|
في مفهوم الحرية الفكرية / فلسفة عصفوران !!
نوزاد نوبار مدياتي
الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 08:45
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
ثمة عصفور كان حبيس قفص لسجان " ضالم " غايته الاساسية ضيقة جداً تبدأ بمتعة نظره بتلك الرّيش الزاهية لهذا العصفور او لسماع صوته وهو ( يغرد ) مع كل صباح وفي اغلب الاحيان ان لم تكن دائمة ان هذا السجان لا يفهم ما يقوله العصفور وهو يغرد بقدر ما يتمتع بصوت يصدر بشكل متناسق تطرب اذنيه او تجعله يشعر بالتفائل خاصة وهو على اكثر من يقين ان باب القفص قد اغلقت تمام بعد كل وجبة غذاء تلحقها بكوب ماء يضعه ليشربه العصفور عندما يعطش ، هذا العصفور مهما (غرد ) فهو حتماً يختلف عن عصفور شبيه له بكل الصفات والمواصفات ( حراً ليس محبوس ) لكنه بلا اشك واكاد اجزم انهم يختلفون بطريقة التغريد ،ومن البديهي العصفور الحر والذي لم يكن حبيس بقفص فهو بعد ان ولد حراً وتعلم كيف يتعامل مع الطبيعة حتماً يكون اعلم بموعد التغريد وماهية التغريد وغالباً الياتها وعندما يتم اطلاق سراح العصفور الاول بسهوة من السجان او بتدخل خارجي او بمنقار العصفور " وإن كان مستحيل بدون دعم خارجي !! " وعندما تجبرهم الطبيعة ان يلتقوا فيها بعد ان يصبحو الاثنين شركاء بالطبيعة كوطن فحتماً ان احدهم ينظر للاخر متجاوز على حرية الاخر عندما يغرد كل واحد بالآلية التي اعتاد عليها ؟! فالعصفور الحبيس لافكار وطقوس القفص الذي كان في بيت السجان له نظام معين واوقات معينه للاكل والشرب واللعب والتغريد وهو يختلف حتماً عن نظريه الحر وإن اغلب الاحيان يكون عديم الخبرة بالتعامل مع الطبيعة القاسية ويجهل جميع اللغات عدى لغة بديهية واحدة يظن فيه نفسه انه يتميز بها او هي فقط الصواب بالمقارنة مع باقي اللغات التي واجهها في عراء الطبيعة !! من هذه الفلسفة البسيطة جداً وهي كمقدمة لمفهوم الحرية الفكريـة ، نجد إن مفهوم الحرية لدى كل فرد مختلف عن الفرد الاخر ، وكل فرد يفصل المفهوم على حساب مزاجه الخاص او حسب طقوسه الخاصة التي اعتاد عليها او ورثها ، ولايمكن ان يتفق اثنان ( مختلفين فكرياً ) بمفهوم الحرية الفكرية ويمكن بل والاكيد ان يتفق اثنان بالمفهوم نفسه إن كانو من نفس البيئة ، لذلك نجد ان حرية الفكر اتجاه وسلوكاً مختلفة من بيئة لاخرى ، فالبيئة الغربيـة مفهوم التعبير الفكري واسع جداً ومكفول بدون قيود او شروط الا شروط معروفة لسنا بصدد طرحها اما في المجتمعات الشرقية والتي تدين بدين الاسلام " الاغلب " مفهوم الحرية نابع من ازدواجية فكرية او "خداع إدراكي *" ، فالشعوب التي تحررت من قيود التقديس يكون فضائها واسع في النقد وكما مدرسة الحداثة تخبرنا إن الامم لا تتقدم إلا بالنقد الذاتي ومن ثم الجماعي وفي حالة الامتناع عن النقد من باب النرجسية الفكرية كاعتقاد او تشبث او تخوف فإن الامة تبقى لا يمكن ان تتقدم ان لم يكن فيها تراجع ، ولهذا نرى ان الامم الاخرى قد تقدمت وتطورت بعد ان ازالو قيود الترهيب والامم التي مازالت تعيش في قمقم الصحراء تتراجع الف خطوة مع كل خطوة تقدم واحدة . لقد تجسد التعبير الحر في اكثر من محفل على انه ممارسة طبيعية يحتاجها الفرد كثقافة ليعبر عن ارائه وافكاره التي يتبناها او تبناها بدون قيود وإن هذا التعبير مهما كان مختلف مع المتلقي " المختلف عنه " فهو بكل الاحوال حالة صحية يمكن من خلاله تشخيص العلة التي تسببت لكل من الاول المتشبث بفكر موروث غير قابل للنقاش وللثاني الذي تبنى فكر اخر قابل للنقاش ، فالاول اشبه بالعصفور الحبيس الذي اعتاد على طقوس قفصه وطقوس البيت كما سلف الذكر لكن الثاني ربما ايضاً كان حبيس للقفص " حبيس الافكار الموروثة " ومن ثم سنحت له الفرصة للخروج بمدة زمنية قبل المدة الزمنية " للعصفور السجين " وبالتالي هذا الاختلاف يسبب للاول " العصفور السجين " امتعاض شديد اللهجة توصله لحد الاقتتال وهو عكس ثقافة الحر الذي تعلم من الطبيعة اصولها واصول سماع ( تغاريد ) لعدة اصناف اخرى من اجناس فكرية لم يلتقي بهم العصفور الاول ( السجين / الفكر ). لذلك فإن ثقافة الحرية الفكريـة لابد لها من ان ترسخ بمفهومها الشامل والواسع ولا تنحصر على بيئة معينة من باب المحرمات او الاحترامات لاجل البيئة ، فالحرية الفكرية التي يتبناها الفكر وان كان الاقلية بالقياس مع الاغلبية "التي تتبنى فكر معين " يجب أن تاخذ مسارها الطبيعي ولا تقمع خاصة ونحن كشعوب عربية مقبلة على انعطافة سياسية واجتماعية وعلمنة للانفتاح على الاخر بعد إن كنا حبيسو الافكار " عمداً وجوراً " من الحكام السابقين ، وهذا التخوف والرعش الذي يصيب الفكر الشرق الاوسطي من الحرية الفكرية لا يعتبر اكثر من حالة طبيعية كمن يحبس في الظلمة لعدة سنوات وفجاءة يواجه شمس الطبيعة ؟! الحرية الفكريـة لم تعد جملة نرددها كالببغاء دون ان ندرك معناها فالعوامل الكلاسيكية السياسية التي كان يحكم بها سلاطين الحكم وديكتاتورين الكراسي بدأت بالذوبان وان كان اغلبها انصهرت وعلى المجتمع الشرق اوسطي يحاول ان يواجه الطبيعة ويتعلم منها ما يمكن ان يجعله محط انظار احترام وليس احتقار كما شوه سمعته الارهاب او غيره ؟! فالشعوب التي تحترم وتتبنى جميع الافكار دون اقصاء او ترهيب ما هي الا شعوب انسانية محترمة لنفسها قبل غيرها وليس من الصحيح ان يكون انسان لا يحترم الاخرين ان لم يكن محترم لنفسه ... فمتى سيحترمون انفسهم ويحترمون الاخرين !!
( يعرف الخداع الادراكي بصورة مقتضبه : ادراك حسي خاطيء يحدث فيه سوء التأويل للمثريات التي يتعرض لها الشخص في الواقع ).
#نوزاد_نوبار_مدياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|