|
ذاكرة الاعتقال السياسي الحية بالجنوب الشرقي المغربي
لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)
الحوار المتمدن-العدد: 3424 - 2011 / 7 / 12 - 20:47
المحور:
حقوق الانسان
أصدر (منتدى بني زولي للتنمية والتواصل)، بقصر (دوار) بني زولي بإقليم زاكورة جنوب المغرب، ثلاثة أعداد من مجلة (ذاكرة حية)، مضمنة في مجلدين (العدد 1و2 مزدوج، والعدد 3)، تنفيذا للفقرات الأولى من مشروع يندرج في محور الذاكرة، حمله المنتدى في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي. ويسعى المنتدى من وراء هذا الإصدار إلى (تربية الشباب على حقوق الإنسان والمواطنة)، وإلى مساعدتهم على التعرف على ما جرى خلال سنوات الجمر والرصاص التي عرفها تاريخ المغرب الراهن. وتفيدنا افتتاحية العدد المزدوج في معرفة آفاق مشروع المنتدى، (نشر ستة أعداد من مجلة ذاكرة حية)، تجمع وتحلل كل (ما وقع من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالمنطقة)، وتأثير معتقلين سريين سابقين، أكدز وتكونيت على ساكنة محيطيهما، مما يبرر جبر أضرار المنطقة. نقرأ في افتتاحية العدد المزدوج أنه في (سجن أكدز السري جرى اعتقال ثلاثة مجموعات، مجموعة الصحراويين، مجموعة 73، ومجموعة بنوهاشم)، توفي من المجموعة الأولى 27 شخصا، ومن الثانية 5. وفي (سجن تكونيت اعتقل 215 مواطنا...ما بين دجنبر 1971 ومارس 1972..نظفت منهم شوارع البيضاء، كي يستضيف المغرب مؤتمر الدول الإسلامية)، لأنهم مشردون ومتسولون...أو لأن الاعتقال العشوائي ظاهرة معروفة في المغرب وقتها، لذلك اعتقل إلى جانبهم بعض التلاميذ، وثلة من المواطنين لعب الحظ بقدرهم ليقضوا، جميعا، بمعتقل تكونيت (الرهيب 28 شهرا مات منهم خمسة أشخاص). وبعد ذلك وظف سجن تكونيت ثانية لاستقبال (مجموعة 3 مارس 1973) التي خلف مقامها السيء هناك وفاة ثلاثة أشخاص. وبعد مضي 27 سنة، أي ما يقرب من ثلاثة عقود من الزمان، تبين لهيئة الإنصاف والمصالحة المغربية علاقة المعتقلين السريين الاثنين بتخلف التنمية بمحيطهما، فأوصت بجبر الأضرار الجماعية هناك. وفي يوم 31 أكتوبر 2007 تأسست التنسيقية المحلية لجبر الضرر الجماعي بإقليم زاكورة، لتتبع مشاريع برنامج جبر الضرر الجماعي سواء التي مولها الاتحاد الأوروبي أو المصالح الحكومية المغربية. ومن محاور برنامج جبر الضرر الجماعي حفظ الذاكرة حفظا إيجابيا، وهو محور ندر من يختار ضمنه مشاريع لأسباب لا تعنينا هنا. وضمن محور الذاكرة قبل طلب (منتدى بني زولي للتنمية والتواصل)، خلال طلب العروض. ولقد أقدم المنتدى على مبادرة كبرى في معالجته الذاكرة موضوعها. والمنتدى المذكور جمعية تأسست يوم 27 مارس سنة 2005، لتحقيق (تنمية مستدامة بالمنطقة مع النهوض بقيم المواطنة وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين). يهدف مشروع مجلة (ذاكرة حية) إلى (المساهمة في حفظ الذاكرة الجماعية بقراءة جماعية لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمنطقة من أجل فهم ما جرى، وذلك بعرض شهادات مختلف الضحايا، مجموعة من المواطنين والمواطنات الذين عايشوا بناء القصبة/المعتقل، أو شاركوا في بنائه، وشهادات مجموعة من نشطاء المجتمع المدني)، وذلك من أجل (عرضها ضمن مجلة ذاكرة حية). ولأن ما صدر الآن من مادة تاريخية ذاكراتية تشكل مرجعا في تاريخ المغرب الراهن، لجمعها أشكالا مختلفة من التعبير، الشهادات، الصور، الرسوم، الألواح، البيانات، فإنه من الجدير تمييز هذه المادة ونقدها، أملا في إغناء التجربة. 1- ذاكرة معتقل أكدز في الاعتقال السياسي حوى العدد المزدوج من المجلة، والذي صدر في مارس 2010، ستة محاور تدور كلها حول معتقل أكدز، روبورتاج، تحقيق، تقرير، حوار، ملف. ويمكن تصنيف مواد العدد حسب طبيعة الموضوع صنفين، صنف الذاكرة ويتعلق بشهادات سكان مركز أكدز، وشهادات المعتقلين الناجين من الموت، وصنف القراءة في الذاكرة وضمنه تقرير حول ظروف إصدار مجلة (ذاكرة حية) وملابسات، وحوار مع السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (سابقا)، وحوار مع السيدة حورية إسلامي حول الاختفاء القسري ونضال عائلات الضحايا من أجل كشف الحقيقة الكاملة. أ- الذاكرة الجماعية بمحيط المعتقل، مركز أكدز وواحة مزجيطة تضمن الروبورتاج فصولا من ذاكرة المعتقل السري أكدز. ولقد استقت المجلة شهادات سكان مركز أكدز، يوم الأحد 13 دجنبر 2009 (تعكس حجم الضرر الذي خلفه معتقل أكدز الشهير على منطقة بأكملها) (ذاكرة حية ص4)، ذلك أن ما عاشه السكان هناك كان (شبيها بالاعتقال) لأنهم يقطنون (في سجن مفتوح [حيث] العنف السياسي يبلغ ذروته في البلدة عند كل عملية دفن المعتقلين وعند قدوم الشاحنات المحملة بالمناضلين إلى السجن)(المرجع نفسه ص4). وإن (ما كان يقال للسكان المجاورين للمعتقل، أن من يتواجد ب (الحد) [اسم القصبة التي احتضنت السجن] هم البوليزاريو ومجموعة من الانفصاليين لا يريدون الخير للبلاد) (المرجع نفسه). ويقضي عمل الذاكرة استقاء تمثلات السكان كما هي مخزونة في ذاكرتهم بقطع النظر عن مدى موضوعيتها وصدقها، لذلك اكتفت المجلة بإدراج مسرد من الشهادات والتصريحات دون الحاجة إلى تمحيصها. وإذا كان ما سقناه من الكلام يخص الاعتقال السياسي السري، الوظيفة الثانية للقصبة التي بناها القائد التقليد الإقطاعي الكلاوي في عهد الحماية الفرنسية، فما هي وظيفة القصبة الأولى؟ وما ذا ينبغي أن تكون عليه القصبة في الأيام المنظورة؟ ضمنت الوظيفة الأولى للقصبة في بعض الشهادات أوردتها المجلة مقرونة بأسماء أصحابها. من ذلك أن القصبة بناءها يعكس واقع الاستعباد بواحة مزجيطة في عهد الحماية الفرنسية، لأن المسؤولين عن البناء (يجبرون السكان على مدهم بالأكل) في طبق لا يجب أن تخلو محتوياته من اللحم، كما يجبرونهم على جلب الحجر من مقلع (أورماس) إلى غاية (الحد) موضع بناء القصبة. وأما مساهمة النساء في البناء فتكمن في جلب الماء لتبليل تراب البناء. بنيت قصبة (الحد) (في بداية الأربعينات من القرن الماضي على إيقاع العنف والتهميش) (المرجع المذكور ص6)، لتحتضن وظيفة القيادة التقليدية الإقطاعية خلافتها بواحة مزجيطة، التي تعد ضمن مجال ما يسمى قيادة الجنوب في عهد الحماية الفرنسية التي كان على رأسها التهامي الكلاوي (أكلاوو). وفي السنوات الأولى من استقلال المغرب هُجرت القصبة وظلت بلا وظيفة، إلى أن فكر المسؤولون في ترميمها، لتتحول إلى معتقل سياسي في السبعينات من القرن الماضي (المرجع نفسه ص6). وتلك إذن الوظيفة الثانية للقصبة. ويستفاد مما سبق أنه، إذا كان سكان مركز أكدز قد تعرضوا للإهانة بتسخيرهم لبناء القصبة فإن سكان واحة مزجيطة تعرضوا لإهانة أخرى، لأن بناء قصبة (الحد) رامت (قمع مزجيطة التابعة للقائد علي.... وجمع منتوجات (مواد) المنطقة الفلاحية وتخزينها وإرسالها إلى منطقة (تلوات) التي تعد مركزا لقيادة الجنوب....حيث كان يحكم القائد إبراهيم ابن الباشا التهامي (منطقة نفوذ كلاوة) (شهادة السيد محمد أيت المعلم، المرجع نفسه، ص6). مرت قصبة الكلاوي بأكدز بمنعطف تاريخي (في سنة 1976 [حيث] بدأ التفكير في تحويل معتقلي تاكونيت إلى معتقل أكدز، وإلحاق مجموعات، الصحراويين، 23 مارس، بنو هاشم بالقصبة) المعتقل المذكور (المرجع نفسه). وذاع في الوسط خبر يفيد (أن السجن مخصص لحبس انفصاليين) من جبهة البوليزاريو. وبعد مضي بعض الوقت اكتشفت وظيفة المعتقل، وتلك طريق تعبرها الذاكرة، حيث تنطلق من الغموض، إلى نسج تمثلات خاطئة إلى الحقيقة، فيبدأ عمل المؤرخ. ومن التمثلات الواردة في الذاكرة أن القصبة مكان (للأرواح الشريرة والخوف) كما ورد في بعض الشهادات (ص7)، بل هي مصدر لحصار كبير ضرب على مركز أكدز، بعد تذييع إشاعة، وردت في إحدى الشهادات، مفادها (أنه يمكن للبوليزاريو التسلل إلى المنطقة والهجوم على المعتقل لذا وجبت حراسته). وباختصار يشهد سكان أكدز أن واحة مزكيطة كلها تعرضت( للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان ماديا ومعنويا ونفسيا. فعلى مستوى الضرر المعنوي..نجد أن السكان عندما يرحلون إلى مدينة أو منطقة بعيدة عن أكدز ويسألون عن هويتهم، يتحاشون ذكر (أكدز) ويصرحون بأنهم من زاكورة) (المرجع نفسه ص7)، فالتنكير للأصل دليل على الوقع السيء للمعتقل في النفوس. لذلك فسكان أكدز يريدون مشاريع تنموية حقيقية، مستشفيات، معاهد، ومراكز التكوين المهني، جامعة، منح جامعية ومعامل. ذلك ما ينبغي أن يكون عليه الوضع بالمنطقة حسب تصريح السيد عبد الواحد الصنهاجي. ولا غرو، فقد انطلقت فكرة جبر الضرر الجماعي قرب التجمع القروي تمنوكالت (في ندوة أجريت سنة 2004 بفندق كيسان نظمتها لجنة عن هيئة الإنصاف والمصالحة) (شهادة عبد الإله أيت المختار ص 8)، وتعد تمنوكالت موطن قيادة القائد علي التي أهانها الكلاوي في عهد الحماية الفرنسية. ب – الذاكرة الجماعية داخل المعتقل إذا كان الروبورتاج تناول ذاكرة السكان بمحيط المعتقل فإن التحقيق انصب على ذاكرة المعتقلين أنفسهم، وهم ثلاث مجموعات، ولكل مجموعة محاور اختارته الجمعية ليعبر عن جزء من ذاكرة الاعتقال السياسي مكانه. - حوار مع الحوشاري ضمن مجموعة أحداث مارس 1973 : قضى الحوشاري ومجموعة من رفاقه وعددهم 14 (حوالي خمس سنوات في السجون. ولم يأت اعتقال هذا الرجل) ورفاقه (بسبب مشاركتهم في أحداث 73) ، و(لم يكن من حاملي السلاح أو حتى ممن شاركوا أو آزروا الأحداث التي انطلقت من كلميمة وشكلت خطرا حقيقيا على النظام القائم) (ص 10). ولقد ورد في حوار أجرته معه مجلة (ذاكرة حية) أنه ألقي عليه القبض في كلميمة في 14 مارس 1973، (عقب أحداث 3 مارس 1973... بعد محاولة الانتفاض التي عرفتها منطقة كلميمة)، والتي فصل القول في تنظيمها ومجموعاتها (مجموعة مولاي بوعزة، مجموعة تينغير، ومجموعة بنونة) علما أن (محمد بنونة هو المشرف الرئيسي على الأحداث) (ص 11). لما ألقي القبض عليه كبلت يديه وحجبت عيناه ووضع (رفقة مجموعة من المعتقلين بمقر خيرية في «كلميمة») لمدة شهر، وبعد ذلك نقلوا إلى بومالن دادس، ثم إلى الدار البيضاء (درب مولاي الشريف)، ثم إلى أنفا، وإلى الكوربيس حيث قضوا أحد عشر شهرا ومن الكوربيس إلى درب مولاي الشريف وبعده إلى قصبة تكونيت. و(في هذا السجن كان الحراس يرابطون فوق السطح. وكان رجل يدعى (الحمري) هو من يمدنا بالأكل، وهو من قال لنا بأننا نوجد في مكان اسمه تكونيت). وأورد السيد الحو شاري ضمن شهادته أن عدد المعتقلين بتكونيت يوم نزلها 14 معتقلا من بينهم المدعو بلقاسم وزان من فيكيك وفاضم وحرفو، وزايد اجلوق، وزايد زدا، ومحمد الفاضلي، وموحا كجي، وموحا العرجاوي، وفاطمة اوحرفو، وباسو زايد واعبود، وباسو اللوزي، وحدو أفضيل، وموحا أولهاوس، وكوموحى أوفروخ، وحدو أيت زايد. قضى الحو شاري ورفاقه عشرين شهرا بتكونيت ليرحلوا إلى أكدز مخافة هجوم البوليزاريو على المعتقل فقضوا هناك 22 شهرا. توفي اثنان منهم بتكونيت وخمسة بأكدز. - حوار مع الصغير مغراوي ضمن المجموعة الثانية : كان اللقاء معه بمدينة العيون، دخل السجن وعمره 17 سنة فقط ولم يكن له أي نشاط سياسي أو حقوقي حيث اختطف (يوم 28 فبراير 1976)، بمدينة ورزازات، ليذوق أنواع التعذيب، («الطيارة»، «الدجاجة»، «الشيفون») ويلحق بمعتقلين آخرين بمخافر الشرطة بمراكش وأكادير فارتفع عددهم إلى 59 شخصا، ثم نقلوا، بعد أن فاق عددهم مئة، إلى معتقل أكدز ليمكثوا هناك – من بقي حيا – من 03 يوليوز 1976 إلى 23 من شهر أكتوبر 1980. وأكد الصغير المغراوي أن عدد المجموعة التي ينتمي إليها بلغ 115 معتقلا توفي منهم ما بين يوليوز ودجنبر 14 فردا بسوء التغذية وسوء المعاملة، وصمد منهم 15 معتقلا وأما الباقي فكانوا يزحفون لعجزهم عن الوقوف. استطاع السيد الصغير المغراوي أن يصنف المعتقلين بأجنحة قصبة أكدز الثلاثة، إلى أربع مجموعات النساء، الصحراويين، مجموعة 73، بنوهاشم. تحدث السيد الصغير عن ظروف الانتقال إلى سجن قلعة مكونة السري يوم 23 أكتوبر 1980. وفي يوم 15 يونيو 1991 أفرج عن المعتقلين. - حوار مع عبد الناصر بنوهاشم ضمن المجموعة الثالثة : بنو هاشم خمسة (مواطنين جمعتهم الصدفة) وحملت اسم أحدهم عبد الناصر بنوهاشم. اعتقل المواطنون الخمسة في سنة 1976، وهم عبد الرحمان القونصي، محمد النضراني، مولاي إدريس الحريزي، محمد الرحوي، وعبد الناصر بنوهاشم، اعتقلوا لأنهم ينتمون إلى منظمة «إلى الأمام». يروي عبد الناصر بنوهاشم أنه هو ومجموعته نقلوا إلى أكدز في 5 غشت 1977، وحكى عن ظروف الحياة داخل المعتقل (ظلام دامس... لم يكن هناك فراش... ملابس توزع بعشوائية... لم يكن هناك مذياع أو تلفاز أو جريدة لمدة تسع سنوات...) فالضرب هو المتوفر هناك. أطلق سراح المجموعة في 31 دجنبر 1984 بعد تسع سنوات من الاعتقال السري ما بين أكدز وسكورة وقلعة مكونة. ج- الذاكرة، المحطات، المسار، الأفاق : نظم منتدى بني زولي للتنمية والتواصل لقاء حول «حفظ الذاكرة من الضياع»، بمركز أكدز يوم 13 دجنبر 2009 حضره (أزيد من 40 مشاركا من مناطق أكدز وزاكورة والقرى المجاورة)، وخلاله أعلن عن مشروع إصدار مجلة «ذاكرة حية» (كمساهمة ستغني من دون شك البرنامج الوطني لجبر الضرر الجماعي). وحسب التقرير الوارد في العدد 1 و2 من المجلة فإن النقاش لمس المحطات التي مرت منها قصبة (الحد)، محطة الاستعباد والسخرة والتي صادفت مرحلة البناء، ومحطة مساعدة فرنسا لبسط نفوذها (وإخضاع القبائل المناهضة لها)، ومحطة تحويل (القصبة إلى معتقل سري لمجموعة من التلاميذ والشباب الحامل أفكارا تغييرية ومناهضة القمع السائد سنوات الرصاص). ولقد رسم اللقاء المسار الذي يمكن أن تسلكه المجلة، وحدد الحقول الواجب الحفر فيها لـ «حفظ الذاكرة من الضياع»، وعول على (دور الشباب وباقي الفاعلين الجمعويين المحليين) الذين أكدوا بدورهم (ضرورة حفظ الذاكرة الجماعية لبلدتهم عبر تحويل معتقل أكدز إلى متحف ليقاوم النسيان ويكون شاهدا على مرحلة تاريخية سوداء لمنطقة تستحق كل التنمية)، والتقدم (ص 24). بعد بيان مسار المجلة ومجالات ضمن تقرير أعد لتغطية لقاء أكدز يوم 13 دجنبر 2009 المذكور أوردت المجلة تصريحات للسيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (سابقا) ضمن حوار، لتضع (مشروع حفظ الذاكرة... في قلب مفهوم جبر الضرر الجماعي، لأنه إلى جانب الأضرار المادية التي لحقت المعتقلين السابقين، هناك أضرار معنوية ربما تفوق ما هو مادي، ومنها الرهبة التي لحقت الجماعات المعنية وجعلتها تتذكر ما مضى وكأنه كوابيس...). ورأى السيد أحمد حرزني أن (الحفاظ على تلك البنايات هو في حد ذاته مسألة مهمة... ويجب أن ترمم وتخصص بداخلها أماكن لتأبيد الذاكرة، ويمكن أن تعرض فيها صور وكتابات وإبداعات المعتقلين السابقين). وذكر السيد أحمد حرزني أن (الحفاظ على تلك البنايات هو في حد ذاته مسألة مهمة... ويجب أن ترمم وتخصص بداخلها أماكن لتأبيد الذاكرة، ويمكن أن تعرض فيها صور وكتابات وإبداعات المعتقلين السابقين). وذكر السيد أحمد حرزني شيئا عن (إطلاق سلك الماستر في التاريخ الراهن) ، وذلك ما وقع بعد مضي شهر على استجوابه. ولا شك في ذلك فدور (الجامعة أساسي في هذا الموضوع وخاصة الشعب المرتبطة بالتاريخ). وبعد ذلك تناولت مجلة (ذاكرة حية) الاختفاء القسري ضمن حوار مع السيدة حورية إسلامي التي عرفت الاختفاء بأنه (سحب الحرية عن فرد....مع الامتناع عن إعطاء معلومات/ حول مصيره، وبالتالي تكون الضحية خارج حماية القانون). وتضيف أن الاختفاء القسري (تطور في أمريكا اللاتينية، عبر الديكتاتوريات العسكرية التي ميزت سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي)، وأضافت أن المغرب عرف (معارضة كبيرة لطبيعة النظام الملكي القائم. هذه المعارضة ولدت اصطدامات عنيفة قامت خلالها أجهزة الأمن باستخدام العنف، التعذيب، الاختطافات والاعتقالات والتصفيات الجسدية في بعض الأحيان). ولم تغفل السيدة حورية إسلامي الحديث عن ظروف السجن وعانت العائلات ونضالاتها إلى أن توج عملها بتأسيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف سنة 1999، وإقدام الدولة على تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة. و(كان لعمل هذه الهيئة وقع تاريخي وإيجابي فيما يرتبط بمكتسبات حقوق الإنسان في المغرب). وتشكل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة (أفقا إيجابيا من أجل مستقبل أفضل للمغرب). د- النوع الاجتماعي والذاكرة : لم تهمل مجلة «ذاكرة حية» في عددها المزدوج مساهمة النساء في الذاكرة حفظها إحياؤها. ففي الصفحة الأولى من الغلاف صورة حورية إسلامي المساهمة في مواد العدد بملف حول (الاختطاف القسري). وفي الصفحة الرابعة صورة واجهة المعتقل الرئيسية تبين امرأة وجهت كاميرا فيديو صوب مقبرة المعتقل يبدو أنها تسجل شريطا ما ذي علاقة بالذاكرة. وتضمن العدد نبدة عن (سكينة) أصغر المعتقلات الصحراويات اللائي (ذقن مرارة الاعتقال والتعذيب بدون أي سبب) لمدة 12 سنة. وستحل سكينة (ضيفة على مجلة «ذاكرة حية» في عددها الرابع) الذي يظهر أنه سيخصص للنوع الاجتماعي والذاكرة. وأما فاضم وحرفو فقد وردت ضمن فقرات العدد في أكثر من موضع. وضمن إحدى الشهادات ذكر مساهمة النساء في بناء قصبة (الحد) في الأربعينات من القرن الماضي. 2- الذاكرة الحية بمحيط معتقل تكونيت خصص العدد الثالث من مجلة (ذاكرة حية) لمعتقل تكونيت (الرهيب وتأثيره على المنطقة منذ بداية الأشغال[أشغال البناء] به، من طرف خليفة الباشا الكلاوي)(ص3 من العدد 3)، إلى تاريخ إفراغه من المعتقلين في بحر سنة 1973، ولأن مجموعة من المعطيات الخاصة بمعتقل تكونيت سبق ذكرها في الفقرات الخاصة بمعتقل أكدز، نصنف ما لم يذكر في المحاور التالية: أ – قصبة تكونيت الموضع والبناية تقع قصبة تكونيت بجماعة تكونيت القروية بإقليم زاكورة.بنيت سنة 1948 على مساحة تقدر ب1300 متر مربع لاحتضان (مركز سلطة الباشا الكلاوي......وجيش الاستعمار الفرنسي، وبعد الاستقلال المغربي) وظفت في البداية(كمرأب السيارات التابعة للوحدة الأولى للمخزن المتنقل، المجموعة 36 للقوات المساعدة بتكونيت، وذلك قبل أن تتحول إلى مخبأ سري). والقصبة بناية واسعة (تحتوي على خمس عشرة غرفة تتوسطها ساحة مساحتها 25 مترا مربعا، يحيط بها سور سميك عرضه). شرع في بناء القصبة سنة 1940 في ظروف مشابهة في قساوتها ظروف باء قصبة (الحد) السالف ذكرها. وحسب الرواية الشفوية فقد كان يفرض على السكان المجيء ابتغاء السخرة من (رأس العريبية) الكائن قرب محاميد الغزلان إلى ورش بناء القصبة. (فكانوا يحملون على أكتافهم عود النخيل ويأتون) للعمل على تثبيت تركيب سقوف البيوت ونسجها وتبليطها. و(كل من زاغ...فإن جزاءه الضرب والعودة في اليوم الموالي [حامل] قطعة خشب أخرى) (المرجع المذكور ص6). ولم تغفل مجلة ذاكرة حية ذكر البعد الثقافي لذاكرة معتقل تكونيت، حيث أوردت القبائل المسخرة لبناء القصبة، بني صبيح، بني حيون، القصر الجديد، نصراط، أيت الربع، وذكرت أسماء بعض الفنانين (المختصين في الزخرفة بالطين والصناعة التقليدية) وهم الحاج قدور العطواني، حيمي، الحمري، وهؤلاء كلهم (ينقشون بإبداع ويشتغلون بدون أجر). واختلف سبب بناء كل قصبات الجنوب الشرقي المغربي عن سبب بناء قصبة تكونيت. ذلك أن الهدف من بناء هذه القصبة تحقيق (ترف الباشا الكلاوي ومساعدته على استيلاب السكان وإخضاعهم) بدل تحصينهم ضد هجمات القبائل المجاورة. ب- قصبة تكونيت والاعتقال السياسي في سنة 1971 استقبلت القصبة مجموعة الدار البيضاء التي تضم 215 شخصا سلفت إلى الإشارة إلى صفاتهم أعلاه، وعقب ذلك استقبلت القصبة (14 معتقلا في أحداث 1973 التي عرفتها مناطق كلميمة وإملشيل) (ص5). ووردت ضمن شهادات المعتقلين مجموعة الدار البيضاء، ظروف ترحيل هؤلاء من الدار البيضاء، بعد اعتقالهم عشوائيا، نحو المجهول وهم معصوبو الأعين مقيدون ومكبلون بالأغلال مشحونون كالبضاعة في شاحنات خاصة، يقضون حاجة الإنسان على متن تلك الشاحنات التي قضت في ترحيلهم إلى قصبة تكونيت ثلاثة أيام متتالية (ارجع إلى شهادة عبد الله أكريم). وأوردت الجلة قساوة ظروف العيش بالمعتقل المذكور مما نتج عنها وقوع وفيات في صفوف المعتقلين. وعن دفن الجثث ذكر أن ذلك (يتم بجانب الطريق...بدون شعائر إسلامية وببرودة دم ووحشية) (شهادة محمد زمر ص9). ج – الذاكرة وخلفيات الاعتقال بتكونيت لم تتضح خلفيات اعتقال مجموعة الدار البيضاء (فالأمر لا يتعلق هنا بناشطين سياسيين معارضين النظام أو جنود ساهموا في التخطيط لانقلاب النظام......إن الأمر يتعلق بمجموعة من المواطنين كانوا يعيشون بين دروب مدينة الدار البيضاء الكبرى....) (ص7). ولأن ليس لهؤلاء علاقة بالسياسة أو شأن الدولة فقد زاغت المجلة تحت وقع الفضول لتقتحم مجال آخر غير مجال الذاكرة فسردت ثلاث فرضيات: - الفرضية الأولى، اعتقال مجموعة 215 كان لغاية تنقية مدينة الدار البيضاء المهيأة وقتها لاحتضان مؤتمر القمة الإسلامية، وهي فرضية لا تصمد أمام النقد والتمييز. - الفرضية الثانية أن (الاعتقالات العشوائية تدبر من طرف جهات عسكرية)، ويغلب على الظن أن الجينيرال أوفقير ابتغى منها تقديم رسالة (مفادها الإخلاص للعرش عبر اعتقاله جنودا مسؤولين عن الانقلاب الأول وإيداعهم تكونيت، فعمل على توهيم النظام بكون المحتجزين جنودا)، وخلف الصورة، وهذا هو بيت القصيد، عمل على تحضير الانقلاب (ص7). - الفرضية الثالثة، التهيء (لحطة تدريب...عدد من النشالين وذوي السوابق والمتسولين لتحويلهم إلى منفذي عمليات اغتيال في حق مجموعة من القياديين المعارضين)(ص7). وفي جميع الأحوال فقد طرحت مجموعة الدار البيضاء إشكالا، لأن أفرادها (لا يدخل ضمن اختصاص هيئة الإنصاف والمصالحة، لكون اعتقالهم ليس ذا طابع سياسي) وهذا الأمر (مردود عليه)، كما قال السيد محمد الصبار الرئيس السابق للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف (ص13)، الذي استجوبته المجلة. 3- مجلة (ذاكرة حية): ما لا يجب التغافل عنه يمكن القول إن مجلة (ذاكرة حية) نشرة داخلية لعدم توفرها على ملف صحافي قانوني، وبالتالي فتوزيعها جرى في نطاق محدود ضيق. وقد يكون (منتدى بني زولي للتنمية والتواصل) قد استدرك النقص بإقدامه على توزيع الأعداد على الجمعيات كما فعل في لقاء جبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة الوطني الذي نظمه بمدينة وارزازات جنوب المغرب يومي 4 من يوليوز 2011 و5 منه. ومن جانب آخر لم يدرك المخرج الفني ضرورة إدراج فهرس المواد ليسهل البحث في المجل رغم قلة عدد صفحاتها. وتخلو المجلة من الجداول والبيانات الإحصائية. وأما الصور الواردة في الأعداد الثلاثة فخالية بعضها من العناوين والتعاليق مما يجعل فهمها مستعصيا في بعض الأحيان، فمن ذلك مثلا صورة الصفحة الثانية من غلاف المجلدين، وصور الصفحات، 3، 7،8، 9، 15، 17، 24، 27، 29 من العدد المزدوج 1و2، وصور الصفحات، 4، 5، 7، 8، 9، 10، 12، من العدد التالي. وتغفل المجلة أحيانا ذكر أسماء بعض المعتقلين على الرغم من إدراج تصريحاتهم وصورهم. نقرأ في الصفحة 12 من العدد الثالث أن (طاقم مجلة (ذاكرة حية) انتقل إلى مدينة القصر الكبير المغربية من أجل اقتفاء أثر ضحايا الاختفاء القسري بتاكونيت. هناك التقت بأحد المعتقلين...) الذي أدلى بالشهادة. ثم شرعت المجلة في سرد الشهادة دون ذكر اسم الضحية.
#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)
Ait_-elfakih_Lahcen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت في الصحافة المغربية المكتوب
...
-
قافلة جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب الطبية بين العلاج وجبر
...
-
إملشيل: التواصل والتنادي لتسوية الخلاف على حقوق جماعية كانت
...
-
خريطة فقر إيميلشيل أم خريطة الضرر الجماعي؟ – قراءة في كتاب (
...
-
سد الحسن الداخل والحقوق الجماعية بضاحية الرشيدية بالمغرب
-
حفل مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث في قراءة كتاب «إملشي
...
-
الأرض السلالية والحقوق الجماعية بإملشيل الشرقية- المغرب
-
الجهوية المغربية المتقدمة بين الوظيفة والانسجام - حالة الأطل
...
-
العمل الجمعوي وإكراهات الرموز الثقافية بالجنوب الشرقي المغرب
...
-
مائدة مستديرة حول وضعية المرأة، الإكراهات والرهانات - الرشيد
...
-
شبكة تفويت للدفاع عن المرأة بالجنوب الشرقي المغربي الأهداف و
...
-
التقرير التركيبي العام حول الندوة الوطنية حول الحقوق الثقافي
...
-
أية مكانة للمرأة المغربية في الجهوية الموسعة؟
-
هل سيأخذ الجنوب الشرقي المغربي نصيبه من الجهوية الموسعة؟
-
مشروع الحكامة المحلية في جبر الضرر الجماعي بإقليم الرشيدية
-
على هامش لقاء أزرو حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقا
...
-
قافلة « فاضمة وحرفو » الثانية لحفظ الذاكرة و المصالحة المغرب
...
-
النساء في الجماعات المحلية المغربية رافعة الحكامة المحلية
-
المدرسة القروية بين أوامر السلطة الكتابية و شفاهية دوريات ال
...
-
مجموعة مدارس مولاي إسماعيل بشمال إقليم الرشيدية في مواجهة ال
...
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|