أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - تصريحات النجيفي : الانفصال الطائفي وخلفياته















المزيد.....

تصريحات النجيفي : الانفصال الطائفي وخلفياته


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3413 - 2011 / 7 / 1 - 01:31
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سيجد الهجاءون من الطرف الطائفي المقابل – الشيعي أو الكردي – مادة دسمة لهجائهم في التصريحات الصادمة التي أدلى بها رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي من واشنطن. ولكنهم سيتناسون طبعا أنّ أول من هدد وخطط و نادى بتشكيل إقليم إتحادي قائم على الانتماء الطائفي في العراق هو حزب إسلامي شيعي معروف الاسم والتاريخ والارتباطات. إنه حزب المجلس الأعلى بقيادة الحكيم الأب ومن ثم الابن. وحين نبذ الجمهور – في الجنوب والوسط خصوصا - هذه الدعوة، و تحول الحزب الذي نادى بها إلى مجرد قوة هامشية ومعزولة، أدرك البعض أن الخلل لم يكن في مواصفات خاصة أو برنامجية لأصحاب مشروع الأقلمة، وهي الصيغة المخففة لعبارة "دويلات الطوائف"، ولا في مؤامرة خارجية مزعومة بل في مواد الدستور الاحتلالي ذاته والذي أشرف على دَسْتَرَتِهِ الخبيران الأمريكيان فيلدمان المعروف بصهيونيته و غالبريث الذي بلغت فضيحة تلقيه ِرشا ضخمة من الزعامات الكردية العراقية مقابل دسه لعدة مواد دستورية خطيرة تصب في مصلحتها محاكم لندن والصحافة العالمية.
في هذا الدستور تبيح المادة 119 لكل محافظة عراقية فما فوق تشكيل إقليم شبه مستقل. الإجراءات لتحقيق ذلك أكثر من سهلة فلا يتطلب الأمر سوى دعوة عُشر الناخبين أو ثلث أعضاء المجلس المحلي في أية محافظة أو مجموعة محافظات إلى إقامة الإقليم ليجرى من ثم الاستفتاء عليه. هنا في هذا الدستور الملغوم نجد ما يشكل الخطر الأكبر على وحدة العراق ومستقبله. وعلى هذا يمكننا تفسير تصريحات أغلب المسؤولين والبرلمانيين والكتاب الذين علقوا سلبا أو إيجابا على تصريحات النجيفي الأخيرة ونصها ( إن العرب السنة في العراق يشعرون اليوم بالإحباط الشديد وما لم يتم علاج هذا الإحباط سريعا فإنهم سيفكرون بالانفصال في إقليم خاص بهم ..) فاتفقوا جميعا على دستورية هذه التصريحات، ثم كرروا مخاوفهم وهواجسهم بصيغ إنشائية سطحية شتى! قد يقول البعض بأن دستورية المطالبة بإقامة إقليم اتحادي لا تعني السماح بإقامته على أساس طائفي أو قومي بل على أساس جغرافي. وهذا قول صحيح شكلا، أما الأكثر دقة فهو القول إنّ الدستور لا يدعوا إلى السماح بقيام إقليم اتحادي على أساس طائفي أو قومي ولكنه أيضا لا يمنعه بالنص فها هو إقليم "كردستان" قائم على أساس قومي كأمر واقع.
هناك مَن ربط بين تصريحات النجيفي من واشنطن وبين صعود احتمالات تشكيل حكومة أغلبية تهيمن عليها الأحزاب الإسلامية الشيعية بقيادة المالكي والقومية الكردية بقيادة الثنائي بارزاني و طالباني، حيث فُسِّرَت تصريحات النجيفي بأنها تعبير عن الخوف من الإقصاء والتهميش ضد مكونات قائمة علاوي السنية واقعا، وتجمع النجيفي من بينها. هذا الربط قد لا يبدو مستبعدا تماما ويمكن أن نرى فيه خيطا واضحا لهواجس طائفية تشي برفض الأمر الواقع الجديد الذي أوجده الاحتلال والذي بموجبه فقدت فئة طائفية معينة امتيازاتها القديمة لصالح فئة أخرى، وبدأت تشعر بأنها تعامل معاملة "المواطنين من الدرجة الثانية" كما قال النجيفي حرفيا. إنّ الاتهامات بالإقصاء والتهميش واقعية وحقيقية وهي أمر متوقع من زعامات طائفية في الجهة المقابلة غير أن تحديها والوقوف ضدها لا يكون بتبني الموقف الطائفي المضاد، والذي لن يؤدي سوى إلى الضمور والانكفاء والهجرة بل يكون بتبني الموقف الوطني العلماني الفاقع والمنادي بالمساواة بين جميع العراقيين وإعادة كتابة الدستور الاحتلالي من جديد وبشكل شامل.
غير أن هناك ربطا آخر يلوح أنه أقوى وأعمق من الربط بين تصريحات النجيفي وحكومة الأغلبية وهو الذي يربط بينها وبين جلاء قوات الاحتلال نهاية العام الجاري أي بعد خمسة أشهر، وخصوصا بعد أنْ ساد شبه اتفاق علني على الأقل – يستثنى منه الطرف الكردي – على رفض التمديد لبقائها. صدرت بيانات جازمة من عدة أحزاب ترفض التمديد ومنها التيار الصدري وحزب الدعوة "المالكي" و كتلة حزب الحكيم البرلمانية وانضم إليهم أخيرا حزب "جبهة الحوار" بزعامة صالح المطلك والذي يعتبر وعلى نطاق واسع بأنه ذو ميول قومية عروبية وقريبة من مفاهيم البعث فأعلن موقفا جذريا وقاطعا لم يكتفِ برفض التمديد بل زاد فأشاد بموقف التيار الصدري الرافض له وهو أمر لا سابق له في المشهد السياسي العراقي. الواضح أن هذه التطورات رجحت كفة ميزان رافضي التمديد الأمر الذي سيعني أنه سيتم في موعده مع أن الباب ظلَّ مواربا حتى من قبل المالكي بخصوص ضرورة بقاء قوات أمريكية تتولى الفصل بين مكونات ما يسميه الكرد "مناطق متنازع عليها" وأهمها محافظة كركوك النفطية. وربما سيضطر المالكي إلى طلب مساعدة "الأصدقاء الأمريكان" في ميدان حماية الأجواء العراقية والحدود كما سرَّب أحد المقربين منه.
إنَّ احتمال جلاء غالبية القوات المحتلة سيعضد احتمال قيام حكومة أغلبية وهذا ما يثير هواجس طائفية عبر عنها النجيفي، وأخرى قومية يعبر عنها يوميا المسؤولون الكرد المطالبين ببقاء قوات الاحتلال إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا!
النجيفي في تعبيره عن تلك الهواجس وجه لطمة معنوية ومادية شديدة للوحدة الوطنية المفترضة ولشعارات الهوية العراقية المنسجمة المزعومة التي يتغنى بها الجميع في قاعات الاجتماعات و على منصات الخطابات الرسمية. و ألحق بمكون العرب السنة بعامة لوثة الأقلمة والتقسيم سيئة السمعة بعد أن كانوا براء منها وأشد مناهضيها. ما يضاعف مشاعر الأذى والانزعاج لدى جمهور مناطق غرب وشمال العراق العربي هو أنّ هذه المناطق معروفة بسيادة الفكر والتراث القوميين العروبيين منذ عقود. كما أن "العرب السنة" ليسوا مكونا طائفيا هامشيا وضعيفا لا دور له، بل يشهد تاريخ العراق المعاصر أنهم هم بناة وقادة الدولة العراقية المعاصرة، خصوصا بعد أن قررت المرجعيات الإسلامية الشيعية مقاطعة هذه الدولة الفتية في العشرينات من القرن الماضي بذريعة تبعيتها للاستعمار البريطاني غير المباشر.
والنجيفي ذاته، لم يكن منسجما في تصريحاته تلك، لا مع نفسه وتراثه العائلي ولا مع مدينته. فهو من أسرة ثرية ومعروفة اجتماعيا واقتصاديا على نطاق واسع في محافظة الموصل عاصمة الشمال العراقي. صحيح أنها لم تنجب رجال دولة وسياسيين وعسكريين معروفين كالكثير من أسر الموصل المعروفة ولكنّ تأثيرها في ميدان التجارة والعقارات كان كبيرا على مرِّ العهود وقد عرفت بسمعتها العروبية الحسنة ولم تتلوث بمجازر الدكتاتورية البعثية الصدامية قبل الاحتلال.
بعد يوم على إدلائه بتصريحاته هذه، تنصلت منها قائمة علاوي بعبارات قوية، وانسحب أحد النواب من كتلته احتجاجا. ثم جاءت محاولة قيادة التجمع تبريرها، والقول أن زعيمها كان يقصد العكس ويحذر من قيام الإقليم، بعد هذا كله توقع الكثيرون أنْ يتراجع صاحب التصريح خطوة إلى الوراء، أو أنْ يزعم تحويرا لتصريحاته من قبل الصحافة كما اعتاد السياسيون أن يفعلوا في هكذا حالات، ولكنه فاجأ الجميع بإصراره على مضامين تصريحاته السابقة و زاد عليها. لقد كررها ثانية في اليوم التالي، وطالب بوضع الحلول لما سماه التجاوزات والتهميش ضد "أبناء السنة". هذه العبارة التي تتكرر في أدبيات تنظيم القاعدة تترك مشاعر معينة لدى سامعها العراقي وتوحي بدلالات مؤسفة. أكثر من ذلك أن النجيفي استخدم كلمة "الانفصال" وليس "تشكيل إقليم" وتلك كلمة يخشى حتى الساسة الكرد استعمالها لأنها غير دستورية. وقد حاول أحد مساعديه هو النائب محمد الخالدي تبريرها لجريدة الشرق الأوسط السعودية 30/6/2011 بزعم أن رئيسه لم يقصد تلك الكلمة مع أنه قالها، ولكنَّ تبريره ظل دون نجاح يذكر.
إنّ مشروع إقامة "الإقليم السني" ليس جديدا تماما، فقد بذلت جهود سياسية وتنظيمية خلال السنوات القليلة الماضية مِن قبل مَن وصفوا برجال أعمال عراقيين من المنطقة الغربية يقيمون في الأردن، لإقامة "الإقليم السني" في تلك المنطقة، ولكنَّ الجميع كان ينفي تلك الأنباء والتسريبات أو يتنصل منها. الواضح الآن، هو أنَّ إصرار النجيفي على فكرته وإطلاقها علنا من واشنطن وبشكل مطالب واجبة التنفيذ، ستعطي لمحاولات رجال الأعمال سالفة الذكر دفعا جديدا أقوى وزخما إضافيا ولكن – يتساءل بعض المراقبين الشكاكين- هل يعوّل هؤلاء حقا على الإدارة الأمريكية مثلما عوَّل عليها الكرد؟ و ماذا سيكون الثمن الذي ستطالبهم واشنطن به لقاء تحقيق رغبتهم الانفصالية الطائفية هذه؟ هل ستطالبهم بجعل إقليمهم محمية فعلية لقوات الاحتلال؟ وهل هناك إجماع أو شبه إجماع في مناطق غرب وشمال العراق على تلك المطالب أم إننا سنشهد اقتتالا بين دعاة الإقليم الطائفي والتيارات الوطنية و العروبية ذات الحضور الجماهيري الكاسح في تلك المناطق؟
تلك أسئلة لم تعد مبكرة أو مبالغ في دلالاتها بعد اليوم!



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النضال الأيديولوجي والعلاقة المباشرة مع الناس
- العراق ومجازر من الأرشيف .. مجزرة -زفاف التاجي- نموذجا!
- مرة أخرى عن القديس فالنتاين.. وهل هو مالطي أو روماني أو خراف ...
- مَن هذا الفالنتاين الذي يعلم سمنون البغدادي الحب؟
- كمين أميركي اسمه الجنرال-عمر سليمان-
- خطر التصارع الحزبي على الانتفاضة العراقية ومقترحات لتفاديه / ...
- خطر الاستقطاب الطائفي والعرقي على الانتفاضة العراقية ومقترحا ...
- رفض الاجتثاث وتجريم تمجيد الجلادين
- ثلاثة أخطار تحدق بالانتفاضة العراقية ومقترحات لتفاديها
- تطبيقات من تجربة المصالحة في جنوب أفريقيا:الضحايا كشهود
- المعادلة المغاربية الجديدة: القلب التونسي و جناحاه
- جلادون يعترفون وضحايا ومحققون يضجون بالبكاء
- من البعث إلى الانبعاث
- تجربة المصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا بعيون عراقية:العفو مق ...
- أنصفوا قناة -البغدادية- ..فهي صوت وطني لا يدعي الكمال والعصم ...
- الركابي في -أرضوتوبيا العراق.. من الإبراهيمية إلى ظهور المهد ...
- حزب- الدعوة- والانتحار السياسي بزجاجة -عرق-!
- هادي العلوي وإشكاليات محمد أركون: تفكيك المصادرات الأورومركز ...
- لماذا لا يغلق اتحاد الأدباء ووزراة الثقافة ويترك النادي مفتو ...
- الغرب ومسيحيو الشرق: إذلال واستعباد وإهانة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - تصريحات النجيفي : الانفصال الطائفي وخلفياته