل قطر أن تنهي الأمور قبل كل شيء مع بورجوازيتها الخاصة [أي التي تنتمي إلى القومية ذاتها التي تنتمي إليها البروليتاريا]»([4]).
ويحدد البيان دور الشيوعيين وعلاقتهم مع أحزاب العمال الذين يخوضون النضال القومي، فعلى الشيوعيين أن لا يؤلفوا «حزباً خاصاً معارضاً لأحزاب العمال الأخرى»، وإنما أن يتميّزوا عنها في نقطتين فقط، يحددهما بيان ماركس وإنجلز بما يلي:
«1-في النضالات القومية، التي يخوض غمارها البروليتاريون في مختلف البلدان، يبرز الشيوعيون ويضعون في المقدمة المصالح المشترَكة للبروليتاريا بأسرها بصورة مستقلة عن كل قومية.
2 -في مختلف مراحل التطور، التي لا بُدَّ للنضال بين البروليتاريين والبورجوازيين من اجتيازها، يمثل الشيوعيون دائماً، وفي كل مكان، المصالح العامة للحركة بكاملها»([5]).
فالمسألة القومية، هنا، ليست أكثر من توزيع لنضالات البروليتاريا في كل أمة بمفردها، على أن يشكل مجموع انتصاراتها نواة لوحدة أممية يعمل الشيوعيون على المحافظة عليها بانتظار حصول انتصارات بروليتارية قومية جديدة فيضيفونها إلى لاحقاتها، وهنا ينتهي دور العامل القومي ليبدأ دور العامل الأممي.
فمعنى الأمة عند ماركس، لا يخرج عن دائرة أمة العمال. فكيف يؤسس العمال أمتهم؟
عندما تستولي البروليتاريا على السلطة السياسية، بعد انتزاعها من أيدي البورجوازية، تغدو -أي البروليتاريا- «الطبقة القائدة للأمة، وأن تصبح هي الأمة، فهي لا تزال بعدئذٍ وطنية، ولكن ليس بالمعنى البورجوازي للكلمة»، لأن الفروق القومية بين الشعوب تضمحل تبعاً لتطور البورجوازية وحرية التجارة والسوق العالمية… أما البروليتاريا سوف تعمل على اضمحلالها، أيضاً، «ذلك أن نضالها المشترَك في الأقطار المتمدنة على الأقل، هو أحد الشروط الأولية لتحررها». ويستخلص ماركس وإنجلز أن إزالة التناقض الطبقي بين البشر يزيل «استثمار أمة لأمة… وبمقدار ما يزول التناحر الطبقي في قلب كل أمة يزول، في الوقت نفسه، العداء والحقد بين الأمم»([6]).
على الرغم من أن ماركس نظر إلى مرحلة القومية البورجوازية بإيجابية لأنها قامت بالقضاء على المرحلة الإقطاعية، فهو يرى في وسيلة النضالات القومية للعمال إيجابية في القضاء على المرحلة البورجوازية. ففهمه للقومية، هنا، هو أن الطبقة العاملة في كل أمة من الأمم مكلَّفة بالنضال ضد الطبقة البورجوازية فيها، وبعد انتصارها تشكل الطبقة العاملة أمة، أو تصبح هي الأمة، انتظاراً لمرحلة انضمامها إلى أمة عمالية أخرى بمساعدة من الشيوعيين الذين يقومون بمهمة الوصل والوحدة بين أمتين بروليتاريتين «بصورة مستقلة عن كل قومية». فالقومية، هنا، هي وسيلة للنضال، أو إطار قومي للنضال، يُستخدَم وسيلة مرحلية في سبيل الصعود إلى المرحلة الأممية، وهذه مسألة منطقية إذا ما كانت المرجعية النظرية - الفكرية هي مركزية مصلحة البروليتاريا على مستوى العالم كله. فإذا كان الهدف الاستراتيجي هو أممية البروليتاريا، وبالتالي أممية نظامها السياسي، تصبح كل القضايا الأخرى، ومنها المسألة القومية، بمثابة القضايا الفرعية التي لا بُدَّ من المرور عبرها للوصول إلى الهدف الثابت الاستراتيجي الأول.
من طريقة فهمنا للمسألة القومية عند ماركس، نرى أنه نظر بإيجابية مرحلية للقضية القومية، فحسبها متغيراً مرحلياً، ككل المتغيرات المرحلية الأخرى، تلعب دوراً مؤقتاً يتم إلغاؤه في لحظة الوصول إلى الثابت الدائم. ويصبح اهتمام ماركس وإيجابيته كمثل الذي ينظر إلى أهمية مادة الحليب بالنسبة إلى نمو الطفل، فنمو الطفل هو الهدف الثابت والحليب هو الوسيلة المرحلية لتحقيق نمو سليم للطفل. فمتى تحقق النمو يمكن الاستغناء عن الحليب كغذاء.
استناداً إلى هذا المنطلق، نحسب أن كل من يدَّعي أن التعارض بين الماركسية والمسألة القومية العربية كان مفتعلاً، أو كان مُقاماً بشكل يجافي حقيقة الموقف الماركسي، أو كان نتيجة قصور في التقاط ما كان يريده ماركس، ليصل إلى نتيجة أن الماركسية تنظر بإيجابية نحو المسألة القومية، لهو تسطيح ساذج للفلسفة الماركسية. وليس ذلك إلاَّ وهماً يستغلّه البعض من أجل محاولة للتوفيق بين الماركسية وبين القومية العربية لأغراض وأهواء سياسية وإيديولوجية.
لقد طغى على هذه الأقوال ضغط إيديولوجي له علاقة بالتعصب الحزبي، خاصة وأن بعض الأحزاب الماركسية أو بعض المنتسبين إليها، وبعد أن مارسوا عملية نقدية ضد مواقفهم السلبية السابقة من المسألة القومية العربية أحسوا بضغوط، مصدرها الدفاع عن أحزابهم، إذ كانوا يخشون من أن تُوصَف الفلسفة النظرية، التي استندوا إليها، بقصور نظري؛ ولهذا السبب حمَّلوا النقص إلى الجانب العملي ليُنقذوا النظرية الفكرية من عبء التهمة.
إننا نرى أن القصور ليس في النظرية الماركسية، فهي كانت واضحة ولا تحتمل التأويل والشطارة في التفسير، فهي قد حدَّدت تحديداً واضحاً الأهداف التي أرادت الوصول إليها، وتصوَّرت وسائل الوصول إليها بمنطقية نظرية سليمة. وهنا نتساءل: أليس في النظرية الماركسية وضوحاً في الأهداف؟
بلى لقد كانت الأهداف واضحة، فهي قد مركزت أهدافها حول أولوية تأمين مصلحة البروليتاريا ولا شيء غير ذلك. واعتبرت أن وسائل تحقيقها، التي وُضعت كوسائل للوصول إلى الهدف المركزي، كانت تستند إلى أن تعي البروليتاريا مصلحتها أولاً، وأن يعمل في سبيلها حزب منظَّمٌ يتبنى إيديولوجيتها من خلال النضال في سبيل الاشتراكية والديموقراطية ثانياً. وحدد التنظيم دائرة عمله بحيث يشمل العالم بأسره، إذ لا يمكن للبروليتاريا المثقلَة بالاتجاهات القومية إلاَّ أن تعمل من أجل قوميتها فقط، وسوف يعيق التعلق بالقومية خطوات التلاقي بين شتى طبقات البروليتاريا في العالم، ويمنعها من أن تتلاقى على الصعيد الأممي لأن الشعور القومي سوف يؤثر على وحدتها، فهو سوف يضعها في صراعات قومية ضيقة تعيق اتجاهاتها الأممية. ولذلك رأى ماركس أن من واجب الشيوعيين أن يعملوا من أجل مصالح شتى صفوف البروليتاريا بصورة مستقلة عن كل قومية.
لا يضير الماركسية أن تكون قد وضعت القومية في خدمة البروليتاريا الأممية لأنها كانت أمينة على أهدافها المركزية. ولو فعلت غير ذلك لأصابها مرض اللامنطقية.
أما وقد دلَّت التجارب التاريخية على أن تحقيق الحلم الماركسي في إحداث ثورة بروليتارية أممية أصبح بعيد المنال، فهذا لا يضير أن يكون الحلم الماركسي هو أنه حلم لكل المظلومين الذين يتم استغلالهم في كل أنحاء العالم. ومن يقول إن الحلم السعيد هو منبوذ ومرفوض؟
إن الأحلام جزء متمم لتكامل حياة الإنسان وتوازنه النفسي والدافع الأساسي لكل إرادة في تغيير الواقع، فمتى انتهت الأحلام انتهت إرادة التغيير، وإذا انكفأت إرادة التغيير انتهى التطور وتجمَّد التاريخ، فالحلم البشري هو من أهم محركات التاريخ الإنساني.
من هنا نحسب أن من وقف ضد الماركسية لم يقف ضد حلمها الجميل، بل كان خائفاً من صعوبة تحقيق هذا الحلم، وليس ضد الحلم بذاته. ووجد أن إمكانية الوصول إليه قد تتم في مراحل بعيدة جداً، وبالتقسيط، وعبر محطات لا يمكن القفز من فوقها، وتأتي المسألة القومية إحدى تلك المحطات.
يستند خوفنا إلى أنه من غير الواقعي والمنطقي أن تفرِّط بالحسن قبل أن ترى أن الأحسن أصبح ممكناً، أوَ ليس من المنطقي والواقعي أن نعمل من أجل بناء أنموذج قومي يتَّصف بأكثر ما يمكن من سمات الإنسانية، وهو حسن وأقرب إلى المنال، من أن نلغي العمل لأجله تحت ذريعة أن الأممية في العلاقات الإنسانية هي الأحسن وهي الأكثر عدالة وبعداً عن الشوفينية والأحقاد القومية؟
لقد كان ماركس يرى أن الحلم الأممي ليس مستحيلاً، ونرى نحن أنه من الخطأ أن نحسم بأنه مستحيل، لأن في ذلك تثبيت للانهائية الصراع بين البشر. فاستحالة الحلم تحبط أية آمال باتجاه العمل من أجل مجتمع عالمي متآلف ومتقارب بعيداً عن الصراعات والحروب. ونكون كمن يؤكد أن الصراع والحروب هي قوانين ثابتة ونهائية، وهذا يفترض دعوة الشعوب إلى أن تُبقي أيديها على الزناد، وأن تتوجّه بالتكنولوجيا إلى امتلاك الأسلحة التي تحسم الصراعات والحروب لمصلحتها على حساب مصالح الشعوب الأخرى.
ولكل هذا نحسب أن الماركسية لم تقف موقفاً إيجابياً استراتيجياً من المسألة القومية، كما يحاول أصحاب الأغراض الحزبية أن يبرهنوا، بل عدَّت المسألة القومية مسألة مرحلية فرعية على البروليتاريا والحزب الشيوعي أن يتجاوزوها متى انتهت مهمتها المرسومة لها. ونتوجه إلى الشيوعيين والماركسيين كي لا يحسبوا أن ذلك كان نقيصة في الفلسفة الماركسية، بل العكس هو الصحيح لأنها كانت منطقية وأمينة للأهداف المركزية التي رسمتها للإنسانية جمعاء. وإنما اللامنطق هو الذي تغلَّب على عدد كبير من الماركسيين الذين حاولوا أن يوالفوا ويوفقوا بين فلسفة علمية واضحة الأهداف وبين تصوراتهم وتأويلاتهم الخاصة، التي حاولت أن تنقد مواقف الشيوعيين العرب تحت حجة أنهم لم يفهموا حقيقة المنهج الماركسي، لكننا نرى أن هؤلاء الناقدون الماركسيون، بالذات، وقعوا في بلبلة منهجية، وتبيَّن أنهم هم لم يفهموا تماماً حقيقة ومنطقية تلك المنهجية.
***
 
 


II - المسألـة القوميـة في الفكر الماركسي - اللينيني
إذا درسنا وقائع منعزلة، لا يمكن أن نصل إلى مبدأ يمكن الاعتماد عليه. يقول لينين(*) إذا كان من الواجب «أن ندرس ليس وقائع منعزلة، وإنما مجمل الظاهرات المتعلقة بالمسألة موضع الدرس، بدون أي استثناء»، وإلاَّ سيكون التجميع والاختيار بطريقة متعسفة «عملية قذرة»؛ فالبديل عن ذلك يكمن في الربط الموضوعي «للظاهرات التاريخية المدروسة في مجملها»([7]).
ولأن المسألة القومية ليست قضية نظرية تعالجها نصوص ومبادئ واحدة تحمل المعنى الستاتيكي، أي أنها صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان، يميِّز لينين المسألة القومية في دول أوروبا الغربية عنها في دول أوروبا الشرقية. ويحسب لينين أن إشكالية المسألة القومية في دول أوروبا الغربية قد حُلَّت، أما في دول أوروبا الشرقية فهي لم تكن -في أثناء حياته- قد وجدت حلاً. وأخذت المسألة القومية في الشرق وآسيا وأفريقيا والمستعمرات وفي المنطقة العربية، تأخذ منحىً تقدمياً بفعل حركات الاستقلال التي انفجرت في وجه الهيمنة الاستعمارية.
كان النظام في روسيا القيصرية إقطاعياً يمارس الاضطهاد على الأمم التي يسيطر عليها، كما كان يضطهد طبقات العمال والفلاحين، وهذا ما يضعه في الطرف النقيض للأيديولوجية الماركسية التي ترفض القومية لأنها مصدر للشوفينية، وتدعو إلى إلغاء التمييز القومي والطبقي من خلال الدعوة إلى ثورة أممية تقودها البروليتاريا في العالم على أساس وحدةٍ بروليتارية أممية.
دعا لينين، لأجل تعزيز الأممية، الاشتراكيين - الديموقراطيين إلى تشديد اللهجة في روسيا القيصرية، التي كانت لا تزال تضطهد القوميات المحكومة لها، من أجل المطالبة «بحق الأمم المضطهَدة بالانفصال»، وعليهم في الدول التابعة لروسيا الشيوعية أن يطالبوا بحرية الارتباط «لأن حرية الارتباط تفترض حرية الانفصال»([8]).
عالج لينين مسألة القوميات استناداً إلى واقع العلاقات بين مختلف الأمم، وأيضاً من خلال المنهج النقدي للأطروحات التي كانت تصدر عن مختلف تنظيمات الاشتراكيين الديموقراطيين في شتى أماكن تواجدهم.
ولهذا السبب لا بُدَّ للباحث في الفكر اللينيني عن المسألة القومية من أن يتتبَّعه في محطات تاريخية كانت تتغير فيها رؤاه حولها وتواكب المتغيرات التي كانت تحيط بحركة حزب الاشتراكيين الديموقراطيين من خلال صراعه ضد النظام القيصري، خاصة وأن النظرية الماركسية أخذت تتمظهر وتتكون في الساحة العملية من خلال نضال الحزب الاشتراكي الديموقراطي في روسيا القيصرية وفي الأمم الخاضعة لها أو المحيطة بها.
كان لينين، رائد التطبيق العملي للنظرية الماركسية، يراقب تلك المتغيرات باهتمام السياسي - المفكر، فيصدر رؤيته الفكرية - السياسية بحوارات أو بمقالات كانت تعالج هذا الجانب أو ذاك من جوانب المسألة القومية الخاصة بالدول الأوروبية الشرقية، باعتبار أن المسألة القومية في الدول الغربية لم تكن تعاني من إشكاليات كانت تعاني منها مثيلاتها في الدول الشرقية.
لقد خصَّ لينين المسألة القومية بتركيز شديد في مراحل مختلفة فرضها تطور الأوضاع الفكرية والسياسية للمجتمعات التي انتشر فيها الحزب الشيوعي في قوميات روسيا القيصرية والدول الأوروبية الأخرى. وباهتمامه بالمسألة القومية جعل منها واحدة من المسائل المركزية في تراثه، ولم تعد عنده مسألة فرعية وثانوية كما هو شأنها في تراث ماركس وإنجلز. لكنه لم يحدد موقفه منها دفعة واحدة ونهائية منذ أن أصبح ماركسياً. لذلك لا يمكن دراسة موقفه بانتقائية من هنا أو هناك، بل علينا أن نضع أي نص له في سياقه التاريخي([9]).
ولتحديد موقف لينين من المسألة القومية لا بُدَّ من الأخذ بعين الاهتمام أنه عند الدخول إلى دراسة التطور الفكري لأي مفكر، من تحديد الزاوية الفكرية المركزية التي يريد المفكر أن يعمل من أجلها. فإذا استطعنا أن نحدد تلك الزاوية بأكثر ما يمكن من الدقة تصبح الطرق سهلة في التقاط الزوايا الأخرى التي يستفيد منها ليضعها في خدمة زاويته المركزية.
كان لينين ماركسياً يؤمن بالثورة الاشتراكية الأممية على قاعدة تثوير الطبقة العاملة، التي هي الأداة الرئيسة وصاحبة المصلحة من انتصار تلك الثورة. ولكي تنتصر الطبقة العاملة في ثورتها كان لا بُدَّ من أن تتوحَّد، فالوحدوية العمالية العالمية هي الأداة الاستراتيجية لتحقيق الثورة الأممية. فإذا كان الهدف الفكري المركزي يتمثّل بتحقيق الاشتراكية بثورة أممية فإن الوسيلة المركزية تكمن في وحدة الطبقة العاملة على مستوى العالم كله. وبالتالي تأتي كل الزوايا الأخرى لتشكل الأدوات المرحلية والثانوية والتي على المفكر أن يضعها في خدمة الهدف المركزي وفي خدمة الوسيلة المركزية. وهكذا كان يفعل لينين. ومن جملة الزوايا الثانوية كانت المسألة القومية والثقافة الأممية في طليعة الزوايا التي عمل لينين بكل جهد لوضعها في مكانها ومهمتها الصحيحة. 
واستناداً إلى رؤيتنا هذه، فيما يتعلق ببحثنا عن مكان المسألة القومية في فكر لينين، سنرصد مكان تلك المسألة في تطور الفكر القومي اللينيني، مسترشدين بالتقسيم التاريخي.
 
أولاً- منذ العام 1903م وحتى العام 1913م: حق تقرير المصير هو حق مشروع لبروليتاريا كل قومية وليس للقوميات والأمم:
برزت المسألة القومية في المؤتمر الثاني لحزب عمال روسيا الاشتراكي - الديموقراطي لأن بعض الماركسيين غير الروس حاولوا دفع الحزب إلى تبني مبدأ الاتحادية القومية، فتصدّى لينين لمحاولتهم موضحاً أن مواجهة روسيا القيصرية كانت تقتضي قيام تنظيم مركزي موحَّد لجميع عمال الإمبراطورية، وكانت النزعة القومية بين عمال الأطراف تقف حائلاً دون قيام مثل هذا التنظيم، وظهر لينين من خلال مواقفه وكأنه معادٍ للمسألة القومية([10]).
لو عدنا إلى مرحلة العام 1903م، أي المرحلة التي عرفت تأسيس حزب الاشتراكيين - الديموقراطيين وبلوغه مستوى من القوة والانتشار مما جعله مؤهلاً لأن ينزل بالنظرية الماركسية إلى واقع التطبيق العملي، لوجدنا اهتمام لينين بالمسألة القومية يستند إلى العوامل التالية:
1-      من خلال رد لينين على بيان «الاشتراكيين - الديموقراطيين الأرمن» يدخل لأول مرة في مناقشة المسألة القومية، فيوافق على أول مبدأين أساسيين تقوم عليهما المسألة القومية في الدولة الروسية، وهما: أولاً، لا مطلب الاستقلال الذاتي القومي بل مطلب الحرية السياسية والمدنية والمساواة التامة في الحقوق. وثانياً، مطلب حق تقرير المصير لكل قومية من القوميات التي تدخل في تركيب الدولة.
لكن لينين، تطويراً لهذين المبدأين، يطلب من أصحاب البيان أن يحذفوا مطلب جمهورية اتحادية وأن تقتصر المطالبة على جمهورية ديموقراطية بوجه عام. لأنه ليس من مهمة البروليتاريا أن تدعو إلى الاستقلال الذاتي القومي والتي لن تكون نتيجتها إلاَّ إنشاء دولة طبقية مستقلة ذاتياً، بل من مهمتها أن تعمل على توحيد أوسع جماهير العمال من جميع القوميات بهدف النضال «من أجل الجمهورية الديموقراطية ومن أجل الاشتراكية»([11]).
2-      في ردٍّ له على الحزب الشيوعي البولوني يتابع لينين محاولته لتحديد المسألة القومية في برنامج الحزب، وفي هذا السبيل يعيد التأكيد على تعريف ما هو المقصود من مطلب تقرير المصير القومي، فيقول إنها: «العمل على حرية تقرير المصير لبروليتاريا كل قومية لا للشعوب والأمم. إن علينا دوماً، ودونما شروط أن نتطلع إلى الوحدة الأوثق لبروليتاريا جميع القوميات، ونحن لا نستطيع … أن نؤيد … المطالب التي ترمي إلى إنشاء دولة طبقية جديدة، أو إلى استبدال وحدة الدولة السياسية الكاملة باتحاد فيدرالي»([12]).
لذا يصف لينين «الاعتراف الكامل واللامشروط بحق تقرير المصير القومي» بأنها جعجعة تُظهر مدى ضعف الحزب الاشتراكي الديموقراطي بنضال البروليتاريا الطبقي. لكن جلَّ ما يؤمن به لينين، في هذا الإطار، ليس أكثر من الاعتراف بمطلب الاستقلال القومي «بصفة شرطية»([13]). وينفي لينين شرعية الدعوة إلى الانفصال حتى لو كانت القومية الداعية تتعرّض إلى اضطهاد قومي؛ وهو يستند في ذلك إلى سخرية ماركس من الذين يدعون إلى الانفصال تحت حجة إنسانية قائلاً: «إن الاضطهاد القومي لا يستدعي دوماً، من وجهة النظر الديموقراطية والبروليتارية، تطلعاً مشروعاً للاستقلال»([14]).
 
ثانيــاً- المرحلة التي رافقت الحرب العالمية الأولى، وقبل تأسيس الدولة الاشتراكية في روسيا: حرب لينين ضد المغالاة في الاتجاهات القومية وضد المغالاة في الاتجاهات الأممية:
 خاض لينين نضالاً مرّاً ضد الماركسيين النمساويين الذين دعوا إلى قيام تنظيم على أساس مبدأين اثنين: الاتحادية القومية في تنظيم الحزب، والاستقلال الذاتي القومي الثقافي في تنظيم دولة متعددة القوميات. ومن منظور مناقشة الماركسيين النمساويين نفهم وكأن لينين يؤكد على خصومته لكل نزعة قومية([15]). وخاض في الوقت نفسه، أيضاً، نضالاً ضد ما يُسمّى التيار الماركسي «اليسراوي»، الذي فسّر أن العصر هو عصر الإمبريالية المنفلتة من عقالها، فافترضوا أن الثورة الاشتراكية والبروليتارية الخالصة هي وحدها التي باتت ممكنة. فحسبوا أن الحروب القومية لم تعد ممكنة «وبأن القومية لم يعد لها من مكان غير المتحف»، فردَّ لينين عليهم بأن للمسألة القومية ولحركاتها في آسيا والشرق والمستعمرات وجهاً من وجوه الصراع مع الاستعمار. لذا رأى أن هناك إمكانية وضرورة في تحالف الثورة الاشتراكية مع الثورة القومية في المستعمرات، فشكَّل موقفه هذا بداية لتحول نظري وعملي في تحديد علاقة واضحة بين الماركسية - اللينينية والمسألة القومية، فشقَّ بموقفه هذا الطريق ومهدَّها أمام المرحلة التالية([16]).
إلى ماذا يشير هذا التطور الفكري - العملي الذي قاده لينين في الفلسفة الماركسية؟
إن الانتقال بالمسألة القومية من مسألة ثانوية في الفلسفة الماركسية إلى مسألة تستأثر بالاهتمام والعناية في الماركسية - اللينينية يعود إلى نوع من الدينامية بين تطور الفكر وتطور ظروف التاريخ ومتغيراتها. لم يُجمِّد لينين التاريخ عند حدود مسلماتٍ ماركسية، بل نظر إلى علاقة الفكر مع التاريخ كعلاقة جدلية متحركة متطورة، فرضتها عوامل ومعطيات جديدة أحاطت بحركة الفلسفة الماركسية عندما اتجهت إلى ميدان التطبيق العملي.
يتوجَّه لينين إلى بعض السياسيين والمفكرين، الذين يستندون إلى الفلسفة الماركسية، على أساس أن النصوص الماركسية هي نصوص نهائية فيقول: إن كل من يعمل منهم على تحليل وضع سياسي جديد بأن يركن إلى حلول ماركسية تقادَم عليها العهد «فإنه يكون وفياً لحرف المذهب لا لروحه، ويكون قد ردَّد عن ظهر قلب الاستنتاجات القديمة»([17]).
عندما وضع لينين نصب عينيه مسألة الصراع بين الثورة البلشفية وروسيا القيصرية، كان من الخطأ -حسب تقديراته المرحلية- أن تتمزق الثورة إلى عدد من الاتجاهات؛ وكانت النزعات القومية من أهمها وأكثرها تأثيراً، فأعطى أولوية مركزية للتنظيم الأممي على حساب غيرها من القضايا الأخرى. ولما اشتدَّ النزاع، في خلال الحرب العالمية الأولى، في داخل التنظيم المركزي تحت ضغط الاتجاهات التعددية القومية من جهة، وتحت ضغط الاتجاهات الأممية المعادية للمسألة القومية من جهة أخرى، مارس لينين حرباً ذات مسارين، وهما: التخفيف من مغالاة القوميين، وشد الحبل في وجه مغالاة الأمميين.
لقد شغلت مسألتان الحركة الشيوعية، وهما: برنامج الاستقلال الذاتي المعروف ب«القومي الثقافي»، أي تقسيم المدارس حسب القوميات؛ وسياسة الاضطهاد القومي. وقد عالجهما لينين من منظور مركزية وحدة التنظيم والثقافة للبروليتاريا:
 
1: حول ردود لينين على المغالين من القوميين:
أ- الاستقلال الذاتي القومي الثقافي: يقول لينين حول هذه الإشكالية التي كانت مطروحة من قبل الشيوعيين الذين ينتمون إلى قوميات مضطهَدَة: «إن كل أمة… تؤلف رابطة واحدة… تُسيِّر شؤونها القومية والثقافية»([18])، فبرنامج الاستقلال القومي الثقافي هو «غير مقبول بتاتاً». «فما دامت أمم مختلفة تعيش في إطار دولة واحدة، فلا بدَّ من أنها تكون موحَّدَة بملايين ومليارات الروابط الاقتصادية والحقوقية والعادات… فكيف يمكن، والحالة هذه، فصل الميدان المدرسي عن هذه الروابط؟». وإذا كان الاقتصاد يجمع بين أمم متعايشة في «دولة واحدة»، «فمن اللغو والرجعية محاولة تقسيمها في ميدان المسائل الثقافية»، «بل ينبغي، على العكس، السعي إلى تجميع الأمم في الميدان المدرسي حتى يتهيأ في المدارس ما يتحقق في الحياة»([19]). فكل من «يدعو إلى تقسيم الميدان المدرسي على أساس القوميات لا يمكن أن يكون ديموقراطياً»([20]). من هنا أدان الماركسيون ما يُسمّى ب«الاستقلال الذاتي القومي الثقافي»، أي سحب الثقافة من صلاحية الدولة لوضعها بين أيدي مختلف القوميات. فاللينينية تقف، إذاً، ضد النزعة القومية لكل بورجوازية قومية تُقدَّم على طبق شعار «الثقافة القومية» بهدف خداع السُذَّج([21]).
 
ب-سياسة الاضطهاد القومي: رفض لينين، مبدئياً، سياسة الاضطهاد القومي ووصفها بأنها لا إنسانية، فهي تُستَغلُّ لتضليل وعي الشعب، وعليها يبني الرجعيون حساباتهم على تعارض مصالح شتى القوميات من خلال زرع الريبة المتبادلَة بين الفلاح الروسي، مثلاً، والفلاح اليهودي؛ بين الحرفي الروسي والحرفي اليهودي، وهذا التحريض يؤدي إلى تفسُّخ الطبقة العاملة التي هي بحاجة شديدة للوحدة؛ فاضطهاد «الأقوام الغريبة» -يرى لينين- هو سلاح ذو حدّيْن. لذا عمل الحزب العمالي الاشتراكي - الديموقراطي على تقديم مشروع قانون ضد الاضطهاد القومي([22]).
- لقد عمل لينين في سبيل رفع سياسة الاضطهاد القومي لتصبَّ في وحدة الطبقة العاملة، تلك الوحدة التي كانت عاملاً مخيفاً للطبقة البورجوازية، التي عملت-بدورها- على سحق وحدة الطبقة العاملة أو على الأقل لتفكيك أوصالها، بواسطة أكثر الحجج خداعاً وإغراءً، فاتّخذت وسيلة لها عبر الدفاع عن مصالح «الثقافة القومية»، و«الاستقلال، أو الاستقلال الذاتي القوميَيْن». لذا رأى لينين أن الحل هو أن ينبذ العمال الواعون كل نزعة قومية، سواء كانت نزعة عنيفة أو نزعة تدعو إلى المساواة في الحقوق بين الأمم. وقد دعا الماركسيين إلى الدفاع عن المساواة الكاملة في الحقوق بين الأمم واللغات، وإلى انصهار الجماهير العمالية «في شتى أنواع المنظمات البروليتارية الموحَّدَة».
من خلال هذا الفهم «يكمن الفارق الجذري بين برنامج الماركسية القومي، وبين البرنامج القومي لأية بورجوازية مهما كانت متقدمة». فمن أجل الوحدة الأخوية والثقافية بين العمال، يقتضي الأمر أكمل مساواة في الحقوق بين الأمم([23]). يحسب لينين أن إضعاف تأثير الصراع القومي يتم بتعميق المفهوم الديموقراطي، فيصبح الصراع القومي أضعف «وأوهن شأناً كلما كانت الديموقراطية مطبّقةً بصورة أكثر تماسكاً»([24]). وهو يقلل من شأن الدعوة إلى الاستقلال القومي الذاتي الثقافي، لأن العمال على صعيد العالم بأسره، يرى لينين، يبدعون ثقافتهم الأممية الخاصة بهم، ويعارضون عالم الاضطهاد القومي والمشاحنات القومية بعالم جديد، عالم وحدة شغيّلة جميع الأمم([25]).
 
2: حول ردود لينين على المغالـين من الأمميـين:
لقد نبذ الأمميون، من أدعياء «الثورة الاشتراكية» مسألتين: انضواء الطبقة العاملة تحت لواء الدولة القومية، والمطالبة ببرنامج ثوري متماسك في الميدان الديموقراطي.
لقد ميَّز لينين، في رده على المسألة الأولى، بين «قومية الماضي» في أوروبا، وبين حركة التحرر القومي «قومية الحاضر والمستقبل» في آسيا وأفريقيا والمستعمرات. وحدّد موقفاً من الثانية، بتأكيده أن البروليتاريا لن تستطيع أن تنتصر إلاَّ عن طريق الديموقراطية، على أساس أن تربط كل مرحلة من مراحل نضالها بمطالب ديموقراطية. والحال كذلك، يقول لينين: يصبح «من اللغو الباطل أن نقيم تعارضاً بين الثورة الاشتراكية والنضال الثوري ضد الرأسمالية وبين أحد المطالب الديموقراطية، كالمطلب القومي على سبيل المثال»([26]).
فمن واجب الاشتراكيين الديموقراطيين من الأمم المضطهِدَة، يتابع لينين، أن يطالبوا بحرية الانفصال للأمم المضطَهَدة، و إلاَّ «فإن الاعتراف بتساوي الأمم في الحقوق، وبالتضامن الأممي بين العمال لن يكون في الحقيقة إلاَّ كلمة جوفاء ونفاقاً». أما واجب الاشتراكيين - الديموقراطيين من الأمم المضطَهَدة فهو «أن يدافعوا… عن وحدة وتحالف عمال الأمم المضطَهَدة مع عمال الأمم المضطَهِدة»([27]). يتابع لينين: لم يكن ماركس نصيراً لا للدول الصغيرة، ولا لتجزئة الدول بوجه عام، ولا لمبدأ الاتحاد الفيدرالي، لكنه أيَّد انفصال الأمة المضطهَدَة على أنه خطوة نحو الاتحاد الفيدرالي «وبالتالي خطوة، لا نحو التجزئة، وإنما نحو المركزة السياسية والاقتصادية، شريطة أن تتم هذه المركزة على أساس ديموقراطي»([28]).
وعلى هذا الأساس ربط لينين بين الوسيلة المؤدية لإلغاء الطبقات وانصهار الأمم مستقبلاً بحيث يمر إلغاء الطبقات عبر ديكتاتورية الطبقة المضطهدَة، وأن يمر انصهار الأمم عبر تحرر الأمم المستَرقَّة وإلغاء الاضطهاد القومي على قاعدة الحق بالانفصال([29]). وإن «اعتراف البروليتاريا بحق الأمم في الانفصال هو وحده الذي يكفل التضامن الكامل بين عمال مختلف القوميات، وييسِّر تقارباً ديموقراطياً حقيقياً بين الأمم»([30]). ولا خطر من الانفصال لأن تعزيز الثقافة الأممية لبروليتاريا العالم قاطبة، وتجمُّع عمال جميع قوميات روسيا في منظمات بروليتارية واحدة هو الذي يضمن نضالها المظفر ضد الرأسمال الأممي من جهة، والنزعة القومية البورجوازية من جهة أخرى([31]).
 
ثالثــاً- بناء الدولة الاشتراكية واعتبارها مركز الدائرة في الثورة الأممية (منذ أواخر العام 1917 - حتى وفاة لينين):
في هذه المرحلة اهتمَّ لينين من جديد بالمسألة القومية انطلاقاً من عاملين: تأسيس دولة الاتحاد السوفياتي الاشتراكية مكان الوحدة بين روسيا كأمة ظالمة سابقة مع الأمم الأخرى المضطهَدة. والثانية تنظيم العلاقات مع الحركات الثورية القومية في الشرق والمستعمرات([32]).
وبعد تأسيس الدولة الاشتراكية الأولى في العالم، منذ أواخر العام 1917م، يمكننا أن نتابع الخط البياني لموقفه من المسألة القومية مترافقاً مع المتغيرات التي حصلت لمصلحة انتصار الثورة الاشتراكية في روسيا:
لقد عدَّل لينين الفقرة التاسعة من برنامج الحزب الشيوعي، والتي تنص على «الاعتراف لجميع الأمم التي تتألف منها الدولة بالحق في تقرير مصيرها بنفسها»، بالنص التالي: «على جمهورية الشعب الروسي أن تجتذب إليها الشعوب أو القوميات الأخرى، لا بالإكراه، وإنما فقط عن طريق التفاهم الحر من أجل إنشاء دولة مشترَكة»([33]). لكن إذا تكاثر عدد الدول المستقلة فلن يثير الخوف، كما يقول لينين: لأن المهم بالنسبة للشيوعيين «ليس الموضع الذي تمر منه حدود الدولة، وإنما الحفاظ على وحدة شغيّلة الأمم جمعاء للنضال ضد بورجوازية كل أمة أياً تكن»، لأن «الوحدة الاشتراكية لشغيّلة جميع الأقطار هي وحدها التي ستقوّض كل ذريعة للاضطهاد والشقاق القومي النزعة»([34]).
وبعد تأسيس الدولة الاشتراكية في روسيا، وهي أول نواة للدولة الأممية، يبرز اهتمام لينين الشديد بإعطاء الأولوية لحماية الدولة الاشتراكية، خاصة إذا كان مصيرها معرّضاً للخطر نتيجة حق الأمم في حرية تقرير المصير، ساعتئذٍ -يرى لينين- أنه من «البدهي أن الحفاظ على الجمهورية الاشتراكية يأتي في المقام الأول»([35]). وهنا ينتقل لينين بمهارة من دعوته إلى ضرورة أن يعمل الاشتراكيون - الديموقراطيون من أجل مطالبة القوميات بحق تقرير المصير، وبحق الانفصال عن الدولة الروسية، إلى موقف آخر يدعو فيه إلى «التصدي للشعور القومي بتحرس شديد، وضمان تساوي الأمم وحريتها في الانفصال بعناية كبيرة، حتى تستأصل جذور الريبة، وحتى تتحقق عن طواعية وحدة وثيقة بين الجمهوريات السوفياتية للأمم قاطبة»([36]). لذا، إذا كانت دعوة لينين إلى حق الأمم بالانفصال، أي الاعتراف بحق الأمم في تقرير المصير، وسيلة من أجل إنهاك القوميات المضطهِدة، تشكل الدعوة إلى الوحدة، أي وحدة الأمم في داخل منظومة الدولة الاشتراكية، وسيلة من وسائل تحصين دولة البروليتاريا الأممية. ولهذا كان من الضروري تمركز جميع القوى المادية: الاقتصادية والعسكرية من جهة، وأن تعترف الدولة المركزية بحق الأمم باستخدام لغاتها الأم على أساس أن تُتَّخذ وسيلة للتربية الشيوعية لجماهير الشغّيلة من جهة أخرى([37]).
يربط لينين، في تلك المرحلة، العلاقة بين مركزية الإيديولوجية الماركسية (مصلحة الطبقة العاملة في بناء دولة أممية) وبين الأهداف المرحلية التي تصب في خدمتها، ومنها المسألة القومية، فيصيغ من خلال برنامج المؤتمر الثامن للحزب تلك العلاقة بدقة اكثر ووضوح أكثر، وهذا ما يعبّر عنه النص التالي: «إن سياسة البروليتاريا في المسألة القومية، بعد استيلائها على سلطة الدولة، تقوم على أساس تحقيق منهجي وفعلي للتقارب والانصهار بين العمال والفلاحين من جميع الأمم في نضالهم الثوري من أجل الإطاحة بالبورجوازية. وهذا الهدف يتطلب التحرير الكامل للأمم المستعمرَة، ولجميع الأمم المضطهدَة… وكذلك منح هذه الأمم حرية الانفصال كضمانة لزوال الريبة بين الجماهير الكادحة من مختلف الأمم… ولزوال ضغينة عمال الأمم المضطهَدَة تجاه عمال الأمم المضطهِدة، ولحلول وحدة واعية ومقبولة عن طواعية محلهما… »([38]).
ينتقد لينين كل شيوعي يستخف بأهمية المسألة القومية في أوكرانيا، ويصفه بأنه «يقترف غلطة فادحة وخطرة»، لأنه ما زالت لدى بعض الشيوعيين (الروس) بقايا لا واعية من النزعة الإمبريالية والشوفينية الروسية السابقة. فلا ضرر من تقديم تنازلات في المسألة القومية الأوكرانية(*)، لأنها مسألة أقل أهمية بكثير من الأهداف المركزية: قيادة البروليتاريا، مصلحة البروليتاريا، وحدة الجيش… وهذه التنازلات ستكون مهمة لأنها سوف تسمح لبروليتاريي أوكرانيا أن يجربوا عملية الانصهار مع جمهورية روسيا الاشتراكية السوفياتية. ويشكل حسم المسألة القومية الأوكرانية نهائياً، كما يطالب بعض أعضاء الحزب الشيوعي السوفياتي، «غباءً محضاً»، لأن الجماهير الكادحة غير البروليتارية كانت ما زالت متأرجحة في إيمانها بنجاح الجمهورية الاشتراكية بحل إشكالية العلاقات السابقة بين القوميات، فليُترك لها، إذاً، «مهمة التخلص منها بنفسها بفضل تجربتها الذاتية»([39]).
وعلى ضوء التجربة سيقرر عمال أوكرانيا وفلاحوها اندماجها مع روسيا أو تشكيل جمهورية مستقلة ذاتياً. وعلى الحزب، في مثل تلك الحالة، أن يضع تصوراً لتسوية هذه المسألة بما يصب في مصلحة الشغيلة، ويقوم هذا التصور، كما يرى لينين، على الأسس التالية:
1-      العمل على تعزيز الثقة بين شغيلة شتى الأمم للوقوف في وجه الرأسمال، كقوة أممية تعمل ضد وحدة الشغيلة لشقها باستغلال الأحقاد والمشاحنات والنزعات القومية.
2-      العمل ضد المعسكر الرأسمالي، بعد الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) الذي صنَّف الأمم إلى مُضطهِدة ومُضطهَدة. ولأن العلاقات بين روسيا وأوكرانيا كانت قائمة على أسس ذلك الأنموذج، ولمواجهة تلك العقدة التاريخية، يدعو لينين الشيوعيين لكي يبنوا «تحالفاً مقبولاً بين الأمم… تحالفاً قائماً على ثقة مطلقة… ومثل هذا التحالف لا يمكن أن يتحقق دفعة واحدة… حتى تتلاشى تلك الريبة التي خلَّفتها قرون طويلة من [الاضطهاد]… وكل تسرُّعٍ… يؤذي… قضية الوحدة الكاملة والنهائية»([40]).
وكان الأخطر من وجود عوامل الريبة بين المواطنين، في روسيا وأوكرانيا، هو وجودها بين الشيوعيين الروس والأوكرانيين، فكيف رأى لينين إمكانية التغلب عليها؟
1-      التعاون في سبيل الدفاع عن ديكتاتورية البروليتاريا والسلطة السوفياتية في وجه الملاّك العقاريين والرأسماليين من جميع الأقطار.
2-      مكافحة الشيوعيين الروس بصرامة ضد النزعة القومية الروسية من جهة، والتساهل مع الأوكرانيين إذا ما كانت نقطة الخلاف معهم تدور حول استقلال أوكرانيا من جهة أخرى.
وهنا يرى لينين أن تلك الإجراءات سوف تصب في مصلحة وحدة الصف الروسي - الأوكراني الذي يواجه كثيراً من الأعداء في الداخل والخارج معاً([41]). ولا يمكن أن يتم إلغاء الاضطهاد القومي «إلاَّ عندما تعيش الدولة في ظل نظام جمهوري ديموقراطي متماسك يضمن المساواة الكاملة بين الأمم قاطبة واللغات كافة»([42]).
شدَّت المسألة القومية في آسيا والمستعمرات، كعنصر تحرر، اهتمام لينين؛ فميَّز بين خطورتها على وحدة التنظيم الأممي عندما كانت النزعة القومية شوفينية، وبين أهميتها عندما أصبحت عامل إعاقة في وجه التمدد الاستعماري في أنحاء العالم. عندئذٍ أصبحت المسألة القومية عند لينين تشكّل المنظور الثالث، الذي كانت الاستراتيجية اللينينية تفتقر إليه لتصبح شاملة وكونية([43])، فمهّد بذلك إلى مرحلة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، التي أفرزت حركات الاستقلال الوطني والقومي في مواجهة الاستعمار، فكان المنظور الجديد حلاً لتبادل عوامل الاستقواء بين الطرفين: الأممية الماركسية والحركات القومية المعادية للاستعمار.
في العام 1922م، قبل أن يرحل بقليل، حذّر لينين من خطر شوفينية الدولة الكبيرة، وعارض مشروع ستالين، الذي كانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قد وافقت عليه، والذي كان ينص «على انضمام الجمهوريات السوفيتية القومية إلى جمهورية روسيا الاتحادية على قاعدة الحكم الذاتي»، وقد وضع أسساً مبدئية أخرى لتوحيدها «في إطار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية»، وكان السبب من وراء اقتراحه أنه كان يقلقه «مدى الاتساق في التقيد بمبادئ الأممية البروليتارية»([44]) من جهة، ومن جهة أخرى حماية التضامن الطبقي البروليتاري «لأن ما من شيء يعيق تطور التضامن الطبقي كاللامساواة القومية»([45]).
تستند الماركسية، في مواجهتها للقضايا القومية، إلى التاريخ الواقعي من جهة والتمييز -كما فعل لينين في 31 كانون الأول / ديسمبر من العام 1922م- بين قومية شعب يستعمر غيره وبين قومية شعب مُضطَهَد. لذا تميز الإيديولوجية الماركسية المعاصرة بين قومية البلدان الرأسمالية المتطورة وبين قومية شعوب البلدان المستعمَرة المتخلفة. فالأولى تغذي روح التعالي والتفوق، أما الثانية فهي شيء آخر لأنها تعبّر عن إرادة الشعوب في التحرر من الاضطهاد الرأسمالي فالقومية الأولى شوفينية رجعية تجب محاربتها، أما الثانية فهي تقدمية يجب دعمها([46]).
***
III - المسألـة القوميـة في المرحلـة الستالينيـة
قبل وفاة لينين أصبحت أهم سمات ستالين (1879 - 1953م)(*) واضحة حول مسألتين مهمتين، وهما: موقفه من المسألة القومية، وفرديته في اتخاذ القرار. ولأن لهاتين السمتين تأثيراً كبيراً في حياة الدولة السوفياتية بشكل خاص، والحزب الشيوعي على المستوى العالمي بشكل عام، كان لا بُدَّ من الإشارة إليهما وتوضيحهما:
في أواخر حياة لينين، الذي توفي في العام 1924م، بدأت مظاهر التناقض بين رؤيته للمسألة القومية ورؤية ستالين إليها. ففي العام 1922م، قبل أن يرحل بقليل، حذّر لينين من خطر شوفينية الدولة الكبيرة، وهذا ما لم يدركه ستالين الذي أعاد صيغة العلاقة السابقة، بين الأمة الروسية الظالمة وأبناء القوميات المظلومة، من جديد([47]).
يقول لينين حول خوفه من أن يحصر ستالين صلاحيات كثيرة بين يديه، خاصة بعد أن عُيِّن أميناً عاماً للحزب: «إن الرفيق ستالين، الذي أصبح أميناً عاماً للحزب، قد ركّز بين يديه سلطة لا حصر لها، وأنا غير واثق من أنه سيعرف دائماً كيف يستعملها بما يكفي من الاحتراس».
ربما تكون الأفكار السابقة التي كوّنها لينين عن سمات شخصية ستالين: تقلب أطواره، ونوبات الغضب الحاقد التي كانت تنتابه … هي التي دفعته إلى تقديم اقتراحه لرفاقه «بأن يفكروا بطريقة ما لنقل ستالين من هذا المنصب»([48])، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما نصح بإزاحته وتعيين رجل آخر في منصبه([49]).
ومنذ أن استلم ستالين السلطة تمظهرت سلوكاته بشكل واضح؛ ومنذ تلك اللحظة سيطرت الستالينية وطبعت حياة الدولة الاشتراكية الأولى في العالم وكذلك حياة الحزب الشيوعي الأممي، بطابع متميز وفريد. ولم تستطع القيادة المركزية للحزب الشيوعي، بعد وفاة ستالين، إلاَّ أن تنقده بوضوح وقسوة، من خلال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي الذي عُقد في شهر شباط / فبراير من العام 1956م. لقد توجه المؤتمر بالنقد اللاذع للمرحلة الستالينية، وذهب إلى آخر مدى في إداناته من خلال توجيه التهم الخطيرة، ومنها: الطغيان، والانحراف عن المبادئ اللينينية، وخرق الشرعية القانونية، وتزوير التاريخ، والعزلة عن الجماهير، وصنع المؤامرات لتبرير إجراءات البطش، وخلق عبادة الفرد([50]).
 
1-            التباين في رؤى لينين وستالين حول المسألـة القوميـة:
لم يميِّز ستالين بين القومية الروسية الكبرى، التي كانت تضطهد القوميات الأخرى، وبين القوميات التي كانت تتعرَّض  لاضطهاد القومية الروسية الكبرى. بينما ميَّز لينين بين قومية القامعين وقومية المقموعين([51]).
كان الخلاف بين لينين وستالين، حول المسألة القومية، يدور حول المبادئ التالية: يرى ستالين أن حل مسألة القوميات يتم على قاعدة الحكم الذاتي. أما لينين فيرى أن تقوم على قاعدة بناء دولة اتحادية(*). وهذا يدل على أن ستالين لم يولِ الاهتمام الكافي لأهمية مبادئ الأممية البروليتارية على العكس من لينين. ولا يخفى أن قاعدة الحكم الذاتي للقوميات يتعارض مع بناء طبقة البروليتاريا على اتجاهات أممية.
عدَّ لينين من «البدهي أن الحفاظ على الجمهورية الاشتراكية يأتي في المقام الأول»([52])، ولهذا السبب رفض فكرة ستالين «تحويل الجمهوريات السوفياتية القومية المستقلة إلى جمهوريات تتمتع بالحكم الذاتي»([53]). وعدَّت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في جورجيا مشروع ستالين حول إقامة الحكم الذاتي «أمراً سابقاً لأوانه»، وأيّدها لينين في موقفها هذا([54]).
حدد لينين مركزية الهدف الاستراتيجي لبناء الدولة الاشتراكية في التضامن البروليتاري الأممي، فلا يمكن أن يتحقق التضامن البروليتاري إلاَّ من خلال المساواة القومية، لأن أبناء القوميات الصغيرة الذين تلحق بهم الإهانة من القوميات الأكبر «يصبحون شديدي الحساسية تجاه مسألة الإحساس بالمساواة وانتهاكها من قبل رفاقهم البروليتاريين»([55]). فقاد معركة حاسمة لا هوادة فيها «ضد شوفينية الدولة العظمى»، لأن روسيا كانت تمثل أكبر أمم الدولة السوفياتية، كان لينين حريصاً على أن لا تلعب ذلك الدور([56]).
ولما دعا لينين إلى «توحيد الجمهوريات السوفياتية على أساس المساواة في الحقوق والحفاظ على سيادتها»، حسب ستالين أن موقف لينين هو «ليبرالية قومية». وكان جوهر الأمر في الموقفين يتمحور حول طريقة التعامل مع المسألة القومية: هل نلجأ إلى الكي ونخنق أفعى التعصب القومي في مهدها أم نتعامل مع المسألة القومية بمنتهى الحذر؟([57])، فكان موقف لينين أن يتم التعامل بحذر معها لشدَّة حساسيتها على وحدة الطبقة العاملة([58]).
حسم ستالين النقاش النظري والسياسي داخل الحزب الشيوعي السوفياتي باتجاه تدعيم قاعدة الثورة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي على حساب تفجير الثورة العالمية([59])؛ ولم يعد يهتم -بعد وفاة لينين- بالتوفيق بين رسالة البولشفية القومية وبين واجباتها الأممية([60]).
وهو عندما نادى بإمكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد أعطى للثورة العالمية بعداً جديداً. ففي حين كان لينين ينظر إلى الثورة العالمية على أن فيها مصلحة للحركات الثورية في مختلف البلدان، نرى أن ستالين قد اختزل الثورة العالمية بالدفاع عن المركز الاشتراكي الأول وحمايته، وقال حول ذلك: «إن مركزاً تتجمع من حوله الحركات الاشتراكية يشكل تاريخ ازدهار الثورة العالمية»([61]).
بعد وفاة لينين، وبعد أن استقرّت السلطة بين يدي ستالين، نرى أنه قد أسَّس لموقف واضح من المسألتين الأممية والقومية من خلال مناقشته لدستور الاتحاد السوفياتي للعام 1936م، فكيف نظر ستالين للدستور المذكور؟
يتألف الاتحاد السوفياتي من حوالي ستين أمة وجماعة قومية. أما الدستور فهو أممي ينطلق من مبدأ مساواة جميع الأمم في كل ميادين الحياة. وعلى الرغم من ذلك يثبّت ستالين حق كل جمهورية في الخروج من الاتحاد كي يؤكد مبدأ «الانتماء الطوعي الحر». وهو يرفض إلغاء مجلس القوميات ويثبته إلى جانب مجلس الاتحاد. فالاتحاد السوفياتي دولة متعددة القوميات، ومجلس الاتحاد يمثل المصالح المشتركة لشغّيلة الاتحاد السوفياتي بصورة مستقلة عن قومياتهم([62]).
وفي العام 1950م، يقدّم ستالين أفكاراً حول اللغة، فهي لها صلة بالمسألة القومية: يرى أن للغة علامة قومية تشترك فيها كل الطبقات؛ وتبقى واحدة في كل مراحل تطور المجتمع، من البورجوازية إلى الرأسمالية إلى الاشتراكية، بحيث يؤكد ستالين على فكرة الأمة: كيانها، رسوخها، وحدتها، على الرغم من «الانقسام والتناحر الطبقي». لكن بعد انتصار الشيوعية على النطاق العالمي، يتساءل ستالين: كيف سيتحقق سير الأمم نحو «أمة واحدة ذات لغة واحدة؟»، فيجيب: لن تكون الروسية ولا غيرها من اللغات المعروفة، «بل ستكون لغة جديدة نوعياً تستمد أفضل ما في اللغات القائمة حالياً»، وسيتم نشوء اللغة العالمية الواحدة على مرحلتين:
-         الأولى: تنشأ فيها عدة لغات جديدة، تغطي كل منها قطاعاً جغرافياً كبيراً.
-  الثانية: تندمج اللغات الجديدة الكبرى، فتنشأ اللغة العالمية   الواحدة.
لقد عانى ستالين، منذ أواخر الأربعينات من القرن 20م، من ظواهر «الانحراف الشيوعي - القومي»([63]). وبعد وفاته انتهت سياسة التشدد ضد القوميات([64]).
 
2- تأثيرات ستالين وإجراءاته التنظيمية في الحزب الشيوعي السوفياتي على مجمل مواقف الأحزاب الشيوعية العربية:
تميّزت مواقف الكومنترن(*)، حتى مطلع الثلاثينات من القرن العشرين، بالحذر الشديد وعدم الانجرار وراء انتفاضات مغامرة. كان يتم التحضير بدقة وعناية لأية انتفاضة قد تقوم بها الحركات الشيوعية في العالم، ويعود السبب في ذلك، كما حدده اجتماع اللجنة المركزية للكومنترن، في آذار / مارس من العام 1926م، إلى أن الرأسمالية شددت وطأتها على الجماهير، وزادت استغلالها للمستعمرات، وزوّدت أميركا، أكبر دولة رأسمالية، دول أوروبا بسيل لا ينقطع من الرساميل. فكان على الأحزاب الشيوعية، في مواجهة هذه المتغيرات، أن تلتزم خطاً دفاعياً. وبديلاً للانتفاضات أخذت تتحالف مع الجبهات المتحدة ضد القوى الأمبريالية؛ ولم تستثنِ من تحالفاتها القوى البورجوازية([65]).
ومع بداية الأزمة الاقتصادية العالمية، في العام 1929م، حسب الكومنترن أن الثورة العالمية أصبحت وشيكة الحصول، وكأنَّ الرأسمالية أخذت تدخل في مأزق حاد، وهذا يشكل أفضل الظروف للبروليتاريا لكي تقوم بثورتها بمساعدة الفلاحين. لهذا السبب اتّخذ الكومنترن خطاً متصلباً تصاعدياً ضد البورجوازية عندما حسب الكومنترن أنها ستتخلى عن الثورة وتنضمّ إلى المعسكر الإمبريالي، فرفع شعار «طبقة ضد طبقة»([66]).
تحولت المركزية الديموقراطية -التي حددها لينين في العام 1920م- إلى خضوع أعمى للسلطة الستالينية. كما أصبح الحزب ذاته أداة طيّعة في خدمة سياسته الداخلية والخارجية، ولهذا ضحى ب(الكومنترن) ليظهر للنازيين الألمان ولحلفائه الغربيين، فيما بعد، أن وجود أحزاب شيوعية مرتبطة بالاتحاد السوفياتي لا يؤثر في حرية تحركه([67]).
لعبت المرحلة الستالينية دوراً كبيراً في تحديد المسارين، السياسي والفكري - الإيديولوجي، للأحزاب الشيوعية العربية، وإننا قد نلامس مدى ذلك التأثير عندما نعرف حقيقة الأساليب التي كان ستالين يستخدمها في عملية إخضاع مناوئيه في داخل الحزب. ولارتباط الحزب الشيوعي السوفياتي، من خلال الأممية، بشتى الأحزاب الشيوعية في العالم، من جهة، ولانبهار الأحزاب الشيوعية في العالم بنجاح تجربة الثورة البلشفية في روسيا من جهة أخرى، استطاع ستالين أن يلعب ذلك الدور المؤثر في صياغة استراتيجية الحزب الشيوعي العالمي، ويستطيع أن يُخضع تلك الاستراتيجية ويضعها في خدمة الدولة الاشتراكية الوحيدة والأولى في العالم.
وإذا أردنا أن ننقد مواقف الأحزاب الشيوعية العربية من المسألة القومية العربية وقضاياها الرئيسة، لا بُدَّ أمامنا من أن نضع استراتيجية ستالين في دائرة الاهتمام لأن الاستناد إليها ضرورة منهجية تساعدنا على فهم حقيقة تلك المواقف.
فإذا كان ما يميز الفلسفة الماركسية، ومن بعدها الماركسية - اللينينية، أنها حددت هدفاً فكرياً ثابتاً لنضالها، وهو دولة البروليتاريا الأممية، ووضعت كل الوسائل الأخرى في خدمته، فإن الستالينية قد نزلت بذلك الهدف إلى مستوى أدنى، عندما جعلت هدفها المركزي بدعوة كل كادحي العالم / الأحزاب الشيوعية أن يتَّحدوا لحماية ذلك المركز حتى لو كان على حساب مواقفها من قضاياها القومية المباشرة.
إذا كان الهدف من الموقف الستاليني من المسألة القومية قد تميَّز تعصباً لحماية الدولة الاشتراكية المركزية في العالم مما أجبر، لذرائع سياسية - إيديولوجية، أن يجعل نضالات الشيوعيين في العالم تتمحور حول حماية هذا المركز حتى كادوا ينسون شخصيات قومياتهم الأم، جاءت الإجراءات التنظيمية في داخل الحزب الشيوعي، بما رافقها من بطش وإرهاب، لتزرع الرعب في نفوس الشيوعيين في منظومة الدول الاشتراكية، وتتجاوزهم إلى زرع الرعب في نفوس كل الأحزاب الشيوعية في العالم؛ وهذا السبب هو الأساس، كما نحسب، الذي نستند إليه في نقد الأحزاب الشيوعية العربية عندما سنتناول في الوقت المناسب المسألة القومية عند تلك الأحزاب.
***


IV  -الماركسية والحركة الصهيونية: ثبات في العقائد وتحولات في المواقف السياسية
 
1- مقدمات حول موقف الماركسيـة من الصهيونيـة:
يرى ماركس أن المسألة اليهودية ليست مسألة قومية، لكنه يرى أن تتم معالجتها حسب الظروف المحيطة بها، فهي قد تطورت من مسألة لاهوتية في عهد الإقطاع إلى مسألة سياسية في عهد صعود البورجوازية، ويرتبط حلها بحل مشكلة النظام البورجوازي، أي القضاء عليه([68]).
وبعد أن تحولت الماركسية من المستوى النظري إلى العمل التنظيمي من خلال الحزب العمالي الديموقراطي الروسي، استأثرت المسألة اليهودية باهتمام الحزب المذكور. وانخرط اليهود في تنظيم مماثل، فأسسوا حزباً يمثل العمال اليهود في روسيا، وعُرف بحزب»البوند«. وقد حصل خلاف بين الحزبين حول مسألة القوميات، فرفع حزب البوند شعار الاستقلال الثقافي القومي الذاتي، على أن تكون للأمة منظمات متعددة بمقدار ما تتعدد التجمعات القومية. أما لينين فقد دافع عن شعار حق الأمم في تقرير مصيرها، الذي يستهدف تحرير الأمم المظلومة، وإقامة علاقات أخوية بينها، على أن تنبني على ضرورة وحدة الكادحين من أبناء هذه الأمم من أجل تحررهم([69])، وبهذا يتحقق اتحاد طوعي حر فيما بينها([70]).
يقول لينين إن اليهود ليسوا أمة لأن فكرة القومية اليهودية تحول دون مصالح البروليتاريا اليهودية، لأنها تروّج في صفوفها روح (الغيتو)(*) المعادية للانصهار(**). لكنه اهتم، من جانب آخر، بقضية معاداة السامية، أي دعا إلى وقف كل دعوة تهدف إلى زرع الحقد ضد اليهود، مستنداً إلى نظرته في إزالة الاضطهاد القومي بشكل عام([71]). لكنه يرى أن الحركة الصهيونية تمثل تهديداً مباشراً لنمو التنظيم الطبقي للبروليتاريا أكثر من اللاسامية([72]).
كانت رؤية لينين غائبة عن الماركسيين عامة، والعرب منهم بشكل خاص، فتجاهلوا تلك الرؤية التي ترى مدى الخطر الذي تشكله الصهيونية على البروليتاريا([73]).
حاولت الدولة السوفياتية، في عهد لينين، أن تتيح فرصة انصهار اليهود قومياً ضمن الدولة الاشتراكية، على الرغم من عدم اعترافه بهم كأمة. وكانت تلك المحاولة تصب في إطار شرطين:
        ·          الأول: ضرورة انصهار اليهود الطوعي كأمة في الدولة الاشتراكية، وهذا ما يلبّي رغبتهم، فهم كانوا يطالبون بمعاملتهم كأمة.
   ·    الثاني: كانت الدولة تعمل على مبدأ تنمية القوميات، التي كانت تخضع للإمبراطورية الروسية، من خلال المسير معها على طريق الانضمام الطوعي الحر إلى الدولة الاشتراكية الجديدة.
وبهذا يكون فرض انصهار قسري على اليهود مما يتعارض مع العاملين المذكورين([74]).
ووقف تروتسكي، على الرغم من أنه من اليهود الشيوعيين، ضد اعتبار اليهود أمة([75]). وعدَّهم ستالين بأنهم ليسوا جماعة ثابتة تآلفت تاريخياً. فهم ليس لديهم لغة مشتركة، ولا أرضاً واحدة، فهم يعيشون منفصلين عن بعضهم البعض كل الانفصال، ويقطنون أراضٍ مختلفة، ويتكلمون بلغات مختلفة([76]).
 
2- المواقف المبدئية للأممية الشيوعية من الحركة الصهيونية:
لقد وقفت الأممية نظرياً، منذ العام 1920م، ضد الحركة الصهيونية في فلسطين؛ وضد الهجرة إليها من الاتحاد السوفياتي، وضد إقامة وطن قومي يهودي، وضد إقامة حزب شيوعي يهودي([77]).
عدَّت المؤتمرات الأممية للحزب الشيوعي أن الصهيونية «أكذوبة لا مثيل لها في التاريخ»، ولم تكن إلاَّ مثالاً لخداع تمارسه القوى الاستعمارية على الطبقة العاملة في البلدان المضطهَدة([78]).
وقد رفضت الأممية الثالثة طلب الحزب الشيوعي اليهودي (بوعالي تسيون) الانضمام إليها إلاَّ إذا وافق على رفض هجرة اليهود إلى فلسطين، وعلى حل الاتحاد العالمي لليهود، وانضمام فروعه -كوحدات يهودية- إلى فروع الأممية الشيوعية، وأن تقطع كل الروابط بالاتجاهات الصهيونية وأطروحاتها([79]).
 
3- المواقف السياسية العملية للأممية الشيوعية من الصهيونية:
وقفت الأممية الشيوعية، سياسياً، إلى جانب الانتفاضات الفلسطينية في العامين 1929م، و1936م، وعدتّهما ثورتين ضد العدوان الصهيوني المسخَّر لمصلحة الاستعمار([80]).
لم يتغير، حتى العام 1946م، الموقف السوفياتي من الحركة الصهيونية، بل ظلَّت موضع اتهام وتجريم. لكن الموقف من الحركة العربية في فلسطين لم يكن ثابتاً بين العامين 1920م و1947م:
في العام 1929م، كانت الحركة الفلسطينية، من وجهة نظر الأممية الشيوعية، نضالاً ثورياً وطنياً، ودعا الكومنترن الجماهير العربية واليهودية في فلسطين إلى الوقوف معاً ضد الاستعمار والصهيونية والخونة من الوطنيين العرب. وعندما اتهمت الصحافة الشيوعية، من خارج الاتحاد السوفياتي، المقاومة العربية بأنها تدبير من الاستعمار البريطاني، بادر الكومنترن إلى إصدار قرار شجب فيه التأثير الصهيوني على بعض الشيوعيين. كما واعتبرت ثورة 1936م في فلسطين كفاحاً من أجل التحرر القومي([81]). وعرفت المواقف السوفياتية بعض التبدل في اتجاهاتها بعد التعاون الذي حصل بين القيادة الفلسطينية مع دول المحور. ومع مشروع التقسيم، في العام 1947م، تبدَّل الموقف السوفياتي من تأييد الثورة العربية إلى الدعوة لقيام تعاون بين القوى التقدمية العربية واليهودية لمقاومة العناصر الفاشية بين العرب واليهود([82]).
ومنذ ذلك التاريخ لم تعرف السياسة السوفياتية ثباتاً في موقفها من الصهيونية بشكل عام، ومن قيام الكيان «الإسرائيلي» بشكل خاص، وسنعمل على رسم الخط البياني لتطورات تلك المواقف:
بدون مقدمات واضحة تبرر موقفهم، أيَّد السوفيات قيام دولتين عربية ويهودية، في العام 1947م، وهذا مما يصعب تفسيره. يحاول ناجي علوش أن يستجمع بعض التطورات، في محاولة لجلاء الغموض عن صعوبة التفسير، فيرى أن العوامل التالية قد تساعد على ذلك:
أ-أدَّى تأثير الصهاينة على الرئيس الأميركي ترومان إلى إدخال قضية تأييد المشروع الصهيوني في مساومات الحرب العالمية الثانية، حيث كانت الحرب الباردة في ذلك الوقت قد بلغت درجة كبيرة من الحدة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، السبب الذي دفع بستالين إلى مهادنة الصهيونية.
ب-كانت المنطقة العربية زراعية ومتخلفة، وكانت «إسرائيل»، في حال قيامها تبشر بنهضة صناعية تؤدي إلى انتشار الشيوعية.
ج-كان ستالين يعتمد على كثير من القيادات الشيوعية اليهودية في أوروبا الشرقية، لذلك لم يكن يود الاصطدام معها.
د-شكَّل تشويش الإعلام الصهيوني على سياسات الاتحاد السوفياتي ضغطاً حاول أن يتخلص منه بالتقارب مع الصهيونية. وبفعل ضغط مجمل تلك العوامل السياسية، أدى إلى انقلاب سياسي سوفياتي فإلى انقلاب عقائدي([83]).
أفرز ذلك الانقلاب السياسي - العقائدي في مواقف الاتحاد السوفياتي حماساً سوفياتياً لتأيد قيام دولة الاغتصاب الصهيوني([84]). إلاَّ أن ذلك الموقف لم يستمر طويلاً، لأن قيام الكيان الصهيوني في فلسطين، أطلق العنان لحماس يهودي في الاتحاد السوفياتي، وهذا ما لم يكن ستالين مستعداً للتسامح معه، فأخذت المواقف تتغير باتجاه إعادة التشديد على حركة اليهود([85]).
ولما ازدادت الحملات الصهيونية ضد الاتحاد السوفياتي، وبعد أن فُتح باب الهجرة أمام اليهود للانتقال إلى فلسطين، تصاعدت الحملات السوفياتية ضد إسرائيل والصهيونية([86]).
ساءت العلاقات بين اليهود والاتحاد السوفياتي بشكل شديد، منذ العام 1953م، وقد تم التعبير عن الموقف السوفياتي الجديد، بما يلي: «إن إسرائيل لم تعد الدولة المستقلة الديموقراطية، التي أيّد الاتحاد السوفياتي خلقها، وإنما تحولت، بدلاً من ذلك، بلداً رأسمالياً رجعياً، تُضطهَد فيه الأقلية القومية العربية…»([87]). وبهذا بدأ التحول الحقيقي لموقف الاتحاد السوفياتي من العلاقة مع الكيان الصهيوني في فلسطين، منذ العام 1954م، بعد أن اتّضح أمام قيادته الدور الفعلي للصهيونية ولحقيقة علاقتها مع الاستعمار([88]).
-بعد العام 1967م، أيد السوفيات قرار مجلس الأمن الدولي، 242 الذي اعتبر الفلسطينيين لاجئين، وعدّوا كل من يخرج عليه مغامراً.
-اعترف السوفيات، بعد العام 1970م، بمنظمة التحرير الفلسطينية. وانتشر الحديث عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في تقرير مصيره، وفي إقامة دولة مستقلة. لكن الاتحاد السوفياتي صمت، بعد اتفاقيتيْ كامب ديفيد، عن الحديث عن القرار 242.
***


V - المسألـة القوميـة بعد وفـاة ستالين
(1954م - 2000م)
بعد وفاة ستالين، في 5 آذار / مارس من العام 1953م، أدان المؤتمر العشرون للحزب، الذي عقد في شهر شباط / فبراير من العام 1956م، أخطاء ستالين وجرائمه، وبشكل خاص التصفيات الجماعية التي دبّرها بين العامين 1936 و1938م([89]).
لقد أقام ستالين من نفسه ديكتاتوراً بثلاثة اعتبارات:
-      سعة نطاق ديكتاتوريته، بحيث أصبحت كابوساً لكل مواطن.
-      ووسائله غير الاعتيادية التي عُرِفت «بمحاكمات الاعتراف»، أي أن يقوم المعارض باتهام نفسه بالخيانة.
-      وسرية التطهير الواسعة([90]).
لم تكن لتمر تأثيرات تلك الديكتاتورية من دون مظاهر انصياع لها من قبل الأحزاب الشيوعية، في خارج الاتحاد السوفياتي ومنها الأحزاب الشيوعية العربية. وهل كان هناك من سبيل آخر أمام تلك الأحزاب من أن تحمل «مظلة - موسكو / ستالين» كلما أمطرت في داخل كل بلد عربي؟!!!
لم تكن ديكتاتورية ستالين جزيرة منفصلة عن مجمل الظروف التي سبقت عهده. فالحزب والثورة مرّا بسلسلة من الصعوبات الداخلية، سواء على صعيد التغييرات التي حاولت الثورة أن تحدثها على شتى الصعد، أو على مستوى الحزب الذي كان يعاني من سلسلة متواصلة من الخلافات الداخلية، على الصعيدين الشخصي أو السياسي أو الفكري؛ ولم يكن ستالين إلاَّ في القلب من تلك الخلافات الداخلية([91]).
في أواخر عهد ستالين، أخذت معالم الظروف الدولية تتغير، منذ الخمسينات من القرن 20م. فبعد أن توزَّعت القوتان العظمييان: الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية، مناطق النفوذ في العالم في مؤتمر يالطا(*)، أخذت مصالح الدولتين تتصادم، خاصة أن التباين الأيديولوجي بين الرأسمالية والاشتراكية لن يسمح بالتوفيق بين تلك المصالح. لذلك انخرطت القوتان في سباق محموم لتطوير أنظمة الأسلحة التدميرية، وأخذ التسابق يزداد حول اكتساب مناطق النفوذ السياسية والاقتصادية في شتى أنحاء العالم.
كان الخط البياني لاتجاهات القيادة السوفياتية يتمظهر، منذ عهد ستالين حتى أواخر القرن ال20م، على الشكل التالي:
-                مركَزَ ستالين النضال لحماية المركز الاشتراكي السوفياتي.
-                بدأ عهد بريجنيف(**) بزمن «التجميد».
-                وانتهاءً بعهد البريسترويكا «التجديد»، في عهد غورباتشيوف (***)([92]).
أصبح من الواضح للقوتين أن حسم الصراع بينهما، على قاعدة القوى العسكرية، لن يكون أقل من تدمير الحياة البشرية.ومرَّت المراحل، بعد أن استفاقت القوتان على خطورة ما يجري، بأكثر من محطة حاولتا في كل منها وضع اتفاقات تلجم خطورة التسابق على التسلح، ومنها مرحلة التعايش السلمي تارة والحرب الباردة تارة أخرى. وهنا يصوِّر غورباتشيوف الوضع الدولي على الصورة التالية، والتي على أساسها قام بصياغة منطلقات جديدة لتحديد سياسة دولية جديدة، والتي أحدثت -بدورها- منطلقات جديدة للسياسة السوفياتية وأيديولوجية الحزب الشيوعي السوفياتي:
1-إن الإنسان في عصرنا الراهن قد أنهكته التوترات والمواجهة، وأخذ يبحث عن عالم أكثر أماناً واستقراراً. عن عالم يكون لكل فرد فيه الحرية في أن يحتفظ بفلسفته الذاتية ورؤيته السياسية والأيديولوجية التي يعتنقها، وأن يكون له الحق في أن يعيش حسب أسلوبه الخاص في الحياة([93]).
2-إن الأمن العالمي، في أيامنا، يعتمد على الاعتراف بحق كل أمة في اختيار طريقها الخاص للتنمية الاجتماعية، وأن تمتنع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن يكون لكل أمة الحق في أن تختار، من منظور سيادتها، بين الرأسمالية والاشتراكية من دون أية ضغوط قسرية تعسفية([94]).
3-ضرورة التحدث -استناداً إلى لينين- عن أولوية المصالح المشتركة للإنسانية جمعاء على المصالح الطبقية. لكن هذا لا يلغي، أبداً، أن يبقى المنهج الطبقي مؤمناً بأن تكون المفاهيم والقيم الإنسانية وظيفةً ونتاجاً نهائياً لصراع الطبقة العاملة، والتي سيبقى الشيوعيون يؤمنون بأنها ستبقى آخر طبقة تقود مجتمع التناقضات الطبقية بأكمله. لكن ظهور أسلحة التدمير الجماعي العالمي وضع قيداً موضوعياً على «المواجهة الطبقية في الساحة الدولية»، وأصبح في إمكان مختلف النظم الاجتماعية «أن تتعاون مع بعضها البعض باسم السلام»([95]).
يُجمع الزعماء السوفيات، منذ الحرب العالمية الثانية، على هدف «الحفاظ على مركز ووضعية القوة العظمى الكونية لبلادهم»، فبقي الهدف المستقر والثابت عندهم مرفوعاً كهدف قومي أعلى للدولة السوفياتية([96])، ووضعوا كل المناهج والتكتيكات والخطط والممارسات في خدمة تحقيقه([97]). وكان من أهم تلك المناهج هو الرضى الذي أبداه الاتحاد السوفياتي للاتفاق مع الرأسمالية حول مرحلة التعايش السلمي، التي امتدت منذ أواخر الخمسينات حتى أواخر الستينات من القرن 20م، على أساس بقاء التناقض الإيديولوجي والتنافس السلمي في نطاق العالم الثالث. وقد تطوَّرت تلك المرحلة إلى مرحلة الوفاق الدولي، منذ أواخر الستينات حتى أواخر السبعينات، أي إلى مرحلة «المفاوضة بدلاً من المواجهة»، وكانت من أهم مظاهرها التنسيق والصفقات «غير المعلَنَة حول القضايا الدولية المصيرية»([98]).
لقد تحددت العوامل الأساسية للسياسة الخارجية السوفياتية بالتالي: المصلحة القومية، والعامل الإيديولوجي الذي يمنحها صلابة مبدئية واستراتيجية، ومقتضيات الصراع الدولي([99]). ولقد انحسر الطابع الإيديولوجي في السياسة السوفياتية مفسحاً في المجال للواقعية السياسية التي تنظر إلى السياسة بوصفها علاقات موضوعية تحكمها نسبة القوى والمصالح المتبادَلَة، وتوازنها كأساس للعلاقات الدولية. فكان نزع الطابع الإيديولوجي عن السياسة يهدف إلى إعادة تقويم العلاقات الخارجية على أساس «الحساب الصارم للواقع الفعلي»([100]). فالسياسة هي «فن الممكن، أما خارج نطاق الممكن فتبدأ المغامرة»([101]).
وتدل هذه السياسة الجديدة على أن الاتحاد السوفياتي اتّجه، إدراكاً منه لضخامة المسؤولية في بقاء البشرية على قيد الحياة من خطر انفجار نووي، نحو اتباع سياسة (المفاوضات السلمية)، أي «محاولة الوصول إلى قاسم مشترَك ما بين مصالح [الشعوب، على قاعدة] احترام مصالح كافة الأطراف»([102])، وعلى أساس مبادئ، مثل «منع التدخل الخارجي المسلّح في الشؤون الداخلية للشعوب لتمكينها من تقرير مصيرها بنفسها، والتخلّي عن سياسات القوة عموماً»([103]).
لم يرم الاتحاد السوفياتي، منذ عهد ستالين، «إلى تصدير الثورة، بل على العكس من ذلك مارس ديبلوماسية حريصة كل الحرص هدفها المبدئي هو الحفاظ على دولته»([104]). ولم يكن تدخَّله في شؤون العالم الثالث ينمُّ عن تلك الرغبة، بل كان عنصراً في استراتيجية دفاعية من موقع ضعيف نسبياً على الرغم من التعادل في قوى الردع العسكري مع أميركا([105]).
المسألة القومية في فكر غورباتشيوف «التجديدي»:
لقد أولت مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفياتي ال(25 - 27)(*) عناية خاصة لعلاقة الأممي بالقومي. وألقت على عاتق الشيوعيين مهمة الجمع «بين المصالح القومية والأممية في النضال الطبقي والثورة وبناء الاشتراكية والشيوعية؛ وتكون، بالتالي، رهناً بقدرتهم على الذود عن الأممية المتّسقة ضد أية محاولات لاستبدال المعايير الطبقية في حل المشكلات الاجتماعية بمعايير قومية لا طبقية»([106]).
يتواجد الأممي والقومي في وحدة ديالكتيكية، ولا تُقام وحدتهما إلاَّ في ظل الاشتراكية التي هي أممية بطبيعتها، لأنها تجسد المصالح الحقيقية للأمم. أما الرأسمالية، بقوميتها الشوفينية -إيديولوجية وممارسة- فتفصل بينهما فصلاً مصطنعاً. ولا بُدَّ في أية وحدة ديالكتيكية من وجود طرف قيادي. ففي وحدة الأممي والقومي تنعقد القيادة للأممي (أي الإنساني). ولهذا يتعذّر حل أية مشكلة قومية مهمة بمعزل عن الأممي([107]).
لا يوجد الأممي «إلاَّ في القومي… وفي القومي جرى ويجري تمثل الإنجازات الأممية. فالأمة تتطور على نحو أحسن كلما استوعبت الأممي على نحو أغنى»([108]). وقد أكَّد لينين «على عدم جواز التكرار الميكانيكي لتجزئة الآخرين. ولكن هذا لا يعني، بالطبع، عدم استخدام الخبرة الأممية… خبرة النضال في سبيل الاشتراكية والبناء الاشتراكي»، لأنه لا يمكن للمصالح القومية أن تتحقق بدون المساهمة الفعالة للأمم والشعوب في حل المهام الأممية([109]). ولا يمكن للوحدة التامة للأمم أن تتم «إلاَّ عبر تعاونها الودي في كافة ميادين الحياة، عبر تربية كافة الكادحين بروح الأممية الاشتراكية»([110]).
أعلن غورباتشيوف نهاية الحلم الأممي تحت قيادة البروليتاريا، وأحلَّ مكانها أولوية المصالح المشتركة للإنسانية جمعاء على المصالح الطبقية([111]). وعلى الرغم من أنه أبقى الباب مفتوحاً أمام استراتيجية العمل من أجل مصالح الطبقة العاملة، فقد عدَّل في سًلَّم الثوابت والمتغيرات، وفي سُلَّم الأساسيات والثانويات. وبهذا أصبحت المصالح المشتركة للإنسانية جمعاء تحتل مكانة الثابت الأول، وهذا يعني أن المسألة القومية، التي تشكِّل بمجموعاتها الأممية مجموعاً للمجتمع البشري على سطح الكرة الأرضية، أنها أخذت تحتل مكانة في لائحة الثوابت الماركسية.
فكيف يرى غورباتشيوف إلى المسألة القومية، بعد مرور ما يقارب السبعين عاماً من التجربة السوفياتية في تطبيق الماركسية؟
كتمهيد للتجديد في الفكر الماركسي، ينتقد غورباتشيوف منهج المعرفة عند الشيوعيين الماركسيين قائلاً: «يجب القضاء على النزعة المحافظة في أنفسنا… إن الأكثرية تتمسك بمبادئ أساسية وإيديولوجية صحيحة، ولكن ثمة مسافة كبيرة بين الموقف الصحيح وبين تجسيده»، «لقد فعلت عشرات السنين من الخضوع لسلطة الأفكار الجامدة، المستمدة من الكراريس، فعلها»([112]).
ومن فضائل الاشتراكية أنها أنهت «الاضطهاد القومي»، و«عدم المساواة»، و«أمَّنت التقدم الاقتصادي والروحي لكافة القوميات والشعوب… وارتقت ثقافتها إلى مستوى طليعي، مع أن البعض منها لم يكن يملك -سابقاً- لغته المكتوبة»([113]).
لقد كانت الدولة الاشتراكية السوفياتية -في المرحلة السابقة- منشغلة «في تثبيت الإنجازات الكبيرة في مجال معالجة المسألة القومية»، ولكن كان يتم تقييم الوضع «من خلال الكلمات الرنانة»، وهذا لا يستقيم مع أهمية هذه المسألة، التي «هي مسألة الحياة نفسها بكامل تنوِّعها وتعقيداتها»([114]).
يعيد غورباتشيوف الفضل إلى لينين، الذي يعدّه رائداً في إرساء أنموذج فريد من نوعه في تاريخ الحضارة الإنسانية، وهذا الأنموذج يتمثل في «السياسة القومية التي أرسى دعائمها» في بناء دولة متعددة القوميات عن طريق «الانبعاث والازدهار الثقافي» من جهة، وإلغاء الغطرسة القومية من خلال تصويرأن لقومية ما قيم مطلقة، وهذا ليس بالتصور العادل «ولا يجوز التسليم به»([115]) من جهة أخرى.
ما زال لعامليْ الثقافة والاضطهاد القومي، كما يقول غورباتشيوف، تأثير كبير في بناء دولة متعددة القوميات على أسس سليمة.
بالنسبة للعامل الثقافي يرى غورباتشيوف أنه لا سبيل إلى العيش، في بلد متعدد القوميات، دون وسيلة للتفاهم، فكانت اللغة الروسية ضرورية للجميع لأنها لغة القومية الأكثر عدداً([116])؛ فهو يرى استناداً إلى ذلك أن «كل ثقافة قومية هي قيمة كبيرة لا يُعقَل أن تضيع. ولكن الاهتمام الجدّي بكل ما هو قيم في الثقافة القومية، يجب ألاّ يتحول إلى النزوع نحو الانعزال عن العملية الموضوعية للتفاعل والتقارب بين الثقافات القومية»([117]).
أما بالنسبة للعلائق القومية بين أبناء القوميات المتعددة الذين يشتركون في دولة واحدة، فيراها غورباتشيوف من زاويتين:
الأولى تقوم على سيادة روح الاحترام المتبادَل بين ممثلي القوميات المختلفة.
أما الثانية، فتقوم على التحذير من أن تسعير الشعور القومي لا يؤدي إلاَّ إلى تعقيد البحث عن حلول عقلانية. ولهذا يرى غورباتشيوف أن تتم معالجة تلك العلاقات على قاعدة تعزيز العملية الديموقراطية من جهة، والعمل على تعزيز التعايش الأممي بين شعوب القوميات المختلفة من جهة أخرى([118]).
-  -  -
ظلَّت حدود الدولة السوفياتية الاشتراكية الأممية مفتوحة، ولم تستطع الأنظمة الشيوعية المتعددة أن تقفلها لأنها تكون بذلك قد أقفلت حدود الثورة البروليتارية الأممية. ولكن بعد تلميحات من هنا أو هناك من أقطاب الزعامة الفكرية والسياسية السوفياتية، كمثل ما رأى ستالين أن الحلم الأممي هو بعيد المنال([119])، أقفل ستالين حدود الدولة وأبقى أبوابها مفتوحة للحركات البروليتارية المؤيدة في الخارج كي تحمي حدود الدولة الاشتراكية الأولى في العالم. وجاءت ظروف التاريخ اللاحق والعلاقات الدولية الجديدة التي تحكمت فيها وجود قوة تسليحية تدميرية لكي تقفل أبواب الدول والإيديولوجيات الأممية وحدودها، وتنتقل إلى داخل الدولة القومية والإيديولوجيات القومية، على أن يبقى حلم التوحد الإنساني حلماً سعيداً لا يمكن إلغاؤه ولكن على أن لا تضيِّع النضالات الأيديولوجية الوقت في سبيل ملاحقة حلم يجب الإعداد له بصبر طويل وطويل، لكن عليها أن لا تقتله حتى لا تقتل الأمل في النفس البشرية.
***


* كارل ماركس (1818 - 1883م) - فردريك إنجلز (1820 - 1895).
([1]) ماركس، إنجلز، لينين: الماديـة التاريخيـة: دار الفارابي: بيروت: 1975م: د. ط: [راجع، من كتاب بيان الحزب الشيوعي: صص 75 - 76]. جاء في تعريف للبيان المذكور ما يلي: «بيان الحزب الشيوعي - الوثيقة المنهجية الأولى للشيوعية العلمية التي قدّمت شرحاً متماسكاً شاملاً للمبادئ الأساسية لتعاليم ماركس وإنجلز الكبرى. كتباه باعتباره برنامج العصبة الشيوعية. وطُبع البيان، لأول مرة، في لندن في شباط 1848م»: الماديـة التاريخيـة: م. ن: ص 625 / هامش 32.
([2]) م. ن: ص 78.
([3]) م. ن: ص 80.
([4]) م. ن: ص 82.
([5]) م. ن: ص 83.
([6]) م. ن: ص 87.
* فلاديمير إليتش لينين (1870 - 1924م).
([7]) لينين: نصوص حول المسألة القومية: دار الطليعة: بيروت: 1972: ط1: (ترجمة وتقديم جورج طرابيشي) : راجع مقال «الإطار التاريخي للحركات القومية» (155 - 156): كانون الثاني / يناير 1917م: ص 156.
([8]) م. ن: راجع «خطاب حول المسألة القومية» (164 - 171): 24 - 29 نيسان / أبريل 1917م: ص ص 166 - 167.
([9]) م. ن: راجع مقدمة جورج طرابيشي: صص 5 - 6.
([10]) م. ن: راجع مقدمة جورج طرابيشي: ص 10.
([11]) م. ن: راجع مقال حول بيان «اتحاد الاشتراكيين - الديموقراطيين الأرمن»، بتاريخ أول شباط / فبراير 1903م: ص 20.
([12]) م. ن: راجع مقال «المسألة القومية في برنامجنا» (22 - 35): تاريخ 13 تموز / يوليو 1903م: صص 22 - 23.
([13]) م. ن: ص ص 24 - 25.
([14]) م. ن: ص 27.
([15]) م. ن: راجع مقدمة جورج طرابيشي: ص 11.
([16]) م. ن: راجع مقدمة جورج طرابيشي: صص 12 - 13.
([17]) م. ن: راجع مقال «المسألة القومية في برنامجنا» (22 - 35): في 13 تموز / يوليو 1913: ص 28.
([18]) م. ن: راجع مقال «حول الاستقلال الذاتي القومي الثقافي» (83 - 89): في 28 ت2 / نوفمبر 1913م: ص 83.
([19]) م. ن: ص 84.
([20]) م. ن: ص 85.
([21]) م. ن: راجع مقال «إفساد العمال بنزعة قومية مهذّبة» (136 - 140): 10 أيار / مايو 1914م: ص 138.
([22]) م. ن: راجع مقال «تساوي الأمم في الحقوق» (133 - 135): في 16 نيسان / ابريل 1914م: صص 133 - 135.
([23]) م. ن: راجع مقال «إفساد العمال بنزعة قومية مهذّبة» (136 - 140): في 10 أيار / مايو 1914م: ص 137.
([24]) م. ن: راجع مقال «الفييكيون والنزعة القومية» (43 - 45): نيسان / أبريل 1913م: ص 45.
([25]) م. ن: راجع مقال «الطبقة العاملة والمسألة القومية» (46 - 48): 10 أيار / مايو 1913م: ص 48.
([26]) م. ن: راجع مقال «البروليتاريا الثورية وحق الأمم في تقرير مصيرها» (142 - 151): ت1 / أكتوبر 1915م:  ص 143.
([27]) م. ن: ص 145.
([28]) م. ن: ص 147.
([29]) م.ن: راجع مقال «حول الثورة الاشتراكية وحق الأمم في تقرير مصيرها»  (152 - 153): في ك2 - شباط / يناير - فبراير 1916م: ص 152.
([30]) م. ن: راجع مقال «قرار حول المسألة القومية» (172 - 174): في 29 نيسان / أبريل 1917م : ص 173.
([31]) م. ن: ص 174.
([32]) م. ن: راجع مقدمة جورج طرابيشي: صص 13 - 14.
([33]) م. ن: راجع مقال «حول تعديل برنامج الحزب» (181): نيسان - أيار / أبريل - مايو 1917م: ص 181.
([34]) م. ن: راجع خطاب لينين في المؤتمر الأول للبحرية الحربية الروسية (185 - 188): 25 ت2 / نوفمبر 1917م: ص 186.
([35]) م. ن: راجع مقال «مساهمة في تاريخ صلح تعيس» (190 - 191): 11 شباط / فبراير 1918م: ص 191.
([36]) م. ن: راجع «مشروع برنامج الحزب الشيوعي الروسي» (192 - 193): آذار / مارس 1919م: ص 193.
([37]) م. ن: راجع «مشروع قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي» (196 - 198): ت2 / نوفمبر 1919م: ص 198.
([38]) م.ن: راجع «البند المتعلق بالعلاقات القومية في البرنامج» (194 - 195): ص 194. هذا النص هو أحد بنود برنامج المؤتمر الثامن للحزب المنعقد في آذار / مارس من العام 1919م.
*  لا ينظر لينين، هنا، إلى المسألة القومية بالجملة؛ بل يحدد لكل قضية قومية إطار معالجتها الخاص استناداً إلى طبيعة علاقتها مع الدولة الاشتراكية السوفياتية. وهنا يحسب أن للقومية الأوكرانية مجالها الخاص وعلاقتها الخاصة، والشديدة الأهمية، مع المركز الاشتراكي الأممي في روسيا.
([39]) م. ن: راجع مقال  انتخابات الجمعية التأسيسية وديكتاتورية البروليتاريا (199 - 200): ك1 / ديسمبر 1919م: ص 200.
([40]) م. ن: راجع رسالة إلى عمال وفلاحي أوكرانيا (201 - 208): 4 ك2 / يناير 1920م: ص 203.
([41]) م. ن: ص 207.
([42]) م. ن: راجع مقال «قرار حول المسألة القومية» (172 - 174): في 29 نيسان / أبريل 1917م : ص 172.
([43]) م. ن: من مقدمة جورج طرابيشي: ص 14.
([44]) نعوموف، فلاديمير و كورين، ليونيد: وصيـة لينـين: دار الفارابي: بيروت: 1989: ط1: ص 68.
([45]) م. ن: ص 70.
([46]) فرح، الياس: تطور الفكر الماركسي: م. س: صص 147 - 148.
* جوزيف ستالين: زعيم شيوعي بارز، حكم الاتحاد السوفييتي حكماً مطلقاً، من العام 1928م إلى آذار / مارس 1953م. نشأ في ظل لينين واستلم قيادة الحزب والدولة من بعده، ففتك بمعارضيه، ودعَّم أسس الدولة السوفياتية وفق نظرية «الاشتراكية في بلد واحد»، وقاد بلاده نحو الانتصار في الحرب العالمية الثانية، وتقاسم مناطق النفوذ في العالم مع الولايات المتحدة الأميركية في مؤتمر يالطا، محوّلاً الاتحاد السوفييتي إلى إحدى أقوى دولتين في العالم. [راجع، موسوعة السياسة (ج 3): المؤسسة العربية للدراسات والنشر: بيروت: 1983: ط1: ص 137].
([47]) لينين: نصوص حول المسألة القومية: م. س: «بطاقة إلى المكتب السياسي حول النضال ضد شوفينية الدولة الكبيرة» (209 - 210): راجع الهامش 1 ص 209.
([48]) وصيـة لينـين: م. س: ص 28.
([49]) أنظر ملحق وصية لينين في، كونكوست، روبرت: الإرهاب الكبير: دار النهار للنشر: بيروت: 1969: : د. ط: ص 410.
([50]) موسوعة السياسة (ج3): م.س: ص 139.
([51]) إرجع إلى وصية لينين إلى المؤتمر الثالث عشر للحزب البلشفي.
* الحكم الذاتي «هو حق الدولة أو أية منطقة رئيسة منها في إدارة شؤونها الداخلية بكل حرية، ودون الخضوع لتوجيهات أو أمر أي دولة خارجية». وهو أيضاً، «صلاحية كل دولة أو إقليم في الدولة الاتحادية أن تحكم ذاتها عبر حكومة ومجلس وقوانين لا تخضع لرقابة الحكومة الاتحادية». [راجع موسوعة السياسة (ج 2): م. س: صص 562 - 563].
([52]) لينين: نصوص حول المسألة القومية:: راجع مقال «مساهمة في تاريخ صلح تعيس» (190 - 191): 11 شباط / فبراير 1918م: ص 191.
([53]) وصيـة لينـين: م. س: ص 68.
([54]) م. ن: ص 71.
([55]) م. ن: ص 70.
([56]) م. ن: ص 71.
([57]) م. ن: ص 69.
([58]) م. ن: ص 70.
([59]) موسوعة السياسة (ج 2): المؤسسة العربية للدراسات والنشر: بيروت: 1981: ط 1: ص 416.
([60]) م. ن: ص 417.
([61]) فرح، الياس: تطور الفكر الماركسي: م. س: صص 156 - 157.
([62]) مرقص، الياس: «مسألة القوميات في الاتحاد السوفياتي (1912 - 1965م)» (33 - 58): مجلة دراسات عربية: بيروت: العدد السابع: أيار / مايو 1965: ص 34.
([63]) م. ن: صص 42 - 43.
([64]) م. ن: ص 45.
* الكومنترن: إسم اصطلاحي هو اختصار لما يُعرَف بالحكومة الشيوعية، أو الأنترناسونال الثالث، الذي تألَّف في موسكو في العام 1919م، من الاشتراكيين الثوريين الذين رفضوا الأساليب السلمية للأنترناسونال الثاني. عُقد الكومنترن الأول بموسكو، في 21 تموز / يوليو من العام 1920م، وتضمّن برنامجه العمل من أجل نشر الشيوعية العالمية باستخدام الوسائل الثورية. وحُلَّ الكومنترن في العام 1934م.
([65]) موسوعة السياسة (ج 2): م. س: صص 459 - 460. 
([66]) م. ن: ص 460.
([67]) م. ن: ص 417.
([68]) نقلاً عن، علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: دار الطليعة: بيروت: 1980: ط3: ص 28.
([69]) م. ن: ص 32.
([70]) م. ن: ص 33.
* الغيتو: هو «إسم  يُطلَق على الحي اليهودي في أية مدينة أوروبية. وكان القانون يُعيِّن دائرة هذا الحي الذي كان يمكن عزله بغلق بوابته».
** الانصهار في المصطلح اللينيني هو صهر النزعات القومية، على شتى مشاربها، بشكل طوعي في ظل دولة واحدة.
([71]) علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: م. س: صص 35 - 36.
([72]) م. ن: ص 37.
([73]) م. ن: ص 38.
([74]) علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: م. س: ص 42.
([75]) م. ن: ص 58.
([76]) م. ن: صص 60 - 61.
([77]) م. ن: ص 57.
([78]) م. ن: ص 44.
([79]) م. ن: صص 50 - 51.
([80]) م. ن: ص 55.
([81]) م. ن: ص 69.
([82]) علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: م. ن: ص 70.
([83]) م. ن: صص 147 - 148.
([84]) علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: م. س: ص 150.
([85]) م. ن: ص 151.
([86]) علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: م. س: صص 10 - 11.
([87]) لاكور، ولتر: الاتحاد السوفياتي والشرق الأوسط: ص 173، نقلاً عن: علوش، ناجي: الماركسية والمسألة اليهودية: صص 151 - 152.
([88]) م. ن: ص 152.
([89]) موسوعة السياسة (ج 2): م. س: ص 418.
([90]) كونكوست، روبرت: الإرهاب الكبير: دار النهار: بيروت: 1969: : د. ط: ص 3.
([91]) م. ن: ص 9.
* مؤتمر يالطـا (4 - 11 شباط / فبراير من العام 1945م): مدينة في شبه جزيرة القرم على ساحل البحر الأسود، عقد فيها مؤتمر القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. وقد تقرر فيه إطلاق يد الاتحاد السوفياتي في أوروبا الشرقية، وبحقوق أخرى على حساب اليابان المهزومة في الحرب. [راجع، موسوعة السياسة (ج 7): المؤسسة العربية للدراسات والنشر: بيروت: 1994: ط1: ص 392].
* * ليونيد إيليش بريجنيف ولد في العام 1906م، وشغل منصب سكريتير أول الحزب الشيوعي السوفيياتي (1964 - 1966م)، ومنصب أمين عام الحزب منذ العام 1966م، ورئاسة الحزب والدولة منذ العام 1977م. طوَّر سياسة الوفاق الدولي مع أميركا.
* *  *غورباتشيوف، رئيس جمهوريات الاتحاد السوفياتي (1985م- ؟؟؟).
([92]) أمين، سمير: «ثلاثون عاماً لنقد النظام السوفياتي: 1960 - 1990م» (11 - 34): مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 40: 1992م: ص 12.
([93]) غورباتشيوف: بيريسترويكا (والتفكير الجديد لبلادنا والعالم أجمع): دار الفارابي: بيروت: 1989: ط 4: ص 197. [نقله إلى العربية د. محمد أحمد شومان وآخرون].
([94]) م. ن: ص 203.
([95]) م. ن: ص 208.
([96]) أحمد، نازلي معوض: «النظرة السوفياتية الجديدة للصراع والتوازن في العالم المعاصر» (21 - 52): مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 25: 1988: ص 47.
([97]) م. ن: ص 48.
([98]) م. ن: ص 50.
([99]) الجباعي، جاد عبد الكريم: «حدود الواقعية الجديدة في السياسة الخارجية السوفياتية» (9 - 25): مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 31: 1990: ص 9.
([100]) م. ن: ص 11.
([101]) غورباتشيوف: بيريسترويكا (والتفكير الجديد لبلادنا والعالم أجمع): م. س: ص 90. 
([102]) حمدان، ريتا: «تطور الموقف السوفياتي من التسوية السياسية للصراع في الشرق الأوسط» (135 - 172): مجلة الفكر الاستراتيجي العربي: بيروت: العدد 30: 1989: ص136.
([103]) م. ن: ص 138.
([104]) أمين، سمير: «ثلاثون عاماً لنقد النظام السوفياتي»: م. س: ص 28.
([105]) م. ن: ص 30.
* عُقِد المؤتمر الخامس والعشرون للحزب الشيوعي السوفياتي في العام 1976م.
([106]) كالناخشتان: نظرية الأمة في الماركسية - اللينينية: دار التقدم: موسكو: 1988: د. ط: ص 338.
([107]) م. ن: ص 337.
([108]) م. ن: ص 338.
([109]) م. ن: ص 339.
([110]) كالناخشتان: م. س: ص 340.
([111]) غورباتشيوف: بيريسترويكا: م. س: ص 208.
([112]) م. ن: ص 91.
([113]) غورباتشيوف: بيريسترويكا: م. س: ص 172.
([114]) م. ن: ص 168.
([115]) م. ن: ص 170.
([116]) م. ن: ص 171.
([117]) غورباتشيوف: بيريسترويكا: م. س: ص 170.
([118]) م. ن: ص 172.
([119]) راجع، ستالين: اللينينية والمسألة الوطنية: دار الطبع والنشر الأجنبية: موسكو: 1954: صص 13 - 23. نقلاً عن سلامة كيلة: م. س: ص 119.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناسخ والمنسوخ
- الإشكالية بين الفكرين القومي والديني


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خليل غريب - كتاب الماركسيـة بين الأمـة والأمميـة - الفصل الأول: مقدمات ماركسية فكرية حول المسألة القومية