|
رجال دين شبّيحة وبلطجية
حنان بكير
الحوار المتمدن-العدد: 3398 - 2011 / 6 / 16 - 12:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يبدو أن البلطجة، قد غدت موضة العصر وسمة من سمات ظرفنا العربي المتفجّر. كان " البلطجيون" عبارة عن مجموعات خارجة عن القانون، تمارس انواع الانتهاكات بكل أشكالها. من عنف لفظي ونهب وسرقة وقتل .. وكانت مهمة الدولة محاربة هؤلاء الشبيحة أو البلطجية، لا تهمّ التسمية فالمضمون واحد. وفي عصر انتفاضاتنا، أصبحت الأنظمة والحكام يمارسون البلطجة بإمتياز وكفاءة. فاندحر البلطجيون الدراويش وانكفأوا في جحورهم.. والآن دخل على خط البلطجة، رجال الدين! والبداية من آخر تصريحات البلطجة.. فقد تناقلت وسائل الاعلام، استقبال المفتي محمد رشيد قباني، بكلام لا يليق برجل عادي، فما بالك برجل دين ويتبوأ أعلى سلطة دينية للمسلمين السنّة في لبنان، وهي الطائفة التي تعدّ بأكثر من مليار مسلم في العالم. فقد وصف "سماحة" المفتي، الفلسطينيين بالزبالة!!! ودعاهم الى مغادرة البلاد، فهم ضيوف غير مرغوب فيهم، وان مدة استضافتهم قد انتهت! ولم ينس أن"يبشّرهم" بأن قضيتهم لن تنتصر!! واتهمهم " بإغتصاب " أملاك الوقف الاسلامي، ونعتهم " بالمغتصبين"!! قبل التعقيب على هذه الأقوال وهذا الأسلوب في التخاطب، والذي لا نشهد له مثيلا الا في أسلوب البلطجية الذين نشاهدهم في السينما فقط... سوف أذكّر بمواقف سابقة، ومن نفس العيار، وذات المستوى.. فقد سبقه الوزير نقولا فتّوش وقبل سنوات، بوصف الفلسطينيين بالنفايات البشرية! وحصل أن "لعق الوزير بصقته"- آسف لاستعمال هذا المثل المقرف- بالإعتذار، بعد أن جاءه تهديد منير المقدح من مخيم عين الحلوة. وقد علمت بأن نائب محمد رشيد قباني، قد قام بزيارة الممثلية الفلسطينية في بيروت وقدم اعتذارا.. ويبقى على المفتي ان يقوم بالإعتذار وعبر وسائل الاعلام.. وبعد تصريح الوزير فتّوش، قام الكاتب والصحفي والصديق صقر أبو فخر، بالرد الحضاري على الوزير، بأن أظهر الدور الحضاري والرياديّ- بالأسماء والأرقام- للفلسطينيين في لبنان.. وأتمنى عليه إعادة نشره، للذكرى فقط. وما دمنا في هذا الحديث، والشيء بالشيء يذكر، فقد حضرتني فتوى رئيس هيئة علماء المسلمين سماحة الشيخ الدكنور يوسف القرضاوي، التي تبيح رجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتفاوضه مع " العدو" هذا العدو الذي زار قطر الشقيقة العربية، ولم نسمع منه اي فتوى من أي عيار؟؟ بل إن من أعلنت الحرب على غزة، تسيبي ليفني، قد زارت إمارة قطر واستقبلت بحفاوة في مقر قناة الجزيرة!! الشيخ القرضاوي نفسه، ايضا كان قد أصدر فتوى بقتل الرئيس الليبي معمر القذافي! ليس دفاعا عن صاحب المقولة الشهيرة" بيت بيت زنقة زنقة".. وانما من باب الدعوة لرجال الدين أن ينأوا بأنفسهم عن الحرب والسياسة و"البزنس" وإعادة الروحانية للدين وتنقية العلاقة بين الخالق والمخلوق. بالعودة الى المفتي محمد رشيد قباني، فإن سماحته آخر من يحق له اتهام الفلسطينيين بالإغتصاب والسرقة، بعد سلسلة فضائح الفساد المالي التي تورط بها مع ابنه راغب، واتهامه "بإغتصاب" أموال الزكاة والصدقات والتبرعات، الممنوحة ، لمساعدة المحتاجين من المسلمين، وليس لجيوب رجالات الإفتاء وابنائهم وشركاتهم الوهمية، التي هي في الحقيقة حسابات مصرفية، غالبا ما تكون في بلاد الكفر! فهذه أموال وقف تحذر كل الأديان "أكلها"! ورغم الضجة الكبيرة التي أحدثتها الفضيحة، ومطالبة شخصيات لبنانية كبيرة بإستقالة المفتي، وتشكيل هيئة تحقيق بذلك، إلا ان أحدا لا يعلم كيف تمت "لفلفة" الموضوع، ومرّ "القطوع" بسلام، وكأن شيئا لم يكن! ويمكن للقارىء قراءة المزيد من تفاصيل القضية، في المواقع الإلكترونية!! إذا كان تاريخ الطائفة السنية في لبنان قد ارتبط بالمقاومة والمشروع الوطني، فإن المفتي الحالي وبمواقفه الظاهرة والمخفية، تعلن براءة جزء كبير من الطائفة وتنصلها، من المقاومة ومن أي توجه وطني! وبما أن الفلسطيني قد أصبح ضيفا ثقيلا، ونحن نؤيدهم في ذلك، فلماذا اذن التماهي مع المشاريع الصهيونية؟ ولماذا لا يتم السعي والدعم لإحقاق حق الفلسطيني في عودته الى أرضه المسلوبة؟ وماذا يقصد سماحة المفتي، ببشارته التي أطلقها "أن قضيتكم لن تنتصر"؟؟؟ هل هي رسالة نفاق الى جهة معينة ، وإعلان وفاء لها؟؟ نهيب برجال الدين أن يكونوا قدوة في الاصلاح والتسامح والمحبة، وليس قدوة في البلطجة والأقوال البذيئة التي كان ينهى عنها الرسول، ولا نعتقد بأن الرسول قد تفوّه بمثلها، فلماذا الادّعاء والتسمية ب "أهل السنّة" اذن؟؟ لم أتحدث ولن أتحدث عن البعد الإنساني والأخلاقي للموضوع، لأننا لا نملك ثقافة حقوق الانسان، ولا نجيد التفكير بطريقة انسانية.. ولا نعرف معنى الأدب والأخلاق اذا ما تعارضا مع مصالحنا المادية!! لذا أرى ان من حقنا ان نخشى ونتوجس شرا وتخلفا، من مشروع إقامة دولة دينية، أو حتى دولة متدينة، كبديل للدولة المدنية في ظل رجال دين ينطقون بإسم الله، ويتفوهون ببذيء الألفاظ، وينأون بأنفسهم عن الأخلاق الحميدة والانسانية!!! مخيم الداعوق خلفية الخلاف بين المفتي محمد قباني والوفد الفلسطيني الذي زاره، للتفاهم حول منطقة المخيم، والتي حدت بالمفتي الى استعمال ألفاظ لا تليق برجل دين، وقد بلغني بأن رجل الدين قد قال للوفد من ضمن ما قاله".... بدكو توصلوها للرئيس وصلوها على إجري" !!! أقيم مخيم الداعوق على أرض كان يملكها المرحوم عمر الداعوق، الذي لم يكن له وريث فتبرع بها لإقامة مخيم للفلسطينيين، الى أن يعودوا الى ديارهم. تقع تلك الأرض في بيروت خلف مستشفى دار العجزة الاسلامي، والمدينة الرياضية. مرت على المخيم كوارث عديدة، وقد دمّر بشكل كبير في الحرب التي سميت بحرب المخيمات، من عام 1985-1988. زرت المخيم في منتصف التسعينات، لإعداد تقرير عن وضعه المأساوي، لجريدة الخليج الإماراتية.. كانت تلك زيارة يتيمة، للأسف أني لا أملك نسخة عن التقرير المنشور في جريدة الخليج... تجولت بين بعض البيوت القليلة التي بقيت، والتي تسمى مجازا بيوتا، برفقة مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم.. باختصار كانت البيوت منخفضة وتشكل منحدرا سهلا للأمطار ولمياه الصرف الصحي الآسنة.. فاضطر اصحابها لبناء سدود أمام مداخل البيوت، لمنع السيول من مشاركة الناس السكنى في تلك الأكواخ، فكان علينا إجادة التسلق للعبور الى الداخل... أما الخطر الأكبر فكان الخوف من مهاجمة الجرذان العملاقة والكثيرة العدد للناس، وخاصة الأطفال.. فما أن تقارب الشمس على المغيب يتحول المكان الى منطقة مهجورة وتتحول أشباه البيوت الى مقابر!! تم الان تجريف البيوت، وقد ضم مستشفى دار العجزة الاسلامي جزءا من الأرض، وبدأ الفلسطينيون اصحاب البيوت، بإعادة إعمار بيوتهم التي تهدمت... فتصدى لها المفتي باعتبارها وقفا اسلاميا!!! أنقل هنا عن المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان" راصد"، ما قاله رجل الدين:" أنت معتدون، مغتصبون لأرض الأوقاف، وأنتم تجار، وأنا سوف أدافع عن الأوقاف لو كلفني ذلك كل شيء... انا لست حكما فقط، انا عندي سيف... نحن استضفناكم ولم نعد نريدكم ضيوفا... أنت زبالة... ولن تنتصر قضيتكم... أنا ضدكم وسأجرف الداعوق" .. واستمر بحسب الوفد بتكرار مثل هذه الإهانات لعدة مرات، ليقف بعدها مشيرا الى" انتهاء الزيارة"، وتابع قائلا " أنا ضدكم، وهذا الموضوع معي، وانا خصمكم، ولن أسمح لأحد التدخل بذلك...
#حنان_بكير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحق عالطليان
-
نيرون مصر
-
كشف مستور.. الرأي والرأي الآخر
-
حق العودة= الهولوكست
-
يدخلون في دين الله أفواجا... لماذا؟
-
دولة المواطنة هي البديل
-
التاريخ بين الحقائق والأحقاد
-
مشاهد سريالية 3 / عن التاريخ والعلمانية
-
هوس ديني أم كبت جنسي؟
-
فضائية يسارية علمانية !!!
-
مهاجرو فرنسا/ الوجه الآخر
-
مشاهد سريالية2/ عن الكتابة والتدوين
-
مشاهد سريالية
-
اشكالية العلاقة بين العلمانية والوطنية
-
شرق أوسط بلا مسيحيين 2/ عود على بدء
-
بين الأمس واليوم. هنا.. وهناك..
-
الذاكرة تثمر في الشمال البارد
-
على خطى ابن رشد التنويرية
-
صراع الآلهة على الأرض
-
آسف... فقد انكرتك يا أختي
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|