|
غروب مرحلة عربية
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 09:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
افتتحت مصر المراحل العربية:في عام1919كان حزب الوفد بداية للعصر الليبرالي العربي،لماكان النموذج الذي تبعته أحزاب ليبرالية ("الكتلة الوطنية"في سوريا- "الحزب الوطني الديمقراطي"في العراق- "الحزب الدستوري الجديد"التونسي-"حزب الاستقلال"المغربي)قادت الكفاح ضد الاستعمار،أوكانت لها مشاركة أساسية في ذلك،قبل أن تقود مرحلة مابعد الاستقلال،أوتكون من المكوِنات الأساسية للإئتلافات الحكومية أوللمعارضة . أيضاً،في صباح يوم23يوليو1952دشنَت القاهرة(وبغض النظر عن انقلاب عسكري جرى في العراق عام1936،وأربعة انقلابات سورية جرت بين عامي1949و1951)مرحلة عربية ساد فيها نموذج الحكم العسكري الذي اعتمد على ثالوث(الجيش- الحزب الواحد"أوالحاكم"- أجهزة الأمن)،مع قاعدة اجتماعية من الأرياف أوالمدن والبلدات الصغيرة،قبل أن يتعمم في العالم العربي(العراق:منذ8شباطفبراير1963إلى يوم9نيسان|إبريل2003- سوريا:8آذارمارس1963- الجزائر:19حزيرانيونيو1965- السودان:25أيارمايو1969- ليبيا:1أيلولسبتمبر1969- اليمن:17تموزيوليو1978)،حاولت فيها هذه الأنظمة العربية انجاز مهام الاصلاح الزراعي وتمدين الريف والتنمية والتصنيع. كذلك،وبين يومي25يناير-11فبراير2011،وبالرغم مماحدث في تونس بين يومي17ديسمبر2010و14جانفي2011لماتم اسقاط حكم بن علي الذي اقترب من نموذج 23يوليو المصري بخلاف بورقيبة،فقد كان التدشين لنهاية وغروب المرحلة العربية،البادئة في يوم23يوليو1952،قد حصل من أرض الكنانة أيضاً. خلال تلك المرحلتين العربيتين،كان التنظير الفكري يأتي من القاهرة:لطفي السيد وطه حسين والدكتور عبد الرزاق السنهوري في المرحلة الليبرالية،كماكان الحال مع نصي"فلسفة الثورة"(1953)و"الميثاق"(1962)في مرحلة مابعد23يوليو،وهو ماكان أيضاً في المجال الثقافي،وفي حقلي الأدب والفن. هنا،وفي هذا السياق،يلاحظ أن تداعي وتدهور النموذج،وليس فقط انبثاقه وصعوده،كان يبدأ كذلك من القاهرة:كانت بداية انهيار مرحلة1919-1952 قد حصلت منذ يوم4فبراير1942لمااقتحمت الدبابات البريطانية باحة قصر عابدين لكي تفرض حكومة وفدية برئاسة النحاس باشا على الملك فاروق اعتبرتها لندن أكثر ضماناً لمصالحها في ظرف اقتراب دبابات رومل من الحدود الليبية- المصرية.تكرر هذا في قاهرة انفتاح1974الاقتصادي، الذي أعلنه الرئيس السادات ،لما أنبأ هذا الانفتاح عن تدشين نموذج رأسمالي،كان موجوداً كبذرة في رحم "الاشتراكية العربية"الناصرية،بدأت القاهرة بتوليد أجنته بدءاً من مقاولي ورأسماليي مرحلة السبعينيات وصولاً إلى أحمد عز(بالتزامن مع تربيع فئة رجال الأعمال خلال العقد الأول من القرن الجديد لثالوث:"الجيش- الحزب الحاكم- أجهزة الأمن"وهو مايلاحظ أيضاً عربياً وليس مصرياً فقط)الذي كان من الدلالات الرمزية الكبرى أن يصبح،وهو ماهو عليه من سيرة كرجل أعمال،مسؤولاً للتنظيم في الحزب الحاكم خلال السنوات القليلة السابقة لسقوط حكم الرئيس مبارك . في نفس السياق،كانت اتفاقيات كامب دافيد(1978)استقالة لمصر من مهام الصراع العربي- الاسرائيلي التي أعلنت الناصرية وضعها على أول جدول أعمالها،تماماً كماكان بالتزامن مع هذا عودة الساداتية والمباركية إلى نزعة مصرية نابذة للعروبة(أومستقيلة منها) ،اعلاناً عن فشل مرحلة 23يوليو في مهمتي(فلسطين)و(العروبة)،وهو ماكان تكثيفاً مصرياً للفشل العربي في هاتين المهمتين مضافاً لهما الفشل،وأيضاً مصرياً وعربياً، في مهمة(التنمية والتحديث).،وليس صدفة في هذا المجال أن القحط الذي عانته مصر في توليد مفكرين خلال العقود الأربعة الماضية،بالقياس إلى قامات فكرية سابقة ولدتها مثل محمد عبده وطه حسين وسيد قطب،كان انذاراً بتدهور ثقافي(مصري ثم عربي)رأينا مفاعيله خلال الثلاثين عاماً الماضية في تدهور مصري(وعربي) في مجالات الأدب والفن والصحافة. كان فشل الأنظمة العربية،على شاكلة نموذج23يوليو، في مهمات(فلسطين)و(العروبة)و(التنمية والتحديث)انذاراً بالدخول في ارهاصات ولادة مرحلة جديدة،تم تأجيل ولادتها خلال العقدين السابقين لماأدى انفراط تحالف الحركة الاسلامية العالمية مع واشنطن ،في مرحلة مابعد السوفيات،إلى تعويم أنظمة من قبل الأميركان،في مصر وتونس والجزائر،رأى البيت الأبيض مصالحه معها بدلاً من "البديل الاسلامي"،الذي كان يعبر عن حركة جسم اجتماعي واسع،بطبقات وفئات وبالذات من الفئات الوسطى في المدينة والريف(أومن الريفيين الذين همشوا،وهم من المتعلمين غالباً،في الضواحي الفقيرة للمدن الكبرى بعد هجرتهم من قراهم)، كان متضرراً من المسار الاقتصادي- الاجتماعي الذي انتهجته تلك الأنظمة،قبل أن يؤدي تربيع ذلك الثالوث ،الذي استندت إليه الأنظمة العربية خلال القرن العشرين قبيل انضمام فئة رجال الأعمال إليه في القرن الجديد،إلى افقار الكثيرين من الفئات الوسطى المدينية المتعلمة والتكنوقراط . ربما،وعند استرجاع تجارب شعوب قبيل نشوب ثورات،يمكن تلمس مراحل انتهاء مراحل تاريخية من خلال علامات ومؤشرات:فقدان مشروعية معنوية،مع مظاهر انحطاط ثقافي وانحلال في السلوك الاجتماعي وأحياناً الأخلاقي مع اتجاه إلى القشور والسطحيات والمظهريات الثقافية- الاجتماعية،يمكن تلمسها في انكلترا عهد إعادة الملكية (RESTORATION:1660-1688)وفي فرنسة الملك لويس السادس عشر قبيل ثورة1789وفي روسيا القيصر نيقولا الثاني قبيل ثورتي شباط وأوكتوبر1917،مع ظاهرة معاكسة يقدمها الجسم الاجتماعي المعارض والمتجه إلى قلب الأوضاع والأنظمة القائمة لمايعطي انتاجاً أفضل فكرياً وثقافياً وسوية أخلاقية وحضارية واجتماعية أرقى من التي تكون عند الأنظمة القائمة ومسانديها في المجتمع.
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاسلاميون والعسكر
-
تبدل أشكال التعبير السياسي للجماعات
-
الدور الاقليمي التركي
-
مساهمة تحركات الشارع العربي في رسم صورة اقليمية جديدة
-
من الليبرالية القديمة إلى الجديدة
-
«الكومنترن» الشيوعي و «القاعدة» الإسلاموية: نهاية بائسة للتن
...
-
سوريا1970-1982 : بناء السلطة الشمولية وتداعياته
-
سوريا الستينيات : مرحلة العبور إلى السلطة الشمولية
-
صعود المسألة الاجتماعية إلى سطح السياسة العربية(تونس نموذجاً
...
-
مستتبعات فكرية لزلزال الشارع العربي
-
الولايات المتحدة واستخدامها للمبادىء في السياسة الخارجية
-
صعود قوة المجتمعات أمام السلطات الحاكمة
-
في حصرية دوافع السياسات الداخلية وراء الثورة المصرية
-
واشنطن واهتزاز الحليفين شاه ايران وحسني مبارك
-
الترجمات المحلية لتبدل التوازن الاقليمي
-
هل نحن أمام بداية النهاية لاستهداف مصر ودورها؟!-
-
علامات موجة ديموقراطية عربية متفاوتة المظاهر
-
الجغرافية المتقلصة للسودان
-
حركة شعبية بلاأحزاب أطاحت بالحكم التونسي
-
المصريون والسودان
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|