أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بسام البغدادي - الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد














المزيد.....

الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 3410 - 2011 / 6 / 28 - 16:01
المحور: المجتمع المدني
    


أنا لا أقرأ الكتب المقدسة كالتوراة و الانجيل و القرآن الا كي أعرف بعدها التأريخي وكيف كتبت وعلاقتها بالبيئة التي كتبت فيها ولماذا لازالت موجودة.. لا أشعر بالغضب أو الشفقة أو التعاطف أو الحب تجاه هذه الكومة من الاوراق.. لكن عندما يأتي أحد أقاربي ويعتقد بأن هذه الكومة من الاوراق تعطيه الحق بتقييمي أخلاقياً و إنسانياً حول كيف أعيش ولماذا أعيش وبماذا أفكر وماذا أكتب. أشعر بالشفقة تجاه هذا القريب, أشعر بالحزن على هذا القلب الطيب الذي كنتُ أعرفهُ جيداً والذي قامت كومة من الاوراق القديمة بنزع كل عاطفة و حب ورغبة بالتقارب منه تجاهي الا من أجل مايعتقده هو بأنه يفعل ما فيه سبيل هدايتي الى الطريق الصحيح مرة أخرى... الا مايعتقده هو بأن العودة الى الحضيرة وشم رائحة الاسطبل الديني التي تزكم الانوف منذ قرون هو العلاج الافضل لحالة مستعصية مثل الحالة البسامية.

أنا إنسان هادئ ومسالم, أحب أهلي و أخوتي وكل البشر من حولي... أؤلئك الذين اعرفهم والذين أتمنى أن أعرفهم.. أتمنى الخير للجميع. سواء كانوا مؤمنين بالله أو البقر أو صخرة صماء. لايهمني لون شعرهم أو مع من ينامون ليلاً أو أذا ما كانوا يطمحون لتغيير البشرية جمعاء أم فقط بعض الخبز والماء لأولادهم. أحبهم جميعاً وأتمنى من أعماق قلبي الخير و السلام لهم. لكنني أشعر بحزن عميق عندما أجد أن البعض حقيقة عاجز عن فهم أن البشر جميعاً مُختلفين. كلٌ لهُ أفكاره و آماله وطموحاته. كلٌ لهُ أهدافه و تطلعاته. بعضهم يحلم بجنة وسعها السموات و الارض وبعضهم يحلم بدراجة هوائية بسيطة يتنقل عليها بينماحبيبته خلفه تعانق خصره تحت الشمس.

أتفهم جيداً أن البعض يعتقد بأن الله الذي يؤمن بهِ هو أكثر قدسية بكثير من البقرة التي شاهدتها قبل أيام في أحدى مزارع الجنوب الاخضر. أتفهم جيداً بأن البعض يعتقد بأن كتابهِ المقدس هو كتاب أروع من هلوسات عاشق مراهق يكتب على هوامش دفتره بعض كلمات العشق الساخن لأبنة الجيران. مالا أفهمهُ هو أصرار هؤلاء الذين يؤمنون بالآلهة أو الجن و الشياطين أو الكتب المقدسة أن آلهتم هي أهم و أعظم الاشياء ليس فقط بالنسبة لهم بل يجب أن تكون كذلك للجميع وبالتأكيد لكل من في عائلتهم الصغيرة او الكبيرة, هل هو صنف جديد من الجنون ببعض الاشياء أم الرغبة بالانتماء لأكبر قطيع تدفع البعض لتخيل بأن حجم القطيع هو الدليل على مصداقية ما يؤمنون بهِ؟

هل أن عشقي الصادق و الحقيقي لأمرأة يعشقها الجميع هو أفضل من عشقي الصادق و الحقيقي لأمرأة يعشقها بسام البغدادي فقط؟ هل رأيت أحدهم يأتي ويفرض عليك أن تعشق حبيبته فقط لأنه يعتقد ان حبيبته هي أروع و أجمل و اقدس و اطهر أمرأة على وجه الارض؟ ما شأني بالآخرين؟ ما شأن الآخرين بما أعشق أو أصدق أو أؤمن بهِ أو لا؟ أحدهم يعشق زينب و الآخر يعشق هالة و أنا أعشق إيمان... ما المشكلة في ذلك؟ أحدهم يعبد الله و الآخر يعبد البقرة و أنا أعبد شئ آخر... ما المشكلة في ذلك؟

أعلم جيداً بأنك ستغضب لو جئتُ يوماً وأخبرتك بأن حذاء حبيبتي العتيق هو أشرف و أقدس من كتبك المقدسة جميعاً... أعلم جيداً أنك ستغضب كثيراً لو قلت لك بأن قطرات عرق حبيبتي هي أشهى و أعظم من الهك لو كدست عليه أنبيائه اجمعين. لكنني لا أتحدث معك بهذه الطريقة الفجة.. بل أحترم أنك تؤمن ببعض الاشياء.. أخشى أن أجرحك أو أتسبب في حزنك... أخشى عليك أن تشعر باللاحيلة عندما تعلم بأن الهك عاجز عن فعل أي شئ في هذا الكون ليس فقط لي ولك.. بل حتى لأنقاذ نفسه من كم الشتائم و الرذائل التي يستطيع أن شخص منا أن يكيلها له دون أن يتغير لون السماء أو تبتلعنا الارض. يهمني جداً شعورك تجاهي وليس تجاه ما أؤمن بهِ... فلماذا تحشر دائماً ما تؤمن بهِ في علاقتك معي أو مع من حولك؟

أن أحترمك و أحترم مشاعرك لايعني بأي حال من الاحوال بأنني لربك أو لمسيحك أو لمحمدك قيمة أعلى بشكل ما من أي شخصية كارتونية أخرى. بل أحترامي لك ينبع من شعوري تجاهك بالانسانية التي تجمعنا بغض النظر عن أنتمائك العقائدي أو الجنسي, بغض النظر عن لون بشرتك أو طولك أو لغتك أو دولتك او دينك أو عائلتك أو ميولك الجنسية. أنا و أنت كلانا ننتمي لعائلة واحدة هي الإنسانية, هذا الانتماء بحد ذاته هو الانتماء الوحيد الذي لم ولن نستطيع التخلص منه حتى نترك هذه العائلة الكبرى... ونرحل عن هذا العالم.. الى السماء لو أحببت أو الى شجرة صنوبر كبيرة يتردد بين أغصانها العشرات من زقزقات الطيور و الملايين من الفراشات الملونة.

بسام البغدادي



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية بشار الاسد وتحرير سوريا
- المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق
- قبلتُ تحدي الله فهل يقبل هو التحدي؟
- الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله
- لماذا قطعت رأس أمي؟
- هل يستحق الله العبادة؟
- عبثية ميلان كونديرا الرائعة
- كلام في اللقاء الجزء الثالث
- كلام في اللقاء الجزء الثاني
- كلام في اللقاء الجزء الاول
- هل يملك الله أي خيار؟
- حواء و بناتها و التفاح
- لهم ملكوت الارض
- خالداً في ذاكرة عشتار
- عندما يخجل الرجال أن يكونوا رجال - الجزء الثاني
- عشتار و أبن القبيلة
- هل الله موجود الجزء الخامس و الاخير
- يا أولاد ال... من أجل كرة القدم؟
- هل الله موجود؟ الجزء الرابع
- هل الله موجود؟ الجزء الثالث


المزيد.....




- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
- اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بسام البغدادي - الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد