محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3398 - 2011 / 6 / 16 - 09:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان لموقع الحوار المتمدن الفضل في ان اعيد مناقشة عدد من الافكار التي كنت اخال انها ترتكز لدى علي دعائم ثابتة .
واحدة من تلك المسلمات كان ايماني العميق بأنتمائي (كفرد) الي جنس ممتد الحضارة عبر تاريخ طويل يدعي بالمصريين .. واننا ( كمصريون ) نختلف شكلا و موضوعا عن جيراننا من عرب و شوام او سكان ليبيا و السودان .
متابعة انتاج الزملاء علي الحوار المتمدن جعلت هذه القناعة تتآكل ببطء حتي تنقلب الي عكسها .. فالالم ،المعاناة ، القهر .. وحدوا ملامح ابناء المنطقة التي تمتد من العراق الي الجزائر شرقا و غربا، ومن أطراف سوريا للصومال شمالا و جنوبا وجعلت منهم شعبا واحدا متفردا دون شعوب اخرى محيطة ( فارسية ، هندية ، تركية ، تتارية ، زنجية ، او اوروبية ) بانه ذو سقف طموح منخفض يتمحور حول تأمين احتياجات الانسان الاساسية .. شعب محدود الآمال خائب التوجهات عال الصوت ضعيف الانجاز .
شعوب المنطقة منذ ان اجتاحت أوطانهم جحافل الرعاة – التي خرجت من جدب الصحارى – تسعي فتنتشر و تتوغل بحثا عن ما بيد الغير من خير ثم تنتهي الي ان تنوء بكلكلها علي ارضهم تحكم و تتحكم .. يتعرضون بشكل مستمر لقهر المحتل، العسكر، او حكام قوميين فاشيست بالاضافة الي تغييب عقلي يزاوله باصرار من يعدون انفسهم لركوب اعلي موجة عصيان الشعوب يروضون من انتفضوا و من لم ينتفضوا لحكم شرائع دينهم .
الغزو، القهر، التغييب صب شعوب المنطقة في قوالب متشابهه للبؤس ، الفقر ،المرض ، الشقاء ، التخلف، فقدان الهوية، والاقصاء خارج دائرة اتخاذ القرار لا يبرحونه عبر الف سنة ..كتابات حامد حمودى عن ما حدث لة في ليبيا ، تونس و تركيا وخوفة علي اسرته و بناته كانت اضواء كاشفة لحقيقة التدبير المتعمد لمسخ انسان المنطقة و تشتيته بين الاوطان التي لا تصلح لمعيشة البشر .. حلم حامد الذى تقلص ليصبح ان نجلس سويا بحديقة عامة نراقب سمك يسبح في احواض و نتبادل حوار متمدن جاء كما لو كان منسوخا و صورة لا تفارق خيالي لحديقة في باريس او نيويورك حيث يجلس كبار السن من رجال ونساء ينعمون بالخضرة النظيفة و السكون و الخصوصية التي لا يقطعها نداء بائع او ضجيج ميكرفون الاذان .. ومع ذلك فهذا الحلم بعيد المنال فحامد محروم منه لان باسبوره الذى في حكم المنتهي الصلاحية ويزينه صورة صدام حسين لا يسمح له بالتنقل الحر .
العرب الذين خرجت قوافلهم تدعو الي سبيل ربها بالقتل، النهب، الاغتصاب، الحرق، التدمير، وكل الجرائم المصنفة الان انها ضد الانسانية لم يكن هدفهم نشر دين محمد ( بعضهم كان ضد محمد مثل ابناء ابي سفيان ) بقدر ما كانوا يهتمون بملء بيت المال بما نهبوه من قوم مذعورة ( كانوا بالامس سادة و احرار) تزحف علي بطونها و عينها علي سوط الجلاد الارهابي الحاكم تتوقي ان يطبق عليها شريعتة الوحشية الدموية التي تقطع فيها الاطراف و تسبل العيون و تجذع الانوف (لا اعرف اذا كانت تعابير صحيحة ) وتجلد و ترجم دون نقاش او محاكمة .
شعب الشام الذى اسس حديقة فواكه و زهور المنطقة و اثرى فنها و علمها، اين ذهب بعد ان قبض اباطرة امية عليه يستعبدونه وينعمون بخيره ويسرقون جهده و يسوقونه بالكرباج و الجزية .. شعب العراق الذى خرج من صلب اشور و بابل فابدع اول مجتمع مدني و اول حضارة مدونة كيف تم اخفاؤه و ترويضه ليظهر هارون الرشيد و الامين و المامون ومن تلاهم من اجلاف الخلفاء العباسيين ..شعب مصر بكل ما يملك من تراث علمي و انساني كان الالهام والاصل و المصدر لليونان و الرومان و لاوروبا كيف تحول الي موالي يستنزفهم عبد الله بن ابي سرح و يملأ عمرو خزائن بيت المال الخطابي من خيرها .. لماذا استسلم المصرى لنهب الاخشيدى او ابن طولون الذى تحكي الاساطير علي الاموال التي تركها بعد وفاته و عن افراح زفاف قطر الندى - التي تم تجهيزها بما لا يمكن تخيله من ذهب و جوهر و حرائر- للخليفة العباسي .
شعوب المنطقة التي اختفت من كتب التاريخ كان يطلق عليها رعاع، سوقة، دهماء ولم تكن معروفة حتي احتل مصر نابليون فرسمهم و كتب عنهم لنعرف انهم كانوا يعملون في كل الحرف و الاعمال في حين ان مضطهديهم كانوا يعيشون في كسل و دعة، كما لو شكلا تجسيدا لرواية هـ. ج . ويلز آلة الزمن، حيث كان عمال المصانع ينتجون تحت الارض دون ضجة بينما يصخب الحكام اعلي الارض مدللين لا يرجي منهم فائدة.. فتكتسحهم موجة خلف موجة من غزاة التتار و المغول و العثمانيون و الفرنجة لتنتهي باحتلال انجليزى فرنسي يقسم المنطقة و يقطعها ليسهل له قهرها .
التتار (مسلمون ) و المغول ( مسلمون ) و العثمانيون (مسلمون ) ارتكبوا افظع جرائم الحرب و افظع المجازر الانسانية .. ضد المسلمين في دمشق وحلب و بغداد تندى لها الجبين خجلا فلقد كانوا يجمعون النساء في الجامع و يعتدون عليهن امام اهلهن من الرجال، او كما ساق تيمور لنك الخيل علي اطفال الاسرى لان الله لم يلن قلبه عليهم، سقوط بغداد المسلمة علي يد المسلمين و ثيقة قسوة و حقارة و تخلف اطاح بكل منجزات الترجمة و الاجتهادات العلمية و عاد بها الي العصور البدائية كما فعل الامريكان مع مطلع القرن الحالي .. المسلمون دائما في غاية الغلظة سواء هؤلاء الوحوش الذين كانوا يذبحون الضحايا امام كاميرات التصوير او هؤلاء الذين كانوا يكونون من الجماجم تلالا عندما غزو الهند و اوروبا .. الهندى لا زال حتي اليوم لا ينسي ما فعلة المغول في اجداده .. كتب التاريخ تحكي وتقص.. و الاوروبي لا يغفر ابدا لابناء عثمان ما فعلوا و لعل رواية كازنزاكى " الحرية او الموت " تحكي طرفا من غباء و سماجة و جهل الحاكم التركي المحتل ..المسلمون عربا او اجناس اخرى رفعت رايات الاسلام لم يتوقفوا ابدا عن الغزو و النهب و الترويع للمسالمين من سكان المناطق الزراعية، ولا زالوا حتي اليوم يكونون في مصر جيتوهات حول المدن يزاولون السرقة و النهب و تحصيل اتاوات عدم الاعتداء .
وهكذا وحد القهر شعوبنا .. من يقرا ما يكتب في الحوار المتمدن لا يستطيع ان يفرق هل الكاتب يكتب عن مصر، سوريا ، ليبيا ام الجزائر نفس المشاكل، نفس الاثام ، نفس الترويع ، السقف المنخفض للاحلام .. لهذا عندما عرض حامد ان نجلس في حديقة عامة نراقب السمك تبنيت الحلم ثم تبينت انه غير قابل للتحقق الا في باريس ، ميلانو ، اثينا ، مدريد او حتي قبرص .
الحلم لازال بعيدا وقد لا يتاح خلال الايام الباقية لي علي الارض فالهبات بدأت في الخفوت و محترفي التعويق يعملون بجد و امريكا تدفع برجالها لاحتلال المقاعد الشاغرة ولن يكونوا بخير من سابقيهم هكذا دائما الكومبرادور والشعب لا يعرف الفرق بين الدين كعلاقة خاصة بربه تفيض بالحب الذى يشمل العالم بجماده و حيوانه و نباته و حشراته وبشره .. وبين ذلك الذى يروج له كحارس علي سلوك الفرد يقومه و يروضه و يدخله في قوالب جامده اعدت منذ الاف السنين تضمن الا يخرج عن الصف ولايكون له راى مخالف لرأى الولي المتصل بخط انترنيت سريع مع السماء يعرف ما تريد ومن الذى ترضي عنه ومن هذا الذى سيلقي عذابا اليما .
العزيز حامد حمودى ، هشام ادم ، الحكيم البابلي ، ليندا كبريل ، محمد الحلو ، نهي عايش ، عبدالله ابوشرخ ، محمد بن عبد الله ، كاترين ميخائيل ، رعد الحافظ ،عبد القادر انيس ، محمد البدرى .. نحن شعب واحد يجمعه الام الوعي باننا بشر و لسنا كائنات مقولبة يصكها شيخ او ولي لصالح خليفة .. نسيت المشاغب نبيل المصرى.
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟