محمد قانصو
الحوار المتمدن-العدد: 3412 - 2011 / 6 / 30 - 10:35
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
.. جدارن قاتمة تزيدها العتمة شحوبا, ضوء خافت يشقّ كبد الظلمة, وجوه مقيتة أبى النور تلوينها لفرط ذمامتها, طاولة خشبية مربعة افترشتها أدوات التعذيب, خلف الطاولة يتكوّم وحش حجري بلبوس بشريّ, من وسط السقف المنخفض يتدلّى حبل مزدوج انعقد طرفاه بزندين فتييّن ..
في الجسد المنهك تحتفر جراحات كثيرة, تيبّس الدّم فوقها, وحنا الضوء الخافت عليها دفئاً ورحمة, الحنجرة المذبوحة تبثّ آهات عصية, القدمان المتورمتان تستقيمان وقوفاً كجذعين متجذرين في الأرض الحبلى ..
صعقات كهربائية, إشارة بدء لانتزاع الاعتراف, جرذ سلطويّ يقبض بمقراض حديديّ على الأظافر, جرذ آخر ينهال بالسوط على الظهر, الوحش الحجريّ يقترب, الحقد الأسود في عينيه, ومن بين شقوق الشفتين يسيل لعاب الأفعى, أسئلة خائفة تتوالى بلازمة خائبة: اعترف ..
الماء البارد .. الساخن .. السكين المصهورة تحفر ثلماً في الخدين, تكوي جبهته السمراء.. ولا جدوى..
كانت عيناه تعذبهم, الشرر الثوريَ يتطاير, يمزق لحماً عفناً فوق عظام نخرة, يهزّ خواء القلب الأجوف إلّا من رعب وهزيمة, والصمت القاهر يعرّيهم, يفضح ذلاً يسكنهم حتّى الأعماق ..
يتأوّه ذاك المارد غضبا, تمعن جرذان الحجرة بالضرب.. ولعاب الأفعى يسيل سموما..
في تلك اللحظة يتوقّد جمر الذاكرة, تحضر كلّ الأسماء, وجوه الفلاحين الفقراء, فرح الأطفال المسروق, دموع النسوة في الملجأ, الحقل العطش, حبيبته الأبديّة, أهازيج الحرّية !..
يتراءى الوطن الآتي في غفوة عينيه, وتحوم فراشات ناحبة حول الجثمان, فتذوب القضبان, وتنتفض الروح كنسر يهزأ بالقفص, وتفرّ الجرذان ..
أوراق المحضر تتناثر, تتلون بالحبر الأحمر, وعيون العاشق تتبسم: اعترف الآن !..
بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو
[email protected]
#محمد_قانصو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟