|
تقليد حزب الدعوة للشاهرودي : هل هو رهان خاسر؟
شذى الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 21:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استطاعت ايران وبنجاح ان تتدخل في الشأن العراقي على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومع ذلك فهذا التدخل لم يصل الى درجة تحقيق الطموح الايراني و ذلك بسبب وجود عقبات كثيرة تمنع تحقيق هذا الطموح المتمثل في اخضاع العراق الكامل وجعله بلدا تابعا الى ايران. ومن أهم هذه العقبات هي تناقص شعبية ايران في المجتمع العراقي ليس فقط لدى سنة العراق وانما ايضا لدى شيعته . فقط اثبت شيعة العراق عدم صحة ادعاءات بعض المتشدين من الطوائف الاخرى بأن شيعة العراق يتعاطفون من الفرس اكثر من تعاطفهم مع العرب الذين هم جزء منهم. فقط أكدت العشائرالعربية الشيعية في العراق معارضتها الشديدة للتدخل الايراني في العراق وحملت الحكومة العراقية مسؤولية هذا التدخل مرارا وتكرارا. والحقيقة ان هذه الطائفة خسرت من ابناءها في الدفاع عن تربة العراق خلال الحرب العراقية الايرانية اكثر من بقية الطوائف الاخرى وخصوصا لكونهم اكثر عددا من بقية الطوائف الاخرى . اما الساسة الشيعة فقد اختلف مواقفهم اتجاه تدخلات ايران في الشأن العراقي بين معارض حقيقي و معارض مزيف مستجيب للضغط الشعبي. وحاولت الاحزاب العراقية التي تربطها علاقات قوية مع ايران وخاصة الاحزاب التي عارضت النظام السابق والتجأت الى ايران لتلقي الدعم المادي واللوجستي من هذا البلد الذي حارب العراق لمدة ثمان سنوات لم يستطع في النهاية ان يحقق نصرا عليه. فقد أستغلت بعض الاحزاب الشيعية ومنها حزب الدعوة الاسلامية بقيادة السيد نوري المالكي مشاعر العراقيين المناهضة للتدخل الايراني من اجل الحصول على مكاسب سياسية. ولكن يجب الا يخفى عن الجميع العلاقة الغير مستقرة بين حزب الدعوة وايران منذ السنوات الاولى في تاريخ نشأة هذا الحزب أي فترة لجوء اعضاءه في ايران. فلم ترحب ايران باعضاء حزب الدعوة الذين لم يقلدوا القائد الروحي للثورة الاسلامية في ايران السيد الخميني والذين لم يعترفوا بنظرية ولاية الفقيه وكانوا ينظر اليهم على انهم غير مرغوب فيهم مما دفع بعض اعضاء الحزب ومنهم السيد المالكي الى مغادرة ايران واللجوء الى دول اخرى مثل بريطانيا وسوريا . أن تحليل العلاقة بين حزب الدعوة وايران بعد 2006 اي بعد استلام المالكي الحكم في العراق يسلط الضوء على تذبذب هذه العلاقة حسب قوة وشعبية حزب الدعوة في الشارع العراقي. فعندما نجح الحزب بقيادة المالكي في الحصول على أعلى الاصوات في الانتخابات البلدية في 2009 بسبب أعتماده على شعارات وطنية و الترويج لنجاحه النسبي في تحسين الامن ومحاربة المليشيات الشيعية والسنية على حد سواء واجتذاب المزيد من المؤيدين له لاستخدامه الخطابات المعارضة للتدخلات الخارجية في العراق ومنها للتدخل الايراني قاوم الحزب ضغوط ايران عليه ومنها الانضمام الى التحالف الشيعي المدعوم من ايران للدخول ككتلة واحدة في الانتخابات النيابية في 2010 لان الحزب كان في اوج قوته و كان يعول على شعبيته في الشارع العراقي . ولكن موقف حزب الدعوة من ايران بدأ يتغير بعد نجاح المالكي في تجديد ولاية ثانية وهيمنة حزبه على الحكومة العراقية الجديدة وبعد تناقص شعبية الحزب في الشارع العراقي بسبب اخفاقاته في تطوير البنى التحتية و فشله في تحسين الوضع الاقتصادي والامني وانتشار البطالة والفساد المالي والاداري وعدم قدرته على انجاز مشروع المصالحة الوطنية ومحاولته التفرد بالقرار. الشعب العراقي أخذ يعبر عن استياءه من أداء حكومة المالكي بصورة علنية ويجسد هذا الاستياء في تظاهرات واحتجاجات تجتاح جميع مدن العراق لانه اصبح يشعر انه ليس اقل جرأة من بقية الشعوب العربية التي تثور الان على الانظمة الفسادة والدكتاتورية واصبح يشعر انه جزء من هذا الربيع العربي الذي بدأ يقطف ثماره في سقوط هذه الانظمة الواحدة تلو الاخىر مثل احجار الدومينو. واصبحت الوعود والحلول الغير جذرية التي يطلقها المالكي غير قادرة على أمتصاص أستياء ونقمة المواطن العراقي ازاء اخفاقات حكومته. ومن أبرز المفارقات هي اعلان حزب الدعوة تقليده للسيد محمود الشاهرودي ومعتبره مرجعه بعد رحيل مرجعه السابق السيد فضل الله. فالشاهرودي المقيم في ايران والمقرب من خامنئي والذي شغل ويشغل مناصب مهمة مرتبطة ارتباطا مباشرا بالمرشد الاعلى السيد خامنئي منها رئيس مجلس القضاء الايراني وعضو في مجلس الخبراء وتشخيص مصلحة النظام وهو معروف بالتزامه المتشدد بمنهج ولاية الفقيه وهو المنهج الذي كان يرفضه حزب الدعوة الاسلامية والذي كان أحد أهم الاسباب التي أدت الى حدوث انقسامات في داخل الحزب.أن تقليد الدعوة للشاهرودي يلفت الانتباه الى التسريبات بأن خامنئي قد بدأ بالترويج الى ترشيح الشاهرودي كخليفة للمرجع الاعلى للمسلمين الشيعى السيد السيستاني مستغلا حقيقة ان السيد السيستاني الذي تجاوز الثمانين لم يطرح لحد الان الاسم المرشح لخلافته. وأن صحت هذه التسريبات فممكن اعتبار هذه الخطوة محاولة من قبل ايران لفرض منهج ولايه الفقيه على المسلمين الشيعة في انحاء العالم بشكل عام وعلى حوزة النجف بشكل خاص خصوصا ان الاخيرة ترفض هذا المنهج وهي المنافس الوحيد لحوزة قم في ايران وقد استطاعت ان تستعيد مكانة الصدارة تحت مرجعية السيد السيستاني بعد غزو العراق في 2003 وهي أيضا خطوة تهتدف الى تحقيق طموح ايران في السعي الى الهيمنة الاقليمية. اخبار من النجف تؤكد ان الشاهرودي ينوي الرجوع الى هذه المدينة المقدسة لممارسه عمله كأحد مراجعها وانه بدأ فعلا بالتمهيد الى ذلك أذ قام بتوزيع الاموال على بعض طلبة الحوزة النجف. والمعروف ان الشاهرودي قد اثبت قدرته في التأثير على بعض القوى الشيعية في العراق كنجاح محاولته في توحيد التحالف الشيعي واقناع مقتدى الصدر بقبول ترشيح المالكي لرئاسة الوزارء بعد ان كان الصدر مصرا على عدم ترشيحه . والجدير بالذكر ان الشاهرودي هو الذي اسس جماعة العلماء المجاهدين والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق. أن تقليد الدعوة للسيد الشاهرودي المقرب من ايران وعدم تقليده السيد السيستاني المعارض لمنهج ولاية الفقيه قد ينظر اليه على انه ليس فقط ردا على السيد السيستاني بسبب انتقاد الاخير لأداء حكومة المالكي و حالات الفساد المستشري فيها وانما ايضا على انها محاولة من حزب الدعوة للتقرب الى ايران بعد تناقص شعبيته في الشارع العراقي وخصوصا انه يتزامن مع انتشار اخبار عن وجود خلافات داخل الحزب وانه في وضع لا يحسد عليه. والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستنجح ايران في محاولتها المزعومة لفرض الشاهرودي كخليفة للسيد السيستاني كمرجع اعلى للمسلمين الشيعة بالرغم من معارضة معظم مراجع الشيعة في النجف ومعظم الشيعة في العراق والعالم لمنهج ولاية الفقية الذي يتبناه الشاهرودي وطبقه خميني ويطبقه الان خلفه خامنئي في ايران وخصوصا مع تصاعد الاستياء الشعبي ضد التدخلات الايرانية في العراق وتصاعد حدة الصراع العربي الفارسي؟ والسؤال الاهم هو: هل ان تقليد حزب الدعوة للشاهرودي سينقذ حزب الدعوة من الوقوع في الهاوية أم ان حزب الدعوة يراهن على حصان خاسر؟
#شذى_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاءات المالكي بعلاوي: رسالة تهديد ام تحول براغماتي؟
-
مجالس صحوات ديالي بين مطرقة المالكي وسندان القاعدة
-
المالكي بين خيارين: رئيس وزراء شكلي او ترك رئاسة الورزاء
-
تأزم خلافات الكتل الكردية قد تعرقل تحقيق طموحات الاكراد
-
هل صحيح ان جيش المهدي كان وراء تفجيرات الاثنين الدامي؟
-
هل كان علاوي حصان طروادة ؟
-
ما هي اسباب تغير توجهات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي تحت ز
...
-
ما هي المشاكل التي تواجه الاسلام السياسي في العراق واين تتجه
...
-
الاطباء العراقيون في بريطانيا والحرب على الارهاب
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|