جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 18:25
المحور:
حقوق مثليي الجنس
كان الإغريق يعتبرون الذي يتقبل بأن يلعب دور الأنثى في المثلية الجنسية بأنه وضيع في المرتبة الدنيا بين الناس, أما بخصوص الصبي أو المراهق فكانوا يعتبرونه جاهلا وسيأتي يوم يكبر فيه ويبلغ ويلعب دور المذكر, وكلما كانت المجتمعات متخلفة كلما كانت فيها أدوار ورموز أدوار النساء تعني الإهانة والنيل من الكرامة وفي المجتمعات التي لا يوجد فيها مساواة بين الجنسين, تكون على الأغلب شخصية الفاعل محترمة, وشخصية المفعول به غير محترمة, وهذا معناه أن المرأة يرمز إليها على أنها مفعول به وغير محترمة اجتماعيا ولا تستحق المشاركة في الحياة الاجتماعية كما هو الذكر الفاتح والمنتصب والمنتصر, وهذا معناه مرة أخرى ازدياد قيمة القيم الذكورية وتراجع قيمة القيم الأخلاقية الأنثوية, و(النعوظ) أو انتصاب القضيب له عند غالبية المجتمعات وحتى اليوم مدلولا على التفوق الذكوري والتحدي وعلى النصر, والإشارات والتلميحات والرموز الجنسية التي ترمز إلى دور الذكر دائما ما يتمثلها المنتصر والغالب, ودائما ما يشار إلى المغلوب بأنه (امرأة) وهذا على الأغلب يحدث أيضا في حالة سماعنا للشتائم الجنسية التي يوجهها الرجال لبعضهم البعض, مثل( ضاجعت أخته) أو (ضاجعنا أختهم) أو (ضاجعنا أخواتهم) أو (ضاجعنا أمهاتهم) وبعبارة أكثر دقة تستعمل كلمة(ناك..ونكنا, بدل كلمة ضاجعنا) وبإمكان القارئ أن يضع هذه الكلمة محل كلمة ضاجعنا ليشعر كم هي الإهانة بالغة الأثر, وسمعتُ مرة من ذات المرات أن تشاجر رجل مع زوج أخته وغلبه وضربه وبطحه أرضا, فقام المغلوب وقال لشقيق زوجته الغالب(اليوم بدي أنيك أختك) وطبعا من المعروف بأنه يمارس هذا الدور دون أن يقوله, ولكن عندما قاله,قاله فقط ليشفي غليله من شقيق زوجته, فقام شقيق زوجته على الفور بإطلاق ثلاث رصاصات عليه أدى إلى كسر رأس الضحية, وأخذت المحكمة على أثر هذه الحادثة بالأسباب المخففة, وسنتحدث لاحقا عن الشتيمة الجنسية..إلخ.
إن معاني تمثيل الدور الذكوري يدل على الهيبة الاجتماعية وعلى الخنوع للشخص الذي يكون قد لعب دور الأنوثة حتى بين النساء المثليات الجنسيات إذ الغالبية منهن يرغبن بلعب دور الذكور نظرا للهيبة الاجتماعية, فكلمة (امرأة) تعني في مجتمعنا غير المتساوي دلالة على عدم مساواة المرأة بالرجل وعلى وضع مهين, حتى أن الرجال في نفس المجتمع الذي أعيش فيه حين يريدون توجيه مسبة إلى رجل فورا يرمزون إليه بأنه (امرأة) أو يؤشرون بأصابع يديهم إلى وضع الراكب والمركوب بحيث يقولون عنه بأن زوجته هي التي (تركبه) وليس هو الذي يركبها, وهذه كلها إشارات وتلميحات معناها الإهانة, وعند سماع الناس هذا عنه يفهمون فورا أنه شخص وضيع وغير محترم ذلك أن السبب في ذلك يعود إلى دور المرأة المؤنثة تحت الرجل بأنها ذليلة وغير محترمة ولا تحظى بقيمة اجتماعية مماثلة لقيمة الرجل, والرجل الذي يقبل بأن يكون دوره دور امرأة فهذا معناه أنه وضيع وعديم الشرف والأخلاق, أما في المجتمعات التي يوجد فيها مساواة بين الجنسين فإن الموضوع قد لا يكون مختلفا عن بعضه ولا يدعو للتفاخر الذكوري على حساب الوضع الأنثوي, وفي حالة تخيلنا لوضعية الرجل والمرأة أثناء العملية الجنسية يكون دائما وضع المرأة يمثل رمزا للخنوع وللخضوع وللإذلال, حتى أن العلاقات المثلية الجنسية بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة غالبا ما يرمز دور الذكر فيها إلى التفوق والانتصار والمباهاة والتعالي والرفعة والسيادة, والذي يمثل دور الأنوثة يكون منحطا وسافلا وسخيفا,حتى المرأة المثلية التي تمثل دور الذكورة تحظى باحترام أكثر من تلك التي تقبل بأن تبقى لاعبة لدور الأنوثة, وحدثت جرائم قتل في مجتمعاتنا بسبب هذا الدور , كأن يتفق رجل مع رجل بمبادلة الأدوار وحين يرفض الطرف الذي لعب دور الذكر بأن ينام على بطنه أو ظهره ليلعب دور المرأة, ترتفع حرارة المفعول به وخصوصا حين تنتشر الشائعات بأنه أضحوكة وامرأةً, وحصل هذا داخل مجتمعاتنا بشكل مكثف وبسبب هذه الظاهرة حدثت جرائم قتل مسكوت عنها ولا أحد يتطرق إلى أسبابها بسبب الخجل منها , وخصوصا في المعسكرات حيث تكون الإناث غائبات فتتولد عند العسكر رغبة في أن يلعبوا مع بعضهم البعض دور المؤنث والمذكر وحدثت لهذه الأسباب جرائم قتل أو إن صح التعبير تحدث كل سنة أو سنتين أو ثلاثة سنوات جريمة قتل داخل المعسكرات لهذا السبب.
هكذا هي نظرة كافة المجتمعات التي لا يوجد فيها (مساواة) بين الجنسين, أما المجتمعات التي تنتشرُ فيها ثقافة المساواة بين الجنسين فغالبا ما يكون دور الأنوثة أو الذكورة إيجابيا وليس سلبيا,وتبقى وضعية المرأة وضعية محترمة وتغيب الرموز الأنثوية التي تعني الإهانة والشتم والعار, وذلك على عكس المجتمعات المتخلفة التي تعتبر دور المثلي الجنسي الذكري دورا إيجابيا ويحظى باحترام المجتمع ككل فإن قيل لأي رجل بأنه يمارس الجنس مع الذكور يفتخر بذلك ولا يغضب ولكن لو قيل بأنه يمارس دور الأنثى مع الذكور فسيغضب وستحدث مشكلة كبيرة لها أول وليس لها آخر, أما بخصوص الرجل الذي يؤدي نفس دور المرأة فغالبا ما يحظى بالاحتقار وعدم الاحترام, ويكون التمثيل الجنسي بين القبائل القديمة رمزا للانتصار , فكان رجال القبائل يظهرون أعضاءهم التناسلية في حالة (منتعظة-منتصبة) للقبائل الأخرى التي بينهم وبينها عداء على المياه ومصادر الغذاء, وغالبا ما تتم عملية التمثيل الجنسي بالمغلوبين, وذلك من خلال قطع الأعضاء التناسلية للذكور وسبي النساء واتخاذهن زوجات غصبا, وفي الليتورجيات القديمة يفتخر أحد الفراعنة بالقضبان الذكورية التي قطعها الفرعون لما يقرب من (6359) قضيبا للمحاربين الليبيين الذين أرادوا احتلال مصر من أجل السيطرة على مياه الشرب , وكانت كل تلك القضبان بدون قبعات أي أنها ليست مختونة , وكذلك جاء في سفر الملوك-18-27- الأول حيث حمل داؤود 200 قضيباً من قضبان الكفار, وهذا معناه من أن ألأعداء لن ينالوا من النساء ليعبروا عن انتصارهم عليهم, وهذا يفسر لنا سر التفوق الذكوري الصاعد, فدائما الذكورة ترمز إلى الانتصار والشجاعة والقوة, أما الدور المؤنث فدائما ما يرمز إليه على أنه رمزٌ للخضوع وللاستسلام ولتراجع الهيبة وضعف في قوة الشخصية, وهذا نلاحظه جميعا في مجتمعاتنا التي لا توجد فيها مساواة بين الجنسين, ففي الحفلات الكرنبفالية الجنسية, والتي يحتفلُ فيها لإعلان النكاح, تكون غالبا شخصية أب وأخ وأم العروس مختلفة عن شخصية أب وأم وأخ وأخت العريس الذكر, ذلك أن تلك المجتمعات تعتبرُ الذكورة رمزا للهيبة القوية ولقوة الشخصية وللمرتبة الاجتماعية الأعلى من مرتبة العروس المؤنثة, ومن هنا نعرف ونفهم بأن الأنوثة معناها الإذلال والخنوع والخضوع, والذكورة ودورها معناها التعالي والهيبة وقوة الشخصية.
والرجل الذي يتقبل دور (الأنوثة) معناه الخضوع والإذلال ولا يلقى أي احترام بين الناس, ولكن لاحظوا معي بأن الرجل المثلي الذي لا يقبل بأن يكون دوره دورا مؤنثا يفتخر بين الرجال عن علاقته الجنسية وعن مغامراته مع الرجال طالما أنه يؤدي نفس الدور الذكري الذي يلعبه مع أي امرأة, وهذا فقط في المجتمعات التي لا يوجد فيها مساواة بين الجنسين أما في المجتمعات التي يوجد فيها مساواة بين الجنسين فإن الذي يؤدي دور الذكر يكون مثله مثل الذي يؤدي دور الأنوثة طالما أن العملية كلها عملية(مثلية جنوسية).
وفي الاحتفالات الجنسية أي الأعراس, لا تكون على الأغلب وجوه أهل العروس مثل وجوه أهل العريس, فأهل العروس عبوسين ويشعرون بالعار أو بالحياء من الوضع الأنثوي الذي يعتبرونه في هذا اليوم بالتحديد وضعا عاما لكل الأسرة, وبعض الرجال يرفضون الذهاب لحضور حفلة زواج تكون العروس فيها قريبته من الدرجة الأولى إذ يعتبر نفسه إن ذهب أنه سيكون في وضع مهين وغير مشرف, وهذا كله بعكس وجوه أهل العريس الذكر الذين تبلغ الضحكات عاليا من أفواههم حتى تكاد أن تصل لعنان السماء, ويفتخرون بما سيبذله العريس الذكر ولِما سيفعله اليوم, وهل تعلمون أن المجتمع الأردني كله على الأغلب يتقدم بالمباركة لأهل العريس بهذه الجملة(مبروك ما فعلتوا) وهذه الجملة لا تقال لأهل العروس ولو قالها أي رجل عن طريق الخطأ فإنه سيتعرض للمسائلة على اعتبار أنه وجه كلاما ساخرا لأهل العروس, فأهل العروس لا يقال لهم (مبروك ما فعلتم) لأن العروس هي المفعول بها, وفي اللغة دائما ما يكون المفعول به غير محترم ولا يستحق الإطراء الجميل, وفي أللغة يقول مجتمعنا عن الذكر بأنه (فاعل) وعن (الأنثى) بأنها (مفعول بها) وشتان ما بين الفاعل والمفعول به, إذ أن الفاعل يحظى بمرتبة اجتماعية أكبر وأكثر قيمة من المفعول به.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟