أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ماهر علي دسوقي - جيفارا القدس .. ميلاد














المزيد.....

جيفارا القدس .. ميلاد


ماهر علي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12 - 22:25
المحور: سيرة ذاتية
    


كان قد جال لتوه في أرجاء المنزل، تمعن جيداً في وجوه أمه وأبيه وشقيقته، نظر بتفحص الى صورة أخيه الأكبر الذي يدرس في الخارج .. جلس حيث يجلس كل يوم أمام منزل العائلة وبعض من أترابه يتأمل الطبيعة المحيطة.. وكأن هاجس داخلي كان يقول له إفعل ذلك ..

لم يكذب حَدسه توجه الى لوحة مفاتيح الحاسوب، رغم علمه بأن الساعة بالكاد تجاوزت الثالثة فجراً، ودق الكلمات التالية: لا تتأخروا في النوم يا اصدقاء موعدنا صباحاً.. اليوم يوم الشهادة!!

ميلاد سعيد عياش، فتى مقدسي أدرك منذ نعومة أظافره معاني التضحية والبسالة والعطاء، أراد عشية الذكرى الثالثة والستين للنكبة أن يرسم صورة أخرى للقدس التي أحبها .. كيف لا وهو يرى بأم عينه ما تتعرض له المدينة من هجمة صهيونية منظمة ، تطال كل ما هو عربي وفلسطيني .. من سحب للهويات، وتوزيع للمخدرات، ومصادرة للأراضي ، واغلاق للمؤسسات، وهدم للمنازل وتهويد لكافة معالم التاريخ والحاضر.. نادى الى تجمع ومظاهرة في بطن الهوى بسلوان الوسطى، او حي مراغه ، فهناك سبع عائلات عنصرية صهيونية استيطانية ، سرقت وسيطرت على عمارة سكنية فلسطينية، وتعبث في الأرض فساداً ، شأنها شأن كافة بؤر الاستيطان في فلسطين، برعاية كيانهم السرطاني ..

هي شجاعة الفتى ومن معه من أصدقاء اذا .. أبت الا ان يكون النزال هناك .. هم بصدورهم العارية وبعض من حجارة .. ولصوص الأرض محصنون من خلف الجُدر وبأسلحة فتك وقتل امريكية متنوعة، وحراسات من جيش الاحتلال تكفي "لحماية" مدينة بأكملها ..
وكأنه بذلك يقول: اذا كان من النزال بدٌّ فليكن حيث رموز طغيانهم ..

وما أن انبثق ضوء النهار ودبت الحركة صباحاً ، حتى كان القائد الصغير ذو السبعة عشر ربيعاً قد جهز نفسه وانطلق مع رفاق العمر الى حيث كان القرار .. وقف امام اللصوص بصدره العاري، رافعاً شارة النصر وعلم فلسطين .. تقدم الصفوف "نحوهم" .. القى الحجارة .. فاتبعوه الرصاص .. وهكذا حتى ساعات ما بعد الظهر .. لم يكلّ ولم يتراجع وبقيت الابتسامة الساخرة تعلو وجهه الطفولي ..

رصاصات قناص من سطح البناية المصادرة سمع دويها وكأنها تسمع لأول مرة .. اخترقت الجسد النحيل لمنظم ومحرك المظاهرة .. فسقط أرضاً مُدرجاً بدمائه .. حاول "الشباب" الاقتراب منه عدة مرات لإنقاذه لكنهم فشلوا لكثافة اطلاق الرصاص .. حاولوا ثم حاولوا حتى تمكنوا من حمله .. وقد مضى على اصابته ما يكفي لاستشهاده .. فهذا ما كان يخطط له القاتل ..

جيفارا القدس، ميلاد، قبيل استشهاده صرخ في وجه القتلة .. أنا هنا .. يا من سرقتم البسمة عن شفاه اطفالنا ، ولوثتم الهواء وجثمتم على أنفاسنا، ورفعتم راياتكم البهيمية في سماء وطننا وهودتم قدسنا، واغتصبتم منا بيوتنا ، انا هنا .. انا هنا لا أخشاكم .. أبي أمضى في الاسر ما يقارب عمري قبل ان يتحرر .. وخالي "جهاد" في الاسر منذ اكثر من عقدين وسيتحرر .. وأمي تكدح في سبيل عيش كريم وثوبها برائحة الورد والزعتر .. وأجدادي فلحوا الأرض قبل أن تأتوا اليها مستعمرين .. وستتحرر .. وكم من الغزاة قبلكم ظنوا بأنهم باقون .. هزموا هنا حيث انتم الآن تقفون ..

أنا هنا أحمل على كتفي نعشي .. وفي سماء القدس نسرٌ سأحلق وأطير .. وسأرسم بابتسامتي ودمي حدود الوطن الأسير .. وسأعلو وأقدامي ستطأ رؤوسكم والمندسين .. فهاتوا رصاصكم فلن تقتلوا فينا غير السلام المهين ..

ميلاد الذي سقط شهيدا في 14/5/2011 امتلكت سلاح المغامرة الثورية الحقة .. فنال عن جدارة لقب الفارس جيفارا ..

فيا جيفارا القدس .. ميلاد .. هنيئاً لك مذ علت أقدامك رقبة الجلاد .. وحلقت روحك في سماء فلسطين بكبرياء وعناد ..
امتلكت الان بشجاعتك ميلادين .. ميلاد الحياة ، وميلاد الشهادة ..في الاول حب للاهل ووفاء .. وفي الثاني بقاء وخلود واباء ..

والى أن نمتلك روحك الجيفارية ونلحق بك .. تحية لك من القلوب يا ابن الشرفاء ..



#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبز مسرطن!
- الى الشيخ القرضاوي.. إليك سيرة القسام
- شتان ما بين نجم كوزوموتوا ونجم بن علي
- المشروعية الكفاحية في المواثيق الدولية بعد اوسلو
- طفلة فلسطينية تحرج مسؤولاً في منظمة التحرير
- جالدو نساء السودان .. يجلدون!
- الشعب الامريكي اولى بالثورة على نظامه
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989-2011 تجربة شعبية رائدة (6)
- في ذكرى يوم الارض .. عين على مجازر الصهاينة
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989-2011 تجربة شعبية رائدة (5)
- فتوى كَعِطرِ مَنشِم
- حماية المستهلك الفلسطينية تجربة شعبية رائدة 1989 - 2011 (4)
- في ذكرى جيفارا غزة
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة (3)
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة (2)
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة
- بجس الحرية .. ليبيا
- الشيخ امام .. في التحرير ثورة في لحن
- سمة العصر .. إرادة الشعوب
- أبرهة النيل


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ماهر علي دسوقي - جيفارا القدس .. ميلاد