علي عجيل منهل
الحوار المتمدن-العدد: 3401 - 2011 / 6 / 19 - 18:55
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
عرض، الملك محمد السادس، مشروع الدستور الجديد-- الذي يتوقع أن ينقل البلاد إلى مرحلة --"الملكية الدستورية"--و من ملامحه العامة- التي ستزيد من صلاحيات رئيس الوزراء-، وستوسع من دور الحكومة والبرلمان،- في مسعى لنقل البلاد نحو المستقبل، بعد النجاح "باستيعاب" حركات احتجاجية كانت قد نشطت ضمن موجة "الربيع العربي."
إن الدستور الجديد الذي سيصار إلى الاستفتاء حوله مطلع -تموز المقبل سيكون -"عقداً جديداً بين الحاكم والشعب،"- مضيفاً أن هذا العقد -"سيضمن استقلالية القضاء واحترام حقوق الإنسان"- على كل الصعد، بما في ذلك المحاكمات العادلة -وحظر التعذيب
وشدد الملك في خطابه على احترام الحريات وحقوق التجمع والتنظيم للجميع.
وبموجب التعديلات الجديدة،- فسيقوم الملك باختيار رئيس الوزراء - الذي سيصبح لقبه الرسمي رئيس الحكومة - من الحزب الفائز في الانتخابات، كما يشدد الدستور الجديد على الفصل ما بين السلطات، وإن كان الملك قد احتفظ بصلاحية تعيين الموظفين في بعض القطاعات، وخاصة في السلك العسكري.
ويشدد مشروع الدستور الجديد على أن-- الإسلام هو دين الدولة،- أما على الصعيد القومي-- فيشمل الاقتراح اعتبار-- اللغة الأمازيغية لغة رسمية في البلاد، إلى جانب العربية.
ان هذه الأجندة الإصلاحية هى تجاوباً عملياً مع مطالب القوى السياسية والمجتمع المدني، التي رفعت شعار إصلاح دستوري ينقل البلد من ملكية تنفيذية إلى ملكية برلمانية.
وشهدت عدة مدن مغربية مظاهرات احتجاجية، في 20 فبراير-لماضي، للمطالبة بسن إصلاحات جذرية في المجالات السياسية والاقتصادية، وذلك تلبية لنداء مجموعات شبابية على "الفيسبوك"، مسنودة بعدد من الهيئات السياسية والحقوقية.
نصوص الدستور المغربي الجديد ، --:
1. ينص الباب الأول أن نظام الحكم في المغرب هو نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية، وعلى أن النظام الدستوري في المغرب يقوم على أساس الفصل المرن للسلطة، مع توازنها وتعاونها، وعلى أساس الديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكم الرشيد وربط المسؤولية بالمحاسبة.
2. الأمة المغربية تستند في حياتها العامة إلى ثوابت جامعة تتمثل في الدين الإسلامي المعتدل والوحدة الوطنية متعددة الروافد وإلى الملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي، وينص الدستور في الفصل الثاني على أن السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها، وتختار الأمة المغربية ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالانتخاب الحر والنزيه والمنتظم.
3. الإسلام هو دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية، واللغة العربية تظل اللغة الرسمية للدولة، والأمازيغية لغة رسمية باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة بدون استثناء، وينص الدستور على إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية مهمته حماية وتنمية اللغات.
4. القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع ملزمون بالامتثال للقانون ومتساوون أمامه.
5. تؤسس وتمارس الأحزاب السياسية المغربية أنشطتها بحرية في نطاق احترام الدستور والقانون، وأن نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع، وأنه لا يجوز تأسيس الحزب على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي وبصفة عامة على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان، ولا يمكن حل أي حزب إلا بموجب حكم قضائي.
6. الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، والسلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المترشحين وبعدم التمييز بينهم، وكل شخص خالف المقتضيات القانونية والقواعد المتعلقة بالنزاهة وصدق وشفافية العمليات الانتخابية يعاقب على ذلك بموجب القانون، وتتخذ السلطات المغربية الوسائل الكفيلة بالنهوض بمشاركة المواطنين في الانتخابات.
7. يحدد الدستور أن السلطات تعمل على إحداث هيئات للتشاور بقصد إشراك الفاعلين الاجتماعيين وإعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها، وللمواطنين الحق في تقديم ملتمسات للبرلمان يرفعها للنقاش لإقرارها على شاكلة قانون.
8. للمغاربة المقيمين في الخارج حق التصويت والترشيح في الانتخابات، وتعمل السلطات المغربية على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج.
9. يُحظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، ويعاقب القانون المغربي على جريمة الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان.
10. يتمتع كلٌ من المرأة والرجل بالمساواة وبالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتسعى الدولة إلى تحقيق التكافؤ بين الرجال والنساء، ومن أجل ذلك تحدث هيئة للتكافؤ ومكافحة كل أشكال التمييز.
بعض مجموعات- المعارضة المغربية -عبرت -عدم رضاها عن التعديلات الدستورية
واقترحها الملك محمد السادس- ودعت إلى مسيرات احتجاجية الأحد، في أول اختبار لمدى استجابة الشارع للمقترحات التي جاءت في خطاب عاهل البلاد الذي عرض توسيع صلاحيات الحكومة والبرلمان.
وقد الملك المغربي، في خطاب حظي بترقب واسع من القوى والفعاليات المغربية عن المحاور الرئيسة للدستور الجديد الذي سيطرح للاستفتاء الشعبي بداية يولي- المقبل، والذي يؤسس -"لنظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية-" ضمن- "دولة إسلامية".
وهنالك كان - مخاض ثلاثة أشهر- من النقاش الحامى - حول قضايا شديدة الحساسية من قبيل شكل النظام السياسي-، أمام اتساع قاعدة المطالبين- بإقرار ملكية برلمانية تقطع مع النمط التنفيذي، فضلا عن قضايا- الهوية المتعلقة- بموقع الدين --كمصدر للشرعية- وإشكالية الاعتراف الرسمي بالأمازيغية.
و أن الدستور الجديد يؤس--س لنموذج ديمقراطي متميز قائم --على دعامتين متكاملتين-: التشبث بالثوابت الراسخة للأمة المغربية ضمن -"دولة إسلامية"-- من جهة، وتكريس- مقومات الطابع البرلماني للنظام السياسي، -في أسسه القائمة على مبادئ-- سيادة الأمة - وسمو الدستور كمصدر لجميع السلطات،-- من جهة أخرى.
وتحسم هذه الهندسة الدستورية الجديدة جدلا واسعا طبع المشهد السياسي للمملكة بين من تخوف من أن تأتي رياح التغيير الديمقراطي على الطابع "الإسلامي" للدولة، ومن رأى في زخم الحراك الإصلاحي فرصة مواتية للضغط من أجل-- دسترة هوية مدنية علمانية للدولة.
واتخذ - بروز قيادات إسلامية،- خصوصا من صفوف- حزب العدالة والتنمية --وحركة التوحيد والاصلاح-- الجناح الدعوي للحزب- تدعو إلى الحفاظ على الطابع الإسلامي للدولة وتهدد بالتحرك في مواجهة أي محاولة لإلباس الدستور الجديد هوية علمانية تقطع مع المرجعية الدينية للسلطة في مملكة تكتسي فيها التقاليد حضورا رمزيا -
أن مشروع الدولة المدنية الديمقراطية يقتضي تأكيد الطابع الوضعي للتشريع واعتماد مبدأ سمو القوانين الدولية على القوانين المحلية الأمر الذي لا يتنافى في نظره مع حقيقة أن أغلب سكان البلد مسلمون متعايشون مع ديانات أخرى لا ينازع أحد أتباعها في حق ممارسة شعائرهم بكل حرية.
، كما أن المقصود من التنصيص على الدولة المدنية في الدستور هو التأسيس لسلطة لا تستمد شرعيتها من الدين والغيبيات، وهو الهدف الذي تتبناه -كما يقول - فصائل من الإسلاميين أيضا.
هذه الوصفة الديمقراطية التي تقطع مع الأنماط التقليدية للشرعية السياسية لا تقنع فصيلا إسلاميا يشترك مع دعاة العلمانية في رفع شعار الدولة المدنية، لكنه يرفض القطع مع الشرعية الدينية بوصفها "جزءا أساسيا من الهوية السياسية للدولة" -
ن كان مشروع الدستور قد كرس الطابع الإسلامي للدولة ومؤسسة إمارة المؤمنين، مع إضفاء بعد حداثي عليها عبر التنصيص على سمو المواثيق الدولية وقيام سلطة برلمانية تمارس اختصاصات تشريعية ورقابية واسعة، فإنه مضى خطوات جريئة في مجال تدبير الهوية الوطنية للبلاد، من خلال دسترة الأمازيغية كلغة رسمية للمملكة، إلى جانب العربية، والاعتراف بتعدد الروافد العربية -الإسلامية، الأمازيغية، الصحراوية الإفريقية، الأندلسية، العبرية والمتوسطية.
والى جانب قضايا الهوية والدين ذات الحساسية البالغة، تضمن المشروع الدستوري الجديد بنودا تنحو الى تعزيز سلطات الحكومة وتوسيع نطاق التشريع والرقابة البرلمانيي
#علي_عجيل_منهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟