|
الديمقراطيون السوريون في قطار الإخوان...!؟
جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 3407 - 2011 / 6 / 25 - 23:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عن أية ديمقراطية يتحدث فطاحل ( الثورة ) السورية من المثقفين والكتاب والمنظِّرين وجلّهم حجزوا مقاعد في الدرجة السياحية في قطار الإسلاميين هذا إذا لم تكن الديمقراطية التي يتحدثون عنها مجرَّد إنشاء سياسي جذاب يعكس نزوعاً وصولياً ليس إلا...؟ من المؤكد أن معظم هؤلاء قد لا يعرفون أن غالبية العلمانيين الديمقراطيين وجماهير الأقليات المذهبية يتحضرون للانتفاض في الشوارع والساحات إذا ما أتيح لمثل هذه ( السيوف قراطية ) معانقة الأعناق لكنها شهوة تسلق سلم السلطة التي تعمي البصر فيتجاهل صاحبه تجارب البلدان الجارة التي تماثل بنية المجتمع السوري تركيبة مجتمعاتها على كل صعيد..! لقد بات معلوماً للقاصي قبل الداني أن منسوب التمدن في العراق مثلاً تراجع بعد أن أسقط النظام بفعل العامل الخارجي إلى أدنى الدرجات فمن الذي ينكر اليوم عودة العراق إلى زمن صراعات العشائر والقبائل والطوائف..؟ أما في التجربة المصرية الطازجة فيسجل للثورة جلابة الديمقراطية السياسية الصندوقية تمكين الإخوان المسلمين من الاستفراد بالشعب المصري عن بكرة ابيه..! في تونس أصبح مجرَّد الحفاظ على مكتسبات التمدن المحدودة هماً لدى غالبية الشعب التونسي وخصوصاً النساء..! نعم حين تكون النوازع الشخصية والثأرية السياسية هي بوصلة منظِّري الديمقراطية الصندوقية فإنه من غير المنتظر أن يلتفتوا إلى الأوضاع التي آلت إليها بعض بلدان العرب على أن ينحصر اهتمامهم وأحاديثهم عن الديمقراطية السياسية فهنا ينتصب سلم السلطة ولا يغيِّر في الأمر حقيقة أن الإسلاميين وحدهم الذين يديرون المظاهرات ولم يحدث أن استشار واحدٌ من المتظاهرين جناب هذا الكاتب المنظِّر أم ذاك الشاعر فالتوجيهات والتعليمات والأوامر سلفية إخوانية مشيخية بالجملة والمفرق...! نعم يتجاهل معظم فلاسفة الانتفاضات العربية الوقائع والنتائج والحقائق التي لا لبس فيها والتي كشفت عنها الأوضاع التي صارت عليها الدول التي سقطت فيها نظم الحكم إنه لمن المخزي ثقافياً أن معظم هؤلاء لا زالوا يكتبون مواعظهم ويعيدون إنتاجها من دون وازع عقل يملي عليهم التوقف للتأمل والمراجعة عسى أن يلحظو أولوية الديمقراطية المعرفية على السياسية وفي ذلك تختلف عدة الشغل وتتراجع شهوة السلطة وركوب القطارات..! لقد كشفت الاصطفافات السياسية عن أن عدداً محدوداً من هؤلاء المنظِّرين ( زمط ) جدياً من المفاعيل التي يخلِّفها الموروث والهجمة الشرسة التي طالت ـ أدونيس ـ مؤخراً تدلل على ذلك وقد كشف وضوح المشهد على أن معظم نخبة التنظير الثوري لا زالوا أسرى الموروث المقدس بهذا الشكل أم ذاك حتى أنه قد يصح القول إنه لكلٍ منهم ولي فقيه مستتر أو ظاهر فالشيعة لم يحتكروا هذه الإقنومة وحدهم فصار لدى مختلف الجماعات والأفراد أولياء فقيه كما هو حال ماركس عند الشيوعيين وعبد الناصر عند الناصريين وحافظ الأسد عند البعثيين وهكذا هو الأمر عند الآخرين جماعات منظمة وحالات فردية مفكِّرة كحال الذين ينتجون هذه الأيام إنشاء ( الثورة ) المتوهمة وإلا كيف لم يجد معظمهم في مظاهرات السوريين ما يستوجب النقد أو حتى الامتعاض فكل الثورات في قاموس هؤلاء مقدسة ولم لا طالما أن العرب أمة القداسة بامتياز..! إن العقم في السياسة والانفتاح مرده إلى غلبة هذا الفكر وهيمنة ثقافة التقديس حتى صار يصعب تلمس فوارق جدية وتمايزات حقيقية بين أصحاب اللحى من مشايخ وخطباء ودعاة وبين المنظِّرين والشعراء والكتاب في الوقت الذي يعلو فيه الصراخ عن الحداثة والمدنية والديمقراطية وكأنه بالإمكان دمقرطة المجتمع بمجرد سقوط نظام الحكم...!؟ ولأن الحديث عن الديمقراطية المعرفية واستحالة الديمقراطية السياسية من دون العلمنة يتسبب بخسارة المقاعد المحجوزة في القطار الإخواني لم يعمد أحد إلى تذكير الإخوان بأن العلمانية هي التي أتاحت لراعي ( الثورة ) السورية الحاج ـ اردوغان ـ الذي يحترم حزبه الدستور العلماني فرصة تشكيل الحكومة التركية..! لقد أدرك الجنرال ـ أتاتورك ـ منذ عشرينات القرن الماضي استحالة تحديث ودمقرطة تركيا من دون العلمنة فبادر إلى فصل الدولة عن الأديان ملغياً وزارة الأوقاف وكافة المحاكم الشرعية ومنع المدارس الدينية الرسمية ومن يومها حافظ الأتراك على أديانهم وعلى هوياتهم المذهبية وربحوا الديمقراطية والمدنية والحداثة. طيب طالما أن المجتمع السوري لا يزال قابل للانفلاش والاحتراب الطائفي كما بان مؤخراً شأنه في ذلك شأن المجتمعات العربية الأخرى فهل يكشف مسار الحراك الراهن عن أية إمكانية لوصول قوى طامحة وراغبة وقادرة على العبور بسورية نحو ديمقراطية حقيقية...؟ وكيف سيحصل ذلك فيما غالبية الأطراف والجهات والأفراد المتحمسين لإسقاط السلطة يرتعون في معين الإسلاميين وثقافتهم هل حدث وأن ساوم جهابذة التنظير الديمقراطي جماعة الإخوان المسلمين على فداحة تمسكهم بالشريعة الإسلامية كمرجعية وحيدة أو لفتوا أنظارهم إلى حزب العدالة التركي وإقراره بالعلمنة..؟ لا شك في أن وصول قطار الإخوان ـ مع استحالة هذا الأمر ـ سيعني بالضرورة انحدار منسوب التمدن الذي ارتقت إليه حياة السوريين الاجتماعية إلى أدنى الدرجات إن هذا المنسوب كنزٌ ثمين لا يمكن للعقلاء السوريين التفريط به...! وعليه البناء فقد أصبح لازماً أن لا يترك الملعب السوري لدعاة الأسلمة وحلفائهم النخبويين ففي سورية عشرات الآلاف من الأكاديميين الأكفاء ومئات الآلاف من المحامين والمهندسين والمعلمين والإعلاميين المهتمين والمعنيين بالشأن السوري العام والملعب السوري صار كما يبدو يتسع للجميع.
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية والحوار الوطني الخجول..!؟
-
الإصلاح ليس حلاً لا في سورية ولا في غيرها
-
انتفاضات الحرية المتوهمة...!؟
-
حين يعتذر رواد التغيير..!؟
-
قمة الدول والتداول والمداولة
-
خطبة يوم المرأة العالمي
-
نعم في العجلة الندامة...!؟
-
الأصول في ثقافة الفسول..!؟
-
وزيرثقافستان...!؟
-
العسيلة: أم المعارك...!؟ ( على هامش معارك النقاب والحجاب )
-
شخصنة الأحزاب العربية
-
أم علي في المركز الطبي لأمراض القلب...!؟
-
من هطولات العقلانيين الجدد...!؟ إلى هيثم المالح
-
كلكاويات زمن الهزائم...!؟
-
الوطن والمساواة في الإسلام...!؟
-
فقه الانتظار...!؟
-
تعازينا للقضاة .. ومرحى لضحاياهم...!؟ قبل الحكم على مهند الح
...
-
سياسة المركوب عليهم ولا الضالين...!؟
-
النشيد الوطني لحزب الكلكة
-
نعم كفى أعيدوا لهم جنسيتهم...!؟
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|