|
أن تكون فيلسوفًا!
الاخضر القرمطي
(William Outa)
الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 20:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العنوان الاصلي للمقالة : How To Be A Philosopher كتابة: إيان رافنسكروفت - Ian Ravenscroft ترجمة: وليم- الاخضر القرمطي 1- ماذا ترتدي نادرا ما إهتم الفلاسفة بموضوع الثياب. وهذه قد تكون مصدرا للذة الجمالية ، وقليلٌ من الفلاسفة يعارض بصلابة اللذة. (انهم قد يعترض على ملذات تُشترى بثمنٍ غالي ، و قد يعترضون على إطاء اللذة قيمة تفوق قيم أخرى مثل العدالة ، لكنهم نادرا ما يعيبون اللذة التي تُشترى او تُقدَّر بشكل دقيق .) ومع ذلك ، هناك اختيارات للملابس تتعارض مع الروح الفلسفية. الفلسفة هي بالاساس شأنُ مضادٌ للسلطة ، أو على الأقل ، هي لا تقر الا بسلطات العقل، والحجة والأدلة.إن السلطات المريبة للجمهور ، والدين ، والدولة ، مع ميولها لاستدعاء الطاعة العمياء ، هي على النقيض من المسعى الفلسفي. ومن الملفت للنظر كم من الفلاسفة ، من سقراط إلى آبيلارد حتى راسل ، واجه مشاكل مع -- والمضطربة -- السلطات الدنيوية. أحد الأشياء المثيرة للاهتمام حول السلطات والأنظمة السلطوية هو افتتانها بالبزّات النظامية وألبسة اللعب المتأنقة. من قميص الفاشية البني وصولاً الى أغفورة الاسقف الأرجوانية ، تمتلك السلطات جاذبية فتشية fetishistic نحو الخياط وصانع القبعات. بعض البزّات الموحدة، كقميص لاعب كرة القدم، تخدم كوظيفة تسهيل لإختيار أدوارٍ معينة.لنضع هذه القضايا جانبا ، إذا كنت تجد نفسك ميالاً إلى ارتداء زي نظامي موحدّ ، أو ما هو أسوأ ، أن تفرض ذلك على الآخرين ، قد ترغب في إعادة النظر في أوراق اعتمادك الفلسفية. 2-ماذا تأكل يأكل الفلاسفة كل الاصناف، تمامًا مثل اي شخص آخر. ولكن هناك ميل قوي نحو النباتية، على الاقل في الفلسفة المعاصرة الناطقة بالانكليزية. هذا الى حد كبير وقوعٌ تحت تأثير بيتر سينغر Singer. أقنع سينغر العديد من الفلاسفة بأن استهلاك اللحوم هو،الى حد كبير، خطأ أخلاقي. لا ينفي ان تناول اللحوم هو مصدر لللذة وللبروتيين، ولكن يصر على ان ما نجنيه من أكل اللحوم يبقى بالمطلق دون قيمة الحيوانات. إن ألم الحيوانات هو مصدر فائدتنا، وهذا امر غير مقبول. 3- ماذا تحتسي اي شيءٍ تريده. ولكن وللصراحة، هناك افضلية مطلقة بين الفلاسفة لتفضيل النبيذ الاحمر والقهوة. هناك قول لاتيني شهير " in vino veritas’" يُنسب للكاتب الروماني بليني الكبير. ويعني ان في النبيذ تكون الحقيقة. اي من يشرب كثيرًا من كؤوس النبيذ من المحتمل ان تتكشف طبيعته الحقة. لاحظ الفيلسوف الاسترالي جون بيغلوو بسخرية مرة ان في الكافيين تكون الحقيقة in caffeina veritas’ .بلا ريب أجد ان القهوة الجيدة تجعل عصّارتي المعرفية تتدفق!. 4-ماذا تقرأ لكي تكون فيلسوفًا جدًا، عليك بقراءة الكثير من الفلسفة الجيدة. يقدّر آندرز إريكسون، وهو خبير في كيفية ان يُصبح المرء خبيرًا، أنك ستكون بحاجة لحوالي 10000 ساعة تمرين لتصبح خبيرًا حقيقيًا في معظم الحقول. في الفلسفة، يتضمن التمرين (الذي لا ينضب) تفاعلاً مع العقول الفلسفية العظمى. والطريقة الفضلى للقيام بذلك- وللعديد من الفلاسفة هي الطريقة الوحيدة- هي قراءة مؤلفاتهم. أحيانًا، ما تبغي معرفته يكون مخفيًا في كتاب ممل إستثنائي، في هذه الحالة عليك أن تصرّ اسنانك ونبدأ بالحراثة. معظم الاحيان،ورغم ذلك، من الأجدر ان تكون كطائر العقعق. إقرأ ما يلفت اننباهك. إن تبيّن ان كتابًا فلسفيًا بدا مملاً او غير ذات صلة، او انه ليس جيدًا كفايةً، ضعه جانبًا وجِد ما هو أفضل لتقرأه. على مدى السنوات العشرين الماضية انتشر عدد كبير من المعاجم الفلسفية والكتيبات وأدلة الدراسة. يمكن لهذه أن تكون مفيدة للغاية ومسلية جدًا. ثلاثة من المفضلة لدي هي دليل بلاكويل لفلسفة العقل تحرير Guttenplan صموئيل ، وقاموس أكسفورد للفلسفة لواضعه سايمون بلاكبيرن ، وموسوعة ستانفورد في الفلسفة (على الانترنت)، التي حررها Zalta إدوارد. دللّ نفسك! 5- بما تفكّر حين لم أكن متخرجًا بعد أُخبِرت بأن الفلسفة تُعنى بالحقيقة، بالجمال، وبالله. أقف عند هذا،الآن، وأراه غير مفيدٍ ابدًا. إنه ضيّق جدًا. هناك العديد من المحاولات الفكرية التي لا يستطيع الفيلسوف ان يُعنى بها يُثمِر شيئًا. تمنح كل العلوم الطبيعة والاجتماعية أرضًا خصبةً للفلسفة؛ كما ايضًا الفنون، الأدب، السياسة، التاريخ والشؤون الجارية. نجد هنا لائحة انتقائية ،الى حد ما، من قراءتي الأخيرة: تتفاعل في فكر كيم سترنلي Kim Sterelny بشكل مثمر البيولوجيا التطورية والعلوم المعرفية في مؤلفه "عالمٍ عدائي". تُخبر سوزان هُرلي Susan Hurley بعض الامور الهامة حول أصول السلوك العدواني في بحثها "التقليد، عنف وسائل الاعلام، وحرية التعبير"؛ تلفت مارثا نوسباوم Nussbaum النظر الى الوظيفة المعيارية للأدب في كتابها "عدالة شعرية"؛ وقد كتب جوناثان غلوفر Glover "الإنسانية، تاريخ اخلاقي استثنائي في القرن الشعرين" يرفض بعض الفلاسفة الانخراط في مجال بحثٍ علمي يتصل بمجال اهتماماهم. إن نتيجة غرابة موقف كهذا (او تفكيرٍ أعمى كهذا) تبدو احيانًا مضحكة، وبين الفينة والفينة تبدو مأساوية، ولكنها نادرًا ما تكون عميقة. هناك ايضًا الفلاسفة الذيت تطغى عليهم قوة العلم لدرجةٍ يهزأون فيها من نظامهم الفلسفي الخاص. وهذا قد يقود الى المأساة او الملهاة ايضًا. ونادرًا ما يقود ذلك الى اي شيء اعلى قيمة من العلم الذي يجري تقليده. كثيرًا ما ادهشني ما يمكن لفيلسوفٍ جيد حقًا أن يقوم به بخصوص موضوعٍ لم يجري تناوله من قبل كموضوع للتفكير الفلسفي. تبدو مقالة هاري فرانكفورت "حول الهراء Bullshit" مثلاً جميلاً. هناك منحى وحيد للتفكير بهذه المقالة وكانها إختراق لنقاش حول موضوع لم يتناوله افلاطون، ميل او نيتشه. ولكن وبمنحى آخر، تبيّن مقالة "حول الهراء" كيف لشخص بمستوى فرانكفورت ان يتمكن من تنقية تقليد فلسفي في بضعة الاف من الكلمات-- بعد كل شيء، إن تاريخ الفلسفة هو تاريخ معارضة الهراء. لم يتحمّل سقراط مثلاً الهراء، ولم يكن رحب الصدر مع أصحاب الهراء: بمعنى آخر، فضح سقراط بدون شفقة المغفلين الذي قدّموا انفسهم على انهم مراجع معرفية. إعتمادًا على رواية واحدة، قبِل سقراط حكم آلهة دلفي بانه كان احكم رجال عصره فقط بعد أن عرِف أن حكمته تكمن في إدراكه عمقَ جهله. 6- كيف تفكّر يحق لك في الفلسفة ان تحمل الرأي الذي تريده، طالما بإمكانك دعمه بحجة جيدة. في كتابه "تعددية العوالم"(1986)، يدافع ديفيد لويس ببراعة عن وجهة نظره الفاضحة بالظاهر حول أن هذا العالم ليس سوى واحدًا من عدد لامتناهٍ من العوالم. وبمهارةٍ، يؤيد بول شرشلند Churchland النظرة التي، وعلى عكس الحس المشترك، ترى ان لا أحد يعتقد او يرغب بأي شيء، فالمعتقدات والرغبات ليست موجودة.(انظر "مجلة الفلسفة" 78). على عكس الصورة الشائعة، لا يجلس الفلاسفة لمجرد تبادل الافكار والسجال. فمن الصعب العثور على حجة جيدة. ويستلزم الامر تمرّس لتملّك المهارة في الحكم على درجة تدعيم المقدمة المنطقية وخطوات حجة يتزود بها الاستنتاج. كي تتحصل بإمتياز على الممارسة المطلوبة فما عليك الا ان تتآلف مع حجج فلاسفة الماضي العظماء. 7- عمّا تتكلم... ينصحنا الموسيقي البريطاني الرائع تياندر سينغ Tjinder Singh عضو فرقة Cornershop، بأن نشرب (الكحول) على شرف اصدقائنا كما خصومنا لأنهم "يبقون قلب الشباب يتحرك حيًا". والتحدث بشؤون الفلسفة مع أصدقائك ومع خصومك هو وسيلة رائعة للبقاء شابًا. وقد امضى أفلاطون حياته يقوم بذلك.( ويبدو أنه أحبّ المصارعة ايضًا!). إن الحجج- الاشتقاقات العقلية للإستنتاجات من المقدمات المنطقية- هي محورية في الفلسفة. ولكن وبمعنى آخر، تكون الحجج -كـتبادلات حيوية للأفكار، شفاهيًا ام كتابةً- شائعةً جدًا في الفلسفة. يكون التبادل النشط للأفكار مركزيًا للوصول الى الحقيقة؛ وهؤلاء الّذين يغفلون عن الحقيقة يميلون الى أن النفور من الحجج. من المثير للإهتمام، إتهام كريستوفر هيتكنز Hitchens وريتشارد داوكينز Dawkins وغيرهم من مؤيدي "الإلحاد الجديد New Atheism"، إتهاهم غالبًا بانهم عدوانيين. قد يكون من الأنسب القول انهم لا ليسوا بخائفين من "عراء وإنحدار" الحياة الثقافية.وعلى ما أظن، فإن هؤلاء الذين يتهمونهم بالعدوانية، هم توّاقون الى تجنّب الفحص العلني المتعب لمعتقداتهم. لذا، كن جاهزًا للقليل من النقاش الحاد، فهذا لن يقتلك، وقد يحسّن فهمِك! 8- أن تمرَح إستمتع!. إتُهِم مرةً الفيلسوف الاميركي العظيم-الذي يهوى النكات- جيري فودور Fodor بأنه لا يتعامل مع الفلسفة جديًا.أجاب بانه يتناولها بشكل جدّي، ولكن لا يأخذ نفسه على محمل الجد! بكل دقّة! 9-أن تحيا وان تموت قد يكون للففلسة منفعةً ضئيلة إن لم تساعدنا على ان نحيا بدون ان نخون قيَمَنا وعلى ان نموت بدون خوف. مثلاً، لقد رفض كل من ديوجين، سقراط وفولتير، وبشكل مذهل، المساومة على قيَمهم. ويُقال ان الاسكندر(المقدوني) الكبير، داعية الحرب، القاتل، والسكّير، قد طلب من ديوجين السينيكي (المتهكّم) إن كان بإمكانه ان يقدم له اي خدمة. وقد ردّ ديوجين، الذي كان "يتشمّس" حينها :" الرجاء إبتعد عن شمسي"!. لقد قُتل العديد من الفلاسفة وهم غير خائفين. سقراط هو النموذج القديم الذي شرب السم بهدوء بعد ليلةٍ من النقاش الفلسفي. بين الفلاسفة الحديثين، كان لديفيد هيوم رباطة الجأش ليواجه الموت مثيرًا الاحباط والخجل لمنتقديه الكنسيين. أكافح يوميًا ضد المساومة، ولا أنجح دائمًا في مهمتي. وما زال علي مواجهة الموت بأية طريقة جدية. عبر كل من الممارسة والامثلة، تمنح الفلسفة درجات من الصلابة لعزيمتي، ......إختبر ذلك!
#الاخضر_القرمطي (هاشتاغ)
William_Outa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمة لفينومينولوجيا الموسيقى
-
الحركة الزاباتيستية: 17 عامًا من النضال
-
التناقضين الرئيسي والثانوي-الحزب الشيوعي اللبناني-الأحداث في
...
-
كيف تكون ثوريًا؟
-
رسالة الى الحيّ مهدي عامل
-
كلمات حول -ثورة الغضب- المصرية
-
التأهيل الثوري
-
ماركس وتاريخ الفلسفة
-
في راهنية الماركسية: النقد
-
الوقوع في فخ الفكر السياسي البرجوازي (نموذج الشيوعيين اللبنا
...
-
التربية الثورية بمنظور فريري
-
-غربلة- الماركسية
-
ان تكون قوميًا او ماركسيًا امميًا!
-
التربية كجهاز طبقي
-
الصراع على الماركسية
-
حول الاغتراب والماركسية
-
نعم، نناضل من أجل الاشتراكية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|