|
أطفال في قلب الحصار !!
عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)
الحوار المتمدن-العدد: 3406 - 2011 / 6 / 24 - 15:25
المحور:
القضية الفلسطينية
ماذا يمكن أن يقال عن سجن شعب بأسره تحت نظام منع التجول الليلي طيلة ست سنوات ؟ ماذا نسمي استهداف الأطفال برصاص القناصة القاتل رداً على حجارتهم ؟ كيف يمكن وصف الحياة في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل بقوة وإحكام ؟ كيف يمكن التفاوض مع حكومة يمينية متطرفة يقودها نتنياهو بالتعاون مع حزب إسرائيل بيتنا الذي لا يقل عنه تطرفاً وصلفاً ؟ وحتى لو فازت حماس في الانتخابات فكيف يمكن لأي عاقل أن يتفهم العقاب الجماعي الخانق على شعب بأسره ؟
الإسمنت وكافة المواد الأولية اللازمة للبناء ممنوعة من الدخول ما يعني انعدام فرص العمل لعشرات الآلاف من العمال. مئات الورش التي تعوز المادة الخام لكي تعمل تم إغلاقها. مصانع الحياكة، منتجات الأثاث، المنتجات الزراعية، صناعة الخيرزان، وخلاف ذلك، تم إيقاف العمل بها، ما أدى إلى تفاقم نسبة البطالة بمعدل يفوق الـ 45 % حسب ما أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأنروا.
إن الرسالة التي تود إسرائيل إيصالها إلى الشعب الفلسطيني في غزة لن تصل على الأرجح، ذلك أن حماس بالمقابل قدمت للناس خدمات جليلة بإنهائها لمظاهر الفلتان الأمني وانعدام الأمن بما في ذلك القضاء على ظاهرة العشائرية المسلحة، وأغلب الناس يعرفون ما الذي تعنيه مفردات القضاء على الفلتان الأمني.
إسرائيل هي المسؤول الأول عن تفاقم نسبة البطالة إلى هذه الدرجة المخيفة، فلو نحينا جانباً مسألة دخول العمال لأسباب أمنية، فكيف نفهم منع الإسمنت والمواد الأولية اللازمة للبناء بمنطقة أصبحت تضج بساكنيها وتحتاج إلى آلاف الشقق للأزواج الشابة ؟! أين حقوق المدنيين تحت الاحتلال كما نصت عليها اتفاقات جنيف ؟! أم أن إسرائيل صدقت كذبتها بأن غزة " أراض أجنبية " فيما تقوم باحتلالها بحراً وجواً وتقوم بالاجتياح البري كما يحلو لها ؟!
قطاع غزة يتكون الآن من فئتين لا ثالث لهما، فأما الأولى فهي موظفي سلطة رام الله أو سلطة حماس أو المجتمع المدني أو الأنروا وجميع هؤلاء يحصلون على رواتب تقيهم شر الجوع في مستوى معيشة مرتفع نظراً للأسعار الباهظة التي يفرضها المهربون عبر الأنفاق، أما الفئة الثانية فهي فئة العمال الذين كانوا يرتزقون من داخل إسرائيل وعددهم حسب إحصائية عام 2000 يفوق 120 ألف عامل وهؤلاء لا يجدون ما يسد رمق أطفالهم، بل إن معظم أطفال هؤلاء العمال لا يتقاضون المصروف اليومي الذي يتقاضاه أبناء الموظفين مما يولد حقداً طبقياً لا سابق له !
وكالة الغوث تقوم بتوزيع وجبة غذائية يومية على جميع طلبة المدارس بلا استثناء لدرجة أن نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال – وخاصة ضعاف التحصيل – يأتون إلى المدرسة من أجل الحصول على تلك الوجبة. لكن ماذا لو أعلنت المدرسة عن القيام برحلات لا يتعدى مجالها عشرة كيلو مترات ؟ أطفال العمال لا يستطيعون التسجيل لأنهم لا يملكون ثمن رسومها. ثم حدث ولا حرج عن مرض هؤلاء الفقراء، فهم مكرهون على قبول ما تجود به مشافي الحكومة والوكالة حيث تعلن مشافي الحكومة والوكالة عن نفاذ الدواء في الأيام الثلاث الأولى من الشهر في حين أن هذه الفئة لا تملك بطبيعة الحال أية نقود تمكنهم من الذهاب إلى العيادات الخاصة التي تحتاج لمبالغ باهظة لا طاقة لهم بها !! ثم ماذا يفعل هؤلاء الأطفال لمساعدة ذويهم على الحصول على المال ؟! إنهم يقومون بالعمل على عربات الكارو التي يجرها حمار لكي يذهبون إلى المناطق الشرقية الخطرة لكي يحملون بقايا قطع الباطون جراء قصف منزل هنا أو هناك. هذه القطع تباع إلى مصانع لدكها وإعادة تحويلها إلى طوب مصنع يستخدم في البناء لأن إسرائيل تمنع دخول حصى البناء !! بعض هؤلاء الأطفال قتلوا أثناء جمعهم لقطع الطوب بحجة الاشتباه بأنهم يزرعون عبوات وكأن عدسات المراقبة الإسرائيلية التي ترى حركة النملة في جحرها أصبحت عمياء !! قسم آخر من هؤلاء الأطفال يعملون كباعة متجولين على شاطيء البحر بصورة محزنة جداً، فهم يرون ويراقبون بأعينهم الأطفال المصطافين مع ذويهم القادرون على دفع متطلبات الاصطياف. ألا يتساءل هؤلاء الأطفال في كل لحظة، لماذا لا أصطاف مثل هؤلاء بدون القيام بالمشي طوال النهار لقاء مبالغ زهيدة ؟!
لقد تحولت حياة هؤلاء العمال وأطفالهم إلى جحيم لا يطاق لا يمكن وصفه بالكلمات، بينما إسرائيل لا تريد أن تتحمل أي مسؤولية أخلاقية تجاههم، والأصل أن إسرائيل لديها قاعدة البيانات الكاملة من خلال تصاريح العمل التي كانت تمنحها لهؤلاء بحيث يمكنها إرسال ( من خلال الأمم المتحدة ) مستحقات بطالة معقولة لهم باعتبارها الجهة التي سببت لهم ولأطفالهم الألم والمعاناة.
#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)
Abdallah_M_Abusharekh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تهانينا للإسلاميين !!
-
عن التفكير الناقد
-
متى نعترف بالتخلف وأسبابه ؟!
-
عن أوهام الإعجاز العلمي مجدداً
-
يهودية الدولة هي المشكلة الحقيقية !!
-
لماذا تقدم المسلمون في العصر العباسي الأول ؟!
-
النكبة: عذاب يستمر وجذوة تشتعل !
-
جرائم الفكر السلفي قتلت أمة بأسرها !
-
الدماغ Brain والعقل Mind .. ما الفرق ؟!
-
أي مستقبل للسلفية الجهادية ؟!
-
مصر الجديدة وغزة ومجرد سؤال
-
في الأول من أيار: الحركة العمالية والربيع العربي
-
سيف التفكير وسيف التخوين
-
على إسرائيل أيضاً أن تتغير !
-
العرب بعيون يابانية: متدينون جداً .. فاسدون جداً !!
-
إسرائيل ليست علمانية ولا ديمقراطية !
-
تاريخ الإسلام لم يعرف التداول السلمي للسلطة
-
عارٌ في غزة !!
-
ملاحظات انتقادية لحكومة حماس
-
نفس التفاهة الإسرائيلية
المزيد.....
-
بمناسبة عيد الحب.. عرض إهداء براز أحد الحيوانات لحبيبك الساب
...
-
نائب أمريكي لـCNN: خطة ترامب -فضحت نفاق العالم العربي-.. وعل
...
-
الداخلية الروسية تحدد الشروط الإلزامية لدخول الأجانب إلى روس
...
-
عضو بالكونغرس: بايدن أنفق 10 ملايين دولار على تحويل الفئران
...
-
مصادر أمنية: قوات كييف تنقل جزءا من قواتها من دونباس باتجاه
...
-
كيث كيلوغ: الصراع في أوكرانيا لن ينتهي إلا بمفاوضات بين موسك
...
-
إيلون ماسك يحذر الجيش الأمريكي
-
خبير عسكري: المقاتلات الروسية تتفوق على ميراج 2000 الفرنسية
...
-
-الإجابة بسيطة-.. مصر ترد على إسرائيل بعد تصريحات بشأن تسليح
...
-
مسؤولون بالجيش الإسرائيلي يشككون بخطة ترامب لتهجير سكان غزة
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|