|
تعديل وزاري في اليونان / يوم خسوف القمر
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 3400 - 2011 / 6 / 18 - 13:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صادف يوم الخميس الفائت15 / 6 / عيد ميلاد رئيس الوزراء اليوناني السيد يورغوس باباندريو . وفي ذات اليوم شهدت أثينا خسوف كلي للقمر. حسب العرافات الإغريقيات القدامى، يقال أنها حادثة نادرة أن يولد شخص ما في يوم موت القمر..؟ مات القمر في تلك الليلة .. هل هو علامة شؤم لمستقبل سياسي ؟؟ فيما كان الغاضبون من مختلف الفئات الشعبية حتى " البرجوازية الوضيعة “. متحالفة مع البروليتاريا الجديدة العصرية . يتجمعون في مختلف الساحات العامة . ويطالبون بعودة قمرهم الذي ابتلعته الطبقة السياسية سواء الحاكمة ، أو التي تتربع على زعامة الأحزاب، ولا تجيد سوى الثرثرة، لكنها أحياناً تسقط حكومة بدون رصاص ولا دبابات. فالمواطن في العالم العربي يدفع ثمن الطلقة التي سيقتل بها...شئ مرعب أليس كذلك ؟. هنا يدفع من جيبه ومستقبل أبناءه ثمن اللحظة المعاشه . وفي العالم العربي يدفع حياته دفعة واحدة بدون تقسيط ، ثمن تحالف أحزابه التقليدية مع الطائفية السياسية والأجهزة الأمنية. في اليونان، لا أحد يرغب أن يكون رئيساً للوزراء..؟ . بيد أن رئيس الوزراء اليوناني عصر ذلك اليوم عرض تقديم استقالته ، في محادثة تلفونية مع غريمة التقليدي " أندوني سماراس " زعيم حزب الديمقراطية الجديدة .والأخير فصل حزبه على مقاسه بعد هزيمة " كرامنليس " في الانتخابات البرلمانية السابقة . تنحي " كرامنليس " عن زعامة الحزب. وعاد مواطناً عادياً وعضواً عاديا محترماً في حزبه. لم يقود انقلابا ولا تمسك بالكرسي السياسي . هذه أحد أوجه الديمقراطية القائمة على احترام إرادة الناخب. اقترح السيد سماراس على باباندريو تشكيل حكومة برئيس وزراء من خارج الكتلتين الكبيرتين .. كمخرج من الأزمة السياسية للبلاد لقيادة المرحلة المؤقتة تمهيداً لانتخابات عامة.. رئيس حزب التغيير الديمقراطي السيد " كوفيلي " الذي كان سابقاً عضوا في كتلة اليسار ، ثم انشق وشكل حزباً خاصاً له ، يقال أنه فرك يديه فرحاً فقد اقترح بعضهم تسميته رئيساً للوزراء . ..؟! لكن الفرح ، لم يدم سوى لساعات فقط. ثم عاد الى موقعة " الكفاحي " . كانت فرصة العمر بالنسبة له .رئيس الوزراء السيد باباندريو ، التقط الفكرة اعتبرها أنها تعني فشل حزبه بعد سنتين فقط من الحكم . وتسليم السلطة الى خصومة . رغم غضب " بروكسيل "من قرار رفضه لفكرة حكومة إئتلافيه مؤقته . من هذه الناحية لدية كل الحق لرفض الفكرة ، لأنها ليست المخرج الحقيقي . بابانديريو كان مثل محارب الساموراي إما أن ينتصر أو ينتحر. حتى العصر كانت البلاد بلا سلطة سياسية . احتل مئات الآلاف من الغاضبين كافة الشوارع المؤدية الى البرلمان ، حاصروا البرلمان وحالوا دون وصول النواب لعقد تلك الجلسة ، التي كادت أن تعصف بالبلاد أكثر من خسوف القمر. رئيس الديمقراطية اليونانية السيد " كارلوس بابولياس " عبر عن قلقه و استياءه لما يحدث حتى عصر ذاك اليوم اختفت الحكومة من على المسرح.. إستعان وزراء الباسوك بحبوب مهدئة للنوم . فللمرة الأولى يقذف المواطنون ممثليهم بالطماطم واللبن ويصفونهم بالحراميه . وبالمناسبة لا يوجد في اللغة اليونانية تعبير مخفف لتعبير " الحرامي " كما في العربية أن تقول فلاناً " لصاً " وليس حرامي من باب الأدب . الحرامي هو حرامي . كل السلطات في بلادنا " حراميه " وليسوا لصوصاً . في اليوم التالي استيقظ وزراء الباسوك على أنباء إحتمالات تعديل وزاي لمواجهة الأزمة . كان البحث جارياً عن كبش فداء. يتحمل تبعات الأزمة الاقتصادية الناتجة عن سوء إدارة المفاوضة مع صندوق النقد الدولي. وتوزيع الأزمة على أكثر من طرف لتخدير الشارع وإطفاء الغضب. رغم أن القنابل المسيلة للدموع لم تبقي للمواطن دموعاً ليذرفها على ما وصلت إليه حالة البلاد لكن لا أحد منهم بحث في جذور الأزمة الاقتصادية وحجم الفساد الذي مارسه الحزبان الكبيران في البلاد.. تماماً كما هي الحال بين فتح وحماس، لا أحد يعرف على ماذا اختلفوا...ثم كيف بقدرته تعالى اتفقوا ..؟ إنه نظام المحاصصة في القتل والمغنم معاً . ومع ذلك فهم قيادات فوق قانون المسائلة.. هل تعتقد أنهم قيادات لشعب ؟؟ لا داعي للتصويت للحفاظ على شعرة معاوية الذي كان أصلعاً أيام زمان بسبب دهاءه السياسي. نام أيضاً الوزراء على لائحة تعديلات..وزير الاقتصاد السيد "بابا كوستندينو" الذي كان وزيراً للاقتصاد نام في الليلة الثانية مطمئناً على أنه أصبح وزيراً للخارجية ، وتخلص من كم الشتائم والتهم الوجهة ضده . في الصباح تحول الى وزيراً للتنمية دون أن يدري ..؟ أكثر من ستة وزراء علموا بأخبار التعديل الوزاري ومواقعهم الجديدة من وسائل الإعلام. بل أن بعضهم أصبح خارج التشكيلة الجديدة دون أن يبلغه أحد ما بما يجري . كما حدث مع السيدة " كستيلا " وزيرة العمل أو وزيرة التنمية التي كانت حريصة على انتعال حذائها الرياضي تعبيراً عن ميولها الشعبية . ربما هي الوحيدة التي كانت تعتبر " نيو لوك " في الحكومة القديمة . أصغرهم سناً وأكثرهم رشاقة . ونظافة مالية. يقال أنها أعربت عن عدم رضاها فهبطت من جنة النظام الى جهنم الجماهير التي تعاني من جيوب مثقوبة في استمرار حملة تقشف عالية . الفقير يدفع الثمن ، بينما الغني فقد طار الى " كازابلانكا " أو في أحد البلدان " الشيوعية " السابقة يلتهم كافياراً روسياً .كان ممنوع في عصر الآلهة الحزبية القديمة. فقط للرفيق الأمين العام وشركائه، وضيوفه من الرفاق عجائز الأحزاب الأخرى ؟ مرة أخرى هناك حكومة جديدة، بيد أنها حكومة تقاسم مناصب الفشل، وسوء الأداء الحكومي.. خمسة حقائب وزارية تعرضت للتغيير ، الخارجية والاقتصاد والدفاع والداخلية والتنمية .حكومة تشتريالباسوك هناك حراك واسع من القاعدة الحزبية وعدم رضا عن أسلوب إدارة أزمة البلاد .حكومة تشتري الوقت وتبيع الأمل ، الذي لم يعد يقنع الناخب اليوناني الغاضب. فقد تحولت حركته مع حركة الغاضبون في إسبانيا وايرلندا وبريطانيا وإيطاليا الى تيار عام .. أيضاً روسيا البيضاء وبراغ دخلتا على الخط .. هل هو دوموينو أوربي ، مشابه للدومينو العربي ربما ..لكن مع فارق القمع والقتل ..؟ هناك رهان سياسي مزدوج من جانبين . السيدة مركيل و ساركوزي ، يراهنان على إمكانية تجاوز اليونان لأزمة ديونها المتعثرة عبر حزمة تقشف جديدة . فليس مسموحاً لها بالانهيار. وتفكك أوصال الاتحاد الأوربي ولا مسموحاً لها بالخروج من نظام " اليورو" . ومطلوب منها الطاعة كما في حالة المرأة التي تجبر على بيت الطاعة في الشرعة الإسلامي حتى ولو كان الزوج ذئباً وليس بشراً. وفي المقابل هناك رهان شعبي على أن الأمور تحتاج الى إصلاحات عميقة . لا أحد يطالب بحكم شيوعي ولا اشتراكي، لكن بنظام حكم، يجمع الخصائص والعناصر الإيجابية في مختلف نظم الحكم السياسية. موديل جديد سواء في الحياة السياسية أو الحركة النقابية . حركة الغاضبون لا علاقة لها بأي تجمع سياسي ووعاء حزبي. هي حركة مناهضه لكافة التشكيلات الحزبية والدكاكين القائمة. حركة شعبية قوامها الشباب ويدعمها العجائز الخائفين على مرتباتهم التقاعدية ، و على مصير أبناءهم من الشارع وجموع من المثقفين والفنانين والأكاديميين وفي مقدمتهم الموسيقار العالمي " ميكس ثيوداركيس ". أما يافطات الاشتراكية لهذا الحزب أو ذاك لم تعد تقنع أحداً . فكيف الحال مع الرفيق حفيد كيم أيل سونغ أطال الله عمرة أو مع ورثة الرئيس القائد الذي انتخب ذاته قائداً الى الأبد ..؟ وهم بالمناسبة أعضاء في الاشتراكية الدولية .. حتى الرفيق أبو مازن والرفيق بشار، وكذا الرفيق " يهودا باراك ". ومبارك وزين العابدين..الخ أما ملك الملوك فهو خارج اللعبة فمن تحزب خان، لكن على صالح الكذاب فهو رئيس نادي الكذب الدولي. أثينا على موعد أخر يوم الأحد إذا تقرر عقد جلسة للبرلمان لنيل الثقة على الحكومة الجديدة . والخطوة التالية هي محاولة إقرار برنامج الخصخصة الجديد..أي بيع ما تبقى من مؤسسات للدولة للقطاع الخاص الخارجي وليس المحلي. خسوف القمر سيستمر الى أن يستيقظ قادة الأحزاب الكلاسيكية من سباتهم . .؟! هناك مثل يوناني شعبي يقول " مانولي غير بنطاله وارتداه على الوجه الأخر" استقالت الحكومة ..جاءت أخرى لاشئ تغير. القضية ليست استبدال وجوه بل برامج ... مسكين " يورغوس باباندريو على حظه العاثر ففي يوم مولده خسف القمر وحوصر البرلمان . لكنه إشترى مزيداً من الوقت على ماذا سينفق هنا السؤال ؟. مثل حالتنا المزمنة ، ذهب " سلام فياض " سيأتي أخر..لكن ملفات الفساد وتقاسم الغنيمة والغنم هو شعار المرحلة القادمة . فلا معنى للزمن في الشرق الأوسط .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يُخلق من الطين الفاسد ...إنسان ؟!
-
- يالطا - أمريكية - روسية جديدة / رحيل القذافي.. وبقاء الأسد
...
-
- كرت أحمر - الى / الأخ فؤاد النمري
-
سجناء ..المرحلة السابقة ؟!
-
جدار عازل ...في العقل؟
-
عاشت الإمبريالية ... وتسقط / أنظمة الإحتلال العائلية الحاكمة
...
-
وردة الى دمشق .. الى زهرة الصبار
-
الله ..والرئيس .. والقائد .. وبس ؟!
-
شكراً وباقة ورد الى الأحبة .
-
لا جامعة الدول العربية..ولا تشافيز يمثلان رأي وموقف شعوبنا
-
ليبيا ... وخيار السيناريو الأسوء ..؟!
-
لا للتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا فقد تعلمنا كيف نحرر بلادن
...
-
الأحزاب العربية يميناً ويساراً / هي التي صنعت القذافي ؟
-
دكان - علي عبد الله صالح - وحده لا شريك له..؟
-
مصر .. تولد من جديد
-
هل يرحل - مبارك - الى الجبل الأسود ؟/ سيناريو أوربي - أمريكي
...
-
مع مجئ سليمان / مصر تطوي صفحة مبارك
-
- مصر - يمة يابهيه .. هو رايح وإنتي جايه..؟
-
إذهب الى الجحيم؟
-
اليسار الإلكتروني - الجذري - والوصايا العشر
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|