|
من عالم إلى أخر 6
خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 3408 - 2011 / 6 / 26 - 12:37
المحور:
سيرة ذاتية
بعد مضي عدة أسابيع طلب مني المحافظ تغيير أوقات الدوام في البلديات إلى كما هي في ديوان المحافظة، قد يكون قراره هذا جاء بعد المشاورة مع (الأخرين). لاحظت من إيمائات وجهه ونبرات صوته مسحة من الحزن ولربما الخجل، مَرَدُه، في إعتقادي، إنتباهه بأن هذا التغيير ليس شكلي وإنما جوهري، مطلوب من الباب العالي أومن حواليه، يستهدف خلق واقع على الأرض تتناقض كليا مع ماهو مسطر في الدستور والقوانين التى يُطبل لها الطبالون بمناسبة أوبدونها. هكذا هو الحال، دائما، عندما يتحول الدستور و القانون إلى أدوات زينة للحاكم المطلق المقتنع بطريقة حكمه حد الهوس، شأنهما شأن العقيدة والمبادئ، تتحولان، بدورهما، إلى سيوف مشرعة في وجه المعارضين والمحتجين وهكذا لا تدل الأسماء على مسمياتها. يُذّكِررئيس الجمهورية الكورد في العراق ، في مناسبات عديدة، بأن من (مأثره) بأنه أعطى الكورد في العراق حقان حق في المجلس الوطني وأخر في المجلس التشريعي، زبد على الماء في الحالتين. إنها لسخرية القدربأن أعطاني الفرصة، يا أبي، لأرى كيف أنضجتَ أنت الفكرة، بقلمك في المكشوف والمستور، وإيصالها إلى حيز التطبيق وكيف سرقوها وحرفوها متوهمين بأن كل جهة يخدع الأخر ويطرحه أرضا من دون أن يشعرا بأن مخادعا كبيرا وماهرا قد خدعهما في أن واحد، هكذا هو الحال، يا أبي، عندما تتحول السياسة من أعظم وأخطر المهمات التى يجب أن تعتمد على الفكروالقناعة والصدق والشفافية لأحداث الزخم المطلوب للوصول إلى الهدف إلى مهام تعتمد على الخديعة والأستهواء والمهمات السرية والتفاهمات غير المعلنة لتحقيق أهداف أنانية صرفة. ورأيتُ كيف يتم وئد هذا الوليد المشوه وذلك بتحويل (مؤسسات الحكم الذاتي لمنطقة كردستان) من مؤسسات فاعلة ومخلصة لمهامها إلى ديكورجميل وبراق في الظاهرومراكز جذب يتنافس عليها المصابون بداء السلطة والضعفاء أمام الأغرائات و إلى دواويين لمنح (الوجاهات) لأشخاص كما وصفتَهم أنت سابقا ب(أعمدة خشبية بدون فوانيس) يُختارون بموجب تخطيط دقيق لأشعال جذوة روح التنافس والتهافت عن طريق إغرائات على شكل مكرمات مالية وتخصيص أراضي سكنية لهم في بغداد ودور سكنية فى منطقة مسيجة في أربيل ومنح سيارات جديدة في المناسبات ودور سياحية في مصيف صلاح الدين....وذلك لأخراج القضية من الضمائروالقلوب إلى الأبد وحشوها في بعض الجيوب حشوا. بالرغم من كل ماحدث لاحظتُ إرتفاعا في رصيدى عند المحافظ ومن بعض علاماته طلبه مني مرافقته في العديد من الجولات الميدانية واللقائات من النوع التي لا علاقة لها بعملي لا من قريب أو بعيد، كمن يقول لي أيها المتعطش للحقيقة قبل أى شئ أخرهذه فرصة أخرى إشهد المزيد لتتأمل أكثر وتتعلم أعمق، أعتقد إنه إستوعب جيدا بأن دور أمثال و. مديرالبلدية في الأدارة يشبه دورحشرة الأرضة في تسويس الهيكل في بناء مبني من الخشب، بحركتها الدؤوبة في قنواة غير مرئية، وأصبح واضحا لديه بأن الحياة بحاجة مُلحة لبعض الرجال وهم يمتلكون قدرا من الجنون يكفي بأن يُعطيهم الجُرأة بأن يقفوا على أرجلهم عند الحاجة ويرفعوا أيديهم العارية ويقولوا لا علانية ..... هل تتذكر، يا أبي المشهد الأخير من فلم (زوربا اليوناني) الذي رأيناه معا في سينما شعبي في شارع الرشيد جهة (الباب الشرقي) عندها كنت طالبا وأسكن في القسم الداخلي في (تل محمد) . في هذا المشهد الأخير أي بعد أن إنهار السلك الهوائي وهروب جميع الضيوف مذعورين دون إستثناء، تاركين خلفهم الخروف المشوي والروم الكريتي المُعدان لهم، ويتناولها زوربا وصاحب المشروع المنهار بدلا من الهاربين المذعورين. ينصح زوربا رئيسه: إنك حصلت على كل شئ باستثناء شئ واحد؛ الجنون؛الرجل بحاجة إلى قليل من الجنون وإلا؛ لا يتجرأ أن يقطع حبلا في الشارع. تحت تأثير هذه النصيحة يقوم الرئيس وبعد التفكيريطلب من زوربا أن يُعلمه الرقص. أثناء قيام زوربا بمهمة تعليم رئيسه الرقص، بكل جدية، يقع نظره فجأةعلى السلك الهوائي المنهار ويغرق في الضحك ويسأل، ضاحكا، وهو ينظر بتأمل إلى الحطام: ولد هل رأيت أبدا منظرا أكثر روعة؟ يلتفت الرئيس إلى الورا ء ليلقى نظرته على مشروعهم المنهار، ويغرق بدوره في الضحك والضحك إلى أن ينحنى ويدمع عينيه من شدة الضحك و يقول: هل رأيت كيف هرب الجميع ؟ ويضيف زوربا : خصوصا الفأر!! الرئيس: لأول مرة في العالم على أقل تقدير!! بعدها أخذ زوربا يروى لصديقه الكثير من حكاياته بلغته بعد أن علمه لغته: الرقص!!!!!!! ثم أضفت: يقولون، يا أبي، بأنك كنت راقصا بارعا ، عندما كُنتَ تقود، بدون إنقطاع، حلقات الراقصين برشاقتك و بملابسك الجميلة التي سافرت بعيدا لأقتنائها خصيصا في أول إحتفال علنى أقيم فى أربيل بمناسبة عيد (نه وروز). قال ضاحكا: بالتأكيد، لا أحد يتذكر ذلك التأريخ بإستثناء أمك .
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تُفاجئ نملة صغيرة فيلا عملاقا لا يتأمل إلا في ظّله!
-
ثلاثة أسئلة تنتظر الأجابة من البروفيسور كاظم حبيب
-
من عالم إلى أخر 5
-
من عالم إلى أخر4
-
من عالم إلى أخر 3
-
من عالم إلى أخر 2
-
من عالَم إلى أخر 1
-
لقد طرق بابي حامل الرسالة حمد (الأخيرة)
-
لقد طرق بابي حامل الرسالة حمد 3
-
لقد طرق بابي حامل الرسالة حمد 2
-
لقد طرق بابي حامل الرسالة حمد 1
-
ثقب في جدار المخابرات العراقية
-
بعد 52عاما يعود التأريخ الى مساره الصحيح
-
القاتل والمقتول فى جسد واحد
-
أنا أحكم إذا أنا موجود2
-
أنا أحكم اذا أنا موجود1 *
-
إلى من يهمه الأمر: طلب شخصي لأشغال إحدى الدرجات في حكومة الن
...
-
تحية وتقدير لرجل كسر حاجز الصمت في أربيل
-
عندما دافعت إمرأة عراقية عن كرامتها قبل 30 عاما
-
هكذا كانوا يدوسون على كرامتنا
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|