|
ساسون حسقيل 1860 - 1932- اول وزير المالية - وموقفه الصلب مع شركة النفط البريطانية عام 1925- واليه تعود كلمة - يحسقلها علينا
علي عجيل منهل
الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 21:18
المحور:
الادارة و الاقتصاد
من - الكلمات الشائعة في-- لغة العراقيين- قولنا "يحسقلها" أو "يعني شنو"؟ تريد تحسقلها علي؟" نقصد بها التشدد في حسابها و محاسبة الشخص. نقولها دون ان نعرف اصلها و مصدرها. تعود هذه الكلمة اساسا الى السيد- ساسون حسقيل، الأقتصادي و الرجل المالي الكبير الذي تولى وزارة المالية خمس مرات في اوائل تأسيس المملكة العراقية. لم يكن رجلا ضليعا فقط في الأمور المالية و انما كان يتقن كذلك عدة لغات محلية و عدة لغات اوربية. و عندما تأسست اول وزارة في تاريخ العراق تحت رآسة عبد الرحمن النقيب عام 1921، اشار عليهم الانكليز بأن يستعينوا -بساسون حسقيل- في تنظيم مالية الدولة الناشئة. و اسندوا اليه وزارة المالية --.اشتهر حسقيل ساسون --بتشدده -في محاسبة الموظفين و المسؤولين، بل و حتى الملك فيصل الأول و الحكومة البريطانية. لا يترك لهم ثغرة يسيئون فيها لمالية البلاد. و من هنا راح الجمهور يقولون و يرددون --كلمة يحسقلها،- اي يتشدد في محاسبتها. شاعت عن ذلك حكايات طريفة كثيرة. و منها انه لاحظ ان البلاط الملكي حاول تغطية العجز في ميزانيته بنقل مبالغ من فصل معين من الميزانية العامة الى واردات البلاط. انتبه الى ذلك فأصدر امره بمنع هذا النقل بما اثار الملك فيصل و الديوان الملكي. ولكن ساسون حسقيل اصر على رأيه و منع هذا التحويل الذي اعتبره مخالفا للقانون و مصلحة الدولة. و كوزير للمالية، ركز على تنظيم الضرائب و المكوس وحسّن طرق استحصالها بما يضمن للدولة ما تحتاجه من واردا ت - و عمل بجد و نشاط في تشجيع الانتاج الوطني و لا سيما في قطاع الزراعة و تصدير المنتجات الزراعية العراقية للخارج لكسب شيء من العملة الصعبة
ساسون حسقيل -والمفاوضات مع شركة النفط البريطانية- واجبارهم على - الدفع بالذهب - وليس العملة الورقية
فى عام 1925 كان له - موقفا صلبا من مفاوضات النفط مع الشركة البريطانية واصر على- مساهمة الحكومة العراقية في الشركة المستثمرة -ودفع الفوائد على اساس الذهب،- وحين استفسر - ياسين الهاشمي من -ساسون -عن ذلك قائلاً: كيف تصر على المساهمة في راس مال الشركة النفطية، والخزينة خاوية وليس لدينا المال الازم لذلك، فضلاً عن وجود تركة الديون العثمانية التي لم يسدد العراق نصيبه منها فقال ساسون: ان الامر بسيط فاذا اجبنا الى طلبنا وخصصت لنا حصة في رأس المال يمكنني رهن تلك الحصة والحصول على قرض يربو على قيمتها اما بخصوص الدفع على اساس الذهب --فقد ناقشه ممثلو الشركة والموظفون البريطانيون في وزارة المالية مناقشة شديدة، وقالوا ان قاعدة الذهب نظرية قديمة بالية، فقال ساسون: اجل ان ذلك صحيح، لكنني اتمسك بها لانني ايضا-- رجل متحجر الفكر --من بقايا العهد العثماني الزائل ولم يتزحزح عن موقفه قيد شعرة، ويبدو ان موقفه المتصلب هذا جلب عليه غضب بريطانيا فلم يستوزر بعد ذلك واثبتت الايام صحة اصرار ساسون على الدفع على اساس الذهب فالعملة البريطانية --الباون الاسترليني-- هبطت قيمتها حين نشبت الحرب العاليمة الثانية اذ ان النص الذي طلبه ساسون في الاتفاقية بعد خروج بريطانيا على قاعدة الذهب افاد العراق فائدة كبيرة وضاعف كثيرا من ارباحه
نزاهة - ساسون حسقيل- درس لسياسى بغداد- فى الوقت الحاضر نروي هذه الحادثة -والتي تتلخص بنفاذ نفقات الفصل المالي لدائرة البريد والبرق المخصصة للديوان الملكي عام 1925 قبل اشهر من ختام السنة المالية، فقد كانت الحرب الحجازية النجدية قائمة على قدم وساق وكانت البرقيات ترسل يوميا من البلاد الملكي العراقي الى الملك علي في الحجاز لمعرفة الموقف الحربي. فكتب الديوان الملكي الى وزارة المالية يسأل الموافقة على نقل مبالغ فصل اخر في الميزانية المصدقة الى فصل البريد والبرق تلافيا للمصروفات الطارئة. يقول-- صفوت باشا العوا ناظر الخزينة الملكية الخاصة --دخل- على-- وزير المالية ساسون افندي -ثائرا ينتقد كثرة النفقات ويعترض على نقل الاعتماد، وقد اسرعت الى تهدئته وشرح الاسباب التي تبرر الطلب وهو لا يزيد الا حدة وجدالا، فقلت له: ان جلالة الملك في الغرفة المجاورة ولا يفصلنا عنها سواء جدار خفيف، فاخفض من صوتك لئلا يسمعنا. وقلت له ان يتناسى الطلب، وفي وسعنا تدارك النفقات الاضافية من الخزينة الخاصة. وفي اليوم التالي دخلت على-- الملك فقال لي وكان قد سمع حوارنا:- لماذا كان ساسون هائجا بالامس؟ -فحاولت ان اخفف من وقع الامر لكن--- الملك قال:- انني مبتهج لموقف وزير ماليتي وصلابته --فاذا كان يقف مني هذا الموقف الشديد --فاني مطمئن الى انه يقف موقفا اشد صلابة تجاه سائر الوزراء والموظفين لاجل التمسك بالقواعد المالية السليمة والحرص على خزينة الدولة.
ساسون حسقيل 1860 - 1932
ولد لاسرة يهودية عريقة فى بغداد عام 1860 ودرس فى المدرسة السلطانية فى اسطنبول عام 1877 ثم انتقل الى فينا عاصمة النمسا للدراسة فى اكاديميتها ودرس ايضا فى برلين ولندن ونال اجازة الحقوق وعاد - الى مسقط رأسه عام 1885 فى بغداد وعين ترجمانا لولاية بغداد ثم شغل مدير الادارة النهرية عام 1904 وفى عام 1908 انتخب ساسون حسقيل نأئبا عن بغداد فى مجلس النواب التركى ثم عين مستشارا لوزارة التجارة والزراعة وعاد الى بغداد عام 1920 عين وزيرا للمالية فى وزارة عبد الراحمن النقيب وفى اذار عام 1921 اذار سافر مع وزير الدفاع العراقى جعفر العسكرى لحضور مؤتمر القاهرة وقرر المؤتمر--- أنشاء المملكة العراقية -- وعقد تاحها للامير فيصل- واحتفظ ساسون بوزارة المالية- وكان ايضا نأئبا عن بغداد منذ أنشاء الحكم البرلمانى سنة 1925 الى وفاته عام 1932- وكان نشطا فى البرلمان العراقى وادخل الاساليب البرلمانية الحديثة-
وفاته عام - 1932- فى 31 اب-- ورثائه-- من قبل شاعر العراق -الكبير معروف الرصافى
فقدنا به شيخ البرلمان ينجلى ----- به ليلة الداجى اذا قام يخطب وكان اذا ما قال أوجز قوله ----- ولكنه فى فعلة الخير مسهب وكانت له فى الترك قبلا مكانة ---- به كل ذى فضل من الترك معجب لقد كان فى الاوطان يرأب صدعها ----- فيسعى الى الاصلاح فيها ويدأب فأصغى لشكواها وزيرا ونائبا ---- - وعالجها منه الطبيب المجرب وأبعد مرمى حبها فى شبابه ------- وجاهد فى اسعادها وهو أشيب
وقد ابنه السياسى العراقى رئيس الوزراء ياسين الهاشمى بقوله -- فأذا ذكر ساسون افندى فيجىء ذكره مقرونا بالكفاح العظيم فى تنظيمه شؤون العراق فى سنى الانتداب العجاف -- كان ساسون شديد التمسك بارائه ومبادئه وقد حافظ على-- الطربوش --الى يوم مماته ولم يرض ان يبدله -بالسدارة،-- شعار الراس-- الذي ابتكره الملك فيصل وقد امر الملك في احدى حفلات البلاط ان يؤخذ طربوشه ويعطى عند خروجه السدارة لكي يعتمدها ولما هم بالخروج قال له موظف التشريفات ان الطربوش قد ضاع وناوله سدارة لكنه رفض وضعها على راسه واصر على طلب طربوش جديد - لقد كان المرحوم - ساسون حسقيل --رمزا وطنيا-- للتكنوقراط - المكافح والمناضل -فى وضع - اسس الدولة الحديثة القائمة على- الاسس العلمية الغربية -التى درسها فى اوربا وطبقها فى العراق فى مجال -التشريع والبرلمان و الادارة والمالية-- وكان-- نموذجا للنزاهة المالية-- حتى ذهبت-- الحسقلة -- وتصعيب الانفاق المالى وتبذيره مثلا يضرب فى-- تاريخ العراق الحديث - وعلى سياسى العراق -- ان يستفادوا ويخجلوا -من النهب والسرقة والتطاول على المال العام - وهنا نترحم على روحه ونظافة يده
#علي_عجيل_منهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس- النقيب --عبد الستار سبع العبوسى - صاحب الجريمة النكر
...
-
جمهورية جنوب السودان تعلن استقلالها فى- 9 تموز الحالى-- والا
...
-
القذافى يدعو لقتال-- القوات الصليبية - واشهر اقواله -- وشهور
...
-
عبد الكريم قاسم - كان عفيفا لايطمع فى مال- وقنوعا لايحب العي
...
-
الرسول محمد -- شخصية ناقصة -- تحليل-- للطبيب النفسى السعودى-
...
-
مزبلة التاريخ - هى ازبل ما يكون- يرجى من- القارىء ان يضع -من
...
-
عراقى لاجئى من رفحاء - بعد سنه راجعنى-- لماذا؟
-
مفهوم - الكم - والكيف - والطفرة- فى الثورات العربية
-
الازدواجية- والانتقائية- فى العدالة الدولية - من - القذافى م
...
-
العراق - يساعد اليابان - ماليا - موقف انسانى رائع -- ورد للج
...
-
عا د - ابو درع - سفاح الرصافة فى بغداد -او - زرقاوى الشيعة -
...
-
اطلاق مليون - لحية - لدخول الجنة - قبل شهر رمضان القادم -ماذ
...
-
المغرب -والدستور الجديد - ينقلها الى مرحلة - ملكية دستورية -
...
-
الحملة--التي أطلقتها نساء سعوديات --تحت شعار: -من حقي أسوق -
...
-
ديتلف ميليس- المحقق الالمانى السابق فى - ملف اغتيال الحريرى-
...
-
التأريج الهجرى- وتحويله الى الميلادى- و -الميلادى الى الهجرى
...
-
النظام السورى البعثى - يظهر بنفس الصورة التى ظهر بها - - نظا
...
-
جريمة فى الخليج- البدون - فى الكويت
-
الرجل يختار ملابس المرأة الداخلية- وسلطات السعودية - تحقق في
...
-
احالة ملف سوريا النووى على مجلس الامن- لعدم امتثالها لضمانات
...
المزيد.....
-
تحديث لحظي..سعر الذهب اليوم في مصر وأسعار سبائك BTC
-
بلومبيرغ: رسوم ترامب الجمركية ستحدث ألما كبيرا لشركات السيار
...
-
بوينغ تستأنف إنتاج الطائرات عريضة البدن 767 و777 بعد إضراب
-
تحقيق أوروبي يستهدف -تيك توك- بسبب انتخابات رومانيا
-
الكونغرس الأميركي يكشف عن تشريع مؤقت لتجنب الإغلاق الحكومي
-
رويترز: هوندا ونيسان تجريان محادثات لتأسيس شركة قابضة
-
بريطانيا تفرض عقوبات على 20 ناقلة نفط روسية
-
المركزي الإسباني يرفع توقعاته للنمو للعام 2024 رغم الفيضانات
...
-
صادرات اليابان ترتفع بوتيرة أسرع من المتوقع في نوفمبر
-
البنك الدولي: إسرائيل دمرت 93% من فروع البنوك في غزة
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|