|
إسبرطئيل
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 3400 - 2011 / 6 / 18 - 18:44
المحور:
القضية الفلسطينية
يُحكى أن..... في قديم العصر والأوان، قبل التأريخ بأكثر من ألف عام، أن ظهرت دولة الحرب والطعان، في جنوب جزيرة اليونان، وتُسمى إسبرطة، فكانت إسبرطة، هي أول دولة في التاريخ تعتمد نظام العسكرة الوطنية، عسكرة كل قطاعات شعبها، وطبَّقتْ العسكرة وفق الأنظمة التالية: يُطرح كلُّ مولودٍ جديد في العراء، ويظل المواليد الجدد سبع سنين عراة، فمن عاش، يكن مواطنا إسبرطيا عسكريا، ومن يمتْ فهو ليس مواطنا إسبرطيا. يتناول الإسبرطيون وجبات طعامٍ مشتركة، ولا يحق للإسبرطيين أن يُربوا لحاهم، حتى لا يتمكن الأعداء من الإمساك بهم بواسطتها. يتدرب الأطفال من سن الثالثة عشرة على فنون القتال والسرقة، ثم يلتحقون بالجيش في الثامنة عشرة، ويصبحون جنودا كلهم، فالجنود أقوى وأغنى طبقات المجتمع الإسبرطي. أكبر رموز المجتمع الإسبرطي هو النُصب التذكاري( لاكيدموني) وهو ذكرى لتخليد الجنود الذين قتلوا في حروب إسبرطة!! وهو نسخة طبق الأصل من ضريح الماسادا في إسرائيل، فالماسادا يُخلِّد تسعمائة وستين يهوديا آثروا الموت على الاستسلام للرومان، وهو المكان الذي يقصده ضباط وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي ليقسموا عنده بأنهم لن يستسلموا أبدا!! إذن فإسرائيل اليوم ، هي إسبرطة بالأمس، وإن اختلفت التفاصيل، وتنوعت أسماء الأشياء، أفلا يحق لنا أن ندمج اسمها باسم إسبرطة ليصبح اسمها الجديد اسبرطئيل؟ أستعيدُ دائما صورة إسبرطة، عندما أتابع احتفالات إسرائيل بذكرى قتلى حروبها المتوالية من العسكر، وعددهم في هذه السنة 22876 ومن المدنيين 2443 وتكون الاحتفالات دائما قبل أيام من ذكرى تأسيس دولة إسرائيل، أو كما نسميها ذكرى النكبة. وأشعرُ بالتماثل التام بين إسرائيل وإسبرطة، عندما أستمع إلى خطابات زعماء إسرائيل بمناسبة ذكرى سقوط القتلى: فرئيس الدولة، حكيم بني إسرائيل شمعون بيرس، ذو المنشأ اليساري التقدمي، يقف في هذه الذكرى وقفة دينية عند حائط المبكى في القدس يوم 8/5/2011 ويقول: " إن الحروب مفروضة علينا، ونحن الدولة الوحيدة في العالم التي لا يمكنها أن تخسر الحرب، ثم عندما ننتصر، نعود لنطالب بالسلام، أنا أنصح أعداء إسرائيل، ألا يُجرِّبوا قوتنا المُدَّخرة"!! وشمعون بيرس لا ينسى أن يُعدد مزايا إسرائيل، فهو لم يمدحها بالديمقراطية والمساواة والعدل، ولم يفخر بإنتاج الأمصال والأدوية التي تشفي من الأمراض، ولم يفخر بتحسين البيئة الجغرافية، والبيئة الديمقراطية، ولم يُشر إلى اختراعٍ جديد لمكافحة الفقر، بل امتدح في الخطبة نفسها مصانع رافائيل العسكرية، ونبوغها في إنتاج صواريخ الأيرون دوم، المعترضة للصواريخ ، وهي منظومة القبة الحديدية الجديدة، كأول منظومة صواريخ في العالم أجمع، فالرهان الأكبر عنده، هو ذاتُ الرهان لمؤسس إسبرطة( لاكيديمون)، الرهان العسكري فقط! أما إيهود باراك، وزير الدفاع في إسرائيل، فهو عازف الاحتفالات العسكرية، نظَّم بالمناسبة أربعة وأربعين احتفالا، حضرها مليون ونصف المليون أوقدوا الشموع ووضعوا الأعلام على قبور شهداء إسرائيل في حروبها السابقة، كما أنه نظم أيضا أكبر المعارض العسكرية في إسرائيل، احتفالا بالمناسبة، في الساحات العامة لعرض الدبابات والأسلحة، على أبواب كل المدن، وبخاصة المدن العربية في إسرائيل، لكي يظل الفلسطينيون المنكوبون يتذكرون قدرات إسرائيل العسكرية، وهذا سيمنعهم من الإقدام على ما لا تُحمد عقباه! أما رئيس الأركان الجديد بيني غانتس، وهو من خريجي الدفيئات العسكرية الإسرائيلية، فقد أكَّد بدوره في كلمته في تل إسحق، على استعداد الجيش لحماية إسرائيل من الشر، وقال: "تتعرض إسرائيل منذ أكثر من ستين عاما للاعتداءات والحروب،وجيشنا يقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسُه الاعتداء علينا"! قال رئيس هيئة الأركان موشيه دايان، الذي خطب خطابا منذ أكثر من نصف قرن في 29 إبريل 1956 وقال فيه: " إن الصراع على الأرض هو قدر أجيالنا، فليس لنا خيار سوى الدفاع، وأن نكون جاهزين ومسلحين أقوياء مصممين، كي لا يسقط السيف من يدنا، ويتحول إلى أعناقنا" إسبراطئيل الألفية الثالثة هي من أكثر الدول في العالم ثراءً من تجارة السلاح ، وهي خامس قوة نووية في العالم، وهي أول دول العالم في استخدام المايكروكمبيوتر في الجيش، وهي ولكن...إلى متى ستظل إسرائيل تراهنُ على الجيش، كوسيلة وحيدة للدفاع عن نفسها؟
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصير خبزك
-
العطار والأحزاب
-
مصانع إنتاج البلطجية
-
نساء يحلمن بالقدس
-
رهن العرب في البنك الدولي
-
سياسيون راقصون
-
الإدانة في وثائقهم السرية
-
العرب أعداء الأرشفة
-
هل تستعد إسرائيل لحربٍ جديدة؟
-
كاميرا ابن الرومي
-
حكيم أم سطحي؟
-
هل أنت يساري؟
-
عميد شعر السخرية
-
هجوم بسلاح المربوط النووي
-
من مناجم الأشعار
-
الانتفاضة العربية
-
أدب مضغوط
-
من القبائل إلى الغروبات
-
صرخة بعث لفاروق جويدة
-
غسيل العار
المزيد.....
-
مصر تحظر الهواتف غير المطابقة للمواصفات.. ومسؤول: -مُقلدة وت
...
-
غارات أمريكية في الصومال.. ترامب يعلن استهداف أحد كبار تنظيم
...
-
كيف تجيب عن أسئلة طفلك -المحرجة- عن الجنس؟
-
الشرع: الرياض ستدعم سوريا لبناء مستقبلها
-
الاتحاد الأوروبي والرد على واشنطن
-
واشنطن تجمد ملياري دولار من أموال روسيا المخصصة لمحطة -أكويو
...
-
- الجدعان الرجالة-.. مشهد بطولي لشباب ينقذون أطفالا بشجاعة م
...
-
مفاجأة غير سارة تنتظر أوكرانيا من أحد حلفائها
-
زيلينسكي لا يعرف أين ذهبت الـ200 مليار دولار التي خصصتها أمر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في ثماني مقاطعات أوكرانية
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|