يانهر الدانوب ! هل احتضنتَ كدجلة؟ 70 جثة من حفلة زفاف يوما ما؟!

عزيز الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3399 - 2011 / 6 / 17 - 23:08
المحور: المجتمع المدني
    

من حقي أنْ أخاطب نهرا عربيا او غير عربي... من حقي ليس لإثبات الشاعرية أو التغني بمائه الهادر وهدوئه المثير للسكينة... فلا خطر من طيران الرقاب عند خطابك للنهر ولا خوف من مقص رقيب ولا رفسات جزمات العسكر وهم يقتحمون هالة ملكوتك الشخصي ولو كنت تتخيل وتحلم!
لمن لم يكن بفخر محبتي ،عراقيا ولا يعرف تفاصيل الأمر بقساوته ورسمه الإرهابي الهندسي القاسي الأبعاد أقول له ان قصة واحدة حصلت في منطقة عراقية اسمها شاطئ التاجي وهو ساحل مجاور لنهر دجلة الخالد الموشوم عراقيته في ذكرى كل عربي.. لا أريد تفصيل القصة ووهبها أبعادا للسيناريو لا يحتملها لا صبري النافذ ولا إتساع دهشوي لمآقي عيون لو ذرفت على حزائنيتها مئات الالتار كما ونوعا من دمع العيون المالح المذاق لكان نزرا يسيرا من مذاق سيل الألم للقصة. زفة عرس شعبية عشائرية فرح وحبور.. أطفال ونساء من آهالي العريّس مرة أخرى اكرر لست بارعا في رسم السيناريوهات فقد تركتها لهوليوود يوما ما تكتبها على محور تيتانيكي أو تكنيكي... جابهتْ عصابة لا تعرف للفرح أو البسمة طريقا في شرايين دمها الحقود فتم القضاء على الزّفة بأكملها !أقساها ليس قطع ثدي العروس بمنجل حراثة زراعي وتركها تنزف حتى الموت، بعد إغتصابها مرات ومرات أمام عريسها ... بل هو قتل الأطفال!
ارسموها معي تلك لحظات الخوف والهلع والفزع في نفوس هولاء الاطفال الذين قادتهم الأقدار لحتف غير محتوم يصفقون ويرقصون جذلا ساعات وساعات لتجد تلك الأيادي الغضّة الطرية نفسها مقيدّة بحيث لم أقوى على رسم بقايا المشهد في ذاكرتي! ويَلقونَ بهم واحدا تلو الاخر وهم معلقين بحجر وسط النهر الخالد دجلة الصامت صمت ابو الهول!
أسالك يا نهر السين يانهر باريس او باغيس باللفظ الملكوك هل مرت بك بسمات أطفال آلت للفزع طوال سنوات وجودك؟
اسالك يانهر الراين هل استقبلت مئات السنوات ضحايا سبعينيين كما استقبل دجلة في زفة عرس واحدة فريدة؟ في يوم واحد وساعة قسوة لامثيل لها في الكون؟
أسالك يانهر المسسيبي هل جادلت يوما في أحشائك صمتا للجثث وهي بالسبعين تلجك واحدا بعد الآخر منها اولئك الاطفال العشرة او العشرين او الواحد لا اعلم وهو حي يطلب منك النجاة ولكن المعصم مقيد والأحجار تسرع به للقاع بسرعة فرحه الغامر وحزنه الغامق!
وأخيرا أسالك يانهر الدانوب وأنت تنبع من الغابة السوداء في ألمانيا وتمرّ ببلدان أوربا العشرة ألمانيا – النمسا- سلوفاكيا- هنغاريا- كرواتيا- صربيا- بلغاريا- مولدافيا-اوكرانيا- رومانيا
هل شممت عطر عروس الدجيل؟ هل عرفت دمها ؟ هل جاءك من ماء دجلة قطرات تشهق حزينة؟ فانا اعرف ان المياه تتعارف ذراتها فهل وصلت لمياهك ، أسماكا أكلت الضحايا العراقيين المغدورين؟ هل تقبل شاعرية التحديق في صفائك ونقائك والحرص على عدم تلوثك.. ما همست له فيك نزف دم من حي؟ أسالك عن كارثة صمت صديقك البعيد دجلة الخير؟
أسألك هل سمعت؟ وعيت؟ صادفت؟ مغدورين عراقيين اولجوا عنوة في مياه دجلة الخير؟
الماء هو : H2O
ذرتان هيدروجين وذرة أوكسجين تركيبه الكيمياوي فهل تغير لديكم مذاق الماء مثل ما تغير في دجلة؟ هل من المعقول لاينتحب دجلة وهو يرى أقمارا تودع فيه مقبورة و مهشمة واحدا تلو الاخر؟
دعوة لكل كاتبو السيناريو في هوليوود خاصة ان يزوروا دجلة في موقع شاطيء التاجي، فدخولهم بلدي سهل يسير تماما كسيل ماء دجلة وان يحملوا حواسبهم ويراعاتهم وبراعاتهم ومعدات تصويرهم ذات التقنيات العالية جدا ويلجون عالما قصصيا ستنال الاوسكار حتما في كل مفصل ..موسيقى التصوير افضل قصة افضل سيناريو افضل نهاية افضل إخراج افضل نهاية ...
دعوة لهوليوود لتجلب مهندسيها وفنييها ومعداتها وامكانياتها الكمبيوترية والواقعية لتصور أفلاما قصصها تصلح بفرديتها وجماعيتها وتراجيديتها الانسانية، لمائة عام وستنال اهتمام الكون فسمك نهر دجلة الشاهد على جريمة قتل السبعين ضحية عراقية ورميهم بالماء ايضا سيكون لكم شاهدا وعونا وستنتحب لكم الضفة تروي قصص الأقدام وهي تترك اليابسة لماء دجلة مرغمة.
اريد نقلة في تاريخ هوليوود فلم يعد اليوم فقط ذكرى لمارلين مونرو ولغريس كيلي تثير إهتمام الناس مع إعتزازي بتراثهن ..اليوم ستجدون شخوصا حقيقية ترسم الألم والنزف والذكرى وتهبك مجانا مالم يكتبه قاص يبحث عن مجد وشهرة ومليونيرية.. هوليوود اليوم ستجد بحرا من القصص ومن القساوة التي لايستطيع الواصف وصفها...
وأعود أسأل الدانوب؟ هل قبروا فيك أحبة أو اعداءا يوما ما كما قبر الإرهاب في دجلة الخير 70 جثمانا عراقيا مغدورا كانوا في حفلة زفاف أرضي ثم انتقلت الزفة جميعها لدجلة وجلة والجة عنوة ؟

#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات