|
الاشتراكية، قدر البشرية لمناسبة الذكرى 87 لثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى
مالك عنيد
الحوار المتمدن-العدد: 1012 - 2004 / 11 / 9 - 11:38
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إعداد/ مالك عنيد اتسمت الازمة السياسية في روسيا قبيل عام 1917 بطابع حاد، لدرجة هددت في أية لحظة ان تتحول الى انتفاضة شعبية عارمة، وقد عجلت الحرب العالمية الاولى في نضوج الثورة بعد ان بلغ الخراب الاقتصادي حد الكارثة، اضافة الى اشتداد الاستبداد والارهاب البوليسي. وتصدعت ماكنة الحكم المطلق، وتوضح للجميع فساد السلالة القيصرية وعدم كفاءتها في ادارة الدولة، وكانت ثورة شباط تقترب بسرعة، والتي تكللت بالنجاح بعد سلسلة متواصلة من الاضرابات والمظاهرات والاجتماعات العمالية. لقد عرقلت البرجوازية الروسية تطور الثورة، وذلك بتحولها الى العنف والارهاب ضد الجماهير، ومواصلة سياسة الحرب الامبريالية، ساعية بذلك الى وقف تطورها لثورة اشتراكية، وكانت على أتم الاستعداد للخيانة الوطنية السافرة بتسليم "بتروغراد" العاصمة الى الالمان. حرص البلاشفة على ان تقترن الانتفاضة المسلحة واستلامهم للسلطة بالشرعية الديمقراطية، لذا جرى توقيتها عشية موعد التئام جلسة المؤتمر الثاني لسوفيتيات نواب العمال والجنود لعموم روسيا. بالفعل استلم المؤتمر السلطة بالكامل، ولكن حزب البلاشفة وعلى رأسه "لينين" لم يفرط بضرورة تعبئة القوى الثورية حول السلطة "الوليدة"، أية قوة مهما كانت صغيرة مادامت مستعدة للتعاون والمشاركة مع البلاشفة في انجاز مهماتها. ووفقاً لسياسة الشيوعيين هذه، فان حزبهم تجنب الانفراد بالسلطة، وسعى الى تمثيل الاحزاب والجماعات الثورية لانشاء وتكوين اجهزة الدولة. وفي 25 اكتوبر، افتتحت في قاعة احتفالات معهد "سمولني" الجلسة الطارئة لسوفيتيات "بتروغراد" وحضرها مندوبون من مناطق مختلفة، واستمع الحضور الى تقرير اللجنة العسكرية الثورية عن الوضع في البلاد، وحيا المشاركون "لينين" الذي وصل الى القاعة وتحدث عن الثورة والمهام المباشرة لسلطتها، والتي تتمحور في وضع حد فوري للحرب، ونشر المعاهدات السرية لفضح اهدافها ونواياها الامبريالية، والقضاء على العلاقات الاقطاعية وتوزيع الاراضي على الفلاحين، واخيراً تأسيس رقابة عمالية فعلية على الانتاج. وفي مساء نفس اليوم، وبتوجيه من قيادة، الثورة اطلق الطراد "افرورا" اطلاقة، الايذان بالبدء باقتحام قصر الشتاء حيث مقر الحكومة المؤقتة. فتحرك المهاجمون من كل الاتجاهات وتم احتلال القصر. اختتم المؤتمر الثاني لسوفيتيات نواب العمال والجنود اعماله صباح اليوم التالي للانتفاضة، وانتخب اللجنة التنفيذية التي هي عمليا السلطة التشريعية للجمهورية الروسية السوفييتية، وضمت 100 عضو منهم 62 من البلاشفة و 29 من الاشتراكيين الثوريين اليساريين والمناشفة واللاحزبيين. اما الفلاحون والاحزاب المنسحبة من المؤتمر فقد ابقيت لهم مقاعد شاغرة، واعلن البلاشفة انهم يرحبون في الحكومة الجديدة بجميع الاحزاب والجماعات التي تتفق معهم على برنامج موحد. لقد جرى تطور مهم في مجمل الحركة السياسية، إذ اختتم مجلس سوفيتيات الفلاحين مؤتمرهم في 29 تشرين الثاني، وانضم مندوبوهم الى سوفيتيات العمال والجنود والفلاحين في عموم روسيا، واحتلوا مقاعدهم في لجنته التنفيذية المركزية. وهكذا تجسد في الحياة العملية اكثر من أي وقت مضى شعار "تحالف العمال والفلاحين". إن انتصار اكتوبر العظيم الهب الحركة الثورية العالمية، وتسارع تحت تأثيره، مجرى التاريخ العالمي، وتحركت للنضال الجماهير المضطهدة الرازحة تحت نير الامبريالية البغيض، فنشبت الثورات في عدد من البلدان الرأسمالية (المانيا، المجر، النمسا، فنلندا وغيرها)، وخاض العمال العديد من المعارك الثورية البطولية في اوربا الغربية واميركا الشمالية، مطالبين بحقوقهم المغتصبة دفاعا عن دولة العمال والفلاحين. ولم يكن شعبنا العراقي، في ثورته عام 1920 بمعزل عن تأثير ثورة اكتوبر وإشعاعاتها، حيث هب ما يزيد عن 100 الف فلاح مسلح ضد جيش الاحتلال البريطاني، كما الهمت الشعوب المستعبدة روح الثورة والنضال من اجل تحررها من الاستعمار والعبودية والاقطاع والرأسمالية، وجذبتها الى تيار عارم، يوحد حركة التحرر الوطني، التي اصبحت حينها جزءً مكونا لقوى عصرنا الثورية الاساسية. لقد منحت السلطة السوفيتية حريات واسعة لشرائح المجتمع، بما في ذلك حق المشاركة في انتخابات الجمعية التأسيسية، ولجميع الاحزاب السياسية، البرجوازية منها والاشتراكية اليمينية والدينية. ففي انتخابات بتروغراد-العاصفة التي جرت في 30 تشرين الثاني 1917، تنافست 19 قائمة احرزت من خلالها: حزب الكادحين 245006 صوتا والاشتراكيون الشعبيون 19109 صوتا، والمناشفة 17427 صوتا، والديمقراطيون المسيحيون الكاثوليك 14382 صوتا، والأبرشيون الارثوذوكس 24139 صوتا، والاشتراكيون الثوريون اليساريون 152230 صوتا والبلاشفة 424072 صوتا. إن البلاشفة لم يكن لديهم التوجه والنية في ان تبنى الاشتراكية في روسيا من قبل حزب واحد، ولكن حدة الصراعات الطبقية آنذاك، والحرب الاهلية المدعومة بتدخل قوات 14 دولة اجنبية امبريالية معادية، لم تترك الفرصة لاي حزب او جماعة سياسية للوقوف طويلا في الوسط. فالصراع الذي ادى بقيادات اكثرية هذه الاحزاب الى الوقوف ضد السلطة السوفيتية الفتية ولجوئها الى التناحر واستخدام العنف المسلح، كان السبب في اضمحلال تلك الاحزاب وتواريها عن المسرح السياسي. ان العالم يعيش اليوم أزمة كبيرة ومخاضاً صعباً، سببه إنفراد ما يسمى بنظام (القطب الواحد) حيث تنفرد قوة واحدة، بتقرير مصائر الدول والحكومات واحيانا الشعوب بالقوة العسكرية، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وما كان يسمى بالمعسكر الاشتراكي (سلميا). ولكن الاشتراكية ستبقى فكرا وقيما ومثلا، وكبديل لابد منه لنظام الاستغلال الطبقي والاضطهاد القومي واستعباد الشعوب. وهي القادرة على الهام الكادحين لتحقيق املهم في بناء حياة حرة كريمة تسودها العدالة والمساواة.
"لا نعتقد ان المثل او القيم الاشتراكية انهارت. الذي انهار هو الممارسات الخاطئة والتشوهات التي لحقت بالاشتراكية. نحن مازلنا مؤمنين بان الاشتراكية هي البديل الانساني والديمقراطي الذي يؤمن لجميع الشعوب العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، على اساس الانتاجية العالية والتنظيم الارقى.. ان الاشتراكية هي قدر البشرية، او هي حل لا بديل له، وباعتبارها نظاما جديداً فهو يحتمل الكثير من العثرات والعثرة الكبرى التي حصلت اعطتنا من الدروس والخلاصات ما يجنبنا الكثير والكثير. حميد مجيد موسى صحيفة الحياة/ 11/1/1999
******************************** من الذاكرة
الاحتفال بذكرى ثورة اكتوبر المجيدة
بغداد- 1968 كريم حميد عزيز بمناسبة ذكرى ثورة اكتوبر العظمى نظم حزبنا الشيوعي العراقي احتفالاً جماهيرياً اقيم في ساحة السباع في 7/11/1968 أي بعد عدة اشهر من انقلاب 17 تموز واستلام البعث العفلقي للسلطة. كنت عاملا في احدى الهيئات الحزبية الطلابية القيادية وكلفنا بالمشاركة في الاحتفال، وكان من واجبي ان أهيئ لافتة كبيرة تحي ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة. كانت الساعة تشير الى التاسعة صباحا عندما توافد المحتفلون طلبة وطالبات وجماهير عمالية نساء ورجالاً وعلقت اللافتات في اماكن بارزة مطلة على الساحة.. وقد شارك معنا طليعة من اعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومن القوى القومية التقدمية. بدأ الاحتفال بزغاريد وهلاهل من زميلاتنا الطالبات. "اكتوبر هلّي هلّي..." وتجاوبت مع الشعار نساء المنطقة.. لم تمض سوى بضع دقائق على بدء الاحتفال بالقاء كلمة لاحد رفاقنا حتى تمت محاصرة الجماهير المحتشدة من قبل رجال وسيارات الامن والاستخبارات وسرعان ما باشروا بإطلاق الرصاص لتفريق الحشد، مما ادى الى استشهاد اربعة رفاق وجرح العديدين منهم والقاء القبض على ما يقارب الثلاثين مشاركا.. لقد دشن الانقلابيون حكمهم الاجرامي بتوجيه الرصاص الى الجماهير المحتفلة .. بذكرى ثورة اكتوبر المجيدة، ولحقهم حينها الخزي والعار.. الخلود لشهداء حزبنا وشعبنا الابرار.
طريق الشعب
#مالك_عنيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|