|
العيش على الحراب- سياسة نتنياهو الرسمية
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 3399 - 2011 / 6 / 17 - 21:38
المحور:
القضية الفلسطينية
ليس من الصعب للمراقب السياسي أن يفهم العاب نتنياهو السياسية. ، لرئيس الحكومة نتنياهو، يوجد سببا مفهوما له. فهو سياسي خائف على مقعده، وهذا يقرر في خطواته السياسية، مثلا، خوفه الأساسي يتعلق بمن يتزعم اليمين في الانتخابات القادمة. شريكه في الحكومة ، وزير الخارجية من حزب يسرائيل بيتينو يشكل تهديدا جديا على زعامة نتنياهو لليمين. اليمين في إسرائيل يتميز بانغلاق ثقافي وفكري غريب عجيب ، وبعيد بعقله وراء غيبيات الدين والأساطير التوراتية. حتى وزير دفاع إسرائيلي يميني سابق، مثل موشيه أرنس ، رأي خطر سياسة نتنياهو وحذر منها ، بدعوته إلى استيعاب الجماهير العربية في الدولة، ومساواتهم الكاملة كشرط للتقدم نحو الحل السلمي وعدم انتظار الحل مع الفلسطينيين أولا، لأن المسألة ستصبح عندها مستعصية وتوقع إسرائيل بمشاكل واسعة جدا مع الجماهير العربية . هذه رؤية عقلانية من وزير دفاع ليكودي سابق، يوجه نقده المغلف لرئيس حكومة الليكود( حزبه)ويدعوه للتعقل. وفي وقته أبطل ارنس ، عندما كان وزيرا للدفاع ، كل الإقامات الجبرية ( تحديد التنقل) على الشخصيات السياسية والثقافية العربية ، من رؤيته أنها تشكل عارا على النظام الديمقراطي، خاصة وإنها أوامر لوحق بها اليهود أيضا في فترة الانتداب البريطاني وهي أوامر من قانون الانتداب، ولكنها مستعملة اليوم ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة. نتنياهو يعرف بالتأكيد أن الخطر إذا كسر سياسيا إلى وسط الخارطة السياسية ، بطرد ليبرمان وإدخال زعيمة المعارضة وقائدة حزب كاديما تسيفي ليفني . عندها سيصوره اليمين في إسرائيل كيساري وخائن قومي.. والواضح انه بدون خطوة في التخلص من ليبرمان وبناء ائتلاف مع ليبني( كاديما) وبراك، المنشق من حزب العمل بكتلة الاستقلال، لا توجد أي بشارة إسرائيلية للتزحزح أنملة واحدة نحو المفاوضات ولا أقول الحل. ليبرمان يعرف كيف يخاطب اليمين، وكيف يشعل نيران غضبهم ضد " اليساري الخائن" نتنياهو، وله سابق تجربة ناجحة في ذلك، ففي عام 2006 ، أي الانتخابات قبل الأخيرة، حصل الليكود بزعامة نتنياهو، على 120 صوتا أكثر من يسرائيل بيتينو بزعامة ليبرمان.وكان نجاح ليبرمان تعبيرا عن ظهور التيار اليميني بكل قوته الانتخابية. وهذا ما يرعب نتنياهو الذي تجاوز ليبرمان بعد خطابه في الكونغرس كقائد لليمين المتطرف في إسرائيل. ولا ننسى أن كايدما أيضا هي حزب يميني وسطي، والعمل ليس أكثر يسارية ، وهناك الأحزاب الدينية المتطرفة أيضا . واليسار في إسرائيل يبدو هزيلا ومشتتا، ولم ينجح بالتحليق، بل يتميز وضعه بالتراجع المتواصل. صحيح أن ائتلاف مع كاديما ( ليفني) وكتلة وزير الدفاع باراك ( الاستقلال) ستوفر لنتياهو كتلة من 60 عضو كنيست. وربما تتحد هذه الكتل بحزب واحد يشكل حزبا كبيرا في إسرائيل ( يمين وسط )، هذا إذا التزم نتنياهو بخطاب بار ايلان الذي تحدث فيه عن دولتين لشعبين ، ثم صار يبحث في أوساخ السياسة اليمينية عن حجج هزيلة للتهرب من المفاوضات ، ومن خطاب بار ايلان. إذن ما هي سياسة نتنياهو؟ المشهور عنه انه متقلب مثابر، وهو رئيس حكومة يعمل من اجل بقاء سلطته وليس التقدم لأي حل. ليس في القضية الفلسطينية فقط، إنما في الكثير من القضايا الاقتصادية والداخلية الملحة أيضا. ما يهم نتنياهو أن يستمر رئيسا للحكومة. لذلك سياسته هي سياسة "اللفلفة". وهو فنان في هذه السياسة. قرأت في هآرتس الأسبوع الماضي ، مقالا لكاتب إسرائيلي هو الكاتب "اتجار كيرت " ، رافق نتنياهو في رحلته الإعلامية ، الفارغة من المضمون، إلى ايطاليا، حيث زار زميله ، المتورط بفضائح جنسية، بيرلسكوني "لإقناعه" بما هو مقتنع به سلفا، بأن لا يدعم الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة لإعلان دولة من طرف واحد.. أي أن الزيارة كانت إعلامية أكثر منها تسويق للموقف الإسرائيلي. ويقول الكاتب ، أن زوجته أعطته بطاقة ليقدمها لنتياهو كتبت فيها انه من أجل مستقبل أولادي وأولادك وأولاد شعبنا كله ، يجب إيجاد حل للنزاع الدموي على أساس دولتين لشعبين، ولكنه رفض نقل البطاقة ، لأن نتنياهو ليس حائط المبكى حيث اعتاد اليهود أن يضعوا في الشقوق بين حجارته طلباتهم من الله ، حتى ينفذها بلا تعويق!! ولكن الكاتب سأل رئيس حكومته في مؤتمر توجيه للصحفيين المرافقين لنتنياهو، عن النزاع وآفاق الحل، وكان جواب نتنياهو مرعبا، قال :"هذا نزاع غير قابل للحل، لأنه ليس نزاعا على أرض، الموضوع لا يتعلق بأن نتنازل عن كيلومتر أكثر ونصل إلى حل، إن جذور النزاع، توجد بمكان آخر على الإطلاق. حتى يعترف أبو مازن بإسرائيل كدولة يهودية، لن تكون أي طريق للوصول لاتفاق". وفي بحث للكنيست قبل أيام حول سياسته، كرر نتنياهو نفس الموقف:"السبب لوجود نزاع هنا، وهو يتواصل،هو رفض الاعتراف بالدولة القومية للشعب اليهودي بالحدود القائمة". أي أن البشارة للشعب اليهودي، وللشعب الفلسطيني ، وللشرق الأوسط كله، استمرار النزاع الدموي وربما انتقاله لمستويات رهيبة لا سابق لنا بها. ولا أعني العنف فقط ، إنما تشكيلة واسعة من الإمكانيات السياسية والالكترونية والعسكرية والسلمية والعلمية التي ستحول حياة المنطقة إلى جحيم، لذا ليس بالصدفة أن إنسان عقلاني مثل ابراهم بورغ ( رئيس سابق للكنيست، وريس سابق للوكالة اليهودية ) سبق وأعلن رفضه لصهيونية إسرائيل الرسمية، ورفضه للدين كما تطرحه الأحزاب المتطرفة . ورفض نهج الاستيطان ودعا إلى فك المستوطنات وعودتهم إلى داخل إسرائيل.. بل ودعا الشعب الإسرائيلي إلى الحصول على جواز سفر إضافي من دولة أخرى، لمن يستطيع ذلك، ضمانا من أيام سوداء..!! دعوة تثير الكثير من الخوف أطلقها شخص مسؤول (بورغ) ويعرف ما يدور في مطابخ السياسة الإسرائيلية. نتنياهو إذن طرح ، بلا تردد أو تفكير ، استمرار النزاع الدموي إلى الأبد. هذه هي سياسة نتنياهو حرفيا. إن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية هي لعبة سخرية، يقصد منها إهانة الشعب الفلسطيني وقيادته، وليس الاعتراف حقا، ياسر عرفات سبق وان أعلن قبوله مبدأ حل على أساس دولتين لشعبين، واعترفت منظمة التحرير بإسرائيل كما هي معرفة في الأمم المتحدة.ولم يطلب رابين وقتها أي اعتراف آخر. تعالوا نتحدث بدون حساسيات. الاعتراف بدولتين ، وهو موقف السلطة الفلسطينية أيضا ، منذ عرفات واتفاق كامب ديفيد، والاتفاق ساري المفعول. ماذا يعني مبدأ دولتين لشعبين التي طرحها الفلسطينيون ورئيس حكومة إسرائيل الأسبق اسحق رابين، وحتى نتنياهو في خطاب بار ايلان؟ هذا يعني دولة عربية للشعب الفلسطيني، ودولة إسرائيلية ( أو عبرية) للشعب اليهودي. إسرائيل لن تكون دولة الشعب الفلسطيني رغم وجود أقلية كبيرة تقدر ب 20%، هذه الأقلية ستحصل على حقوق المواطنة الكاملة في دولة إسرائيل، التي هي دولة الشعب اليهودي!! نتنياهو يريد كما تقول هآرتس من هذا الاعتراف أن يلتزم محمود عباس بأن اليهودي الساكن في بروكلين أو لندن، له الحق على البلاد أكثر من مواطن عربي في تل أبيب ، أو القدس أو حيفا، وبذلك يغترف أن الفلسطينيين هم غزاة أجانب لأرض الشعب اليهودي. هذا ليس اعترافا بدولة، وأقول بوضوح انه لن يكون ، حتى لو استمرت ضريبة الدم للجانبين مائة سنة أخرى، وما يرعب أن التطورات القادمة لن يكون لها إطار يمكن ضبطه ، وسيعاني عالمنا كله من تسيب مقلق ومهدد لأمنه ، وقد تبدو حادثة أبراج التوأم تدريبا لما هو آت !! من هنا قراءة الاتحاد الأوروبي أكثر فهما لأهمية الحل على أساس اقتراح اوباما (حل على أساس حدود 1967 ) ولكن إدارة اوباما تبدو أنها أضعف من أن تواجه رئيس حكومة أحمق ، يلقى دعما سياسيا في الكونغرس، ولدى اللوبي اليهودي شديد التأثير على السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية.
[email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-ارض الباسيفلورا الحزينة - تغزو -ارض البرتقال الحزين-
-
بين دولة تطور العلوم ودول تشلها الهرطقة
-
وجودنا في وطننا، ليس هبة من السلطة !!
-
لقاء في الجامعة
-
لا تدفنوه .. انه يتحرك..!
-
خطاب نتنياهو: السلام أسير عقلية الغيتو الصهيونية
-
نهاية الشرق الوسط القديم
-
غور الأردن : صورة مصغرة من البوم الجرائم المتراكمة ضد الفلسط
...
-
نهج سري للأحتلال في المناطق المحتلة عام 1967 حرم 140 الف فلس
...
-
القضاء على المؤامرات بالمجازر ضد الشعب
-
أي مستقبل للعالم العربي إذا ظهرت إسرائيل أخرى من ورائه اسمها
...
-
قضية مشينة .. تفجرها دورية إسرائيلية جديدة !!
-
بشارة الاتفاق على حل النزاع هو اللبنة الأولى للدولة الفلسطين
...
-
حكاية زوجان نموذجيان
-
ليست مخلوقات فضائية التي قتلت جوليانو وفيتوريو
-
الاستقلال من الاحتلال - استقلال للشعبين!!
-
كتف سلاح لحراس الهمزة
-
السيدة المحترمة جميلة
-
عشرون عاما على تأسيس فرقة الناصرة للموسيقى العربية
-
في إسرائيل: لا يرون إلا الجانب الذي يعجبهم
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|