أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد علي مقلد - موت الأصوليات















المزيد.....

موت الأصوليات


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 3418 - 2011 / 7 / 6 - 09:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



فرضية الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري ، وهي على درجة عالية من الصحة ، تقول أن مسألة العلمانية في العالم العربي تخص المشرق العربي دون مغربه ، وأن الحركة القومية العربية احتكرت طرحها في سوريا ولبنان لمجموعة من الأسباب من بينها الوجود المسيحي الكثيف في المشرق ، وملابسات التخفف من العبء الكبير الذي تحمله المشرق إثر انهيار " الرجل المريض " ألخ .
نضيف من جانبنا فرضية أخرى ، وهي أن العلمانية المشرقية لم تكن علمانية أبدا ، ولا الأصوليات كانت خصمها اللدود ، بل إنهما أقاما تحالفا ضمنيا حين وقفا ، كل من موقعه ، في مواجهة الحداثة والدخول في رحاب العصر وحضارته. تثبت صحة هذه الفرضية حين نرى أن الثورات العربية اليوم طالت الأنظمة المحسوبة، جزئيا وشكليا، على العلمنة .
الذين يخشون على هذه الثورات من الأصوليات الدينية ربما يجهلون أن الأصوليات واحدة ، الدينية منها والقومية واليسارية ، وأن هذه الثورات قامت قبل كل شيء ضد الأصوليات بالتحديد . ذلك أن محاربة الدخول إلى رحاب الدولة الحديثة الديمقراطية ( تداول السلطة والفصل بين السلطات والديمقراطية ، حكم القانون ، دولة الحق ، الخ...أي العلمنة) لم يكن حكرا على فئة من هذه الأصوليات دون سواها . والذين زعموا الانتماء إلى العلمانية في المشرق أو في المغرب لم ينتبهوا إلى أن العلمانية متحدرة من شجرة عائلة أصلها الديمقراطية ومن فروعها تداول السلطة وحكم الشعب؟ فكيف تكون علمانية تلك القوى التي انتهكت الدساتير ( إن وجدت ) ومارست السلطة باسم الأحكام العرفية لا باسم القانون ، أو تلك القوى التي كانت في صفوف المعارضة ، والتي لو قيض لها أن تحكم لفرضت أحكامها العرفية أيضا ( إسلاميو الجزائر أو ماركسيو الانقلابات العسكرية وكل جوقات الموقعين على البيان رقم واحد)
للأصوليات موقف واحد من الديمقراطية ، وقد تختلف على قضايا أخرى. لأن موقفها واحد من الآخر ، أيا يكن هذا الآخر، الآخر في الدين أو في المذهب داخل الدين الواحد ، أو في الانتماء الفكري أو السياسي ، ولذلك تجد " أشد الناس عداوة للذين آمنوا " المختلفين عنهم بالإيمان . بالإيمان الديني أو السياسي ، وهو ما تؤكده وقائع الانشقاقات اليسارية التقدمية الماركسية والقومية ، أو المذاهب والتيارات في كل الأديان .
منذ أن بدأت تظهر تباشير نجاح الثورة التونسية حتى اليوم ، تستخدم أسماء شتى مشتقة من الأصوليات للتخويف من نتائج الثورات ، تارة بلسان أعداء الثورة ،كما فعل ويفعل القذافي وعلي صالح حين يخوفاننا أو يهدداننا بالقاعدة ، وتارة بلسان الحريصين على علمنة الثورة كما هي الحال عند عدد كبير من المثقفين الذين يرسمون للثورة صورة نقية لا وجود لها في الحياة الواقعية ، وطورا باسم الخائفين من المجهول. هكذا استحضرت كل الصور الأصولية ومنها صورة الجماعات الإسلامية ، على اختلاف فروعها وخياراتها وخطاباتها ، وقيل: قد تكون هي البديل! انتبهوا.
قد يكون جزء من هذه المخاوف مبررا ، غير أن وقائع الثورات العربية أثبتت جملة من الحقائق التي من شأنها تبديد هذا النوع من المخاوف دون سواه ، من بينها أن الثورات قامت ضد الأصوليات التي قصدناها بالذات ، أي ضد هذا النمط من الخط السياسي الذي كان معتمدا لدى الحاكمين والمعارضين ، أي ضد هذا الحلف الأصولي اليساري القومي الديني المجافي للديمقراطية والتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر. أولئك الذين كانت تلتقي خطوطهم السياسية على العداء للخارج ( بما هو آخر) وعلى اعتماد نظرية المؤامرة ، وعلى استنفار كل الغرائز ضد الإمبريالية (لأنها المستعمر في نظر الأصولية القومية ، والشيطان الأكبر والإلحاد في نظر الأصولية الدينية ، وأعلى مراحل الرأسمالية في نظر الأصولية الماركسية)، هذا الذي كان في أساس منظومة العلاقات المتوترة مع العالم الخارجي التي حشرت العالم العربي والإسلامي ، ثم صورته كأنه بؤرة للإرهاب وساعدت على عزله ، بل على وضعه " خارج التاريخ" الحديث ، بحسب تعبير فوزي منصور.
سقوط الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية لم يكن سقوطا لتجربة بعينها بل لكل التجارب الاستبدادية ، وساهم إلى حد كبير في تفكيك كل الأصوليات ، ذلك أن الدينية منها والقومية قامت في جانب منها على مواجهة الشيوعية الملحدة والعلمانية الملحدة، ففقدت بسقوط الاتحاد السوفياتي أحد مبررات وجودها ، وهو ما سوغ للأصولية القومية أن تتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية في حرب الخليج الأولى ضد العراق ، وسوغ لاحقا للأصولية الشيعية التعاون مع " الشيطان الأكبر " في حرب الخليج الثانية .
بعض هذه الأصوليات "صمد " على خطه القديم ، فقاوم السقوط ، وبعضها الآخر أخذ يتفكك من غير أن ينهار، فظل كيانه السياسي قائما لكنه راح يفرغ من داخله ، بانفضاض المنتسبين من حوله وببهتان شعاراته السياسية وبرامجه التي لم يعد لها محل على جدول عمل التطور ، ولا على جدول عمل الصراعات والمناكفات ، ولا سيما بعد أن صار الغرب " الإمبريالي " سيد العالم بلا منازع ، في النظام العالمي الجديد، وضاقت خيارات العداوة والصداقة أمام الأصوليات التي وجدت نفسها وجها لوجه ، أمام حليف إلزامي هو الغرب الرأسمالي وعدو إلزامي هو الاستبداد الداخلي. الذين قاوموا السقوط وحققوا ، بمقاييسهم ، شيئا من النجاح ، ما زالوا يكررون في خطابهم " الخشبي" ذاته ، استخدام المصطلحات ذاتها المتعلقة بالصراع مع الإمبريالية والصهيونية والاستعمار وبالممانعة والمقاومة والوحدة القومية العربية والنصر الإلهي والصواريخ العابرة للعواطف والغرائز والبهورات ، الخ . من دون أي تغيير في مضامين الخطاب ، أو في مهمات المرحلة . من بين هؤلاء من يربض على صدر الأنظمة القائمة رافضا مبدأ تداول السلطة ، ومنهم ، بعض بقايا أحزاب الحركة القومية التي ليس لها مكان داخل بنية النظام ، فتكتفي بتأييده ومساندته وحماية طغيانه ، طمعا في مصلحة أو سلطة ، أو توهما لعودة ماضي السلف الصالح من الصحراء العربية أو من سيبيريا السوفياتية.
الأصوليات كلها تفككت ، وما يبدو منها صامدا هو في طريقه إلى التفكك . نقول ذلك آسفين على قرن من النضال الصادق ، بالمعنى الأخلاقي للكلمة ، التافه بالمعنى السياسي ، لأنه لم يكن عصر الخيبات فحسب ، بل كان عصر الانجازات المقلوبة والشعوب المغلوبة على أمرها والأنظمة المنتصرة على شعوبها . وما عصي حتى الآن عن التفكك هو من لم يقرأ المتغيرات الكبرى في العالم ، أو الذي قرأها بالمقلوب ليبقي الأمة العربية وحيدة على وجه الكرة الأرضية منطقة تعشش فيها أنظمة الاستبداد.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصوليات غير الدينية
- ارفعوا أيديكم عن زياد بارود إنه من الأملاك العامة
- استبداد لبناني باسم الحرية
- انقلاب أم ثورة على الاستبداد القومي؟
- العرب يعودون إلى التاريخ
- في نقد 14 آذار
- أيها المتضامنون: هذه الثورة قامت ضدكم
- د.محمد على مقلد في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الدول ...
- الشيعة: من ولاية السلطان إلى ولاية الفقيه
- ...أما اليسار فليس أقل غباء
- علماء الدين والمعممين والدولة
- شيعية سياسية أم شيعية سياحية
- دفاعا عن جعجع وسائر القتلة
- 14آذار تنتهك شعاراتها
- أما وقد حصلت الزيارة ..فماذا عن مصير 14 آذار
- علمانية في المزاد
- تحية احترام للحوار المتمدن ومحبة في العيد الثامن
- اقتراح بيان وزاري
- المعارضة اللبنانية:الاصطفاف الانكشاري
- أين أخطأ جنبلاط وأين أصاب


المزيد.....




- 4 أضعاف حجم القطط الاعتيادي.. قط ضخم يحب تناول الطعام يصبح ن ...
- تعيين رئيس الحكومة الهولندية المنتهية ولايته مارك روته أمينا ...
- استطلاع يكشف رأي الإسرائيليين بحكم المحكمة العليا بتعديلات ا ...
- محكمة أمريكية تطلق سراح أسانج مؤسس موقع ويكيليكس بعد إقراره ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على مسؤول تهريب الأسلحة لـ-حماس ...
- كاميرون للمخادعين فوفان وليكسوس: أوكرانيا لن تدعى إلى حلف -ا ...
- الخارجية الروسية: حجب وسائل الإعلام الأوروبية هو رد فعل مماث ...
- مكتب زيلينسكي يرفض خطة مستشاري ترامب للسلام
- هل يعيد ترامب رسم الخريطة السياسية في الولايات المتحدة؟
- فنلندا تعلن تدريب العسكريين الأوكرانيين على أراضيها وخارجها ...


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد علي مقلد - موت الأصوليات