خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 14:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انا ككاتب راي. لا احترم, الاخلاقيات الرجعية الطبقية والقومية, ولا الاومها, ولا اعلق عليها امالا, مهما بذلت من جهد في محاولة ابراز انتمائها الانساني, وقناعتها بوحدة مصيرها معه, بل الاوم الشعوب على سرعة انخداعها ببروغاندا التصريح السياسي الرجعي وتزييفه الاعلامي. وكما يقال ان من اليان لسحرا,
كما اني لا اعترض على الفكر الثوري الذي رسم خرائط توزيع الانسانية تاريخيا, تبعا لتنوع وتباين وتعدد الاسباب ونتائج التفاعلات في الواقع الموضوعي. فهذا هو علم رسم صورة الوجود الانساني, وقد اجاد تحديد الاسباب والعوامل الاقتصادية والنتائج الانسانية السياسية, لكنني اظن انه غفل عن رسم صورة توزيع الانسانية تبعا لتنوع غريزتها النفسية, حيث هناك المنتج وهناك من مهمته فقط الاستيلاء على المنتوج, تماما كما في عالم الحيوان حيث الصياد والرمام من الحيوانات.
عالميا قوى الرجعية, القومية والطبقية, هي رمام المجتمع الانساني, والشعوب هي الصيادة المنتجة, لذلك لا يجب ان نستغرب التحالف الرجعي بين الدول الاستعمارية وطبقات الاستغلال المحلية في عدائهم المشترك للشعوب, ويجب ان تترسخ وتتاكد في ثقافتنا انها عدو الشعوب على الصعيدين المحلي والعالمي, وان ندقق جيدا في الثقافة التي تحاول تعميمها في المجتمع الانساني, اكانت من خلال التصريح السياسي او التغطية الاعلامية.
ان النهج الرجعي التطفلي هو مكتسب غريزي لتلك القوى, فهو اساس ايديولوجي عفوي موجه لسلوك القوى الرجعية ازاء الغير, لم تتمكن حتى الان تجاوز وجوده في طبيعتها, وهو الذي لا يزال يبقي التحضر الانساني في اسير الوحشية الحيوانية, ورغم ان الفكر الاشتراكي دعى مباشرة لتجاوزه, واعلن تلازم الصراع المحلي والصراع العالمي بهذا الصدد, الا ان التطبيق الاشتراكي لم بنجح في تجسيد هذه الدعوة عمليا في الواقع, فباتت هذه التجربة فرعا للاصل الطبقي العريق, وبذلك باءت بالفشل.
اما المحاولة المثقفة في مجتمعات الراسمال من اجل استنساخ جوهرها الحضاري, وهي محاولة تقنية على كل حال, تدعي محاولة التخلص من الشعور بالحيوانية ووحشيتها, فهي لم ترتقي عن ان تكون الوجه الحديث لبؤس الثقافة والفلسفة, وهي تنهزم ليس امام عفويتها الاجتماعية فحسب, بل وحين تتجسد كحالة سلطوية وسيطرة سياسية,
اكثر هذه المحاولات الحديثة اثارة للسخرية, كانت تجربة المجتمع الامريكي في تلوين حضارته, كما تجسدت في ايصال المثقف اوباما الى موقع السلطة الاهم, امريكيا وعالميا. والذي اعتبرته الثقافة _ الليبرالية_ انجازا من انجازاتها, رغم ان شخص اوباما نفسه لم يكن اكثر من تجميع لحالات ردة متعددة, بدءا من الروحانية الدينية, والاجتماعية العنصرية, و الروح الثوري الثقافي, وعن معركة العدالة قانونيا, فما الذي ميز منهجية اوباما الليبرالية عن المنهجية السلفية لسابقه بوش الابن, وهل زاد عن كونه وكيل موكل؟
في خطاب تسلم مهامه كرئيس, لم يكن اوباما اعلى مستوى من مقدم برنامج تليفزيني يستعرض تحت الاضواء, الى درجة خلت معها منهجية تداوله السلطة من اللياقة, ورايناه يتوعد سلفه ان سترى كيف ستكون ادارة الدولة, وهو ما ابرز روح الفردية والفوقية والتعالي فيه, وفي خطابه السياسي الاعلامي حول القضايا العالمية, ان من مقر الاسد في البيت الابيض, او مع القوميات في بيوتها الوطنية, لم يكن اوباما اكثر لياقة من مدرس ينظر باحتقار للتلاميذ, لذلك لم يكن غريبا ان يختار من هو اكثر منه فوقية وتعاليا واقل لياقة, لادارة السياسة الخارجية الامريكية,
لم تشرق شمس جديدة على المجتمع الامريكي, مع اوباما, بل اصبحت سماءه اقل اشراقا, لكنه بالقطع باتت العلاقات الدولية اكثر تعقيدا وارتباكا وتناحرا, مما يدعونا للتساؤل عن الجديد الحضاري الذي قدمه اوباما للانسانية, فالاسس الاقتصادية للعلاقات المجتمعية الامريكية لا تزال تنطلق من نفس المباديء القديمة, حيث يزداد تمركز راس المال الامريكي ويتقاسمه الحزبان الجمهوقراطيان, وتزداد احجام الاحياء الفقيرة اتساعا, وكما يتمركز المال اجتماعيا في النظام الديموقراطي تتمركز ايضا الحريات, ويتخفى التسلط في صورة نفوذية المؤسسة الرسمية غير القابلة للنقض والمراجعة,
اما على الصعيد العالمي فماذا يمكن لنا ان نلاحظ سوى اعادة تقديس وتاليه الدم الامريكي, على حساب دم الشعوب, من خلال نازية جديدة, وهنا من الواجب الاقرار للسيد اوباما انه يعمل على سحب القوات الامريكية وحفظ الدم الامريكي, لكن ... الا يثير هذا سؤال كيف ستحافظ الولايات المتحدة على مصالحها عالميا وما هو بديل الجندي الامريكي في هذه المهمة؟
ان القوى المحلية هي البديل الوحيد للجندي الامريكي في الصراع, مما يعني تاجيج الصراعات, المحلية كي يستطيع استبدال ابن المجتمع المحلي مكان الجندي الامريكي, وهنا نكتشف المعنى الحقيقي والوظيفة الفعلية, للمقولات الامريكية حول حقوق الانسان, وترسيخ الديموقراطية, والعمل على ترسيخ حكم رشيد للمجتمعات المتخلفة, وكان سلاحه في ذلك, تنظيم التدخل في الشئون الداخلية للمجتمعات الاخرى, وتسليط الضوء اعلاميا على عيوب انظمتها, واستبدال البندقية بالدولار, انها سياسة صرف انظار الشعوب والمجتمعات عن القضية الوطنية ودفعها للتركيز على القضية الديموقراطية,
لم يمض وقت طويل حتى بدت بشائر سياسة اوباما تلوح في افق منطقتنا, بدءا بتونس, ومن ثم تفجرت الانتفاضات الشعبية في المواقع الاكثر ديموقراطية في المنطقة, لكنها الاكثر تماسا واحتكاكا بالسياسات الاستعمارية, فتلت مصر تونس ومن ثم ليبيا والدرب مفتوح الى اليمن وسوريا, وفي كل منها نظام اغبى من الاخر واغبى من ان يدرك اهداف خطابات اوباما في عقر دارهم.
لم يرسل اوباما جندي واحد الى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا, لكنه يالروموت كونترول يتحكم بوتائر صراعاتها عبر التصريح السياسي والتوجيه الاعلامي و العقاب الاقتصادي, يخدمها قلة من الافراد اللذين دربتهم الولايات المتحدة جيدا على فن مغازلة الجوع والفقر والظلم وفن مراوغة الحكمة . وفي المقابل, هاهو اوباما يحدد لمجتمعات المنطقة من وما هي الشرعية الدينية والسياسية, وينال ثقتها به كمنقذ,
لم يعد يهم الانتفاضة الشعبية, ما تقوله مؤسسة السلطة في مجتمعها بل ما الذي سيصرح به اوباما ووزيرة خارجيته كلينتون حول مجريات الصراع, وعليه اما ان تتعالى همة الانتفاضة, او ان تنخفض حماستها,
نعم لقد نجحت السياسة الامريكية حتى الان والى هذا المستوى, غير انه يشوبها ضعف تحاول على الطريقة العملية الامريكية, معالجته, حيث اطلاق المارد من القمم لا يعني بالضرورة قدرة السيطرة عليه, وقد اطلقت السياسات الاستعمارية شعوب المنطقة من قمقم الاستكانة والكسل ....الخ, مما وضع ليس مؤسسات السلطة فحسب في مواجهة مباشرة مع شفافية الفعل والتوجه الشعبي, ولكن الحضور الاستعماري ايضا, فالشعب ينتفض استجابة لمطالبه اكثر من انه ينتفض مرتهنا الى الاهداف البرنامجية الاستعمارية, ولعلنا نرى الان في الحال المصري الاحتكاك والصراع بين البرنامجية الاستعمارية والشفافية الشعبية مثلا لذلك,
فالمدى البرنامجي لسياسة الولايات المتحدة في انتفاضة مصر كانت تشترط اسقاط رموزه, والاحتفاظ ببنيته, وتفكيك تحالف النظام مع الكيان الصهيوني, لبقاء كل منهما منفذا للارادة الامريكية في الصراع العالمي, لذلك لم يكن غريبا ان يتهلل بشرا وجه امريكا لحظة تنحي مبارك وان تعلن انتصار الارادة الشعبية المصرية باسقاطه, وسارعت كلينتون لزيارة مصر والتقاط صورة رمزية تجمع بين السياسية الامريكية مرمزا لذلك بشخصها وانجاز الانتفاضة الشعبية مرمزا لذلك بشخص ميدان التحرير, لكن فرحة الولايات المتحدة لم تطل
فقد برهنت الانتفاضة الشعبية على حالة انتباه, وتماسك على مطلب تغيير النظام, تحت طائلة الاستمرار في الانتفاض, الامر الذي جعل التوليفة السلطوية الجديدة تضطر للانحاء للمطالب الشعبية, ولكن على طريقة عطاء البخيل, مما اعاد اغضاب الولايات المتحدة, وهكذا تتكشف الان في مصر اطراف الصراع التقليدية,
ان سلاح الانتفاضة الان, هو سلاح متاح استخدامه من هذه الاطراف, الشعب والسلطة والطرف الاجنبي, وكل منها يحاول استخدام هذا السلاح لمصلحته الخاصة, وهذا هو الان بصورة حصرية مأزق مصر وتونس, لذلك لم تنهي قناة الجزيرة مثلا متابعتها الاعلامية لما يحدث في هذه البلدان, فمن مهمتها تقديم تقرير مستمر للادارت الاستعمارية عن تطورات اوضاع هذه البلدان, ولها امثال عزمي بشارة ممن يعمقون فائدة هذه التقارير بتحليلاتهم_ فهم محللي معلومات_ لذلك لم يكن غريبا انه ومباشرة بعد زيارة عزمي بشارة الاخيرة لمصر تصاعدت حدة الاحداث بها, واصبح التهديد بعامل الفوضى اداة ضغط كل طرف على الاخر, و لا يزال الزلزال مستمرا, وفي الزلازل لا تبقى الصخور مكانها, وهي حقيقة متغير ملازمة لحدوث الزلازل, ومن الواضح ان زلازل منطقتنا تعدت حدتها درجات الاعتدال, فكيف ستتحرك والى اين ستنتهي الصخور, لنرى
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟