حميد هيمة
الحوار المتمدن-العدد: 3397 - 2011 / 6 / 15 - 15:49
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ولد "العهد الجديد " في حضن دستور 1996 ، الذي توطأت الحركة الديمقراطية ، باستثناء منظمة العمل الديمقراطي سابقا ، على تمريره سياسيا بـ"نـعم" تأسيسا لمقدمات مسلسل "التوافق" ؛ التي سترتسم ملامحها النهائية في حكومة الأستاذ "ع الرحمان اليوسفي " سنة 1998 .
و الحال أن "العهد الجديد " ، الذي زف "أوراش" التنمية ، كان في حاجة إلى دستور جديد لتوثيق/ ترسيم لحظة "التوافق" و "العهد الجديد " بالرابطة الدستورية. بيد أن الاستنكاف عن هذه الخطوة السياسية ، بتزكية من معظم الأحزاب ذات المصلحة ، عجلت بفقدان "العهد الجديد " لبريقه ، و أنهت زمنه السياسي ، رسميا ، بالخروج عن "المنهجية الديمقراطية " ، و في المحاولة الفاشلة لإعادة إنتاج "تونسة " العمل السياسي في أفق ترسيخ حالة "الاستثناء المغربي" .
الآن ، اهتزت مثل هكذا قناعات ، بعد صدمة 20 فبراير ، و ما أعقبها من خطاب ملكي لـ 9 مارس ، و اضطرت الدولة إلى إعادة صياغة رهاناتها السياسية وفق ضغط اللحظة بدءا بالإعلان عن إنشاء لجنة ، برئاسة السيد المنوني ، لمراجعة الدستور . لكن بعد استنفاذ (13) سنة ، و ربما أكثر في القياس السياسي للزمن ، في قاعة الانتظار و المراوحة مع ما يرتبط بذلك من أثار على الذات المريضة .
لقد سجل على الدستور المرتقب ، منهجيا ، الاعتماد على صيغة تعيين لجنته ، و بأسماء تنحدر مواقفها عن سقف خطاب 9مارس ، وهو ما عزز شرعية التخوف من الاستمرار في التأسيس للخروج عن "المنهجية الديمقراطية " . بينما المناخ السياسي الوطني و الإقليمي ، كان يقتضي فتح الورش الدستوري للنقاش السياسي العام و المفتوح على الأسئلة الحقيقية و المنصت للأطروحات الوطنية و الديمقراطية كعتبة أساسية لانتقال المغرب إلى نادي الدول الديمقراطية .
و مهما يكن مضمون المتن الدستوري المرتقب ، فإنه سيواجه مشكلتين ، على الأقل ، في تقديري : أولا ، تغلييب القراءة المحافظة لفصوله أثناء الصراع السياسي . و ثانيا ، فقدانه لشرعية الإصلاحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الضرورية لتطعيم شرعية السلطة ؛ باستدماج الشرعية الديمقراطية ، بمواصفاتها الكونية ، إلى جانب الشرعية التاريخية و الدينية ، كأساس لشرعية الدولة الحديثة . هذا التوليف الذكي و الممكن تاريخيا و سياسيا هو ما يعبر عنه ب"الملكية البرلمانية " بصيغة تخول للشعب أن يكون مصدرا للسلطة و القرار ، و تؤكد على الفصل الحقيقي بين السلط ، و تصون الحقوق استنادا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
إن الشعب المغربي يريد ، إلى جانب باقي مطالبه الــ20 الملحة ، دستورا ديمقراطيا هنا و الآن .
عمود صحفي بأسبوعية "الرهان" المغربية .
#حميد_هيمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟