أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الحقيقة مؤلمة














المزيد.....

الحقيقة مؤلمة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 07:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كلُ الذي في رأسي إما أن يكون وهما صنعته بمخيلتي أومرضا جنونيا عشتُ معه وتكيفتُ معه بإرادتي وإما أن يكون حقيقة مؤلمة كشفتها بيدي.
هل من المعقول أن هذا الشكل الذي أمامي هو نفسه الشكل الذي كنتُ أحبه قبل كشف حقيقته؟ما الأجمل؟الحقيقة أم الكذب والأقنعة؟ طبعا دائما الكذب أجمل والزيف أجمل والأقنعة أجمل وهي صُنِعتْ لهذا السبب من أجل أن تتغطى وتتستر الحقيقةُ خلفها ,ومع أن حبل الكذب قصير إلا أن شكله أجمل ومريح للقلب وللأعصاب وللعين, وهل من المعقول أن الذي يكتشف حقيقتي وهو يحبني؟,أجل, سيبقى كذلك يحبني؟ طبعا لا,لأننا شعب نعشق الكذب ونعيش مع صور مدبلجة ليست صورنا الحقيقية ومع أصوات ليست أصواتنا الحقيقية, أنا اليوم بحاجة لمن يجعلني أبكي كثيرا لكي أطفأ ما بداخلي من حقائق مرة وأنا اليوم يأكلني الندم وأنا اليوم يفتتُ القلقُ والخوفُ أعصابي, الحقيقة التي تعايشتُ معها اليوم والأمس كشفت لي عن سر عميق وعميق كنتُ أخفيه أنا خلف صورتي الحقيقية وكنتُ أكابر على نفسي وأقول: طبعا هذا هو شكلي وهذه هي حقيقتي ,وحين شاهدتُ منظري الحقيقي شعرت بأنني بحاجة للبكاء لكي أخرج الحزن العميق الذي استولى على كل حواسي لمّا عرفتُ حقيقتي, إن الحقيقة تجرح أصحابها وإن الكذب يداوي الجراح وأصعب شيء هو أن أكتشف حقيقة من يحبني وأيضا حقيقة من يكرهني,الحقيقة طعمها مر مثل العلقم ,إن الذي يهيمن منذ أسبوع على فكري ومخيلتي من المحتمل فعلا أن يبقى مجرد وهم وليس حقيقة وإن كان وهما ومرضا جنونيا فهو مشكلة كبيرة ومعقدة وإن كان حقيقة فهو أكبر مشكلة سمعتُ فيها طوال حياتي وأيضا أكبر وأعقد مشكلة قرأتُ عنها في كتب التاريخ والتراث, وفي الحقيقة وفي الواقع أنه لم يكن مرضا ولا وهما بل كان حقيقة كشفتها بيدي وندمتُ عليها, الشيء الوحيد الذي يتعب الإنسان لكشف هو الحقيقة التي يكتشفها وسرعان ما يندم عليها لأنها تجعله يرى نفسه والناس بوضوح إن الحقيقة تتسببُ بآلام كثيرة ,فساعدوني على التخلص من الحقيقة المؤلمة,إن الحقيقة التي كانت تخدعني كانت على الدوام سببا في سعادتي,فطوال العمر وأنا أعيش مع نفسي بين الناس وأنا لا أرى حقيقتهم ولأني كنت أعمى البصر عن رؤية حقيقتهم كنت طوال الوقت مستمتعا بالوهم وبالتزوير وبالكذب ولم أكن أسمع ما يقولونه عني كنتُ فقط أسمع الوجه الآخر لي وكنتُ فقط أرى الوجه الآخر لي,والآن ها أنا ممددٌ على الأرض والناس تمر من فوقي ومن يميني ومن يساري وهم يشاهدون حقيقتي وأشعر الآن بأنني شخص محتقر من الجميع لأنهم كشفوا حقيقتي ,أنا الآن إنسان محطم لأنني لم أعد أكذب على نفسي وعلى الناس,لقد كان الكذب طوال العمر يبني شخصياتنا ويرفعها إلى الأعلى في حين أننا لسنا كذلك بل لو نظرنا في داخلنا واكتشفنا حقيقتنا لعرفنا بأننا ما زلنا صغارا ,لقد كان الكذب يسعد حياتي بشكلٍ جيد وكنت طوال الوقت أسمع من الناس كذبهم وأفرح له ولكني عندما رأيت الحقيقة وتعرفتُ على وجهها كرهت الناس والمدن والشوارع,حتى الشوارع التي تكذب كنت أعشقها ورئيس الحكومة الذي يكذب كنت أعشقه ولم أعشق طوال حياتي أي إنسان صادق كنتُ أظن بأنهم صادقون وبأنني أحبهم لصدقهم ولكن للأسف ثبت العكس بالوجه الشرعي وهو أنني كنتُ أحبهم كثيرا لكذبهم الكثير, وأعتقد بأنني كاذب مثلهم بل وأكثر منهم لأنني كنتُ طوال الوقت أعشق الكذب,الإنسان الصادق لا تعشقه الناس...ساعدوني على البكاء لأن الحقيقة جرحتني جدا وأريد أن أبكي وأن أرثي لنفسي وللحقيقة التي لم تكن سببا في سعادتي, ساعدوني على انتزاع الحقيقة مني ,أنا لا أريد أن تدخل إلى بيتي الحقائق لأنها ستتسببُ بتدمير المنزل نهائيا والعائلة على الخالص,أنا أريد التخلص من كل خيط أوصلني إلى الحقيقة ,كنتُ أظنُ بأنني سأعيشُ سعيدا إذا ما توصلت إلى الحقيقة, وكنتُ أظن بأن الناس ستحترمني وسأحترمهم حين أكشف لهم عن حقيقتهم, ولكنهم للأسف رجموني وأهانوني وضربوني وشتموني حتى أنني أنا أول إنسان كره نفسه حين كشف حقيقته وحقيقة غيره من الناس ولو بقيت مخدوعا أعيشُ على الكذب وعلى الغش وعلى الخداع لبقيتُ سعيدا ,فأنا اليوم ألعن باليوم الذي ولدتُ فيه وألعنُ بالساعة التي توصلت فيها للحقيقة,فلو أني أبقيت نفسي على الوهم وعلى الكذب لبقيتُ سعيدا طوال العمر والحياة ,والآن أريد أن يضمني حضن امرأة صادقة تحبني وتغار عليّ وتجعلني أبكي طوال الوقت لكي أريحَ نفسي وأستريحْ ولكي أرتاح من الوهم المعشش في رأسي أو من المرض الذي سيقتلني في يوم من الأيام ,املئوا قلبي حزنا,واملئوا فمي نواحا وأشبعوني ضربا وقتلا وذبحا وساعدوني على حرق مشاعري,ساعدوني على طمس الحقائق التي تؤلمني,فكل حقيقة كشفتها بيدي كانت سبباً في تعاستي وكل الحقائق التي توصلت إليها كانت مؤلمة جدا,ولو أني أعرف بأن الحقيقة مؤلمة لعشت طوال حياتي دون البحث عن الحقائق وكشف الملابسات ,ساعدوني على البكاء أريد أن أبكي على وجعي أريد أن أنزف من البكاء حتى أموت,ساعدوني على التخلص من قضيتي قضية الشرق الأوسط,أريد أن أبكي على حزني,ساعدوني على البكاء,ساعدوني على إدماء قلبي من الداخل ومن الخارج,ساعدوني على جرح مشاعري لكي أنزف بالبكاء وبالويل وبالعويل,ساعدوني على تشويه شخصيتي وعلى حرق أعصابي, ساعدوني على جلب الأرواح الشريرة لتفعل بي فعلها,ساعدوني على مص دمائي, ساعدوني على قلقي وعلى حزني ساعدوني على النيل من كرامتي وعلى النيل من كبريائي الذي تحطم هذا الصباح.

أريد منكم أن لا تكشفوا بعد اليوم حقيقتكم للناس وأن لا تتعبوا أنفسكم للكشف عن الحقيقة لأن الحقيقة إن لم تقتلكم فإنها ستؤلمكم على مدى الحياة, وأريدُ منكم أن لا تكشفوا الناسَ على حقيقتهم دعوهم وشأنهم,لأنهم سيسبونكم وسيلعنكم بالصحف وبالمجلات وعلى المنابر وفي الساحات الجماهيرية, لا أريد منكم التوصل إلى الحقيقة لأن التعايش مع الحقيقة مؤلم جدا وصعب جدا,إنها حالة بمنتهى الصعوبة,إن الحقيقة التي سعيت طوال عمري للتوصل إليها قد تسببت اليوم بتدمير حياتي, وإن اللغز الذي بحثت طوال العمر عن حلٍ له قد آلمني جدا حين توصلت إلى فك رموزه.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المبالغات في القرآن والصحابة
- الجنس مقابل المياه والغذاء
- رسائل حُب بليغ حمدي لوردة الجزائرية
- صلاة الجماعة
- الاسلام سلاح تهديد للزوجة
- الانحدار الاجتماعي
- مخرجات تعليم الطبقة المنحطة
- أنا وأنت في حالة غيبوبة
- لعبة الاختفاء
- خيبة الأمل
- البطاطس والطماطم لم يعرفهما القرآن
- الثورة الجنسية
- التسامح الجنسي
- المسموح ممارسته والممنوع التحدث عنه
- في المثلية الجنسية
- في العلاقات الجنسية والأسرية
- الصلاة هي الفارق بيننا وبينهم
- أنسنة الإنسان
- بعيدا عن الواقع
- وفاء سلطان,كل عام وأنت بخير


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الحقيقة مؤلمة