أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - الفاتنة المجهولة ( فتينة ) نموذج الحرية و الشجاعة ..















المزيد.....


الفاتنة المجهولة ( فتينة ) نموذج الحرية و الشجاعة ..


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3411 - 2011 / 6 / 29 - 18:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولا
1 ـ تعددت الأسباب في نكبة البرامكة في عهد الرشيد.ويقال إن من ضمن الأسباب أن الخليفة هارون الرشيد طمع في الجارية فتينة التي كانت في ملك جعفر البرمكى, وكانت مشهورة بالجمال وحسن الصوت ولكن فوجىء الرشيد برفض جعفر التنازل عنها للخليفة فغضب، وكان ذلك من أسباب نكبة جعفر وآله من البرامكة. يؤيد هذا الرأى أن هارون الرشيد كان مشهورا بحب امتلاك الجوارى اللاتى يملكهن غيره ، ولا يرضى حتى ينتزع الجارية من صاحبها ليستحوذ عليها الرشيد وحده!..ونرجع إلى سطور التاريخ لنتعرف على هذه الفاتنة "فتينة" وسبب ولع الوزير جعفر البرمكى بها.. وقصتها معه ومع الرشيد بعده..
2 ـ كان جعفر بن يحيى البرمكى يتشبه بسيده الخليفة هارون الرشيد في كل شيء ما أمكنه , وكان قصره يعج بعشرات الجواري من كل نوع ومن كل جنس, وكان التنافس بينهن شديدا على جذب انتباه الوزير الشاب الوسيم, وكان يحلو له أن تكون الجارية عنده قمة في الجمال والظرف والثقافة الأدبية والعلمية وجودة الغناء والعزف, وكان اسحق الموصلي وأبوه إبراهيم من المتخصصين في شراء الجواري الفاتنات ثم تثقيفهن بالآداب والفنون والإتيكيت حتى يصلحن لقصور الخلفاء والوزراء.. ولذلك كانت هناك صداقة متينة بين جعفر البرمكى وإبراهيم الموصلي وابنه اسحق.
3 ـ وحدث- كما يروى ابن الجوزى- أن جعفر البرمكى أدى فريضة الحج مع الخليفة هارون الرشيد,وذهب معه إبراهيم الموصلي , وكانت المدينة المنورة مشهورة في ذلك الوقت بالجواري الممتازات في العزف والغناء, وقد طلب جعفر من إبراهيم الموصلي أن يعثر له على جارية غاية في الحذق بالغناء والعزف والظرف والجمال..ونزل إبراهيم الموصلي إلى سوق الجواري فى المدينة المنورة وسأل وعرف من السماسرة أن هناك مطلبه, ولكن ليست معروضة في السوق وإنما هي في بيت صاحبها الذي يحتاج إلى بيعها بسبب ظروف فقر طارئ. ودخل إبراهيم الموصلي على الرجل في داره فرأى آثار النعمة .. وخرجت إليه الجارية فلم ير إبراهيم الموصلي أجمل منها ولا أصبح وجها, ثم أمرها سيدها فغنت من الحان إبراهيم الموصلي فرآها إبراهيم ممتازة في الغناء والعزف,ثم ساوم إبراهيم صاحبها في شرائها, فطلب منه الرجل أربعين ألف دينار, فرضى إبراهيم الموصلي على شرط أن يعطيه مهلة للتفكير, واتفقا على ذلك, ثم عاد إبراهيم إلى الوزير جعفر البرمكى وأخبره بالخبر ومدح له الجارية حتى ازداد جعفر بها شغفا, وصحبه جعفر إلى البيت مستخفيا كأنه أحد الخدم .. ومعهما المال , فأعطى إبراهيم المال لصاحب الجارية, وحين علمت الجارية بكت, فاعتذر لها سيدها بالفقر.. فانخرطت في بكاء أشد وهى تقول له إنها لو ملكت الدنيا وما فيها في نظير أن تفارقه ما تركته, وبكى الرجل,وأعلن أمام الحاضرين أنها حرة وأنه قد تزوجها وأعطاها داره صداقا ومهرا.. وضاعت الصفقة..
4 ـ رأى جعفر أن كل ما يملكه من جوار وسلطان لا يقارن بما يملكه ذلك الرجل الذي أعطته جاريته الوحيدة كل ما تملك وفضلته مع فقره واحتياجه على كل مباهج بغداد ومفاتنها.كان جعفر يتمنى أن يعثر على جارية تحمل ذلك القلب المخلص له وحده الذي يحبه لشخصه غنيا كان أم فقيرا.
5 ـ والذي لم يعرفه جعفر أنه كانت توجد في قصره إحدى الجواري الصغيرات من القادمات الجدد, ومرت عليه هذه الجارية مثل كثيرات,لم ينتبه إليها, ولكنها انتبهت إليه وتعلقت به,وعزمت بكل ما لديها من عزم أن تجذب انتباه حبيبها الشارد إليها .. وعرفت غرامه بالطرب والغناء فتعلمت وأجادت .. وشيئا فشيئا بدأ يصغى إليها ويهتم بها وأحست أنها على وشك أن تفوز به خاصة بعد أن أطلق عليها لقب"فتينة",إلا أن مكائد الجواري الأخريات كانت أحيانا ما تباعد بينها وبينه. وكان يسعد فتينة أن ترى حبيبها جعفر يطرب لغنائها, وكان يسعدها أيضا أن يأتى ندماء جعفر معه فيزدادون معه طربا. ورأت فتينة أن اهتمام مولاها بها مقترن باهتمام ندمائه بغنائها فكانت تبذل كل ما تستطيع لتجيد الغناء في حضرة أصحابه.. وبالتالي ازدادت شهرتها.
وازداد جعفر بها اهتماما وإعجابا.
6. ووصلت شهرة فتينة إلى الرشيد..فطلبها من جعفر ، أي طلب أن يهبها له جعفر، لتكون إحدى جواري الخليفة . ولكن جعفر رفض طلب الخليفة, وهو يعلم الخطورة في الرفض.
واستعظم الرشيد أن يرفض وزيره وصديقه له طلبا. وأصبحت تلك نقطة سوداء في علاقة الخليفة بالوزير ، أضيقت إليها نقاط سوداء أخرى ،وكانت نكبة البرامكة..
7 ـ ولكن ماذا حدث لفتينة بعد مصرع حبيبها جعفر؟
بعد مقتل جعفر صادر الرشيد أمواله وأموال أسرته، وضم الرشيد إلى قصره كل جواري جعفر, ومنهن فتينة.وعقد الرشيد مجلسا استعرض فيه جواري جعفر وأمر كل واحدة منهن أن تعرض فنّها عليه.. إلى أن جاء دور فتينة. وكانت المفاجأة .. أمرها الرشيد أن تغنى ، وكان متشوقا لسماع غنائها، ولكنها نكست رأسها للأرض وسكتت. وتكهرب الجو، وتصاعدت أنفاس الجواري وهن يعلمن أن غضب الرشيد ساحق ماحق, وأنه يتطرف في عقوبته. ارتفعت أصوات الجواري لفتينة وهن يرتعدن ( ويحك..غن!!).وانهمرت دموع فتينة ونظرت للرشيد تتحداه وتقول :( أما بعد السادة فلا..).! أي بعد السادة جعفر البرمكى وآله لن تغنى لأحد حتى لو كان الرشيد نفسه..
وسقطت قلوب الجواري في أقدامهن، وانقطعت أنفاسهن، وانتظرن تحول فتينة إلى جثة هامدة مختلطة الملامح..ونظر الرشيد إلى أقبح خادم في القصر واسمه الحارث بن بسيحر،وقال له : (خذها..قد وهبتها لك..) فأخذها بيده ومضت معه. فلما ولت دعا الرشيد الحارث بن بسيحر وأمره أن لا يقربها, وأنه إنما أراد إذلالها ولم يعطها له على الحقيقة.. وبعدها بأيام استدعى الجميع، وسأل عن الحارث بن بسيحر وأمره باستدعاء فتينة، فحضرت وجلست ، وأخذت الجواري في الغناء والألحان, ثم قال الرشيد لفتينة : (هيه .. غنى ..)، فانهمرت دموعها وقالت نفس مقالتها الأولى: ( أما بعد السادة .. فلا..)!!وهنا ثار الرشيد..وصرخ:سيف ونطع..(والنطع هو قماش غليظ يوضع تحت المحكوم عليه بالإعدام حتى لا يلوث دمه المكان)..ووقف السياف فوق رأسها. وأجلسوها على النطع ..وقال لها الرشيد: غنى .. فبكت وقالت :( أما بعد السادة.. فلا..)، وذهبت عقول الحاضرين من الخوف.وصاح الرشيد بالسياف: أنظر إلى يدي.. فإذا عقدت لك بالخنصر إلى اثنين فلا تضربها.. فإذا عقدت لك بالوسطى ثلاثا فاضرب عنقها..
ورفع السياف سيفه فوق رأسها.. وقال لها الرشيد: غنى.. فقالت: أما بعد السادة فلا.. وعلا بكاؤها.. وقال لها للمرة الثانية.. غنى .. فقالت:أما بعد السادة ..فلا.. وقال لها للمرة الثالثة والأخيرة: غنى .. فأقبلت عليها الجواري يستعطفنها ويناشدنها الله في نفسها.. فاندفعت تغنى باكية على حبيبها جعفر وتندبه قائلة:
لما رأيت الديار قد درست
أيقنت أن النعيم لم يعد
آي غنت.. ولكن لكي تغيظ الرشيد!!
فوثب إليها الرشيد فأخذ العود من يدها وأخذ يضرب به وجهها ورأسها حتى تفتت العود وغطى الدم وجهها وجسدها ، وحملوها من بين يديه مقيدة تنزف دما فماتت بعد ثلاثة أيام...
بهذه النهاية الحزينة وبهذا الاخلاص النادر والشجاعة المثالية استحقت تلك الجارية ان تتسلل ـ من بين ملايين الجوارى ـ الى سطور التاريخ ..
أخيرا
1 ـ نحن نشقى فى البحث بين سطور التاريخ لنحكى خفاياه ، ليس للتسلية ولكن للعبرة. والعبرة من هذه القصة تعطى مثلا لما يحدث اليوم . كان الخليفة يعتقد أنه يملك الأرض ومن عليها ، وأن أملاك البرامكة هى منه واليه رجعت ، ومنها الجوارى. الجوارى فى هذه القصة التاريخية هن مثال الشعب أو الأمة التى يتحكم فيها مستبد شرقى باسم الدين أو القومية. ومعظم الجوارى ارتضين الذل وتبارين فى إرضاء نزوات الخليفة المستبد . جارية واحدة تمسكت بحقها فى إختيار من أحبّه قلبها ومن أجل حريتها فى الاختيار وقفت أمام المستبد تتحداه .. وماتت عزيزة كريمة .
2 ـ السؤال الآن ..هل تثور شعوبنا لتتخلص من مبارك وبن على و على صالح والقذافى لكى يحل محلهم فى الحكم الشيخ حمكشة السلفى الذى يحلم باستعادة استبداد هارون الرشيد ؟
3 ـ أفيقوا أيها الناس ..!!



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأميرة العباسيةالتى تزوجت من خادمها
- لماذا قتلت -الخيزران- ابنها الخليفة الهادي العباسى ؟!
- أنساب العرب
- الإسلام دين التسامح ..ولكن السلفية ..!!
- قبطى عظيم فى عصر خليفة لئيم
- الخزى فى الدنيا والآخرة
- رسالة الى الأحبة فى الحوار المتمدن
- خاتمة كتاب البدوى
- ف 2 : خامسا : مسئولية البدوي
- ف 2 : رابعا : الانحلال الخلقى فى الموالد الأحمدية
- ف 2 : ثالثا: الصوفية يفضلون البدوي على الله تعالى
- ف 2 : ثانيا : (ب) عبادة البدوي
- ف 2 : ثانيا : عناصر تأليه البدوي وعبادته (ا )
- ليس من حق أى مصرى سحب الجنسية من مصرى آخر / رفضا لسحب الجنسي ...
- الفصل الثانى : خرافة البدوى
- ف1 سابعا : حركة البدوى بعد الفشل
- ف 1 : سادسا : جهود البدوي فى المرحلة الثانية ( 658-675ه )
- مستقبل الثورات العربية الراهنة
- و.. التبنى حرام قطعا
- مولد ابن لادن


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - الفاتنة المجهولة ( فتينة ) نموذج الحرية و الشجاعة ..