|
الإصلاح والديمقراطية في الشرق الأوسط والدولة الفلسطينية الموعودة
محمود محفوري
الحوار المتمدن-العدد: 1020 - 2004 / 11 / 17 - 11:19
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
يؤمن معظم السوريين بالديمقراطية والإصلاح والتنمية، ويطمحون لأن يبنوا دولة مدنية تكرس وتعمق الديمقراطية والإصلاح، ويرغبون أن تنتهي الحروب في كل مكان وخاصة منطقتهم، ويؤيدون حقوق الإنسان بكل ما تعنيه من مضامين، ويتطلعون إلى عالم تسوده روح التعاون والمحبة، عالم يكون فيه لجميع الأمم مكانة محترمة بغض النظر عن العدد واللون والعرق والمعتقد. ويتطلع السوريون إلى الولايات المتحدة الأمريكية القوة الأعظم في العالم والى الدول الأخرى في أوروبا وآسيا أن تكون عونا لهم ولكل الشعوب في بناء مجتمعات ديمقراطية أكثر تطورا وازدهارا توظف الشعوب في إطارها طاقاتها وامكاناتها في سبيل حياة أفضل لأفرادها وجماعاتها. إننا نتطلع أن تكون الولايات المتحدة وسيطا نزيها في حل مسألة طالما أنهكت المنطقة وشعوبها ولا يمكن تجاوزها في مسار إزالة سبب هام من أسباب خلق التوتر على المستوى المحلي والعالمي ألا وهي مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية واللبنانية وأرض فلسطين. فهذه القضية تشعر الشعوب بالغبن والتمييز ضدهم والعداء وتدفع نحو اليأس والإحباط والتطرف. فغياب التعاطي العادل والنزيه مع هذه المسألة يشجع التطرف والكراهية ويعيق تكريس الديمقراطية في الفكر والممارسة وبالتالي يؤخر عملية الإصلاح والتنمية. ليس هناك وطني ديمقراطي سوري قومي كان أم ليبرالي أم اشتراكي يستطيع أن يبرر إيجابا تأجيل الوعد بإقامة دولة فلسطينية في عام 2005 إلى عام 2009. هذا الوعد الذي كان بندا أساسيا في البرنامج الانتخابي الذي انتخب على أساسه الرئيس جورج بوش. فهذا التأجيل هو تراجع عن وعد قطعه في بدايات فترة الأولى عن طريق إحالة المسألة برمتها إلى إدارة أخرى جديدة بعد أربع سنوات غير إدارة بوش تلغي بكل ببساطة هذا الالتزام الذي لم تقل به لتطرح طروحات جديدة تناسب الظروف التي ستتولد في تلك الفترة والتي قد تكون تأجيلا جديدا لسنوات أخرى. وتستمر الأزمة. مشكلة التنمية والإصلاح والديمقراطية في الشرق الأوسط تتأثر بشكل كبير جدا بل تترابط عضويا مع مسألة إحلال السلام وإزالة أسباب العداء عن طريق تنفيذ قرارات الشرعية الدولية كاملة بدون انتقائية والتي هي السبيل الوحيد لطمأنة الجميع والقبول بالآخر. والمماطلة بحل هذه المسألة يعني المماطلة بإقامة الديمقراطية والتي تحتاج إلى عدل وسلام ووقف هدر الثروات وإقامة سلم اجتماعي داخلي وتقديم تطمينات لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية للمساهمة في التنمية واكتشاف فرص جديدة للاستثمار. لا بد من الإشارة أيضا إلى أنه لا يمكن إيقاف تداعيات 11 أيلول إلا بإزالة الأسباب التي أدت إليها ومن بين هذه الأسباب حل القضية الفلسطينية حلا عادلا ووقف استنزاف الثروات والطاقات المادية والذهنية الفكرية التي تهدر بسبب تلك القضية. فمن البديهي أن نقول أن معظم الجهد الفكري في المنطقة يستنزف في التفكير في قضية الحقوق الوطنية والغبن والتمييز الذي يقع على العرب. ذلك ما يضيع ثروة هائلة من الجهود التي لو وظفت في حقل آخر لرفدت الفكر السياسي الديمقراطي والاجتماعي والليبرالي والفكر العلمي والثقافي الإنساني بقوة دفع هائلة تستفيد منها شعوب المنطقة والعالم. فتطوير وتنمية المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط إحدى مناطق المستعمرات السابقة الأهم في العالم والتي تتحمل القوى المستعمرة السابقة مسؤولية مادية وأخلاقية لمساعدة شعوبها، يؤدي إلى نشوء دولة القانون والتشريع، دولة مدنية ذات فكر سلمي، ويؤدي إلى تقوية مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وجمعيات فكرية وثقافية والى إحقاق حقوق كل فئات شعوب المنطقة وخاصة حقوق الأقليات بكل أشكالها والتي لا تتوقف الهيئات والمؤسسات الدولية وغير الحكومية تطالب بتوفيرها. ستزدهر في ظل السلام العادل حقوق الشعوب ويزول القهر وتنشأ في ظله دولة القانون التي تقوم على تداول السلطة واحترام التعددية بكل أشكالها والاعتراف بالآخر. ولتسريع الوصول إلى السلام العادل لا بد من العمل داخليا على تعبئة كل القوى السياسية والاجتماعية والثقافية وكل طبقات المجتمع حول نهج سياسي وطني ديمقراطي حق يؤمن بمواجهة الفساد وهدر الطاقات المادية والفكرية "فالأمة لا تجتمع على ضلالة"، نهج يقود إلى خلق واقع داخلي جديد يسمح باستثمار الطاقات الكامنة غير الفعالة في الشعب ويدمجها في إطار عملية تنموية تطويرية نهضوية إصلاحية تنعكس على جميع فئات وطبقات المجتمع وكذلك على العالم الآخر في الغرب بالخير والأمان وتقيم علاقات متكافئة جديدة يستفيد منها الجميع. إن شرق أوسط آمن ومزدهر وسلمي يسمح أن تأخذ شعوبه نصيبها في المشاركة في الاقتصاد العالمي والتوزيع العالمي للعمل مما يقضي على البطالة والتطرف والتزايد السكاني غير المضبوط والخطير ويقود إلى عملية نهضوية تنويرية جبارة تزيل الكثير من مسببات عدم الاستقرار المحلي والعالمي.
د. محمود محفوري : رئيس المكتب السياسي في حزب النهضة الوطني الديمقراطي
14 تشرين الثاني 2004
#محمود_محفوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمات في الديمقراطية والليبرالية والعدالة الاجتماعية كما يرا
...
-
دعوة لتآلف وطني يشمل الجميع
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|