أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء اللامي - الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء الرابع















المزيد.....



الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء الرابع


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 228 - 2002 / 8 / 23 - 01:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


                    الظاهرة الطائفية في العراق :

                    تفكيك الخطاب والأدلوجة .

                            " الجزء الرابع "

 

                                                                                     علاء اللامي

الخلط بين الطائفة والطائفية :

 إن الشيعة والسنة العراقيين لم يختلفوا على الإمامة لأن الشيعة لم يصلوا بعد إلى الحكم ويضعوا نظريتهم في الإمامة موضع التطبيق ، وهم لم يختلفوا على قضايا كالإرث والزواج لأن هناك أكثر من قضاء في العراق، فإلى جانب قضاء الدولة هناك القضاء الطائفي . أما القول بأن الطائفيين العراقيين علمانيون لأنهم لا علاقة لهم بالدين فهو خلط فاضح بين العلماني والملحد وهذه مصادرة سلفية عربية قديمة. وثانياً ثمة خلط بين الطائفة والطائفية ورجل الطائفة. بمعنى: أن رجل الطائفة يظل طائفياً طالما واصل تقديم خدماته للطائفة وغلب سيادتها على سيادة الوطن فحل الولاء لها محل الولاء للوطن ولا علاقة للإيمان الشخصي والمشاعر الفردية بهذه الأمور. أما إذا قصد الكاتب: أن العراقي السني يظل طائفياً حتى ولو كان علمانياً بعكس زميله الشيعي الذي يظل سليماً من "جرثومة الطائفية " حتى ولو انتمى إلى حزب شيعي طائفي وناضل من أجل قيام حكومة ولاية الفقيه، فهذا القول أو التأويل سيحتج عليه الكاتب نفسه كما نظن.

  إن الخلوص إلى استنتاجات كهذه مبعثه الخلط المؤسف، كما ألمعنا، بين الطائفية والطائفة أو الطوائف، بين الظاهرة وأطرافها المكونة. بعبارة أخرى: بين الطائفية كناتج لسيرورة وتاريخ التناحر بين الطوائف وبين الطوائف ككيانات واقعية تاريخية لا يغير من طبيعتها في شيء اعتبارها أفراد منحدرين من طائفة كاثوليكية وأخرى صابئية وثالثة بوذية ورابعة.. إلخ . فهل كفت هذه الطوائف عن أن تكون مجموعة من أفراد ينحدرون.. إلخ ؟ وهل تفتقد الطائفة الشيعية الإثني عشرية أو شريكتها في صنع تاريخ الظاهرة، الطائفة السنية، إلى الكيان المعبر عنه بالرموز والتاريخ المؤدلج والمرجعيات والحوزات ؟ وأخيراً، وفيما يخص الأولى، هل افتقدت التراتبية الهرمية المعقدة والأحزاب السياسية والمليشيات المسلحة التي يتقاضى أفرادها مرتباتهم بالعملة الصعبة ؟ ونجيب: لا لم تفتقد أياً من ذلك. إن ما يسميه الكاتب تمذهب الدولة القومية، قاصداً به ما ندعوه هيمنة الطائفة السنية على الدولة العراقية المعاصرة، يعود، في نظره، إلى مشروع قديم يدعوه "كوكس النقيب " والأول هو الوزير الاستعماري البريطاني برسي كوكس والثاني هو الشيخ عبد الرحمن النقيب، نقيب أشراف الطريقة القادرية السنية. إن هذه الإحالة من طرف الكاتب، ومع أنها صحيحة من الناحية التاريخية، لا تستقيم مع إحالاته السابقة ومنها تلك التي تعيد ظهور التشيع إلى عهد النبي، ثم إنها لا تفسر لنا إطلاقاً الصراعات الطائفية الدامية التي سبقت مشروع "كوكس/ النقيب" وخصوصاً في العصر الصفوي الفارسي والسلجوقي التركي والذي دفع العراقيون من الطائفتين ثمنه دماً وخراباً وعداوات فاعلة في الحاضر. إن مشروع أو "مخطط كوكس/ النقيب" إن كان يكشف عن شيء فهو إنما يكشف أولا عن جذر الدولة العراقية التي سارع الإنكليز إلى استيلادها بعد أن أغرقوا ثورة العشرين بالدماء مخافة أن تشتعل ثورة شبيهة بها بعد حين ؛ وتلك كانت ثورة شعبية وحرب مقاومة ذات سمات فلاحية بشكل رئيسي ولا علاقة لها بالطائفية والطائفيين. وهي تكشف ثانياً، ومن خلال الممارسة السياسية العلمية عن دور الطائفيين الشيعة الذي لا يقل خطورة عن دور خصومهم " الطائفيين السنة "  في تثبيت المشروع البريطاني، وليس أدل على ذلك من مسارعة سياسيين من الشيعة إلى خدمة الكيان الوليد الذي قرر قادة ثورة العشرين مقاطعته. وكان عبد الحسين الجلبي أول من خرق المقاطعة، وأصبح وزيراً فيه، وقد هجاه الشاعر العراقي الساخر ملا عبود الكرخي بقصيدته الشهيرة "وعدتنا من الوزارة تستقيل.. وعدلت عنها لماذا يا محيل ؟ ". والوزير المذكور سليل عائلة الجلبي المغرقة في الولاء والعمالة للبريطانيين " وكانت هذه العائلة تمثل حالة نموذجية أخرى ، إذْ كانت  واحدة من العائلات الشيعية القليلة التي حافظت على علاقات ممتازة مع الحكومة العثمانية وكان سلفهم علي الجلبي جابياً لضرائب الكاظمة وكان غاية في القسوة ، وعنده حرس شخصيون من العبيد المسلحين وسجن خاص بتصرفه. وعندما مات تنفس أهل الكاظمية- وهم من الشيعة- الصعداء. أما ابنه عبد الحسين، الذي أصبح رئيساً لمجلس إدارة شركة ترام الكاظمية / بغداد، فقد كانت له، منذ العشرينيات، حقيبة في كل وزارة تقريباً لأنه كان (قابلاً للاعتماد عليه ولين العريكة..)  كما جاء على لسان السكرتيرة الشرقية للمندوب السامي البريطاني " جيرترود بيل"  والمعروفة اختصارا لدى العراقيين بـ " مس بيل ". وأما حفيده عبد الهادي فقد حظي في العام 1938 بعطف عبد الإله الذي سيصبح وصياً على العرش لأنه ساعده بالقروض"([1]) وهذا نموذج على الصعيد الأسري مع وجود استثناءات لشخصيات وطنية حتى ضمن هذه الأسرة تجعل التعميم غير وارد .

تشيع القبائل العربية والتركمانية :

 أما على الصعيد الجماعي المنظم فقد شكل السياسيون الشيعة العرب الأغلبية الساحقة في قيادة حزب نوري السعيد (الاتحاد الدستوري) والذي يصر البعض على اعتباره حزباً معادياً للشيعة، عمل على إقصائهم من الحياة السياسية في إطار الدولة العراقية التابعة، فقد كان عدد الشيعة العرب في قيادة الحزب المذكور ثلاثة وعشرين عضواً مقابل سبعة أعضاء من السنة العرب([2]). وغالباً ما يجري تصوير الطائفة الشيعية في العراق ككيان متحقق ومنجز تماماً بامتداده التاريخي الذي يعود تارة إلى أيام الخليفة الرابع وأخرى إلى عهد النبي العربي الكريم ، ويتكرر الادعاء والإيحاء المبالغ فيه بأن الطائفة الشيعية هي الأغلبية السكانية المضطهدة من قبل الطائفة السنية الحاكمة التي حرمتها من كل شيء: السلطة، والثروة، والموقع الاجتماعي . ويصل البعض، إلى أنها عرضة للتشكيك حتى في عروبتها، والحقيقة فإن قراءة متأنية لتاريخية الظاهرة وتاريخها ، تؤكد حقائق أخرى مختلفة ومخالفة لما أصبح في عداد البديهيات. لقد أعدنا ظهور الطائفة إلى عهد إمامها الباقر، ولكنها لم تولد كطائفة متكاملة السمات عهد ذاك، بل مرت بمراحل طويلة ومعقدة من التكوين، وقد ترك الأساس المادي لحياة المجتمع ككل آثاره البينة عليها، وفي مراحل معينة من تاريخ الظاهرة، كان يبدو وكأن سيرورة التشيع ستنتهي بتشيع البلد كله،فقد تشيعت قبائل عربية بكاملها. وأرخَّ "ابن سند" مؤرخ المماليك في عام 1826 أو حول ذلك تحول تحالف "الزبيد " العشائري إلى روافض أي شيعة.. وفي عام 1869 ذكر عالم سني بارز هو إبراهيم الحيدري أن قبيلة تميم قد تشيعت قبل ستين عاماً من ذلك التاريخ بسبب نشاط من أسماهم "أبالسة الروافض"، أي الدعاة الشيعة العرب، وقد يكون مفاجئاً لبعض الطائفيين الشيعة، أن يعرفوا بأن قبيلة الدليم السنية التي يحرضون الآن ضدها باستمرار، قد انشطرت شطرين: شيعي وهو فرعها المقيم في إقليم الفرات الأوسط والذي يحمل اليوم اسم "آل فتلة " الذي اشتهر ببسالة مقاتليه ضد البريطانيين إبان ثورة العشرين، وفرع سني وهو المقيم على الفرات شمال غربي  بغداد. وحدث ذات الأمر لقبيلة شُمَّر البدوية حيث تشيَّع فرعها المقيم في الجنوب والذي استقر داخل المثلث الذي تشكله القبائل العربية: "زبيد" غرباً و " لام " شرقاً و "ربيعة " جنوباً وحمل اسم (شمَّر طوقة) أما فرعها الشمالي في إقليم الموصل والجزيرة (شمَّر جربة) فقد ظل سنياً. والأمر نفسه يقال عن قبيلة "جبور " ففرعها في الشرقاط جنوب الموصل سني أما فرعها المقيم على راضع الحلة من نهر الفرات فهو شيعي. والتفسير الأولي لهذه الظاهرة نجده في انحسار الهيمنة العثمانية الطورانية على وسط وجنوب العراق لدرجة أنه اقتصر في مراحل تاريخية معينة على بغداد وبعض المدن الحصينة القريبة، وذلك يفعل ما يمكن تسميته بحرب الاستنزاف والمقاومة الشرسة والمضنية، التي دارت رحاها بين القبائل العربية العراقية والحكم العثماني .

   إن هذه الحرب "المهملة" لا يمكن تفسيرها بأسباب طائفية جملة وتفصيلاً: أي لكون العرب العراقيين  كانوا شيعة والأتراك سنة، فقد حدث شيء مشابه في المغرب العربي حيث قامت انتفاضات وحروب فلاحية ضد الأتراك في تونس وليبيا ولعل أشهرها تلك التي قادها علي بن غذاهم ويحيى يحيى السويدي و غومة المحمودي أما المغرب الأقصى- مراكش- فقد ظل عصياً على الأتراك، ومعروف أن هذه القبائل المنتفضة كانت سنية كالعثمانيين. والغريب أن هذه الظاهرة- تشيع القبائل العربية العراقية- لم تقتصر على العرب كما يبدو من خلال النتائج التي انتهت إليها ، بل تعدتهم إلى الأكراد الذين نجد بين صفوفهم وجود شيعي قوي هم- الأكراد الفيلية- الذين بلغ عددهم في سنة 1947 ثلاثين ألف مواطن ، أما عند التركمان فقد بلغ التشيع مديات أوسع إذْ  بلغ عدد الشيعة في تلك السنة اثنين وأربعين ألف مقابل خمسين ألف من السنة               ([3]).  

  وربما أمكن القول بأن تشيع هؤلاء جاء نتيجة التبشير الشيعي الفردي  في عهود أقدم نسبياً. ومن الصعب تفسير الإخفاق الذي منيت به محاولات الحمدانيين وهم من الشيعة الإثني عشرية لاختراق الوضع الطائفي في الموصل وأجزاء الشام التي حكموها في القرن العاشر الميلادي ، ولكن العائلة الحمدانية الحاكمة وخصوصا في عهد أميرها سيف الدولة تمتعت على الدوام بالاحترام من قبل مواطنيها السنة كما تؤكد ذلك حيثيات تاريخها. هذا بخصوص النظرة التقليدية اللاتاريخية إلى الكيانية الطائفية التامة والمنجزة نهائياً.

السيطرة الشيعية على التجارة :

 أما بخصوص الموقع الاجتماعي والإسهام في التكوين الاقتصادي الذي يصر البعض على تقديمه بشكل يوحي وكأن الشيعة مواطنون من الدرجة الثانية في بلدهم وأنهم محرومون ومضطهدون منذ أن وجدوا، فليس أدل على المبالغة وقلة الصدقية فيه، وبالتالي انكشافه كأيديولوجيا رسمية يأخذ بها الطائفيون، ليس أدل على ذلك من حقيقة أن التجار الشيعة العرب كانوا يسيطرون على ميدان التجارة الداخلية للجملة والمفرد وخصوصاً بعد نجاح مؤامرة تهجير اليهود العراقيين عام 1949، ومعروف أن سوق الشورجة، أكبر أسواق الجملة والمفرد في بغداد، يكاد التجار الشيعة يحتكرونه تماماً تاركين للتجار السنة وجوداً رمزياً لا يعكسه تمثيلهم القوي في غرفة تجارة بغداد التي هيمن عليها اليهود بما مجموعه 212 تاجراً مقابل 87 تاجراً سنياً وقد آلت مقاعد التجار اليهود بعد التهجير في أغلبيتها إلى التجار الشيعة.

 الهيمنة المطلقة للإقطاعيين الشيعة :

 أما في ميدان ملكية الأراضي الكبيرة فإن سيطرة الإقطاعيين والمُلاك الشيعة مطلقة تماماً ( فمن أصل سبعة من كبار ملاكي الأراضي في العراق، الذين يملك كل منهم أكثر من 100.000 مائة ألف دونم كان ستة من الشيعة مقابل واحد من السنة.. ومن أصل49 عائلة تملك كل منها أكثر من 3000 ثلاثة آلاف دونم نجد 24 عائلة شيعية عربية و14 عائلة سنية عربية و11 عائلة كردية وعائلة واحدة يهودية. أما على مستوى العراق ككل ولجميع أنواع الحيازات فقد كانت نسبة المساحة المملوكة بالدونم للشيعة العرب 44.3% وللسنة العرب 30% وللأكراد 19.7%)([4]) ولكننا ننظر إلى هذه النسب، الهادمة للأساطير الطائفية الكثيرة في ساحتنا اليوم، نظرة معززة بكل الحذر الضروري والملازم لوجهة نظر التحليل الطبقي، فإذا (كان أغنى الأغنياء في عام 1958 هم في الأغلب من الشيعة فكذلك أيضاً أفقر الفقراء.. إن من الضروري أن نتذكر أن التماثل بين الانقسامات الطائفية والطبقية لم يكن كاملاً أبداً وإنه كان هناك سنة فقراء جداً وأن هؤلاء وفقراء الشيعة كانوا أخوة في الشدة )([5]) إن هذه المعطيات التي يغفلها أو يجهلها الطائفيون "المتمسكنون" تفسر من ناحية أخرى تلك الضراوة التي جابهت بها المرجعية الشيعية ، في عهد آية الله محسن الحكيم خصوصاً، وبدرجة مقاربة المرجعية السنية، إنجازات ومشاريع السلطة الجمهورية التي جاءت بها ثورة  14 تموز 1958. ففي محاولة لإفشال مشروع الإصلاح الزراعي ومصادرة أراضي الإقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين الفقراء، أصدر محسن الحكيم فتواه المشهورة والقاضية بعدم جواز الصلاة على الأرض المغصوبة، أي تلك التي صادرتها حكومة قاسم من الإقطاعيين وهم شيعة في غالبيتهم كما رأينا و وزعتها على فقراء الفلاحين وهم شيعة أيضا . وإذاً فصاحب الفتوى يصدر هنا عن عقلية طبقية صافية لا عن رؤية طائفية شيعية ، أو في أسوأ الأحوال ، تكون الرؤية الطبقية عنده قد وازنت الأخرى الطائفية، أي أنه في فتواه تلك والتي لم يكن لها تأثير فاعل على مسار مشروع الإصلاح الزراعي بفعل تلاحم فقراء الفلاحين مع حكومة الثورة رغم أن المشروع كان يشكو أصلاً من خلل خطير،و قد أصدر " الحكيم " فتواه بالضد من  رغبات وآمال وصبوات الملايين من فقراء الشيعة والسنة معاً. وكان  السيد محسن الحكيم قد أفتى أيضاً بحرمة التعامل مع بضائع المصانع المغتصبة، أي تلك التي أممتها الحكومة، ثم توَّج سلسلة فتاويه بواحدة أكد بها أنه أشد نفاذ بصيرة طبقية من ساسة البرجوازية العراقية التابعة ، وهي الفتوى التي كَفَّرَ بموجبها الحزب الشيوعي العراقي وحرَّم الانتماء إليه . أما القول بأنه أصدر تلك الفتوى لأن شيوعياً عراقياً ( قد قذفه فجأة  بقليل من اللبن إثناء زيارة قام بها الى  مدينة العمارة..) كما يفسر لنا حسن العلوي  أو أن فلاحاً مسكيناً وحائراً، قد أرسل إليه يستفتيه حول هذا "الشبح" الذي يسمونه "الشيوعية"، إن هذه الروايات تذكرنا بقصة كليوباطرة التي كما – يزعمون - لو كان أنفها أطول بسنتيمتر واحد عما هو عليه لتغير مجرى التاريخ([6]).

ملاحظة أخرى وأخيرة، حول ما سمي بمشروع "كوكس/النقيب"، فلئن كان عبد الرحمن النقيب السني عميلاً للبريطانيين في فترة معينة، وهذا صحيح تاريخياً كما أسلفنا، فإنَّ المرجع الشيعي آية الله اليزدي، كان عميلاً أو متعاوناً معهم ضد أبناء وطنه عامة وأبناء طائفته خاصة، كما ورد في الحالات التي رواها الكاتب نفسه. وإنْ كان السير برسي كوكس قد ارتضى النقيب حليفاً وشريكاً فذلك ليس حباً في السنة أو الطريقة القادرية وحقداً على الشيعة وأئمتهم بل هو المنطق الاستعماري العتيق في صياغة التحالفات مع القوى المحلية لضمان مصالح المستعمر. أما المبالغة في هذه الحالة التحالفية أو تلك وقراءتها في ضوء الفانوس الطائفي فسوف تؤدي إلى اعتبارها سبب كل المصائب والشرور على الأرض وفي السماء، وهذا مجرد  وهم في وهم .

تفريس  الشيعة العرب :

وهمٌ آخر يجعله الكاتب هَماً ثقيلاً ومشكلة كبرى وهو ما يسميه (خطر تعجيم التشيع) ، أي اعتبار عرب العراق الشيعة فرساً وإيرانيين. ويفرد لهذه  المصيبة  عشرات الصفحات حتى ليكاد القارئ يظن أن السنة في سبيلهم إلى الهجرة من العراق وإن البلد في سبيله، أو كان في سبيله ذات مرة، ليكون إيرانياً. أي أن ما حاول الكاتب نفيه وتأكيد عكسه انقلب في مؤداه بنتيجة الإلحاح والمبالغة في ظاهرة هامشية ومعزولة تماماً. والغريب أن جلَّ الحجج التي يوردها الكاتب لا تتعدى ذكرياته الشخصية وذكريات بعض معارفه وكمية من الطرائف المروية عن فلان عن فلان..إلخ . لقد ألمعنا إلى وجود صراع بين العنصر العربي والفارسي بين صفوف الطائفة الشيعية في العراق وعلى مستوى القيادات المرجعية ولكننا نود الآن الانتهاء من هذه الأسطورة وإعادتها إلى حجمها الحقيقي من خلال:

 1-ثمة في العراق جالية إيرانية، شيعية في غالبيتها الساحقة تعادل من حيث الوزن و التعداد وزن الطائفتين العراقيتين الصابئية واليزيدية، حسب إحصائية أوردها الكاتب([7]). وإذا كان هذا هو العدد المعترف به رسمياً بين الحكومتين العراقية والإيرانية، فالراجح أن العدد الحقيقي للإيرانيين أكبر من ذلك بكثير. معنى هذا أننا بإزاء حالة واقعية أو أساس لحالة واقعية وليس اتهامات طائفية محضة. فالاتهامات والتشهير الطائفي قائم ومتبادل بين الطائفتين بل إن شيئاً من المشاعر الشوفينية والطرائف المزدرية للفرس نجدها وبكثرة بين صفوف العرب الشيعة أنفسهم، ولعل الكاتب، وهو مثلنا من عائلة عربية شيعية، يتذكر ِبمَّ يكنى الإيراني من طرف الشيعي العربي العراقي ، وربما سمع بعضاً من الانطباعات السلبية " العنصرية والمدانة " عن الفرس التي يعود بها الشيعة العرب بعد زيارتهم لمشهد الإمام الرضا في إيران. ثمة إذن مبالغة وتشوش في الرؤية هنا. إن الاتهام بالعجمة ليس موجهاً تحديداً من العرب السنة إلى العرب الشيعة، بغض النظر عن حالات فردية ، ِلمَ لا نقول أنه موجه لمن يرفضون الانتساب إلى الجالية الإيرانية مع أنهم إيرانيون من حيث الأصل ؟ ولماذا يجب اعتبار كل شيعي عراقي أو كل سني عراقي عربياً بالضرورة في البلد العربي الوحيد الذي يحادد أربع أمم فعالة في تاريخ المنطقة وهم الفرس والكرد والأرمن والترك وبوجود عدد معتبر من الأقليات القومية ؟ وبالمناسبة نسجل هنا إدانتها الحازمة لإقدام النظام الشمولي الحاكم في بلادنا على طرد الآلاف من العراقيين إلى إيران وبغض النظر عن جذورهم القومية.

2-إن الأقاليم العراقية التي يقول الكاتب أن سكانها متهمون بالأيرنة هي أقاليم عربية قديمة قدم الحضارة العربية الإسلامية وهي، قبل هذا وذاك ، موطن ومهد الساميين الأوائل. ثم إنها مسكونة منذ القدم بقبائل عربية مشهورة للجميع، إيرانيين وسنة عراقيين ، بل إن هذه الأقاليم هي من القليل في العالم العربي الذي مازالت تسود فيه أسماء القبائل كأسماء علم للأشخاص في الوقت الذي تلاشت هذه الظاهرة في بلاد الشام، ولا أثر لها في مصر وبلاد المغرب إلا ما ندر ، وكل ذلك يجعل من الاتهام بالعجمة و الأيرنة، والمبالغة في هذه الظاهرة ، شيئاً يبعث على الرثاء والشفقة وربما الابتسام من قبل من توجه إليهم التهمة.  ويظل الأمر المحير هو لماذا يستنكر ويرتعب البعض من تهمة الانتساب إلى أمة عظيمة ولها أمجادها التاريخية كالأمة الفارسية شريكة الأمة العربية في صناعة تاريخ  المنطقة خصوصاً إذا كان فارسياً حقاً ؟ لكن الحيرة قد تزول إذا نظرنا إلى الأمر كواحد من إفرازات الطائفية .

3-إفراز آخر من تلك الإفرازات يلقي بظلاله على محاولة تفسير هذه الظاهرة، وهو تغليف الأطماع الفارسية القومية القديمة بلبوس طائفي. فالرموز التي يقدسها الشيعة الإيرانيون والعرب تقع كلها- باستثناء مشهد الإمام علي بن موسى الرضا- في العراق العربي. والحقيقة فإن بعض تلك الأطماع  لا يمت بصلة للظاهرة الطائفية بل إنه يدخل في دائرة الصراعات الإقليمية الرموز تلك الأطماع لا يمت بصلة للظاهرة الطائفية بل إنه يدخل في دائرة الصراعات السياسية الإقليمية والمثال الجلي على ذلك مطالبة النظام الإيراني " الإسلامي " الحالي إبان حرب الثماني سنوات باستقطاع إقليم البصرة الغني بالنفط والمنفذ البحري الوحيد للعراق كتعويضات حرب وإلحاقه بإيران. وقد قيلت تلك المطالبة علناً على لسان السفير الإيراني في موسكو وقبل موافقة إيران على وقف إطلاق النار بقليل. والغريب أن الجهات الحزبية الطائفية الشيعية العراقية لم تستنكر ذلك أو تشجبه من منطلق وطني بل سكتت وكأن الأمر لا يعنيها. إن هذا الإفراز يفسر ولو جزئياً الاتهامات والاتهامات المضادة بالأيرنة أو العجمة ولكن دون مبالغات. واستكمالاً للصورة فإذا كان لإيران أطماع في العراق فإن النظام العراقي ومن منطلق قومي (استهلاكي) قال الكثير ورفع العديد من الشعارات حول الأقلية العربية في جنوب إيران، وهي بالمناسبة شيعية في أغلبيتها الساحقة، وعن ضرورة تحريرها وتحرير الإقليم الذي تعيش فيه، ولكن ذلك كله خالياً من الصدقية و المبدئية ، الأمر الذي يعرفه عرب إيران قبل غيرهم.

4-إن الولاء للطائفة والحليف أو الظهير الإقليمي للطائفة يتغلب في حالات فردية على الولاء للوطن المشترك لجميع الطوائف. غير أن الكاتب وبعد سرد الكثير من حكايات الطائفيين السنة الذين وقفوا مع الإنجليز ضد العراق وخذلوا حركة المقاومة الشعبية للغزاة الإنكليز التي قادها الشيعة وخذلوا انقلاب رشيد عالي الكيلاني ضد الإنكليز، وجاء بأمثلة كثيرة تشكك في وطنية رجال سياسة ودين من السنة، وكان محقاً في ما قال في الأغلب الأعم، لكنه، وباستثناء تلميحاته حول تعاون آية الله اليزدي مع الإنكليز، فإنه  ينظر إلى الشيعة ككيان صاف نزيه وطني جملة وتفصيلاً. هذه النظرة "الطهرانية" إلى طائفة تتألف من ملايين البشر مثالية ولا علمية من حيث الجوهر. لقد تغلب الولاء للطائفة الشيعية لدى بعض الشيعة وبلغ حد الخيانة الوطنية في حالات معينة ولأن تلك الحالات فردية وصادمة ، كما هي الحال في تلك التي اقترفها بعض العراقيين السنة، فهي لا تفسر شيئاً، ولهذا آثرنا أن نورد بعض الشواهد والأمثلة على ذلك في هامش ملحق  بالمبحث([8]).ولكننا نتساءل كيف ينظر الكاتب إلى دعوة محمد باقر الحكيم زعيم حزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وهو حزب شيعي، تلك الدعوة المستمرة إلى عدم رفع الحصار الأمريكي والغربي على العراق لأن ذلك- رفع الحصار- يقوى النظام الحاكم ويصعب من مهمة إسقاطه ؟ إن ولاء الحكيم، والحق يقال، لم يكن لا للعراق ولا حتى لا بناء طائفته الأكثر معاناة من هذا الحصار الإبادي، بل كان ولاؤه لحزبه  وطموحاته الشخصية في رئاسة الدولة واستبدال هيمنة طائفية بأخرى من نفس النوع مع اختلاف الاسم وتفاصيل التناحر الطائفي والتي ستكون أكثر دموية وتدميرا ً!

التمييز الطائفي جريمة :

يعتمد الكاتب كثيراً، إن لم نقل دائماً، في استقرائه لتفاصيل ما يدعوه" تمذهب الدولة القومية " ومفردات التمييز الطائفي، الذي تعاني منه الطائفة الشيعية، ولإثبات أنها تشكل الأكثرية السكانية، يعتمد كثيراً على الإحصائيات والمقارنات الرقمية. فثمة إحصائيات عن كل شيء: رؤساء الوزارات والوزراء ووقادة الأحزاب والشعراء وأعضاء البعثات الدراسية.. إلخ. إن لغة الأرقام والإحصائيات المنتزعة من سياقاتها والمنظور إليها بانتقائية شديدة لا تساعد كثيراً على فهم الظاهرة. فالذي تريد إثباته، هذه المنهجية، واقع ثابت لا أحد يدعي إنكاره حتى من قبل  بعض الطائفيين أنفسهم. والتمييز الطائفي والقومي والحزبي- وهو الأخطر والأكثر فشاء في العراق - ليس هو مفتاح فهم المسألة . إننا ننظر إلى هذا التمييز على أنه جريمة جنائية ومخالفات للقانون ساحتها القضاء في دولة ديموقراطية علمانية تقوم على أساس المواطنة الكاملة والمتساوية لجميع العراقيين مستقبلاً. وحتى ضمن الحدود التي أرادها الكاتب، فإن لغة الإحصائيات قد تنقلب عليه، فهو حين يستنقي ما يعضد توجهاته من إحصائيات، كأن يريد أن يثبت أن الدولة القومية وحزب البعث يقومان على المذهبية والطائفية فإن من حق الطرف الآخر أن يأتي بإحصائيات منتقاة هي الأخرى ليثبت أن حزب البعث حزب شيعي من حيث التأسيس فمؤسسه هو فؤاد الركابي وهو شيعي، ومن حيث تركيب قيادة هذا الحزب التي قادته إلى السلطة في انقلاب 8 شباط 1963 ، حيث كانت نسبة الشيعة الثلثين والسنة الثلث، أو بتحميل الشيعة مسؤولية القمع الدموي ضد القوى الديموقراطية واليسارية بذكر أسماء أشهر جلادين في العراق المعاصر وهما الشيعيين بهجت العطية وناظم كزار، وهذه الإحصائيات يوردها الكاتب نفسه ، لكنه كما يبدو توقع أن تكون دحضاً لما أراد إثباته، فخرج علينا بهامش في تلك الصفحة، يستدرك فيه أن الشيعة الذين يؤلفون ثلثي قيادة حزب البعث هم شيعة مجازيون ([9]). وربما يقصد أنهم شيعة بالاسم وبعثيون في الحقيقة . وحتى هنا يظل السؤال قائماً، أليس من حق الوزراء والمسؤولين السنة الموصوفين بالطائفية أن يقولوا نحن أيضاً سنة مجازيون و( ما في حدا  أحسن من حد ا! ) كما يقول المثل الشامي السائر .

  ما أردنا، في هذا الاستطراد، نفي الطائفية عن طائفيين قولاً وفعلاً، بل أردنا إثبات الخلل المنهجي في هذه القراءة، فكما نعتقد أن اللف والدوران حول ظاهرة ما ، لا يجعلها مفهومة ، وإغراقها بالإحصائيات الانتقائية والطرائف الشعبية لا يجعلها قابلة للتصديق بل إنها- تلك المنهجية- تكرس واقعاً مداناً ومرفوضاً حين تحمل أحد الطرفين المسؤولية وتبرئ الطرف الآخر. إن المطلوب هو محاكمة نقدية صارمة، بأدوات معرفية صائبة، وشبكة مفهومية شديدة التماسك، تتناول الظاهرة في كليتها التاريخية، ليتم اختراقها تماماً وتعرية جذورها وأوهامها المتناقضة مع هذا النقد المعرفي بوصفه وعياً حضارياً متمرداً على أيقونات وتابوهات الطوائف والقبائل والعصابات الحزبية. 

 يقول الكاتب (فهم- الطائفيين السنة في السلطة- لا يستطيعون تبرير السبب الذي يجعل القومي العربي الشيعي بعيداً عن أن يكون رئيساً لأركان الجيش مثلاً) ([10])

 ونحن نتساءل : ها قد أصبح الشيعي العربي ،كما يعتقد البعض ،سلطان هاشم وزيراً للدفاع لا رئيساً لأركان الجيش فحسب، فهل اختفت الظاهرة وزال التمييز؟ إجابتنا ومعنا الكاتب هي النفي. ثمة خلل ما في شيء ما إذن!

أسماء العلم والعبودية لله  :

وقبل أن نختتم هذه القراءة في هذا الكتاب، نود الإشارة إلى قضية مرَّ عليها الكاتب وهي قضية التمييز الطائفي المسلط على البعض من الشيعة الذين يتسمون بأسماء علم تنتشر في صفوف أبناء الطائفة من قبيل "عبد الزهرة وعبد الحسين وعبد الرضا.. إلخ " وقد خضع الكاتب، كما نعتقد، للابتزاز الطائفي الشيعي فلم يقل ما يجب أن يقال بهذا الصدد. إن السكوت على ظاهرة خاطئة أو الدفاع عنها من وجهة نظر تلفيقية أمر غير منتظر أو مفهوم من رجل قومي متنور يفهم بديهيات الدين الإسلامي الذي جعل العبودية لله وحده لا للبشر. صحيح أنه غير مطالب بدخول سجال فقهي أو ديني حول هذا الأمر، فهذا ليس من شأنه ولا من شأننا، ولكن قول الحقيقة أو الشهادة المنزهة أمر ضروري ومفيد لجماهير الناس التي ظلت طوال قرون حقلاً يحتكره رجال الدين الطائفيين يبذرون فيه ما شاءوا ليحصدوا  ما أرادوا . إن هذه الظاهرة الجديدة نسبيا قد ظهرت في العهد العثماني وهي متناقضة مع  مبدأ التوحيد والعبودية لله ، يحاول رجال الدين الشيعة إضفاء الشرعية عليها بواسطة تخريجات لغوية كما فعل مثلاً، الشيخ السبحاني حين قال: ( وقد أثارت هذه التسمية قلقاً في بعض الأوساط خصوصاً الوهابيين، زاعمين أن تلك التسمية رمز الشرك، ولا توافق أصول التوحيد.. ولا جل رفع الستر عن وجه الحقيقة نقوم بتحليل المسألة من وجهة نظر القرآن والسنة.. العبودية تطلق ويراد منها. أولاً: ما يقابل الألوهية وهي بهذا المعنى ناشئة من المملوكية التكوينية التي تعم جميع العباد، ويكون المالك هو الله سبحانه وتعالى.. فالعبودية بهذا المعنى ذاتية كل موجود وجوهرة كل شيء لا تنفك عنه.. وثانياً: تطلق ويراد منها الطاعة أو ما يقاربها، وقد صرح بذلك المعنى أصحاب المعاجم اللغوية)([11]) ثم يأتي ببعض الشواهد المعجمية. والحقيقة أن هذا الدفاع عن هذه التسميات متهافت ولا يستقيم مع المنطق مثلما لا يستقيم مع آراء وأساسيات الطوائف الأخرى الإيمانية. فلماذا لا تطلق تلك الأسماء بألفاظها التي تحمل معنى الطاعة والمحبة فيقال "مطيع الحسين ومحب العباس.. إلخ" بدلاً من "عبد الحسين وعبد العباس"؟ ونضيف أن هذه المسألة جاءت ضمن سيرورة التكرس كطائفة بحاجة إلى رموزها الخاصة وتميزاتها الفريدة، وهي ليست خاصة بالطائفة الشيعية، بل إننا لو تمعنا ببعض الأسماء المشتركة بين السنة والشيعة لوجدنا في معاني بعضها مخالفة دينية كمثل اسم "محيي الدين " ! وثمة أسماء اختص بها السنة من غير العرب  كقلب الدين وصبغة الله .. إلخ، أما اسم "روح الله " فلا نعتقد بأنه واسع الانتشار عند الشيعة الإيرانيين وهو غير موجود تماماً عند الشيعة العرب في العراق. خلاصة القول أن الناس أحراراً في اتخاذ ما يعجبهم من أسماء ،أما  أن تكون تلك الأسماء رموزاً طائفية يدافع عنها المتنورون أو زاعمو التنوير  ويروح ضحيتها الناس البسطاء من أبناء الطوائف كافة، فهذا أمر لابد من قول الحقيقة بصدده في أضعف الإيمان، وعدم الإصغاء لمن يخلطون الغث بالثمين عمداً ، إذ أن بحثاً نقدياً موضوعياً كهذا، لا علاقة له مثلاً بتخرصات طائفية، كتلك التي برع فيها ساطع الحصري.

إيجابيات محاولة حسن العلوي :

 إن مما يسجل إيجابيا لحسن العلوي في كتابه هو أنه أماط اللثام تماماً وبالوقائع والأدلة عن شخصية هذا الأخير- ساطع الحصري- بوصفه أحد رموز الطائفية السنية بل ربما كان رمزها  الأهم. أن ساطع الحصري المعروف عربياً كمفكر قومي متنور وعلماني  يظهر تحت الأضواء التي سلطها الكاتب على حقيقته كموظف مأزوم قضيته الأولى والأخيرة هي العداء للشيعة الذين يعتبرهم إيرانيين. وقد نال الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري حصة أسدين من سهامه. لقد أقدم الحصري يوم كان مدير المعارف في الحكومة العراقية الملكية على فصل الشاعر الجواهري  من عمله في سلك التعليم لأنه وصف في قصيدة له أحد المصايف الإيرانية الجميلة عام 1927 . وبالمناسبة فقد ارتكب شاعر كوفي آخر " يسمى " أبو الطيب المتنبي  هذه "الجريمة " قبل مئات السنوات حين وصف في إحدى قصائده منطقة جميلة أخرى في إيران هي " ِشعب بوان " ولكن أحداً لم يفصل المتنبي من التاريخ العربي !

 و قد عاد الحصري إلى هذه القضية في مذكراته التي صدرت عام 1968 فكتب فصلاً عن "المدرسين الإيرانيين" في العراق ومنهم محمد مهدي الجواهري في الوقت الذي كان هذا الأخير يتبوأ إمارة الشعر العربي بعد أن ذاع وشاع شعره الحماسي المؤيد لفلسطين في معركتها ضد الحركة الصهيونية ،ومع مصر في معركة السويس، ومع الثورة الجزائرية، ومع نضال محمد الخامس وشعبه  في المغرب الأقصى ضد الاستعمار الفرنسي . إن هذا الاستطراد من قبلنا لا يناقض ما ذهبنا إليه، في مكان آخر من البحث، حول محدودية وهامشية مسألة الاتهام بالأيرنة ، غير أن الموضوعية توجب الإشارة إلى وجود رموز طائفية شيعية أيضاً، ومنهم على سبيل المثال الإقطاعي الكبير عبد المهدي المنتفكي والذي كان زعيماً عشائرياً ووزيراً ملكياً لأكثر من وزارة ، ويمكن اعتباره أكبر مؤدلج للطائفية الشيعية ويشكل هو و الحصري وجهَيْ العملة الواحدة في سوق الطائفية البغيض.

 لقد نظرت الجماهير العراقية، في لحظات صدامها الكبرى مع الاستعمار البريطاني ووكلائه المحليين نظرة يمكن وصفها دون تردد بالعلمانية ، ساوت وطابقت بين رئيس الوزراء نوري السعيد (السني) ورئيس الوزراء الذي حل محله لتمرير المعاهدة الاستعمارية (بورتسموث ) صالح جبر الشيعي حين هتفت بسليقتها الكفاحية : نوري سعيد القندرة.. وصالح جبر قيطانها !

محاولة أحمد الزيدي :

إذا ما تركنا القراءات التاريخية العامة والتي أتينا على ذكر بعض الأمثلة عليها جانباً ، وتناولنا بالفحص والتدقيق بعض القراءات الواردة في كتب متخصصة في شأن محدد من شؤون الحياة والمجتمع وليكن مثلاً متخصصاً بالشؤون العسكرية، فلا نكون قد ابتعدنا كثيراً عن الملامح والسمات العامة والأسس المركزية التي يقوم عليها الخطاب الطائفي الديني، لا بل سنجد، وهذا ما سيلاحظه القارئ معنا، إن نبرة الخطاب تكون عند المتخصصين أكثر حماساً وعدوانية، وفي هذا بعض المفاجأة و العجب ! فالمتوقع والمنتظر أن ينأى ذوو الاختصاص بأنفسهم عن أدلجة المفاهيم والرموز الطائفية ويركزوا جهودهم على دراسة الشأن الخاص الذي بين أيديهم وفق منهجية علمية صارمة كما هو شأن العاملين في ميادين كهذه. إن تعليل هذه الظاهرة، ربما نجد جذوره في أن الخطاب الطائفي، وبخاصة فيما يتعلق بشؤون مؤسسات الدولة، ينحو منحاً بيروقراطياً تأسيسياً بوصفه حامل لنواة مشروع الدولة الطائفية القادمة والتي لابد لها من بيروقراطية متكاملة تقوم على أنقاض بيروقراطية ومؤسسات الدولة الطائفية المهزومة. وكمثال على هذه القراءات المتخصصة، سنقرأ نقدياً كتاباً عنوانه " البناء المعنوي للقوات المسلحة العراقية " ألفه ُضابط شيعي عراقي برتبة عقيد ركن، كان قد انشق على النظام وهرب من الجيش بعد عشرين عاماً من الخدمة فيه، وهو أحمد الزيدي. صدر الكتاب عام 1990، ويبدو أنه ألَّفه خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية، وقبل أن تنتهي الحرب بموافقة إيران على وقف إطلاق النار.

 في السطر الأول من هذا الكتاب ، الذي يقع في 448 صفحة من القطع الكبير، يعلن الكاتب عن ( أن دراسة تاريخ العراق قديمه وحديثه ترتبط بتاريخ الشيعة الذين كانوا وما زالوا يشكلون الجزء الأعظم من سكان العراق)([12]) مؤكداً أن تاريخ الشيعة هو تاريخ الأهوال "والمصاعب والمحن والشدائد التي مرت عليهم وظلت دوماً تلح على ضمير و وعي أبناء الشيعة مولدة إحساساً مريراً بالغبن والإجحاف" منذراً ومحذراً أن كل ذلك قد يدفع (إلى القيام بأعمال تصل إلى حد الانتقام من كل شيء وتدميره، أعمال تشبه الانتحار، الغاية منها الخلاص من الوضع الشاذ الذي يعيشه حتى لو كان الحل هو الموت)([13]) فهل ثمة صفاء نبرة وقوة إنذار وبلاغة وعيد أكثر من هذه الكلمات النارية ؟

  ركائز المحاولة :

لنحاول إجمال مفاهيم الكتاب الرئيسية والمقولات التي يقوم عليها. يعترف الكاتب بوجود الطائفة الشيعية في العراق ، ودون تحديد نوعها بالإثني عشرية، ويرى أن ( الحديث عن حقوق الطوائف ليس إثارة للنعرة الطائفية بل هو في الواقع قضاء على الطائفية )([14]) . وسنعطي هذه المقولة الخطيرة ، والتي تشكل عصب الخطاب الطائفي الأكثر أهمية حقها من المناقشة بعد قليل. ويعتقد المؤلف  أن معركة " صفين " هي الحد الفاصل "بين انحسار المسار الثوري والمنهج الإسلامي الأصيل- والذي مثله الشيعة كما يرى- وبين نهوض حالة الردة التي مثلها معاوية"([15]). وزيادة في الإيضاح ، يفرد الكاتب فصلاً خاصاً وكاملاً ، لأساليب معاوية القمعية بوصفه، من وجهة نظر الكاتب، السلف السني للحكام السنة المعاصرين ، تاركاً ( للقارئ الكريم أن يستنتج بنفسه فيما إذا كانت أساليب معاوية في السيطرة على زمام الحكم قبل حوالي 1400 عام قد تغيرت أم لا ؟ وهل أن الأساليب التي يستخدمها حكام اليوم تختلف في جوهرها عن الأساليب التي استخدمها معاوية؟ )

    إن الإحالات واضحة، ولمن لم يفهم بعد،يضيف الكاتب : ( إن معاوية الذي انتهى قبل وقت طويل ينهض اليوم بتراثه وروحه وعقله في العشرات من أمثاله ) ([16]) لا جديد إذاً تحت شمس العقيد ! فما هي إلا حلقة مغلقة يدور فيها التاريخ ! إن الخطاب الطائفي يتغذى على الأسطورة ومحاولات استدعاء الموتى كما تتغذى دودة القز على أوراق التوت، والسبب واضح فهو- هذا الخطاب- بحاجة إلى جذور، ولا يهم إن كانت وهمية أو مبالغ فيها، وهو بحاجة إلى متعينات تاريخية، حيث : علي بواجهة معاوية، والحسين بمواجهة يزيد . وليتوقف التاريخ والكون عن الحركة التطورية، فلا يهم هذا الخطاب والقائلون به سوى تكريس الماضي كحاضر، والحاضر كجزء صغير من ماضي الطائفة الممتد قروناً إلى الوراء، والمتقدم، رغم أنف التاريخ، نحو بناء دولة الطائفة الجديدة القديمة. هذا هو المآل الحقيقي لحفلة "تحضير الأرواح" التي يقوم بها الخطاب الطائفي اللاتاريخي جملة وتفصيلاً.

   وبعد صفحات عديدة وبتفاصيل لا حصر لها عن معاناة (الشيعة) تارة و (العراقيين) تارة أخرى في ظل الحكم الأموي ولاحقاً العباسي، وصولاً إلى ثورة العشرين ضد الاستعمار البريطاني ، ويلاحظ مكررا ،واحدة من مقولات الخطاب المذكور : ( إن الإنكليز تمسكوا بعد ثورة العشرين  بموقف العداء للشيعة، واعتمدوا في إدارة الدولة على الأقلية السنية الذين استولوا على مقاليد الحكم تحت رعاية الإنكليز الذين أضمروا الحقد لأهل  الجنوب بصورة عامة وأهل الفرات الأوسط بصورة خاصة ) ([17]) وربما تذكر القارئ كلام حسن العلوي، حول مشروع " كوكس/ النقيب " لإنشاء دولة قومية متمذهبة وفق شروط السياسة البريطانية، يهيمن عليها السنة ويقصى عنها الشيعة. ومن الطريف أن مؤلف " البناء المعنوي " لا يذكر شيئاً عن هذا المشروع ولا عن النقيب بل علق في استطراد على الصفحة 285 على أمر شبيه بهذا حين اعتبر ( أن الدكتور سعدون حمادي ، وهو من أعمدة السياسة البريطانية في العراق ) والشخص المذكور من الشيعة الإثني عشرية ومسؤول قديم في الحزب والدولة ، تنسم منصب رئيس الوزراء، بعد عاصفة الصحراء الأميركية .

 

وللحديث صلة في الجزء الخامس ..

 



([1])حنا بطاطو، العراق- الكتاب الأول، ص352. وقد بات معروفاً  الحفيد الآخر لهذه العائلة، المدعو أحمد الجلبي والذي يقود حالياً ما يسمى بالمؤتمر الوطني العراقي الموحد، والذي قام أصلاً على أساس طائفي ، وقد اعتبر موالياً للغرب الإمبريالي وللولايات المتحدة  تحديداً، لدرجة التعاون التجسسي والاشتغال لصالح المخابرات المركزية الأمريكية، كما اعترفت هذه الأخيرة علناً، مقابل أموال طائلة .

([2]) المصدر السابق /ص 390.

([3]) المصدر السابق ص 57 .

([4]) المصدر السابق، 87 .

([5]) المصدر السابق /ص70.

([6]) حسن العلوي / مصدر سابق ص213 و ص253 .

([7]) حسن العلوي، مصدر سابق، ص43.

([8])* يروي (..) وهو أحد كوادر الفرع العراقي لحركة القوميين العرب ويسمي الآن" الحركة الاشتراكية العربية"  ومن عائلة نجفية عريقة في المدينة إن الأجواء التي تلت هزيمة الخامس من حزيران  1967 كانت في مدينة النجف أجواء حزن وغضب، شأنها في ذلك شأن أية مدينة عراقية أخرى، غير أن البعض من رجال الدين ذوي الأصول الفارسية   كانوا يظهرون ابتهاجهم لما حدث، وكان بعضهم يوزع المرطبات مجاناً على الناس، ولولا تدخل بعض العقلاء لحدثت مقابلة بين هؤلاء وبين شباب المدينة من العرب الشيعة  الغاضبين.

* وخلال الحرب العراقية الإيرانية كان طبيب عراقي يعيش مع عائلته في إحدى القرى النائية في الجزائر وكانت آنذاك حرب المدن، أي قصفها المتبادل بالصواريخ ، على أشدها وذات يوم جاءهم شخص عراقي من أنصار أحد الأحزاب الطائفية الشيعية ليبشرهم بأن صاروخاً إيرانياً قد سقط على حي الأعظمية ببغداد والذي يقطنه العرب السنة ولما كان الطبيب الشيعي متزوجاً من عراقية سنية من ذلك الحي وكانت حاملاً فقد أغمى عليها عند سماع الخبر وكاد الطبيب يرتكب جريمة بحق حامل "البشرى" لولا تدخل بعض الضيوف.

* وفي ليلة قصف بغداد من قبل طائرات التحالف الغربي خلال عملية عاصفة الصحراء 1990 وفيما كان أغلب العراقيين في بلاد الغربة يهيمون على وجوههم حزناً وغضباً لرؤية عاصمتهم تحترق وبلادهم تدمر ، شوهدت مجموعة من أنصار أحد الأحزاب الطائفية العراقية يمرحون ويعنون في إحدى ساحات مدينة جنيف وبعد قليل اقتربت المجموعة من العراقي (..) وهو شيعي أيضاً ولكنه  ذو اتجاه سياسي  ماركسي وقال له أحدهم مبتهجاً: لَكْ حرقوها بغداد حرقوها !! فقال لهم المذكور: هل  أنتم عراقيين أم إسرائيليين ؟

* وأخيراً، ومن كتاب- البناء المعنوي- لأحمد الزيدي هذا المثال: في معرض مفاخرة الكاتب بأن هناك نشاط للمعارضة العراقية عامة والأحزاب الطائفية خاصة، يذكر الكاتب خبراً عن وجود مجموعة من العسكريين تشك السلطة بعلاقتها بحزب الدعوة ، تقوم برقع رايات بيضاء كتب عليها: لا إله إلا الله ، خلال هجمات القوات الإيرانية، لإفهامهم أنهم من أتباعهم، ويورد الكاتب نص كتاب مديرية الاستخبارات العسكرية لتأكيد صحة أقواله !؟ والحقيقة فإن إدانة تلك الحرب وتحميل النظام العراقي مسؤولية اندلاعها لا تترتب عليها من - منظار وطني - تسليم الأرض العراقية لمن يجتاحها أو الهروب إلى خنادقه. وقد ورد الخبر على، ص291، من الكتاب المذكور.

([9]) حسن العلوي، مصدر سابق، ص216. أعضاء قيادة حزب البعث التي قادت انقلاب 8 شباط 1963 من الشيعة هم: طالب شبيب ، حازم جواد، محسن الشيخ راضي، هاني الفكيكي، حميد خلخال إضافة إلى مؤسسة فؤاد الركابي ولم يذكر المؤلف أسماء الأعضاء الثلاثة من السنة . وقد ظهرت مؤخرا -ونحن الآن في سنة 2001 - معطيات وشهادات عديدة تؤكد أن السيد فؤاد الركابي كان ضد القيام بانقلاب عسكري وضد اعتماد طريق العنف الفاشي الذي سلكه حزب البعث فيما بعد ، وقد دفع الركابي ثمن موقفه هذا حيث اغتاله النظام وهو في السجن  وبطريقة بشعة  .

([10]) المصدر السابق،/ص 263 .

([11]) جعفر السبحاني / الوهابية في الميزان/  ص420، وما بعدها/ مؤسسة النشر الإسلامي قم- إيران.

([12]) أحمد الزيدي، البناء المعنوي للقوات المسلحة العراقية، ص15،  دار الروضة بيروت 1990.

([13]) المصدر السابق، ص19.

([14]) المصدر السابق، ص19.

([15]) المصدر السابق، ص20.

([16]) المصدر السابق، ص21.

([17]) المصدر السابق، ص56.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظاهرة الطائفية في العرق:محايثة التاريخ والوقائع -الجزء ال ...
- الظاهرة الطائفية في العراق :التشكل الطائفي والرموز . - الجزء ...
- توثيق حول مجزرة الوثبة المجيدة 1948 !
- الظاهرة الطائفية في العراق :المقدمات والجذور - الجزء الأول
- الحصاد المر للتجربة الملكية في العراق :
- دفاعا عن عراقية الشيخ الآصفي !
- ردا على داود السحّاب !
- القاعدة والاستثناء في الغزو الأمريكي القادم للعراق :تفكيك ال ...
- التجربة الإسكندنافية
- تقرير كوفي عنان واغتيال شهداء جنين مجددا !
- تنويه الشيخ الآصفي عودة الى عهد الفتن والفتاوي التكفيرية !
- الفاسية والفاسيون
- يشعياهو يصفع القتلة !
- مجزرة " حي الدرج" في غزة : خطوة أخرى على طريق زوال الدولة ال ...
- للرجال والنساء فقط
- عدالة الذئاب البشرية
- أخلاقيات القتال
- عسكر وحرامية ومناضلون !
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : المقياس الديموغراف ...
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : توسيع كردستان حتى ...


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء اللامي - الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء الرابع