أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كمال سبتي - سِنْخ وطبيعة














المزيد.....

سِنْخ وطبيعة


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1013 - 2004 / 11 / 10 - 11:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في ندوة أقيمت في بغداد حول الحرية وحق الاختلاف ذكر مشارك فيها قولاً لأبي حيان التوحيدي: ( الاختلاف في الرأي والنظر والمسألة والجواب سنخ وطبيعة.) والسِّنخ هو الأصل من كل شيء.
ولقد بدأتْ إذن في بغداد ندوات لن يشهدها عرب المنطقة هذه الأيام فهم منشغلون بغيرها : هل الشريعة أسبق من الحرية ؟ والجواب معروف لكم..
وفيهم من يكتب عن الحرية فيقول إنها لاتعني في الإسلام عدم الخضوع لحاكم.
ويخيل إليّ أن الأمر كله في أن يبقونا بعصر الرق يبدأ من الخضوع لحاكم وينتهي إليه.
لكن القرآن يقول :(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ…).
وكيف يمكن مكرماً أن يخضع لحاكم؟ لماذا هو مكرم إذن من قبل الله ؟
والخضوع لحاكم هو ليس الإيمان بالمواطنة : ماعليها من واجبات وما لها من حقوق. لا.إنه الخضوع المطلق للحاكم ، تماهٍ مازوتشي مع الخطاب الغيبي نفسه. حتى أوصل صانعوه ومروجوه إلى عقول الناس أن عبوديتهم هي جزء من أركان دينهم وقد قيلت صراحة في أكثر من مناسبة في التاريخ.
وقد لعب الطاغية العربي كثيراً في تفسيره القرآن والأحاديث حسب هواه الداعم حقَّه الشخصي في الحكم، بل وفي تفننه بإيراد أحاديث غير مسندة من أجل الإقرار بعدالة حكمه وإطالة زمنه.
والطاغية العربي هو مؤسسة طويلة عريضة من الفقهاء والمؤرخين والسياسيين والمزورين والمهرجين ..إلخ الذين يجيدون التخلص من حديث عمر( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) بالآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً). وكأن الخليفة الثاني لم يكن قد سمع هذه الآية حين حدث الناسَ حديثه ، أو كأن وعاظ السلاطين أفهم منه بالقرآن.
ومثلما أنا أبحث عما عو مشرق في الانتصار للحرية فإن غيري من تلك المؤسسة سيبحث عما هو قامع لي ولبحثي ، من المصدر ذاته حتى يدفع عن الحاكم ظلمه واستعباده لرعيته.
الاختلاف الحر ينشأ من التأويل الطبيعي للنص بعيداً من خبث الحاكم. ولقد تعرض هذا الحق الطبيعي لرفض الحاكم مرة ورفض فقه المذاهب مرة أخرى. ورفض الحاكم معروف له ومتصوَّر ورفض الفقه الديني تعجَبُ له في مثَلٍ من إمام جليل كأحمد بن حنبل الذي عاش محنته المعروفة ، بأغلاله ، في سجن الحاكم لكنه يفتي ببطلان إتيانك حجة الخصم أثناء المحاججة.
والتأويل هو حقنا جميعاً ومنه ، عندي ، ينشأ فهم ممارسة الحرية بينك وبين الآخر.
فمثلما تملك أنتَ الحق والحق كله في أن تؤوِّل نصاً ومسألةً التأويلَ الذي تظنه صحيحاً فغيرك يملك الحق أيضاً والحق كله في أن يؤول النص ذاته والمسألة ذاتها التأويلَ الذي يظنه صحيحاً.
ومن التأويل ظهرت مدارس الفكر البشري والأديان ومذاهبها. ومنه ظهر الديالكتيك في جدله وتناقضه وهو هنا قول أبي حيان بتمامه وكماله : سنخ وطبيعة.
وأبو حيان مفكر شاعري في أكثر من كتاب كـ (الإمتاع والمؤانسة) و(الإشارات الإلهية) وأخلاقي كما في (البصائر والذخائر) و(مثالب الوزيرين) وأي وزيرين؟ ابن العميد والصاحب بن عباد ، و( رسالة في الأخلاق)..إلخ.
وأذكر له قولاً حفظته قبل الآن :(الأمم كلها شركاء في العقول ، وإن اختلفوا في اللغات).
فإذا كانت الأمم كلها شركاء في العقول فكيف بالأفراد يعيشون في مدينة واحدة ويتكلمون لغة واحدة؟
لكن تراثنا الروحي يُغيَّب في مسعاه المتفتح ويُشهَر في مسعاه المغلق كل حين،حتى لنبدو أمة تتمنى عبوديتها أزاء الحاكم من جهة ومنغلقة إتجاه الآخر من جهة أخرى.
سقطت الدكتاتورية إلى غير رجعة وبدأت الحرية تهدم طبقات من الكونكريت المسلح بنيتْ فوق العقل خلال التاريخ الطويل.
أعداء حريتنا يرسلون لنا سيارات مفخخة ، أمر هو سنخ وطبيعة لعقلهم المستعبَد.
ونحن نقيم ندوات حول الحرية وحق الاختلاف ، أمر هو سنخ وطبيعة لعقل يتحرر من ظلام القرون شيئاً فشيئاً..



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنود مقتولون
- الآخر ، العدو عند إدوارد سعيد والشعراء العرب..
- الشاعر والذنبُ القديم
- صخر
- أبناء المطلق
- لو أنَّ عبد الرزاق عبد الواحد
- المأموم
- أنعتبُ على أدوارد سعيد وهو غائب عنا ؟
- الخمرياتُ الأربع
- تعليقات سياسية
- ذكرى الهرب من البلاد
- عن الثقافة
- رسالة إلى الأستاذ أحمد الجلبي
- أين فقهاء العراق ؟
- ..إيران
- يوسف القرضاوي وفتواهُ الجديدة
- ثلاثاء الكتابة..حيرَةُ الثلاثاء
- تعليق على قصيدة الطبيعةُ تلعبُ بي لسعدي يوسف
- الشاعرُ وأصدقاؤه
- الصَّوتُ الشِّعريّ


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كمال سبتي - سِنْخ وطبيعة