أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نارت اسماعيل - قلق ما بعد الثورة














المزيد.....

قلق ما بعد الثورة


نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 09:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أشعرهذه الأيام بشعور إنسان كان يحلم بأمنية كبيرة، ولما بدأت أمنيته تتحقق، بدأ القلق يعود إليه من جديد.
هذه هي طبيعة الإنسان، ما أن يرى أمنيته الغالية قد وصلت لمنتصف الطريق، حتى يبدأ بتجهيز أمنية جديدة أكبر من السابقة.
منذ عدة أشهر، لم أكن أحلم بقيام ثورة شعبية وطنية في سوريا ضد نظام الفساد، وها نحن اليوم أمام ثورة رائعة تنتشر مثل النار في الهشيم، وبدأنا نرى الخناق يضيق شيئآ فشيئآ حول عنق هذا النظام الإجرامي.
لكن القلق بدأ يعود، ليس من الثورة وقدرتها على الصمود والنجاح، فأنا متيقن من نجاحها، وأصبحت أراها تنضج وتكبر وتتعلم وتتكيف بعكس النظام المتخشب الذي صار حائرآ متخبطآ لا يعرف كيف يتعامل مع الموقف.
القلق الذي يراودني هو حول السؤال، وماذا بعد؟ ماذا بعد أن يسقط النظام؟ هل ستكون مشاكلنا قد حلّت كلها؟
أنا أرى أن نهاية النظام لن تكون إلا الخطوة الأولى في الطريق الطويل. يا ترى كم ثورة سنحتاج لتصحيح تراكمات اجتماعية ودينية هائلة؟ كم من البنى والمفاهيم المتخلفة ستحتاج إلى هدم وإعادة بناء؟
ما معنى أن تنجح الثورة بإسقاط النظام الحاكم ثم نتوقف ونحن نرى فتيات يفرض عليهن الحجاب بعمر عشر سنوات؟ وأخريات يفرض عليهن النقاب وغيرهن يتم تزويجهن بعمر خمسة عشر سنة ليتم تطليقهن بعد سنتين ورميهن إلى أهلهن مثل من يرمي عظمة في الشارع؟
لقد سطّر الثوار صفحات من أروع الصفحات في تاريخ سوريا على مر العصور، على الأقل هذه صفحات حقيقية نراها ونسمعها أمام أعيننا وليست صفحات موجودة في كتب صفراء قديمة مشكوك بها، إنها ليست قصة الزير سالم ولا جسّاس ولا بطولات عنترة.
لقد أثبت هذا الشعب أنه شعب حي قوي عظيم، ولكن التركة كبيرة، والحمل ثقيل، والطريق وعر وطويل.
لا يكفي أن نسقط النظام، ونلغي المادة الثامنة من الدستور، ونطلق سراح المعتقلين، ونغلق الفروع الأمنية، ونسمح بالحرية السياسية والإعلامية، كل ذلك لا يكفي، فأمام هذا التكاثر السكاني، ومحدودية الموارد، وأمام تلك البنى الاجتماعية والدينية المتخلفة، سنجد سوريا بعد عدة سنوات مثل ديموقراطية بنغلاديش وسيريلانكا.
سوريا تستحق أفضل من ذلك، تاريخها وحضاراتها القديمة وموقعها المميز يحتم علينا أن نطلب ونسعى للأفضل والأجمل، نريد سورية مثل أية دولة أوربية، نعم إنه حلم كبير ولكنه غير مستحيل.
صرت أتكهرب من كلمة(حرائر) التي يطلقونها على السيدات الثائرات، إنها تذكرني بكلمات قبيحة مثل نكاح ووطء ونشوز وحريم، إنها تعيدني لعصور الجواري والغلمان والخصيان.
صرت أتكهرب من رؤية سيدات منقبات يخرجن في المظاهرات في مدن سورية لم تكن إلى وقت قريب تعرف النقاب مثل درعا والتل وبانياس ودير الزور.
الحمل ثقيل والطريق وعر وطويل وزلزال الثورة سيحتاج لهزّات ارتدادية أخرى تهدم ما تبقى من نظم وبنى متخلفة معظمها غريب عن المجتمع السوري مستوردة من بلاد الصحراء والجراد.
علينا أن نبني سوريا بحيث لا نحتاج لإرسال أبنائنا لبلاد النفط ويحضروا معهم عاداتهم ونقابهم ولحاهم.
أربعون عامآ ونظام الأسد الأب والإبن يفقر البلد بفساده وقمعه ويجعل الناس تهاجر إلى الخليج طلبآ للرزق والأمن ليجلبوا معهم عادات وأفكارآ متخلفة، هذا النظام الذي لم يحصّن بله وشعبه من التأثيرات السامة لمال النفط، والذي ترك شعبه لقمة سائغة لدعاة الدين الأجلاف، كل هذه التراكمات تحتاج إلى هدم وإعادة بناء.
أمنيتي الكبيرة التالية بعد نجاح الثورة والتي بدأت تقلقني، هي أن أرى سوريا دولة علمانية يفصل دستورها الدين عن قوانين وشؤون البلد، دولة تلغي تدريس مادة الدين في مدارسها وتستبدلها بدروس الموسيقى والفنون والرياضة والرحلات المدرسية.
أمنيتي أن يمنع النقاب في المدارس والجامعات والوظائف الحكومية كمرحلة أولى قبل منعه نهائيآ في كل الأماكن.
أحلم بسوريا يكون فيها الناس متساوين أمام القانون ولن يتم ذلك إلا بدستور علماني حقيقي، فما دام الدستور خاضعآ لهيمنة الدين فإن الناس لن يكونوا متساوين أمام القانون، وسيبقى الباب مفتوحآ على مصراعيه للظلم والتمييز وانتهاك حقوق فئات كثيرة من المجتمع.
بعد أن ننتهي من مرحلة عبادة القائد الفرد، علينا أن نحرّر الناس من عبادة النصوص المحنطة، كلها عبادة وعبودية وخضوع وذل، ولا ينهض البلد إلا بأفراد أحرار معززين مكرمين، ليسوا فقط أحرار بأجسادهم ولكن أيضآ أحرارآ بعقولهم، علينا أن نعيد الاعتبار لعقل الإنسان السوري ونحرره من كافة المعوقات سواء من حكّام متألهين، أو من نصوص يزعمون أنها إلهية.



#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يكره إنسان شعبه؟
- شكرآ لكم أيها الحكام المجرمون
- مغالطات الدكتورة وفاء سلطان
- غرسة الوطن
- الطيبات للطيبين في زمن الثورة السورية
- أضواء على خطاب الرئيس السوري
- دكتور أم دكتاتور؟
- فرقة البرلمان السوري للفنون الاستعراضية
- رد على مقال السيد نضال نعيسة
- نريد أن يعود اسم بلدنا سورية
- لن يشفي غليلي إلا سقوط شيوخ الجهل
- زينغا  زينغا
- رأي في الثورات العربية  الحالية
- صارت عندنا صفحات بيضاء
- أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام
- نريد رئيسنا القادم سيدة
- من ذا يطالب حاكمآ بعبده?
- الوطن الذي يسأل أبناءه رأيهم
- نادر قريط ووفاء سلطان، مشروعان متكاملان
- دعوة لتغيير كلمات العزاء


المزيد.....




- المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل ...
- مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت ...
- إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس ...
- -فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
- موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق ...
- وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
- مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في ...
- كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا ...
- مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية ...
- انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نارت اسماعيل - قلق ما بعد الثورة