أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - ميراث للتصفية.















المزيد.....

ميراث للتصفية.


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


باتت الأنظمة العربية الشمولية في حكم المنتهية. سقط بعض رؤوسها وأخرى تترنح. ومن لم يسقط كليا سقطت أقنعته ووقف أمام شعبه عار لا تستره حتى ورقة التوت. أنظمة متوسط عمر طغيانها زاد على 40 عاما: فرعنة وغطرسة. مزاجية واستهتار. استعلاء واستكبار. فساد وإفساد. استرقاق واستعباد. بلطجة و"تشبيح". إسباغ صفات على الشخوص تصل إلى التأليه والقدسية, ليس فقط للزعيم وإنما كذلك لصوره وتماثيله, وشبه القدسية على فروعه وأصوله الصاعد منها والهابط, والممتدة أفقيا للأصهار ومقربيهم إلى درجات غير منتهية في تاريخ العائلات القديم والحديث, يُفبرك لمن لا تاريخ لها تاريخ يبدأ به التاريخ, و أصول وجذور وفروع. تلاعب لا مسؤول بالقيم والأعراف والمفاهيم. سطو على مقدرات البلاد. نهب لخيراتها. رهن لمستقبلها. قتل دون محاكمات. انتهاك لحقوق الإنسان وقمع للحريات. اعتقالات طالت عشرات الآلاف. لفظ لأبناء الوطن لخارج الوطن. مهجرون. مهاجرون ومغتربون ممنوعون من العودة, أو بعودة مؤقتة بشروط الأمن وعبر بوابة الأمن. ابتزاز وتشكيك بالوطنية والانتماء. منع من السفر. تهجير وهجرة بمذلة الوقوف "طوابير" من ساعات الصباح الباكر على أبواب السفارات استجداء لتأشيرة أو رخصة دخول لعمل أو بحث عن كرامة, وكأنّ من وظائف الدولة لفظ أبنائها وإلقائهم للمجهول, وكأننا أصبحنا شعوبا برسم الهجرة ويد عاملة رخيصة في أوطان الآخرين, فقد:

ملأنا البر حتى ضاق عنا وظهر البحر نملؤه سفينا.
( رحم الله عمرو بن كلثوم فلو بعث حيا لترحّم على جاهلية عصره وفضلها على جاهلية زعمائنا, ولأستصغر هيبة أصنامها أمام صنميه أصنامنا. ولأخرج معلقته من باب الفخر بقومه ليدخلها باب الرثاء).

ميراث هذه بعض من مفرداته, لا يستحق عليه المورث من الوارث دعاء الغفران, ولا رحمة لروحه أو ذكراه حسب أي من الأعراف أو المذاهب أو الفلسفات أو الأديان. ميراث جدير بالتصفية عن طريق كنس كل ما علق منه بالإنسان. تصفية لكل ما علق بالمجتمعات والأوطان. تصفية تحول دون أية عودة للاستبداد والطغيان.

من قراءة أي ميراث, منذ الفراعنة والى يومنا هذا, هل يتبين أنه كان هناك تربية مدرسية ــ في مدارس خاصة أو حكومية, في مراكز ثورية حزبية عقائدية, وطلائع شبابية, وأحزاب جبهوية, ومؤسسة برلمانية, في حلقات دراسية وتدريبية, ومحاضرات جامعية, في نقابات مهنية, وغرف صناعية وتجارية, وجيوش عقائدية, ومراكز أمنية, ودور عبادة دينية, ومسرحيات ومسلسلات ــ توجه وتربي على السجود لزعيم والقدسية حتى لصوره وتماثيله؟. (إذا استثنينا النازية والفاشية وبعض محطات في مراحل الشيوعية التي عرفت بعضا من هذا, ولكنها مع ذلك كانت إلى جانب تمجيد الزعيم لا تهمل ذكر وتمجيد الوطن أو القومية الشوفينية أو الأممية).

ـ هل يُنسب لحاكم, بعد فرعون, العصمة والعبقرية والنباهة إلى درجة العلم ببعض الغيب, إن لم يكن كله, ويُقتل أو يُسجن أو يُشرّد من لا يؤمن بذلك أو يشكك فيه؟.

ـ هل ادعى حاكم, بعد فرعون, انه يُجسّد في شخصه الحاكم والوطن والدولة, وأنه وحده صاحب السيادة وعنه تفيض السلطات واليه تعود, وأن كل ما بها وما عليها يدور في فلكه ورهن أمره ؟. (حين قال لويس الرابع عشر في القرن 18 الدولة أنا, لم يكن يعني بحسب الكثير من الآراء المنصفة, إلا انه هو من يُمثّلها, وليس هو الدولة نفسها).

ـ هل من قراءة أي ميراث لأي حاكم, من غير المعصومين عندنا, يتبين تعميم ثقافة الهتافات التي تشق عنان السماء و تصم الآذان, ترسلها الحشود المسخرة والمجيشة بالآلاف, على إيقاع التصفيق, ورفع الصور التي تحجب كل نور بما فيها نور الشمس, وتتطاول حتى على نور الله: الله الزعيم وبس. بالروح بالدم نفديك يا زعيم. والهتاف له بالخلود (الخلود حسب ميراث الفراعنة كان بالتحنيط وإقامة المقابر والأهرامات المصنفة اليوم على أنها ميراث للإنسانية, والتي تُدرّ على ورثتهم مليارات الدولارات من عوائد زياراتها. والخلود عند زعماء العرب التحنيط بإقامة التماثيل في الشوارع والساحات, تذكر المارة بأنهم هنا وسيبقون هنا. و تجر على ناظريها شزرا القتل أو السجن والتشريد والدمار بتهم الخيانة والعمالة. صور وتماثيل تحطم في أيامنا بأيدي الثوار. أو تُفكك من قبل عبدتها لتدفن في مستودعات بعيدا عن التكسير, في حملة لتصفية الميراث).

ـ هل قراءة أي ميراث لأي حاكم, من غير المعصومين عندنا, تبين أنه كان على المواطن أن يبقى طيلة حياته ذليلا خائفا يمشي في حضرته وحضرة خاصته وأعوانه وأجهزة أمنه مشية من " صُفعت قفاه مرة فأحس لها ثانيا فتجمعا", محدودبا مكسورا, مقهورا.

ـ هل قراءة أي ميراث لأي حاكم, من غير المعصومين عندنا, تبين أنه كان يعمل على إذلال شعبه, ليس فقط ليؤمن لنفسه الاستقرار والسيطرة, وإنما كذلك ليبني على ذلك عظمة شخصية, ويُشيّد مجدا"رفيعا", ويُشبع نزوات نرجسية؟.

ـ هل يتبين من قراءة أي ميراث لأي حاكم, من غير المعصومين عندنا, أنه كان أكثرا بطشا وأشد صولة وباسا في قمعه لشعبه من بطشه وصولته وبسالته في حربه على عدوه. أو أنه تحالف سرا أو علنا مع عدوه للتفرغ للتنكيل بشعبه ورفض التصالح معه للإعداد لعدو الوطن؟.

ـ هل يتبين من ميراث الأولين والأخيرين أن حاكما, من غير المعصومين عندنا, جعل في أولويات سياساته تفتيت وحدة المجتمع ونشر كل أنواع الفرقة بين أبنائه ليضمن السيادة الرخيصة لنفسه, مطبقا النصيحة الاستعمارية فرق تسد, التي كان يطبقها الاستعمار على مستعمراته وليس على مجتمعات بلاده؟.

ـ هل سبق أن سجل ميراث الآخرين, غير ميراث المعصومين عندنا, أن حاكما واحدا سفّه شعبه علنا وعلى صفحات الصحف و المحطات الفضائية الأجنبية, واصفا إياه بأنه شعب غير ناضج للديمقراطية, ولا لاستيعاب الحرية ومسؤولياتها؟ ــ في الوقت الذي يفاخر الحكام, المنتخبون ديمقراطيا, بشعوبهم وبثقافتها ووعيها واستيعابها لروح العصر وتكيفها مع معطياته ــ. وإذا كان شعبه لا يصلح للديمقراطية ولا يفهم الحرية فمن أوصله لذلك أليست ثقافة الحزب الواحد, والرأي الواحد, والزعيم الأوحد الخالد, على امتداد نصف قرن؟. ( ومنه, وتيمنا بالزعيم وتعميما لأقواله ومقولاته, يستخف عباقرة الإعلام الرسمي والخاص ـ الانتهازيون على دين ملوكهم ـ بوعي وثقافة ومطالب غالبية شعبهم التي تقدم من اجلها الدماء وآلاف الشهداء, ليروي أحد الظرفاء, بخفة دم لا يحسده احد عليها, على فضائيته, بان إعلاميا مشهورا ــ يعادل محللا استراتيجيا موهوبا ممن تتواصل إطلالاتهم اليومية من تلك المحطات ــ سأل متظاهرا عن معنى الحرية التي يتظاهر من اجلها فأجابه: "إنها ردم الحفرة التي أمام بيتي ونقع فيها منذ سنوات". يا لغباء وانحطاط هذا الإعلام المكتوب والمنقول على الهواء, "يستغبي" شعبه في وقت تراق فيه الدماء وتشرد آلاف الأسر بحثا عن ملاجئ عند الغير لمجرد مطالبتها بالحرية والكرامة الإنسانية !!!, أي تسفيه لأحلام وأماني الشعوب !!!. الحرية التي ناضلت وتناضل من اجلها البشرية منذ بدأ الظلم وقدمت من اجلها الأرواح وانهار من الدماء في كل أرجاء المعمورة, هي عند شعبه فقط غير مفهومة, وغير لازمة, ومجال سخرية ونكات وردم حفر ).

ـ هل سبق أن تبين من ميراث الآخرين, غير ميراث المعصومين عندنا, أن يتم, بتعمد ومنهجية, ملء الوظائف التنفيذية والتشريعية والقضائية بأشخاص لا تتوفر فيهم ــ ولا يُطلب توفرها ــ الكفاءات, والإخلاص, والأمانة في العمل, والحس بالمسؤولية, وإنما فقط الولاء للزعيم ونظامه؟. هل سبق أن صغّر الآخرون الوظائف وهبطوا بها لتتلاءم مع صغر وهبوط شاغليها؟.

أليست التصفية الملائمة لمثل هذا الميراث الذي تركه الساقطون, والذي سيزيد عليه الآيلون للسقوط مخاز تزيده ثقلا على ثقل قبيل السقوط, هو وضعه في مزبلة التاريخ مع عبارة: هذا ما تركوا, من هنا مروا, وهنا استقروا.

ويبقى القول الفصل للأحرار من الثوار.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليسوا عصابات , ليسوا مندسين ولا متآمرين.
- الخارج. المغتربون, المهاجرون, والمهجرون.
- نشدت حوران المجد. فدان المجد لها.
- حين تنطق بقايا النظام العربي.
- سُعار السلطة 2
- العالم العربي. تحول عصر
- نساء من وطني
- الثورة من اجل الحرية والديمقراطية
- السياسة فن الممكن
- إلغاء مبكر لحالة الطوارئ.
- المحاكمة. ساعة الحقيقة.
- الشعب يريد اسقاط النظام كل النظام
- سموا الاشياء باسمائها
- إصلاحات ما قبل الرحيل
- محامو السويداء. للحق وقفة. اعتصام وحداء.
- سُعار السلطة
- في محاكمة بيتان مارشال فرنسا هل يفلت طغاتنا من المحاكمة ؟
- ميادين التحرير. اسقاط أنظمة ورقابة شعبية 2
- ميادين التحرير. إسقاط أنظمة ورقابة شعبية .
- الثورة والبناء الديمقراطي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - ميراث للتصفية.