|
الشرطة العراقية والموت المجاني؟
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1020 - 2004 / 11 / 17 - 11:24
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تفيد الأنباء الواردة عن المجازر التي وقعت وما تزال تقع بحق الشرطة العراقية والحرس الوطني كان بالإمكان تجنب معظمها أو على الأقل التقليل من الخسائر بالأرواح والممتلكات إلى الحد الأدنى. فإبادة 49 جندياً في بلدروز بعد ساعات من حفلة تخرجهم قبل أسابيع، وتسعة ضباط شرطة بعد عودتهم من الأردن عند مرورهم قرب اللطيفية في طريقهم إلى ذويهم في كربلاء، كانت من هذا القبيل ومن صنع عناصر من فلول البعث المندسة داخل أجهزة الدولة والشرطة بالذات. ولكن الأكثر إيلاماً وغرابة في نفس الوقت، هو موقف الشرطة أنفسهم عندما يواجهون الخطر الداهم ويعرفون أنهم أمام الموت وليس لهم أي خيار آخر بين الموت المجاني والموت البطولي ولم يتخذوا الموقف المناسب. فمن ألف باء الدفاع عن النفس في هذه الحالات هو خوض المعركة بشجاعة حيث الأمل في الحياة وإلحاق الهزيمة بالعدو. إلا إن الذي يحصل في أغلب الأحيان هو أن الشرطة لم يأخذوا أي مبادرة في الدفاع عن أنفسهم وعن مراكزهم، بل يستسلمون للعدو دون مقاومة تذكر. ففي مدينة الحديثة تم قتل 22 ضابطاً من ضباط الشرطة عندما هاجمت مجموعة من الإرهابيين مراكزهم فاستسلموا للجناة دون أية مقاومة تذكر، فتم تجريدهم من أسلحتهم ومن ثم ذبحوا ذبح النعاج دون رحمة. وتكررت الجريمة في أماكن أخرى كما حصل في مدينة الموصل يوم 11/11/2004 عندما هاجمت مجموعات من الإرهابيين ستة مراكز للشرطة وجردوا أفرادها من أسلحتهم وقتلوهم وأشعلوا النيران في تلك المراكز بعد أن نهبوا محتوياتها من أسلحة وأجهزة اتصالات إلكترونية وكومبيوترات وواقيات ضد الرصاص.. الخ كما وأحرقوا 16 سيارة من سيارات الشرطة. فكان المفروض بالشرطة في هذه الحالة أنهم قد تعلموا درساً من التجارب المريرة السابقة بأن يعرفوا أن الاستسلام للقتلة لن يخلصهم من الموت. وكان على الشرطة وهم محصنين في مراكزهم ومزودين بالأسلحة وأجهزة اتصالات أن يكونوا يقضين ومهيئين لمواجهة الجناة في أية لحظة ومقاومتهم عند الهجوم عليهم بكل ما أوتوا من قوة وبسالة. فهؤلاء الجناة يقومون بجرائمهم لأنهم متأكدون من إفلاتهم من العقاب وسهولة استسلام الشرطة لهم دون مقاومة. وبات شبه مؤكد أن الإرهابيين البعثيين بما عندهم من خبرة في الجريمة والاستخبارات لعقود، قد اخترقوا قوات الشرطة فيبثون فيهم روح الخوف والاستسلام، إضافة إلى إرشاد القتلة وتسهيل مهمتهم. نعم، إن عدم مقاومة الجناة يشجعهم على ارتكاب جرائمهم البشعة. وما يؤكد صحة هذه الفرضية هو ما جرى يوم 12/11/2004 في مدينة الموصل أيضاً حين (قامت مجموعة من الشلة الارهابية بهجوم كبير على مركز الموصل لتنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني ظناً منهم بان حال المركز حال مراكز الشرطة التي احتلوها واحرقوها ولكن قوات البيشمركه المتواجدة وعددهم ضئيل جدا لقنوهم درسا قاسيا بحيث لن ينسوه ابدا.. حيث قامت قبل ظهر هذا اليوم قوة ارهابية مكونة من سبع سيارات بمهاجمة مركز التنظيمات وبدأوا بقصف المركز بالهاونات ولكن عناصر حماية المركز ردوا عليهم بهجوم مدبر وكاسح وخلفوا منهم ستة قتلى وعدداً من الجرحى دون اصابات في صفوف افراد حماية المركز وبدأوا يلاحقون فلولهم المهزومة خارج منطقة المركز.- 12/11/2004 PUKmedia الموصل). نعم هذا هو الرد الحاسم والصحيح والذي كان على الشرطة والحرس الوطني أن يقوموا به في مواجهة الإرهابيين لا الاستلام المهين للبغاة ليذبحوا ذبح النعاج. كذلك هذا الدرس يعني أن أية مقاومة من الشرطة مهما كان عددهم قليلاً، يلحق الهزيمة بالجناة وأن أي إذعان أو استسلام لهم سيؤدي إلى تماديهم في الجريمة. فتحية لرجال البيشمركة الأبطال على شجاعتهم في تلقين الإرهابيين درساً لن ينسوه كما نهيب بشرطتنا ورجال الحرس الوطني البواسل الإقتداء بزملائهم البيشمركة في مواجهة الجناة قبل فوات الأوان. فتنمر الجناة في نشر الفوضى والتمادي في القتل والتخريب والفلتان الأمني ناتج عن شعورهم بعدم مقاومة الشرطة لهم وبالتالي إفلاتهم من العقاب. كذلك على الحكومة التحقيق الجيد في اختيار أفراد الشرطة والحرس الوطني وتزويدهم بالسلاح الفعال وكافة المتطلبات الدفاعية والهجومية ومعاقبة المندسين من فلول النظام الساقط. إن ما حصل في الموصل مخجل للغاية حيث أفادت الأنباء أن عدداً من الشرطة استبدلوا ملابسهم الرسمية بملابس مدنية وانضموا للإرهابيين. ألا يعتبر ذلك خيانة وطنية؟ كما وعلى الحكومة أن تفضح الدول الداعمة لهم وتقاضيهم في المحافل الدولية. إذ نسمع كثيراً عن إلقاء القبض على المئات من المجرمين البعثيين وحلفائهم الإرهابيين الوافدين من الخارج، إلا إننا لم نسمع عن عرض الجناة في الإعلام المرئي وغيره ولا عن فضح الحكومات والجهات التي تقف وراء هؤلاء الإرهابيين القتلة. فالكل يعلم، بمن فيهم الحكومة العراقية، أن الحكومة الإيرانية والسورية تعملان على تدمير العراق وتقفان وراء الأعمال الإرهابية. إلا إن الحكومة تكتفي بتصريحات غامضة عن دور "بعض دول الجوار" في إرسال الإرهابيين لتدمير العراق دون الإفصاح عن ذكر أسماء تلك الدول... فإلى متى تتحاشى حكومتنا فضح أعداء العراق؟ بينما لن تتردد الحكومة الإيرانية والسورية في إصدار البيانات الرسمية علناً في دعم ما يسمونه بالمقاومة في الفلوجة وذرف دموع التماسيح على "المدنيين". فماذا تعمل سورية وإيران فيما لو حصل شيء من هذا القبيل في إحدى مدنهما. ونحن نعرف ما عملته سوريا بمدينة حما في السبعينات حيث واجهت مظاهرة للاخوان المسلمين بقتل أكثر من 30 ألف من سكان المدينة دون تمييز واكتسحت المدينة بالبلدوزرات، كذلك ما عملته قبل أشهر بحق الأكراد في الحسكة والقامشلي على أثر احتجاجات بسيطة بعد سباق كرة القدم. وكذلك تاريخ الحكومة الإيرانية لا يشرفها كثيراً ولا يعطيها الحق أن تحتج على الحكومة العراقية والقوات الحليفة بمواجهة الإرهاب الوافد من الخارج. إذ تقول الحكمة (إذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجارة). كما وصرح قبل أيام وزير العدل العراقي أن أربعة من قيادة حزب البعث المنحل قد فروا وشكلوا قيادة في دولة عربية مجاورة يديرون الإرهاب من هناك. وكلنا نعرف هذه الدولة المجاورة هي سوريا حيث تجمع هؤلاء في مدينة حلب التي صارت وكراً للبعثيين العراقيين. فلماذا هذا السكوت عن فضح الدولة الراعية للإرهاب؟ فتحية لقواتنا البواسل من الشرطة والحرس الوطني والبيشمركة في مواجهة الإرهاب ببسالة، وتحية لقوات متعددة الجنسيات التي ضحت بخيرة جنودها في الدفاع عن أمن الشعب العراقي، والمجد للشهداء والخزي والعار للإرهابيين ومن يدعمهم.
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حذار من تكرار خدعة بن العاص في الفلوجة
-
ماذا يعني فوز بوش للولاية الثانية؟
-
لماذا نداء المجتمع المدني ضد التدخل الفرنسي في الشأن العراقي
...
-
المثقفون الأحرار في مواجهة فقهاء الإرهاب
-
متى تتوقف المجازر في العراق؟
-
دور الأردن في تخريب العراق
-
حول(عقلية التدمير) والدقة العلمية..!!
-
هل مازال صدام يحكم العراق؟
-
ازدواجية الموقف العربي من الإرهاب
-
الأمن في العراق ضحية الطوباوية والمزايدات السياسية
-
تعقيباً على ردود العرب وعقلية التدمير
-
العرب وعقلية التدمير
-
حجب الفكر عن الشعب دليل على الإفلاس الفكري
-
لماذا التحالف ضد الانتخابات في العراق؟
-
يفتون بالإرهاب ويتبرّأون من عواقبه!
-
موقف كوفي أنان من القضية العراقية
-
من أمن العقاب مارس الإرهاب
-
: قراءة تأملية في كتاب: صعود وسقوط الشمبانزي الثالث
-
دور رجال الدين المسلمين في الإرهاب
-
القرضاوي داعية للإرهاب
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|