أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - هكذا تكلَّم الرئيس بشار!















المزيد.....

هكذا تكلَّم الرئيس بشار!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 15:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في "الشكل" من خطابه، عاب عليه بعض المعارضين الشكليين استمراره في تجاهُل، أو نَبْذ، فكرة مخاطَبَة الشعب "مباشَرةً"؛ فالرئيس بشار الأسد خاطَب شعبه (و"الهاء" في "شعبه" أصبحت الآن ضميراً منفصلاً، يزداد انفصالاً) عَبْر جَمْعٍ (مصطفى ومختار) من السوريين في جامعة دمشق؛ فلماذا؟

في الإجابة، إيَّاكم أنْ تسيئوا الظن، وتَزْعموا أنْ ليس للرئيس بشار شعب خاصٌّ به حتى يَخْطُب فيه؛ فإنَّ مئات الآلاف من أعضاء حزب "البعث"، وموظَّفي الدولة بأجهزتها ومؤسَّساتها ومنشآتها المختلفة، مع عائلاتهم التي تضمُّ كثيراً من الأطفال أيضاً، يمكن أنْ يَخْرجوا (أي يُخْرَجوا) في مسيرات، وأنْ يحتشدوا ويتجمَّعوا (وبعضهم من رجال الأمن والعسكريين الذين تَزَيُّوا بالزِّي المدني) في ميدان فسيح في العاصمة دمشق؛ ويمكن، من ثمَّ، أنْ يجيئهم الرئيس بشار بغتة، ليُلْقي خطاباً فيهم؛ لكنَّ "الدواعي والاعتبارات الأمنية الصَّرف" هي التي تَحُول بينه وبين هذه الزيارة للشعب الخاص به؛ ولا تَسْتَصْغِروا حجم الشرِّ الذي يُضْمِره "المتآمرون"، الآن، للرئيس!

أمَّا أنْ يُوجِّه الرئيس بشار خطاباً إلى الشعب من مكتبه (في القصر الرئاسي) فهذا اقتراحٌ لا يستحسنه الرئيس نفسه، ولا شركاؤه في الحكم؛ فهل يبقى من أهمية للخطاب (وملقيه) في غياب جمهورٍ (مصطفى مختار) من المؤيِّدين الذين يهتفون ويصفِّقون، يَقِفون ويَجْلِسون؟!

إنَّه اقتراح لا يقترحه إلاَّ كل من يتوهَّم، أو يريد إيهام غيره، أنَّ الخطاب بحدِّ ذاته، أو بمضمونه السياسي، من الأهمية بمكان، فيمكن، من ثمَّ، الاستغناء عن هذا الجمهور، وتوجيه الخطاب إلى الشعب من المكتب في القصر.

حدَّثَنا الرئيس (وكأنَّه الطبيب يُشخِّص الداء الذي أصاب الشعب السوري، ليَصِف الدواء) عن "الجراثيم" وأمراضها ومخاطرها، وعن "المناعة الداخلية" للجسم، وأهميتها في إحباط مساعي "الجراثيم"، داعياً إلى تقوية وتعزيز جهاز المناعة الداخلية لسورية وشعبها، توصُّلاً إلى إحباط "المؤامرات الخارجية" التي تستهدفها (والآن أكثر من ذي قبل) وردِّ كَيْد "المتآمِر الخارجي"، مع "جراثيمه" في الداخل، إلى نحره.

إنَّني لستُ من المُنْكرين لوجود مؤامرات خارجية مع أدوات داخلية لها، ولا من المُنْكرين لسعي بعض القوى الخارجية (الإقليمية والدولية) إلى تسيير رياح ما يَحْدُث في داخل سورية بما تشتهي سفنهم؛ لكنَّ كل هذا الفعل أو النشاط التآمري لا يطمس، ويجب ألاَّ يطمس، حقيقة أنَّ الشعب السوري هو صاحب الثورة الديمقراطية السلمية ضدَّ نظام حكم بشار الأسد؛ فالمؤامرات الخارجية، ومهما عَظُمت، تظل قطرة (لجهة حجمها وتأثيرها) في بحر ثورة الشعب السوري على الاستبداد.

وكيف للمنطق في الحديث، وفي استمرار الحديث، عن "المؤامرات الخارجية" ضدَّ "آخر وأهم قلعة للمقاومة العربية القومية ضدَّ العدو الإسرائيلي" أنْ يستقيم ما دام أركان في نظام الحكم السوري مُقْتَنِعين تماماً بأنَّ لإسرائيل (أو لهذا العدو القومي الأوَّل) مصلحة حقيقية واقعية في بقاء نظام الحكم هذا؛ لأنَّ ذهابه (أو البديل منه، أو من الوضع الذي يحرسه ويحافِظ عليه) يُعرِّض (حتماً) أمنها واستقرارها للخطر؟!

إنَّ زعماء من تلك "القلعة" يقولون إنَّ في هَدْم هذه "القلعة" هَدْماً لأمن إسرائيل واستقرارها؛ فهل لهم، بعد ذلك، أنْ يشرحوا لنا معنى "المؤامرة الخارجية" التي تتعرَّض لها سورية الآن؟!

الرئيس بشار، لو كان يملك من المؤهلات القيادية، والخواص السياسية، ما يسمح له بإقناع الشعب السوري الثائر عليه بأنَّ فكرة "الإصلاح (السياسي والديمقراطي..)" في سورية هي فكرة واقعية لا طوباوية، لقال في خطابه الأخير إنَّ إضعاف "الجهاز الأمني" وقبضته هو إحدى أهم الوسائل لتقوية جهاز المناعة الداخلي لسورية؛ فـ "الجهاز الأمني (المعادي للشعب وحقوقه ومطالبه الديمقراطية)"، ولجهة تأثيره بـ "جهاز المناعة"، هو الذي تحتشد فيه وتتجمَّع الفيروسات المسبِّبة لمرض "نَقْص (وتدمير) المناعة".

ولو كان لطبيب العيون بشار الأسد أنْ يتحدَّث بلغة سياسية تشبه ولو قليلاً لغة العِلْم الذي إليه كان ينتمي لخاطب شعبه قائلاً: إنَّ كل شيء في سورية قد اختلف؛ وإنَّ عليَّ، من ثمَّ، وبصفة كوني قائداً على هيئة رئيس أنْ أنْظُر إلى ما اختلف بعينين مختلفتين.

لكنه أبى بسبب مصالحه الشخصية والفئوية (السياسية وغير السياسية) الضيِّقة إلاَّ أنْ يَنْظُر إلى كلِّ هذا الذي اختلف في سورية بعينيه السياسيتين القديمتين نفسيهما.

بحسب نظرية تستهوي الحكَّام العرب، هي نظرية "الرئيس ملاك؛ لكن بطانته من الأشرار"، كان ينبغي للرئيس بشار أنْ يقود ثورة في داخل نظام حكمه، فيزيح هؤلاء الأشرار (الفاسدين المفسدين المتصالحين مع مصالحهم الشخصية والفئوية الضيِّقة بما يجعلهم معادين دائماً للشعب ومطالبه وحقوقه الديمقراطية) من طريقه، ليتحالف مع الشعب، وليَخْطُب فيه، من ثمَّ، قائلاً: سورية لن تستخذي للضغوط الخارجية، ولن تتنازل عن مواقفها القومية ضدَّ العدو الإسرائيلي، وحلفائه؛ لكنَّه، أي الرئيس بشار، في الوقت نفسه، سيَنْتَصِر للمطالب والحقوق الديمقراطية لشعبه، وسيتخلَّى، وإلى الأبد، عن "الاستبداد" أسلوباً في الحُكْم، فلا تَعارُض بين أنْ تظل سورية "قلعة" للقضايا والحقوق القومية العربية وبين أنْ تصبح "واحة" للديمقراطية في العالم العربي.

لو فَعَل الرئيس بشار ذاك، وقال هذا، من ثمَّ، لصفقَّنا له قائلين: لقد عَرَفْتَ كيف تُقوِّي وتُعزِّز جهاز المناعة الداخلي لسورية، وتَجْعَل كل المؤامرات الخارجية كرعدة في سماء صافية الأديم.

بدلاً من ذلك، شرع الرئيس بشار يُصنِّف الشعب السوري، مُصوِّراً الغالبية الشعبية التي لم تَنْزِل، أو لم تَنْزِل بَعْد، إلى الشارع لتنادي بالحرِّية والديمقراطية، على أنَّها شعبه الطيِّب الوفي الذي يَقِف معه في السرَّاء والضرَّاء، ضارباً صفحاً عن حقيقة أنَّ لهذه السلبية الشعبية (التي هي الآن قَيْد التحوُّل إلى إيجابية) أسباباً عدة ليس من بينها الحب والتأييد له؛ ولا ريب في أنَّ الخوف (مِنْ..، أو على..) هو سببها الأهم.

أمَّا أولئك الذين نزلوا إلى الشارع، وثاروا وانتفضوا ضد نظام حكمه، فَهُم ثلاث فئات: فئة ضئيلة طيِّبة من ذوي الحاجات (الخاصَّة) ولها مطالب يمكن تلبيتها ضمن نظام حكمه، وفئة أوسع من المجرمين والمخرِّبين، وفئة تمثِّل "الفكر السلفي"؛ ثم استعار من القذافي قوله "إنَّكم تشوِّهون صورة الوطن خارجياً".

ومع ذلك، حدَّثنا الرئيس بشار عن "مشروعه الإصلاحي"، وأضاف وعوداً (إصلاحية) جديدة إلى وعوده القديمة، فلم يَقَع كلامه على أسماع شعبية تشبه سمعه؛ لماذا؟

لأنَّه يريد الحفاظ على آلة الحكم نفسها، وعلى مكوِّنها الأمني على وجه الخصوص، والاحتفاظ بسيطرته التامة (مع عائلته وأقاربه وشركائه) عليها؛ وكأنَّه يريد إصلاحاً لأحوال مواطنيه على أنْ يبقوا جميعاً في داخل سجن كبير؛ فلو ذهب الرئيس بشار مع شركائه، ومع آلة حكمه هذه، إلى السويد ليَحْكُمها، مستبقياً لأهل السويد دستورهم الديمقراطي وكل ما يتمتَّعون به من حقوق ديمقراطية، لأصبحت الديمقراطية في السويد كظلٍّ فَقَد جسمه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحركة والسكون
- ميثولوجيا عربية تسمَّى -الإصلاح-!
- المشتبهات في حرِّيتنا الإعلامية!
- في فلسفة -الراتب-!
- الأُمَّة بصفة كونها -مَصْدَر السلطات-!
- سورية.. حتى لا يتحوَّل -الربيع- إلى -خريف-!
- -الاقتصاد السياسي- للإعلام!*
- جبريل يقود -الفرقة الرابعة- في مخيم اليرموك!
- ما معنى -أيلول- المقبل؟
- معنى ما حَدَثَ في الجولان!
- -إصلاح- يسمَّى -إحياء عصر الجواري-!
- من يونيو 1967 إلى يناير 2011!
- نظرية -الثقب الأسود-.. كوزمولوجيا يخالطها كثير من الميثولوجي ...
- رد على الأستاذ نعيم إيليا
- كيف نفهم -المفاهيم-؟
- -الربيع العربي- إذا ما ألْهَم شعوب الغرب!
- الطفل حمزة يجيب عن سؤال -إصلاح أم ثورة؟-
- سيِّد نتنياهو.. اسْمَعْ ما سأقول!
- خطاب يشرح خطاب!
- -الحرِّية- هي مجتمع لا يُنْتِج ظاهرة -مخلوف-!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - هكذا تكلَّم الرئيس بشار!