|
احوال المسيحيين في كردستان العراق واوهام سليم مطر المريضة
سردار عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 1015 - 2004 / 11 / 12 - 07:35
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
((يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)). صدق الله العظيم
كيف لشخص يعيش في كوكب آخر ،او في مجرة غير مجرتنا ويحمل لها قدر هائل من الضغينة والكراهية ان يكوّن نظرة تتسم ولو بالحد الأدنى من الموضوعية؟ ومن ثم كيف يحق لنا ان نعاتبه على جهله، اوكيف سنتمكن من ايجاد الأسس السليمة للدخول معه في جردة حساب عادلة؟ اخشى ان اقول ان ذلك الأمرعلاوة على استحالته ، ربما ينحدر بنا الى مستويات غير لائقة ، وهو ما ندعو الله ان يبعدنا والمؤمنين عن طريقه . لكن الذي ربما يجب ان يعاتب او على الأقل يلام على مثل هذه المظالم التي ارتكبها سليم مطر في مقاله المعنون(من يريد طرد مسيحيي العراق والشرق الأوسط) في عدد(يوم الأحد المصادف ل 7/11/2004) من جريدة (القدس العربي) هم اهل الجريدة والقائمين عليها . في الحقيقة لا يوجد في (المقال) المذكور ما يستحق الرد عليه ، لسبب بسيط جدا وهو من الصعب تسميته بالمقال اذ هو اقرب لائحة اتهامات لاتوجد إلاّ في خيال سليم مطر المريض والبعيد كل البعد عن الحقائق وما يجري على ارض الواقع . نستطيع ان نلوم الأخوة في القدس العربي على نشر مثل هذه المظالم ، لا لأنها تحمل آراءاً وافكار هدامة لا تخدم شعوب المنطقة وخاصة ابناء العراق ، بل لأنها ايضاً مليئة بالمغالطات والمعلومات الخاطئة والغير دقيقة . يمكننا كقراء ان نتقبل نشر آراء بعيدة كل البعد عن التسامح والتعايش السلمي الأخوي ، ولكن من الصعب علينا ، بل من المستحيل تقبل نشر اكاذيب ومغالطات بعيدة عن الواقع الغرض منها تشويه الحقائق وربما لغرض في نفس يعقوب . على سبيل المثال لا الحصر ، اليكم هذه الأمثلة: 1/ يؤكد الأخ سليم مطر وبثقة عالية ((توطين عشرات الآلاف من اكراد ايران وتركيا وسورية.))طبعا يقصد توطينهم في كركوك ، وهذا الكلام لا يتجاوز في احسن حالاته مجرد اكاذيب لااساس لها من الصحة ، ولا يمكن اجراء مثل هذه العمليات دون لفت الإنتباه . كلام من هذا القبيل يحتاج الى ادلة تؤكد صحته. لكن اخطر ما في مثل هذه الأقاويل هي محاولة نفي عمليات التطهير العرقي التي مارسها نظام صدام البعثي ضد التركمان والكرد من ابناء كركوك الحقيقيين ، وإلاّ فأين اختفت آلاف العوائل التركمانية والكردية التي رحلت وبصورة قسرية من بيوتها في كركوك ؟ هل دفنوا هم ايضا مع عشرات الآلاف خلال جرائم الأنفال؟ والمصيبة الأعظم تكشف عن نفسها عندما يقوم الأستاذ مطر بالدفاع عن سياسات التطهير العرقي التي مارسها نظام صدام في كركوك ، وفي كردستان بصورة اوسع. ياعزيزي، لا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنة الأكراد المنتشرين في في بقية مناطق العراق بحالة العرب الذين رحلوا من مناطقهم الأصلية واسكنوا في مناطق من كردستان نتيجة لسياسة مدروسة مارسها النظام بهدف تغيير الواقع الديموغرافي لكركوك ، واضيفكم علما بأن عدداً كبيراً من هؤلاء الأكراد المنتشرين في باقي مناطق العراق قد اسكنوا هذه المناطق قسراً في بداية واواسط السبعينات من القرن الماضي ضمن نفس سياسية التطهير العرقي الهادفة الى ابادة الكرد وانهاء وجودهم كشعب وكهوية وكثقافة، وانا وعائلتي والكثير من اقاربي كنا ضمن آلاف العوائل التي رحلت قسراًالى جنوب العراق بهدف اذابتنا داخل محيط عربي، ولكن انقلب السحر على الساحر فبدلاً من ان يقوم العرب في الجنوب بتنفيذ تلك السياسة الإجرامية ، تلقونا كأهل وبأحضان ملؤها الحب والكرم والأنسانية الصادقة فلم نشعر ولو للحظة بأننا اغراب ، بل ادت هذه المعاملة الإنسانية الراقية الى إفشال المخطط الصدامي ، وزادت من رصيد كلا الشعبين من اقارب واحباب، وانني لازلت احتفظ بأجمل الذكريات من تلك الأيام العصيبة التي حولها لنا اهلنا في الجنوب الى ايام نتذكرها بكل خير ومحبة. ولم يؤدي ولن يؤدي وجود هؤلاء الأكراد في اية منطقة مناطق العراق الى تغيير الواقع الديموغرافي لتلك المنطقة. 2/ يتهم الحزب الشيوعي العراقي بالتواطؤ لإخضاع المسيحيين لسلطة ما يسميه (البعث الكردي) ، ويصور انضمام كبار مناضلي المسيحيين الى النضال العادل من اجل اسقاط الديكتاتورية في العراق وتحقيق الديمقراطية للعراق وحق تقرير المصير لشعب كردستان ، كجزء من هذه المؤامرة ، ويتناسى انه بذلك يتجاوز على حرمة مناضلي العراق وقدسية وعدالة القضية التي وهبوا لها لها انفسهم، ترى من اعطاه الحق للتجاوز على محرمات العراقيين ومقدساتهم، وذكرى كبار مناضليه وخيرة ابنائه ؟ 3/ يؤكد على أن استشهاد المرحوم (فرانسوا حريري) كان ((تدشيناً معلناً لتصفية العناصر السريانية المؤثرة في شمال العراق)) وهو يتهم القيادات الكردية علانية بهذه الجريمة النكراء. والكل يعلم بأن اليد الآثمة التي اغتالت القيادي الشهير في حزب البرزاني كما يقول ، هي القوى الإرهابية التي اعلنت فيما بعد انتمائها الى القاعدة واسست تنظيم انصار الإسلام الإرهابي ، وواضح جدا ان المستهدف الرئيسي لهذه التنظيمات الإرهابية هو القوى الكردية وقياداتها ، وجريمة العيد الكبير التي راح ضحيتها كوكبة من خيرة قيادات الأحزاب الكردية التي كانت تتمتع بسمعة عالمية ، هذا بالإضافة الى عشرات المدنيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم ، هي اكبر دليل على غرق سليم مطر في اوهام تصوراته المنطلقة من كراهية غير طبيعية للسلام والتسامح وكذلك للكرد . لا يمكن لأي كان ان يسمح لنفسه بإطلاق مثل هذه الإتهامات إلاّ اذا كان يمتلك الأدلة الملموسة والقاطعة على صحة اتهاماته ، وانا اضع الأخ سليم مطر امام مسؤولية اعلان هذه الأدلة وإلاّ فإننا لانستطيع ان ننفي عنه تهمة التواطؤ مع ما يسميه بالبعث الكردي والإتفاق معهم على اخفاء هذه الأدلة . بعد ان اظهرنا امثلة قليلة على عدم صحة المعلومات التي فبركها خيال سليم مطر العدائي وبعدها المطلق عن الواقع، هل يمكننا الآن ان نسمح لأنفسنا بأن نشغل القراء بمناقشة آراء واتهامات تستند الى مثل هذه الأكاذيب ؟ وأسأل الأخوة في جريدة (القدس العربي) كيف تسمح صحيفة محترمة تحترم الحقيقة وتحترم قراءها بنشر مثل هذه الأكاذيب ؟ ان المشكلة الأساسية لا تكمن في وجود مؤامرة كردية – اسرائيلية لإفراغ العراق والشرق الأوسط من المسيحيين كما يدعي ، بل تكمن في غرق الأخ سليم مطر في مرض العدائية العمياء لكل ما يمت الى الكرد بصلة ، فلا استبعد ان يطلع علينا بعد ايام بلائحة اتهام جديدة يتهم فيها الأكراد بالضلوع في مشكلة دارفور ، او ربما المذابح العرقية التي ارتكبت في رواندا او البلقان ،ولماذا نذهب بعيداً وهاهي احداث جمهورية ساحل العاج جاهزة ، ودائماً بتواطؤ اسرائيلي جاهز طبعاً . يحق لنا ان نتساءل ، ترى لماذا تناسى الأخ سليم مطر ان السلطات الكردية تكن احتراماً شديداً للمسيحيين ولكل الطوائف الموجودة في كردستان ، وخير دليل على صحة هذا الكلام هو تمتع المسيحيين في كردستان بكافة حقوقهم وممارسة خصوصياتهم وشعائرهم الدينية وتقاليدهم وعاداتهم الإجتماعية ؟ ثم كان عليه ان يذكر ولو انصافاً ، ان هذه الطائفة تمتعت بعد تحرير جزء من كردستان العراق من سيطرة نظام صدام في انتفاضة آذار 1991 بكافة حقوقها السياسية ، فخصصت لها خمسة مقاعد نيابية من مجموع (105) مقعد تشكل منها المجلس الوطني الكردستاني . هذا علاوة على مشاركة الأحزاب السياسية الممثلة لهذه الطائفة في كافة الحكومات التي تشكلت بعد اجراء انتخبات البرلمان الكردستاني عام 1992 . وقد استوزر في هذه الحكومات العديد من ابناء هذه الطائفة كان ابرزهم الأخ (يونادم يوسف كنا) الذي اصبح فيما بعد عضواً في مجلس الحكم بعد سقوط صدام . ألا يندرج اخفاء مثل هذه المعلومات والحقائق ضمن عملية غش تمارس على القاريء ؟ فليس الكذب قول ما ينافي الحقيقة والواقع فقط ، بل ان الكذب الأكبر هو إخفاء هذه الحقائق عن الناس. وكما نرى وللأسف فإن جهل الأخ سليم مطر لم يصب قوماً واحداً كما تقول الآية الكريمة ، بل اصابت العديد من مقدسات العراقيين ومحرماتهم ، فهل يمكن ان يسمو على احقاده يندم على ما أصاب به المؤمنين من دون وجه حق ؟ للأسف اشك في ذلك ، ولكن لايسعني إلاّ ان ادعو له بالهداية والمغفرة . على انني متأكد من ان الأخوة القائمين على (القدس العربي) ومن منطلقة الحرص والشعور بالمسؤولية الأخلاقية ،تجاه الحقيقة وكذلك تجاه قراء الجريدة اصبحوا الآن من النادمين وانني ارى هذا ارقى درجات الشعور بالمسؤولية والبشر خطاءون بطبعهم . وهذا يدعونا الى نأمل من هذه الجريدة على ان لاتقع في المستقبل فريسة نبأ يجيء بها فايق ، واذا جاءهم فرجاءنا هو ان يتبينوا كي لا يصيبوا قوما من المؤمنين ويمكن ان يكون لهذا الحديث تتمة ، ان شاء الله.... • كاتب سياسي من كردستان العراق
#سردار_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استهداف مكتب العربية عين لا تحتمل رؤية الحقيقة
-
تصريح للناطق الرسمي بأسم المؤتمر الوطني العراقي في كوردستان
...
-
كردستان تشرك معها العالم في الإحتفال بكذبة نيسان
-
تصريح رسمي للناطق باسم المؤتمر الوطني العراقي في كردستان
-
من نواجه في كركوك؟
-
على من تجاوز سعدي يوسف على الطالباني ام على نفسه؟
-
استقراء الواقع بادوات جديدة - العلاقات العراقية التركية ودور
...
-
اعادة صياغة العلاقات العراقية العربية - مجلس الحكم المؤقت وج
...
-
حملة علاء اللامي على العراق ما الهدف منها والى اين يمكن ان ت
...
-
معارك وهمية في انتخابات نقابة الصحفيين - هل يمكن قيام الديمق
...
-
نزيف الدم الليبيري بين صمت العالم والتردد الأمريكي
-
اخبار ومقالت منشورة في (النبأ)الصادرة صباح اليوم بمدينة السل
...
-
قراءات - هل تظل الدوامة السارترية تلف بعضهم إلي الأبد؟ - سير
...
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|