|
استيعاب إسرائيلي وتهجير عربي
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 18:57
المحور:
المجتمع المدني
اعتدْنا أن نتابع أخبار( الربيع العربي) يوميا في كل وسائل الإعلام، بما يحمله من أحلام وآمال عريضة، بحجم آمال المقهورين والمظلومين بعد سنوات طويلة من زنازين القهر والظلم في (إقطاعات) حكام العرب! غير أن العرب لا يُبدون اهتماما مماثلا بإحصاء عدد المهجرين الذين يهربون بأسرهم من بلاد العرب إلى بلاد الغُربة، نتيجة للانتفاضات التي تجري، أو الربيع العربي، كما اعتادتْ وسائلُ الإعلام أن تسميه! إن العرب في ألفيتنا الثالثة يمارسون طقوس تهجير أليم جديد لم تتضح معالمه بعد، وهذا التهجير ليستْ على شاكلة الهجرات السابقة، هجرات الهروب من ظلم المستعمر، بل إنه تهجيرُ الخوف من القتل على يد القريب والصديق وابن الوطن!. ولعل أبشع أنماط التهجير العربي الجديد الذي ينفذه الإخوة والأقارب على أبناء جلدتهم، ليس القتل والقصف والمقابر الجماعية فقط، بل هو تهجير العرب من منازلهم وديارهم وممتلكاتهم، وتحويلهم من مواطنين عاملين، إلى بقايا لاجئين يشكون الفقر والعوز والإهمال، ليصبحوا في النهاية عالاتٍ ومرضى وحالات اجتماعية على العالم، ويصير خطابهم اليومي البحث عن معونات العالم !! ووصل الحالُ بالمُهجَّرين العرب، أنهم أصبحوا في أوطانهم يُهَجَّرون من مدينة إلى أخرى داخل أوطانهم، ثم يطلبون من الصليب الأحمر أن يقوم بجمع شملهم مع عائلاتهم داخل الوطن العربي الواحد، فمنذ أكثر من أسبوع وصلت باخرة إلى طرابلس وبنغازي بتنسيق الصليب الأحمر الدولي تحمل ضحايا التهجير، ليجمعوا شملهم بأسرهم وعائلاتهم في مدينتين ليبيتين، كانتا يوما مدينة واحدة ! ويُضافُ إلى تهجير الاقتتال، الذي يحدثُ اليوم تهجيرٌ آخر أكثر خطورة من مما سبقه من تهجير، عندما تعمد بعضُ الأحزاب والفصائل والحركات إلى اضطهاد المخالفين لها في الرأي، فتُرغمهم على الهجرة من الأوطان، وهذا أيضا ينطبقُ على حكوماتٍ عربية ديكتاتورية عديدة، ما تزال تمارسه على نارٍ هادئة، وهذا التهجير لا ترصُدُه الإحصاءات العربية، وتعتبر رصده جاسوسيةً وعمالة للأعداء!! وإذا أضفنا إلى التهجيرين السالفين تهجيرا آخر، وهو تهجير الأعراق الأخرى في العالم العربي خلال التاريخ ، مثل مسيحيي لبنان، وأكراد العراق ، وفلسطينيي فلسطين، وجنوبيي السودان، وبربر إفريقية، وطوارق العرب وغيرهم وغيرهم ، فيحقُّ لنا أن نسمي بلاد العرب:(مهاجر العرب) أو هي الأمة التي يُهاجر منها، لا إليها! ما دفعني لأتذكر ذلك هو الخبر الذي قرأته في الصحيفة الإسرائيلية الجورسلم بوست 23/6/2011 وجاء فيه: " اجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، مع وزيرة الاستيعاب صوفي لندفر ومعها وزير الخارجية ليبرمان، وأقر المجلس عودة يهود الهند، وهم (القبيلة المفقودة) قبيلة بني منشه ، وعددهم سبعة آلاف ومائتان واثنان وثلاثون 7232 فردا ، وهم يعيشون في مدينتي ميزورام وأمانبور على الحدود بين الهند وبورما وبنغلادش. وهذه القبيلة تعود جذورها إلى سبعة وعشرين قرنا خلتْ، وسينضمون إلى أفراد القبيلة ممن هاجروا إلى إسرائيل بالفعل" وفي خبر آخر في يديعوت أحرونوت 27/6/2011: " يعتزم ألف فرد مسيحي القدوم لإسرائيل والهجرة إليها بشرط أن يسكنوا فيما وراء الخط الأخضر، ويعتزمون إنشاء كيبوتس خاص بهم بعد أن يتهودوا. قالت عضو الكنيست من كاديما ليا شمتوف التي أسهمت في الدعوة لتهجيرهم: " طلب المسيحيون الهجرة لإسرائيل بشرط أن يستوطنوا الضفة الغربية، بعد أن يعتنقوا اليهودية حسب الأصول الحريدية ، كما أنهم سينخرطون في جيش الدفاع، ويصبحون يهودا وإسرائيليين، وليست لهم أهداف تبشيرية"! ووفق أقوال شمتوف فإن حاخام مستوطنة ألون موريه إلياكيم ليفانون يدعم هجرتهم لإسرائيل، بشرط أن يتهودوا وفق الطقس الحريدي!! ملاحظة:"لم يُبرز الإعلام العربي الخبرين السابقين، لأنهما من وجهة نظره ليسا مهمين" انتهت الملاحظة. نعم إن الإسرائيليين يستقدمون ويستوعبون، أما نحن فنمارس أخطر الأفعال في هذا الزمن، التهجير الجماعي لأهلنا وأبنائنا!! ويجب أن نذكر أن الصفوة دائما من أهلنا وأبنائنا المتفوقين والمبدعين، هم أولُ المُهجَّرِيْن، فلا يبقى في الوطن العربي إلا مَن تقطَّعتْ بهم السُبُل وعدموا الإمكانات، وحتى هؤلاء العاجزين يأملون أن تُتاح لهم الفرص ليهربوا من جحيم الظلم والطغيان والديكتاتورية!! إن ما يجري في العالم العربي من تهجير قسري، نفسي واجتماعي وسياسي، يجعلني أجزمُ بأن معظم العرب لن يكونوا مؤهلين لعقود طويلة، أن يخوضوا معركة اللحاق بركب الأمم المتقدمة، ومشاركتها إنجازاتها العلمية والتكنولوجية!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يرفض التجسس
-
هل العرب هم هكذا؟
-
إرهابيون أحرار
-
إدمان الدعم الخارجي
-
العرب ليسوا عربا
-
إسبرطئيل
-
عصير خبزك
-
العطار والأحزاب
-
مصانع إنتاج البلطجية
-
نساء يحلمن بالقدس
-
رهن العرب في البنك الدولي
-
سياسيون راقصون
-
الإدانة في وثائقهم السرية
-
العرب أعداء الأرشفة
-
هل تستعد إسرائيل لحربٍ جديدة؟
-
كاميرا ابن الرومي
-
حكيم أم سطحي؟
-
هل أنت يساري؟
-
عميد شعر السخرية
-
هجوم بسلاح المربوط النووي
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|