أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير الزغبي - الثورة التونسية : صعود البروليتاريا الجديدة و تأزم البورجوازية















المزيد.....

الثورة التونسية : صعود البروليتاريا الجديدة و تأزم البورجوازية


سمير الزغبي
كاتب و ناقد سينمائي

(Samir Zoghbi)


الحوار المتمدن-العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12 - 16:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أي نوع من التفكير أو الفلسفة يمكن أن ينشا في ظل النسق المتصاعد للثورات المتلاحقة ؟
لقد تعلّمنا من خلال تاريخ الفلسفة وضمن العديد من نصوصها، أن التفكير يستشرف الواقع، ولا يأتي بشكل ما بعدي ليقتصر على الوصف. لكن واقع الثورة قد كان مفاجئا وحدث بغتة دون مؤشرات سابقة .فلقد ظنّ الكثير أن زمن الثورات قد ولىّ عهده وانتهى بل إنّنا نعيش زمن انتكاسة الثورات خاصة بعد انهيار منظومة الإتحاد السوفياتي وتفكّك الثورة الإشتراكية لأكتوبر 1917.
ماهي آفاق الثورة في تونس و التي تتربصها محاولات الإلتفاف من اكثر من جهة؟
ما هو المستقبل السياسي لثورة تونس؟هل ستحقق أهدافها؟و يتمكن الشعب تونس من إنشاء نظام ديمقراطي متصالح مع كل فئات الشعب؟
ما هو مستقبل الثورات العربية؟
ما هي تداعياته على القضية الفلسطينية؟
ما هو أفق حركات المقاومة و بالخصوص منها ذحوزب الله و حماس، في ظل أزمة النظام في سوريا؟ما هو الموقف الذي يمكن أن تتخذه إيران إزاء ما يحدث في سوريا؟

لقد نظّر الكثير من المفكرين و "بشّروا" نهاية عصر الإيديولوجيا، و إعتبروا أنّ "نهاية التاريخ" قد أصبحت أمرا لا يمكن التشكيك فيه أبدا وأنّ الليبيرالية والإستعمار والهيمنة الأمريكو/صهيونية هي امر واقع لا يمكن العودة عليه. تلك هي وصايا فوكوياما وكلّ منظري الفكر الليبيرالي الأمبريالي.
كثير من الفلسفات إنخرطت في المشروع النظري الذي يحدّد أفق الكائن ضمن هذه الانطولوجيا التي تعتبر أنّه لا بد من تقديس رأس المال والخضوع اللامشروط لمن يمتلكه. وهي دروس سئم منها جيل كامل كان ولا يزال " حتى في مرحلة ما قبل الثورة" يعتقد في الممكنات النظرية "للثورة الوطنية الديمقراطية" التي "ستطهّر" الوطن من أوثان الزيف والإستعباد والاستغلال والثراء الفاحش بدون حقّ وقبول المصير البائس للشعب المستلب.
لقد دافع رموز الإنتهازية عن هذه الأطروحات واعتبروا أنّ التقيّد بها والعمل من خلالها حكمة وفضيلة.
إنّ الطموح للبورجوازية هو فعل آثم في جوهره، لأنّ الإيديولوجيا التبريرية سافلة وتكرّس مبدأ الواقع على حساب طموحات الطبقات المسحوقة نحو الأفضل. تعتبر "البورجوازية" أنّ امتلاك السلطة ووسائل الإنتاج هي أمور محسومة لا يمكن مناقشتها، فملكية العباد والبلاد لا تكون إلاّ لطبقة هي بعينها ولا لغيرها- الحكومة المؤقتة في تونس مركّبة من عناصر أغلبها من البورجوازية الناشئة و من أسماء لم تسجّل في السجلات السوداء و الحمراء لوزارة داخلية النظام البائد-مازالت "السلطة" في تونس وحتّى بعد الثورة تفكّر بطريقة "بورجوازية" فحتّى الهيئات التي تم تنصيبها باعتبارها هيئات تتقصى الحقائق وتكشف عن بؤر الفساد والرشوة،هي هيئات ذات انتماء بورجوازي.
لماذا لن تترأس هذه الهيئات "المستقلة" أسماء من رموز المعارضة التي ظلّت دوما وفية لمبادئ الحرية والكرامة للشعب. هل أنّه هنالك اقتناع دفين بأن الحرية والكرامة يجب أن تظلا قيما مثالية نرنو إليها دون أن ندركها ؟
إنّ ثورة تونس المجيدة لم تصنعها "القوى" البورجوازية التي كانت دوما متحصّنة خلف النظام المستبد إن الإيديولوجيا البورجوازية كانت تبرّر دوما كلّ صنيع يأتيه النظام البائد والذي هو بذاته سعى بكل ما أوتي من جهد لخلق طبقة بورجوازية جديدة منبعها الفساد والإستيلاء على ثروات الشعب ومقدّراته.
ما أريد أن أبلّغه من خلال هذا المقال هو أنّ الثورة في تونس وفي كلّ أقطار الوطن العربي هي ثورة ضد الفساد والتلاعب بمصير الشعوب. وانّ الإستحواذ على مقدرات الشعب ومكاسبه الحضارية والتاريخية هي أمور لن يقبل بها أبدا صناّع الثورة الأحرار. كلّ من دافع على الفكر الإمبريالي وساند الفساد والإستبداد إمّا أن يغير من أفكاره –وهو أمر يبدو صعبا للغاية – وإما أن ينسحب لأنّ الذين يريدون الإستحواذ على الثورة من خلال هذه التشكيلات الحزبية المتنوعة والتي ظهرت فجأة واتخذت مميزات مختلفة.
أقول لهؤلاء أن الثورة بالمرصاد بكل من يريد المساس بها ف"الثورة الوطنية الديمقراطية" هي ثورة دائمة متجددة متواصلة وبكلّ أشكالها. الشعب الذي واجه أسفل الديكتاتوريات في المنطقة سيواصل مهامه الثورية دون تراجع ودون كلل وملل.
يوم خرج الثوار مبشّرين " بعرس الثورة" لم يتبادر إلى ذهن مساندي النظام البائد أن الثورة ستحقق أهدافها ،وتنتصر على الطغاة طمح " الطامحون" ليلة 14/1/2011 على إعادة سيناريوهات بذيئة لكن التاريخ يسير بشكل ستاتيكي فالثورة حقّقت مطلبها الأوّل والأساسي بطرد النظام و وكنس البلاد من أزلامه ولكنها ما زالت تؤسس ذاتها بذاتها.
يوم 14/1/2011 هو إعلان عن نهاية و بداية. نهاية عهود قديمة لم تجلب للشعب سوى الآلام لكن البداية هي تأسيس لواقع جديد اختاره الشعب لوحده بإرادته دون سواها تأسيس واقع الحرية وفرض إرادة الشعب وخياراته المستقبلية.
الطموحات البورجوازية هي رجعية لا محالة لأنّها تطمح للعودة للوراء لم تدرك بعد أن عهدها قد ولىّ وكلّ طموحاتها زائفة مهما تنكّرت وتحت أي ثوب وقناع يمكن الكشف عنها وعن مآربها بسهولة. لا يزال الثوار صامدين في مواقعهم رافعون شعار الحرية والكرامة والذود عنها بكل غال ونفيس حراس الثورة لن يسمحوا للرجعية بأن تعود إلى مسرح الواقع السياسي والإجتماعي لأنّ مسار التاريخ يظلّ تقدميا في كلّ أحواله. إنّ الثورة الوطنية الديمقراطية التي أطلّت بظلالها على أغلب مواقع الوطن العربي تتأهّب لإنجاز مهامها التاريخية بتأزيم الفكر البورجوازي خارج الحدود المعهودة.
هنالك محاولات جمّة و تحت مسميات متعددة للإلتفاف على الثورة، عبر إنشاء قنوات تتسرّب من خلالها الإيديولوجيا البورجوازية، بأشكال تعبوية و بتعبيرات مرنة –مرحليا- تجاه أفراد الشعب. البورجوازية قابلة حتى أن تتنكر لذاتها، و لمصالحها إذ إستدعى الأمر ذلك .كيف يمكن تفسير دفاع العديد من الأسماء التي لمعت في سماء البورجوازية إبان العهد البائد، دفاعها عن منظومة حقوق الشعب و تبني شعارات الثورة .
من يحمي الثورة و يدافع عنها هو من صنعها و من آمن بها خلال عهود طويلة. و ل ييأس يوما من إمكانية تحققها. و لا يدافعنّ عن الثورة من عرقل مسارها خلال عهود طويلة.
لا ننفي حق هذه الفئة – البورجوازية- من المجتمع في الوجود و الحياة، و لكن بشرط أن تلتزم بمقتضيات المرحلة التاريخية التي أفرزت ثورة قطعت جذريا مع الماضي، لتعيد الإعتبار للطبقات الكادحة و التي سحقت طوال العهد البائد. وهي كثيرة. كشفت الإحصائيات الجديدة عن نسبة الفقر التي غطت ربع شعب تونس، ما يقارب ربع الشعب يعيش تحت الخط الأحمر، إضافة إلى تزايد نسب المديونية للأجراء و و صغار الفلاحين – الذين لا كبير لهم – و البورجوازية الصغرى التي كثيرا ما تم تدجينها عبر إيهامها بالرفاه.
من االذي دفع بالثورة في تونس إلى الأمام؟
أول حراك لا بدّ أن تنجزه "البروليتاريا الجديدة" وهي ليست مجسدة فحسب في طبقة العمّال والفلاحين كما معهود ضمن التصنيفات الماركسية الكلاسيكية. و إنّما هي كذلك طبقة الشباب المحرز على الشهائد الجامعية و لكنّه لم يتحصل في المقابل على شغل يكفل له كرامته.
لقد إرتفعت نسبة هذه الطبقة ديمغرافيا في تونس و في كلّ قطر عربي. وهي طبقة حالمة وطامحة للأفضل. إلا أن الواقع يتعارض كليا مع ما تصبو إليه. و نتيجة حتمية لهذا التناقض و الصراع ، إنفجرت البروليتاريا الجديدة، لتعلن عن بداية " الثورة الوطنية الديمقراطية" والتي إنضمت إليها في ما بعد "البورجوازية الصغرى" و المجسّدة في إتحادات الشغل الجهوية و الحقوقيين و رجال القانون، مع أنّه لا يمكن بأي حال التنويه بالدور الهام لقوات الجيش الوطني التي ساندت الثورة و حفضتها و دعمتها أمنيا.
تشكّلت الثورة ضمن بعد ديمغرافي و سوسيولوجي و سيكولوجي جديد. لم يستطع جهاز الدولة الذي كان غائبا عن مشاكل المجتمع عن إستيعابه.
ظلّت الدولة المستبدة دوما تشتغل بآليات مفضوحة، لشلّ الحركة الثورية في المجتمع، عبر إستبعاد الرموز الوطنية و تشويههم بكل الأساليب، و عبر نشر و ترويج منظومة الفساد وبثّها داخل الشباب و المراهقين.
إستغلت دولة الفساد طموح بعض " المثقفين" لتجعل منهم "كلاب حراسة". و بالفعل نجحت إلى حدّ ما في توظيفهم، ليحبكوا لها أجندات جهنمية تمكّنها من الإستمرار، داخل منظومة تمويهية عمادها الكذب و الإفتراء، و تزييف أرقام النمو، و نسب الفقر و الفاقة.
برامج الدراسة تم تغييرها بحسب ما تمليه السلطة في موعد مشؤوم، و على ضرب روح التمرّد و العصيان و الثورة. و ذلك بإستعمال كل آليات المتاحة. إلا أنه لم يعلم، لا هو و لا من كان يكرّس حكمه أن الدكتاتورية زائلة مهما عمّرت و أنّ التفرد بالسلطة و إستنزاف مقدرات الشعب، لا تؤدي إلا للثورة.
سلمت النظم الفاسدة أمرها إلى اجهزة المخابرات الصهيونية و الأمريكية و إعتبرتها ضامنا لبقائها ، لكن الثورة سفهت هدذه الأطروحات و بيّنت أن الدولة " الحقيقية" هي التي تتجانس مع طموحات شعبها، الذي وضعها و فوّضها. السلطة ليست تملّكا و لكنّها تنفويض من الشعب بموجب القانون.



#سمير_الزغبي (هاشتاغ)       Samir_Zoghbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد الثورة و إيتيقا الصورة


المزيد.....




- مكافحة الإرهاب في لندن: ستة أشخاص رهن الاعتقال بسبب صلاتهم ب ...
- مسلمو بريطانيا قلقون من اليمين المتطرف
- العاصمة مغلقة والإنترنت مقطوع وسط اشتباكات بين متظاهرين والش ...
- النهج الديمقراطي العمالي يساند ويدعم النضالات والاحتجاجات ال ...
- أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ...دفاعا عن الجدل (الجزء الث ...
- صفارات الانذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وشمال تل أبيب وفي ...
- م.م.ن.ص // تأييد الحكم الابتدائي في حق المعتقلة السياسية سم ...


المزيد.....

- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير الزغبي - الثورة التونسية : صعود البروليتاريا الجديدة و تأزم البورجوازية