|
23 يوليو و الفرص الضائعة
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 22:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجنرال ابراهام آدن عندما واجه القاضي شمعون آجوانات رئيس المحكمة الاسرائيلية العليا المكلف من جولدا مائير رئيسة الوزراء في اواخر نوفمبر 1973 لمعرفة اسباب التقصير في حرب اكتوبر قال (( قاتل المصريون بطريقة انتحارية في موجات بعد موجات و لم نستطع مواجهتها )) هذا حدث ايام 6 ،7 اكتوبر ((كما كانت المدرعات الاسرائيلية تفتقد الي المشاه والمدفعية فظهرت المشاه المصرية من مرابضها وخطوطها وقاتلت بشجاعة مذهلة و دمروا الدبابات الاسرائيلية بصواريخهم و بالقنابل اليدوية المضادة للدبابات )) هذا حدث أيام 8 ،9 اكتوبر .. بعد ذلك باسبوعين يعلق الفريق الشاذلي (( من الناحية الواقعية منذ 23 اكتوبر أصبح الجيش الثالث رهينة في يد اسرائيل و كسينجر و اصبح مصيره مرتبطا بمدى مطالب اسرائيل و امريكا و خضوع السادات لهذه المطالب )). ((يوم 27 اكتوبر تحرك قول ادارى مكون من 109عربات تحمل 1000 طن من الاحتياجات الادارية و معه 20 عربة اسعاف لإخلاء الجرحي فرفضت اسرائيل السماح له بالمرور و ذهب الجمسي الي الكيلو 101 في الموعد المحدد و لم يجد أحدا من الاسرائيلين و أهتزت أسلاك الهاتف بين القاهرة وواشنطن وتل ابيب ، ثم قيل للجمسي أذهب مرة أخرى في منتصف الليل و لكنه لم يجد أحدا في انتظاره )) (( اخيرا تم اللقاء و الذى رفض فيه الاسرائيليون مرور قول الامداد عدا المهمات الطبية و بعد مناقشة طويلة وافقوا في الساعة الخامسة بعد ظهر 29 اكتوبر بأمداد القوات المحاصرة بثلاثين طن فقط ـ 20 طن مياه ، 8 طن تعيينات ، 2.5 طن مهمات طبية ـ و كانوا يفتشون العربات تفتيشا مهينا و رفضوا السماح للسائقين المصريين ان يتقدموا بتلك العربات بعد علامة الكيلو 101 و أصروا علي ان يقودها اسرائيليون أو تابعون للامم المتحدة خلال الرحلة من الكيلو 101 حتي القوات المحاصرة، وقبل المفاوض المصرى هذا وعلي الرغم من هذه التنازلات المهينة كلها فان نسبة كبيرة من امداداتنا الي القوات المحاصرة كان ينهبها الاسرائيليون خلال الطريق )) انقل هذا من كتاب الفرص الضائعة للاستاذ أمين هويدى وزير الحربية و مدير المخابرات السابق صفحة ( 530 ،531 ) . من نفس الكتاب صفحه 535 (( فكما رأينا لم تكن هناك انتصارات يمكنها حسم الموقف السياسي لصالحنا، كان الموقف العسكرى حرجا و لم يكن من المنتظر اصلاحه قبل وقت ليس بالقصير ولا يعلم أحد ما سوف يمكن أن يتم حتي تحقق ذلك )). الاستاذ أمين هويدى في ختام كتابه يقول ((لقد قاتل الرجال في بسالة و شجاعة و استخدموا ما في يدهم من سلاح في كفاءة و دقة و لوعملت هذه الوحدات في ظل استراتيجية واعية استخدمت ما لديها من امكانيات متاحة وقيادة خلاقة أكثر اندفاعا و معرفة باصول وفن ادارة المعارك لكان الحصاد وفيرا يناسب ما بذل من جهد و تضحية )). بكلمات اخرى يرى الاستاذ امين ان المصرى لو توفرت له قيادة استراتيجية متعلمة ومدربة لكان بامكان المصريون أن يبدلوا قدرهم ويلحقوا بالفرص الضائعة العديدة التي اهدرت منذ 23 يوليو 1952 عندما تولي المنقلبون ادارة شئون البلاد و حتي زمننا هذا. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و انزياح الكابوس الفاشستي / النازى كان بامكان اوروبا بواسطة مشروع مارشال الامريكي ان يسترد اقتصادها عافيته و تعيد توظيف امكانياتها لتطوير مجتمعات قائمة علي تطبيق نصوص حقوق الانسان ( التي تم اقرارها بواسطة هيئة الامم المتحدة ) و الديموقراطية الليبرالية ..المنطقة العربية كانت مستعمرات اما لانجلترا او لفرنسا وكانت تكافح في سبيل نيل حريتها واستقلالها .. في مصركان يتنازع السيطرة علي الحكم مثلث الانجليز و الملك و الوفد الذى يتزعم تيارا تقدميا ليبراليا في المعارضة وبتأييد من الانجليز حينا و الملك احيانا نمت تيارات أصولية تتخذ من الفاشستية دليل علي يمينها الاخوان المسلمين بفرقهم الارهابية وعلي يسارها الحزب الوطني (فتحي رضوان ) و مصر الفتاة بمليشياته ذات القمصان الخضر .. الوفد في سبيل التخلص من نفوذ الملك و الانجليز بدل من روحه الثورية الراديكالية ومن خطه الليبرالي، واهدر ثقة الجماهير بمناورات فؤاد سراج الدين المتتالية التي انتهت بحريق القاهرة في يناير 52 و قيام العسكر بانقلاب يوليو و لم يقم الوفد بتفعيل شعبيته .. فاستسلم لسخف التطهير ثم المحاكمة لتهدر فرصة انشاء دولة ديموقراطية عصرية تحت بيادة العسكر. الدعم الجماهيرى الجارف للمنقلبين لم يجعلهم ينحازون لها.. لقد تغلبت انانيتهم علي وطنيتهم وساد فكر فاشستي ديكتاتورى ازاح بعيدا القلة التي تمسكت بالديموقراطية والدستور واستولي العسكر تدريجيا علي الجهاز الحكومي بدأ بوزارة الداخلية حتي وزارة المعارف (التعليم ) ثم على مفاتيح الاقتصاد بالتأميم و التمصير و قوانين راسمالية الدولة ( الاشتراكية العربية) وكان جهابذة الدستوريون يحرضونهم علي نبذ الديموقراطية وهكذا سقطت مصر في يد مجموعة من محدودى العلم والثقافة يرأسها ديكتاتور يرى انه هبة الله لشعبه وتضيع فرصة ان تلحق مصر بركب التطور الذى سارت عليه اوروبا بعد انتهاء الحرب العالية الثانية. بعد هزيمة 67 وانكشاف الغطاء الدعائي عن الناصرية و سقوط النظام و قيادته تقدم اليسار داعما للمعركة الوطنية ضد الاستعمار الصهيوني الامريكى، كان نتيجة هذا بيان 30 مارس و تزايد روح المقاومة و الدعوة لاعادة ترتيب الاوراق ببناء جديد للجيش و للعلاقة بين الشعب و قيادته..قوى الثورة المضادة التي تصورت ان زمن الانقضاض علي الناصرية قد حان تجمعت تصلي لله شكرا علي هزيمة جيشهم وتدفع بكوادرها علي استحياء للتجمعات الطلابية التي كانت قد بدأت تعي ان هذا الوطن ليس ملكا لهم بل لنا وان مشاكله تعنينا لاننا نحن الذين سندفع الثمن، في 28 سبتمبر 1970 مات عبد الناصر وجاء خليفة له ((السادات ـ لمن يعرفه ـ صبور كالجمل قادر علي تخزين مشاعره و حبسها فقد ظل طوال فترة حكم عبد الناصر في الظل و لم يفقد صبره حتي عندما يجد نفسه في اوضاع حرجة دفعه اليها رئيسه .. ثم فوق ذلك هو فلاح يخفي عواطفه و نواياه و تحركاته وهو متآمر حتي من قبل ارتباطه مع الضباط الاحرار و ظلت طبيعته التامرية ملازمة له حتي لقي مصرعه علي يد اخرين اكثر دهاءً)) ص 286، وهكذا وجدت الثورة المضادة رجلها علي الكرسي فاطاحت برجال عبد الناصر واطلقت الاخوان و الجماعات الدينية علي براعم اليسار الغضة فاقتلعتها وضاعت فرصة استغلال دفعة المقاومة بعد الهزيمة و وقعت مصر اسيرة لتخلف رب العائلة ومناوراته السقيمة. 6 اكتوبر 73 فوجىء الجنود الاسرائيليون بجنود مصر تعبر القناة، يدمرون الدشم وخط بارليف الحصين ويحتلون 12 كيلومتر شرق القناة الاسرائيليون دفعوا بقوات النسق الثاني المدرعة و لكنها دمٌرت وأٌسر قائد اللواء عساف ياجورى، الجيش حفر خنادقه ووضع تحصيناته و لم يطور الهجوم ..السادات يقف في مجلس الشعب يوزع النياشين و الانواط ويمزح مع القادة المرتدين الزى النازى في نفس الوقت تعبر سبع دبابات اسرائيلية القناة والقادة يحتفلون .. في اليوم التالي يعبر لواء مظلي و 30 دبابة تدمر حائط الصورايخ المضادة للطائرات ليلة 17 و فجر 18 اكتوبر يتم نقل 3 لواءات من فرقة آدان للغرب علي كبارى اسرائيلية يوم 19 توجد لاسرائيل 3 فرق مدرعة علي الضفة الغربية يوم 23 تحتل الاديبية وتقطع خطوط مواصلات الجيش الثالث نهائيا، انها الفرص الضائعة التي تسبب فيها ضعف قرارات من منحوا نجمة سيناء . 6 اكتوبر 81 السادات يستعرض قواته بعد ان اعطي الالكترون لابنه في يده و قال له انطلق اغلب مثقفي مصر ورموزها الدينيين في السجن وهو يقف بملابس المرشال النازية.. يغتاله افراد من القوات المسلحة تنتمي الي الجماعات التي استخدمها لضرب اليسار نائب الرئيس يتولي مكانه يفرج عن المعتقلين و يستقبلهم في القصر الجمهورى ويعد بان تتوقف الممارسات القمعية .. لقد ان الاوان لبطل من حرب اكتوبر ان يقود مصر نحو المجتمع الحديث .. اجهزة الامن تقنعه ان حياته في خطر .. يفرض الطوارىء لثلاثين سنة تزداد قوة الامن تدريجيا و يهمش دور الجيش خوفا من ان ينقلب وتتحول الحكومة الي مجموعة من اللصوص و البلطجية و تتوقف اى محاولات للحاق بركب التقدم خلال ثلاثين سنة بدون حروب لتضيع فرصة قد لا تتكرر. 25 يناير 2011 جموع الشعب تطالب باسقاط النظام معارك شوارع مع الامن المركزى يغتال فيها ما يقارب الالف شاب و متظاهر.. المصريون يكتشفون المستنقع الذى يعيشون فيه وعصابات البلطجة و الفساد المستشرى فيرتفع سقف المطالب ليسقط راس النظام وعائلته .. السلفيون و الاخوان يدينون الخروج علي طاعة الحاكم .. الحاكم هنا امن الدولة و معتقلاتها التي تديرهم طبقا لرغبتها.. راس النظام يتنحي و يترك ادارة شئون البلد للجيش الاخوان يغيرون جلدهم و السلفيون يعلو صوتهم مطالبين برجوع الرق و تفعيل الاسلام الذى تغيرت مفاهيمه عبر الف سنة..الاسلامجية كأنهم خارجون من كهف الزمن لم يتغير الوضع عن ايام صحابة رسول الله..الجيش لا يصرح لا يحدد يترك الحبل علي الغارب للاسلامجية يتشتت جهد المنتفضون في مناقشات بيزنطية عن الفرخة اولا ام البيضة و تضيع فرصة ان تخطو مصر نحو مستقبل عصرى جديد. لماذا كانت القيادة دائما سببا في ضياع جهد الشعب و اغتيال آماله وتعطيل تحوله الي مجتمع عصرى لماذا ضاعت الفرصة من الجالس علي الكرسي ان يتخذ القرار الصحيح .. جيلي كان اول من طبق عليه مكاتب التنسيق للالتحاق بالجامعة و كانت المجاميع الكبيرة تذهب للطب و الصيدلة و الهندسة اما المجاميع المنخفضة فعلي الكليات العسكرية و هكذا حكم اخر صفوف الثانوية البلد لستين سنة وانزوى الاوائل .. الحكام تصرفوا علي اساس انهم الافضل و الاقوى والاكثر فهما والباقي عليهم الجرى خلفهم للحصول علي وظيفة تسد الرمق .. انها الفرصة الضائعة العظمي الا يكون زويل أو البرادعي رئيسا لهذا البلد.
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا أنفى، لا أؤكد، ولكني أشك
-
تربية المساخيط حرفه شرقيه
-
مصباح علاء الدين و أحلام المهمشين
-
التكنولوجيا و العقل البدوى
-
العودة الي متوشالح
-
الخوف من الحرية
-
-تكليف الله - و النكوص الجيني
-
حامد حمودى و احواض السمك
-
صعوبة أن تكون مسلما
-
الجالية المصرية ..في مصر
-
أندى العالمين كفوف راح ( اقتصاد التسول )
-
طفولة البشرية ام شعوب أطفال
-
خير أجناد الأرض والخامس من يونيو
-
هل هو دجل.. ام جهل !!
-
حكمة امريكية .. دع جروحهم تتقيح
-
فلينظر الانسان كيف تطور
-
هل يقيم الفاشست ديموقراطية !!
-
(الخلافة) غضب الله في ارضه
-
الي الاجيال المقبلة
-
إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|