حسام محمود فهمى
الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 21:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اعتقلَ رجالُ الشرطة بلطجياً، واحتجزوه في القسم، بداية الخبر. مقتل مهرب على الحدودِ برصاص قوات الحرس، بداية الخبر. النهاية واحدة، هجوم الأهالي على قسم الشرطة ورشقه بالحجارة وزجاجات النار، احتراق القسم وسيارات الشرطة. هي إيه الحكاية؟! هل للبلطجية والمجرمين أقاربٌ بهذا العدد والبأس؟! هل هي الخِلفة المنفلتة، التزريب يعني؟! أم آنه تعاطف كل من هَبَ ودَبَ على ما هو شرطة ودولة؟! أم أن البلطجية يتكاتفون للحفاظِ على لقمةِ عيشِهم؟! هل هى القبلية والعصبيات؟! أم آنها كل الأسباب مجتمعة؟!
ما دفَعَني لهذه التساؤلات مشهدٌ بدا لي غريباً، في أوله، إلا أنه لم يعدْ كذلك بعد قعدةٍ مع نفسي؛ بواب غريب بائس مريض، توفى، تصور الجميع أن جنازَته ستكون بلا مشيعين، خيبَ فهمَهم الصباحُ الباكرُ، أعدادٌ غفيرةٌ من القادمين للتشييع والعزاء، سيارات ميكروباص تُفرغ رجالاً ونساءً وأطفالاً، جنازتُه لا تسير وراء أعيانٌ وأثرياءٌ وأصحابِ سطوةٍ وسلطانٍ، لا أقصدُ في الحكمِ أو الإدارةِ والتجارة.
نحن في مجتمعٍ قبليٍ، مكانياً وفكرياً، التساندُ يكون مع الأهلِ والأقاربِ والجيرانِ، في الأريافِ والأقاصي، يكونُ أيضاً مع المتفقين في العقيدةِ والفكرِ، أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، حتى لو كان قَتال قُتلة وضلالي؛ لهذا يكون الشغبُ في الملاعبِ، والتعدي على رجالِ الشرطةِ والقضاءِ، لما تضيعُ هيبةُ الدولةِ. الأصلُ إذن القبليةُ، لما تكون الدولةُ قويةً تفرضُ إرادتَها، لما تضعفُ وتتهاوى تكون السيطرةُ للغوائيةِ بأى مسمى. أنها مشكلةَ مصر الآن ومع الأسفِ كارثتَها، الكلُ تجرأ على الدولةِ، لا فرقَ بين متعلمٍ وجاهلٍ، أو غنيٍ وفقيرٍ، المعيارُ ليس غلبةَ الصوابِ والقانونِ، إنما من هو أعلى صوتاً وأقدرَ على التخريبِ والتدميرِ وإيقافِ العملِ والحالِ، الدولةُ غابَت عن البالِ والخاطرِ.
ما أتعسَ دولةٍ تعجزُ عن فرضِ القانونِ، عن بسطِ سلطانِها، ستُشَرَعُ فيها قوانينٌ بحكمِ التناكةِ، ستفرضُ العشوائياتُ إرادتَها في الشوارعِ وفي السياسةِ، في كلِ مكانٍ، ستندثرُ شرطة المرافق والمرور، كل شرطة، كل مسؤول، سيتصورَ كلُ من هَبَ ودَبَ آنه يصلحُ رئيساً للجمهوريةِ، ولو كانت ملَكتُه تلعيبَ الحواجبَِ وإثارةِ المشاكلِ ومخانقةِ دبان وشه. في زمن تراجعُ الدولةِ، الأبطالُ من محترفي الدروسِ الخصوصيةِ والتجارةِ في الممنوعاتِ والتهريبِ، عادي، طالما توارَت العقولُ السَويةُ إيثاراً للسلامةِ وقرفاً ويأساً.
مع الأسف في هذه الأجواءِ تكون الغلبةُ للأكثريةِ المسلحةِ بمعاداةِ الدولةِ، الدولةُ الضعيفةُ، الخِرِعة، الورق، الهَفأ، حاجة تُغُم،،
مدونتي: ع البحري
www.albahary.blogspot.com
Twitter: @albahary
#حسام_محمود_فهمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟